حققت دولة الإمارات نجاحاً استثنائياً وحضوراً دولياً بارزاً، من خلال مشاركتها في الدورة الـ 54 لاجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2024، التي اختتمت أعمالها اليوم في دافوس بسويسرا واستمرت 5 أيام، حيث تميزت مشاركة الدولة، التي ضمت أكثر من 100 شخصية من رؤساء الشركات والقطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين، بأنها ثالث أكبر مشاركة دولية في “دافوس” والأكبر في تاريخ مشاركة الدولة بالمنتدى.


وتميزت مشاركة الإمارات في المنتدى، بحضور استثنائي لكبرى الشركات الوطنية والقطاع الخاص، حيث شكلت نحو 80% من حجم المشاركة الإماراتية في المنتدى الذي يمثل منصّة عالمية تجمع سنوياً أكثر من 3000 شخصية من القادة وصُناع القرار وكبار الشخصيات من مختلف أنحاء العالم، كما يجمع أكبر عدد على الإطلاق من مسؤولي الشركات، حيث تسهم مخرجاته في بناء الشراكات، في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية، ودعم التنمية المستدامة، وصياغة حلول لأبرز التحديات الإنمائية على الصعيد الدولي.
وجسدت مشاركة الإمارات الناجحة في هذا الحدث الأبرز عالمياً تعاظم دور الدولة المؤثر وتزايد الثقة الدولية بقدراتها وبكفاءاتها الوطنية، وحرصها على المشاركة والحضور الفاعل في مختلف الفعاليات الدولية الهامة، ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، حيث نجحت دولة الإمارات من خلال الاتفاقيات التي وقعتها على هامش أعمال المنتدى، والمبادرات النوعية التي أطلقتها، ومشاركاتها في مختلف الفعاليات والجلسات، أن ترسخ دورها الريادي عالمياً، بما يخدم رسالتها في تعزيز التعاون والشراكات الدولية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والتنمية والازدهار للجميع، ويدعم توجهاتها وأولوياتها الوطنية في بناء الاقتصاد الأقوى والأسرع نمواً، والارتقاء بتنافسيتها في القطاعات كافة.

– دور دولي فاعل للإمارات
وأكد معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، إن دولة الإمارات أصبحت عضواً دولياً رئيسياً في رسم توجهات المستقبل وإيجاد حلول جديدة وغير تقليدية للتحديات العالمية، بما رسخته لها قيادتها من مكانة استثنائية ودور فاعل، بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، حيث باتت الإمارات تتميز برؤيتها الاستباقية، ونموذجها التنموي والاقتصادي المتفرد، ومساهماتها غير المسبوقة في توطيد التعاون الدولي، الأمر الذي ضاعف مصداقيتها والثقة الدولية بدورها الإيجابي المؤثر في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية.
وقال معاليه: “تعطي الإمارات لاجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي أهمية خاصة، وقد عملت الدولة، مع شركائها الدوليين من خلال هذه المنصة البارزة، على طرح تصورات جديدة ومسارات لحلول مستدامة للتحديات العالمية المتزايدة، وبناء حوارات هادفة نحو وضع أطر اقتصادية مبتكرة تدعم استدامة النمو وازدهار المجتمعات، كما أن الاتفاقيات التي وقعتها الإمارات والمبادرات التي أطلقتها خلال فعاليات المنتدى، ميزت مشاركة الدولة وجهودها النوعية على المستوى الدولي في هذا الشأن وحرصها على توثيق الشراكات الدولية الهادفة لتمكين المجتمعات الإنسانية كافة”.
وأضاف معاليه: “واصلت الإمارات من خلال أجندة حافلة عرض تجاربها وخبراتها الناجحة في مختلف القطاعات والمجالات، والتي تشكل إلهاماً لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة للدول والمجتمعات، إضافة إلى انفتاح الدولة على الاستفادة من التجارب والخبرات الدولية المتميزة من خلال التعاون المشترك وبناء الشراكات الناجحة في القطاعات كافة، والمساهمة في الحوارات البناءة للخروج بفهم أعمق لتوجهات المستقبل”.
وشاركت الدولة بجناح خاص تحت شعار “لا شيء مستحيل”، للعام الثاني على التوالي، والذي حفل بأجندة من الفعاليات المختلفة عكست الزخم الكبير لمشاركة دولة الإمارات في فعاليات المنتدى، واستطاعت الإمارات من خلال الجناح إبراز تجربتها التنموية الملهمة وعرض إنجازاتها في هذا المحفل الأبرز على المستوى الدولي، كما شاركت أفضل الخبرات والممارسات في مجال التنمية المستدامة ودعم جاهزية الحكومات للمستقبل بما يسهم في تحسين حياة المجتمعات.

-اتفاقيات لتحسين حياة المجتمعات
واستمراراً للتعاون المثمر بين الإمارات ومنتدى الاقتصاد العالمي، ومختلف الدول والمنظمات الدولية، وقعت الإمارات اتفاقيات عدة من شأنها أن ترسخ دور الدولة كشريك موثوق ومركز للتغيير الإيجابي عالمياً في مختلف المجالات، وشملت هذه الاتفاقيات تقديم مساعدات إنسانية وتعهدات لدعم برامج المنظمات الدولية في تحسين شروط الحياة لمختلف المجتمعات.
وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” ، أعلنت مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، عن منح وتعهدات دعماً لسكان غزة وتحسين حياة الفئات الضعيفة ومكافحة الجوع حول العالم بقيمة نحو 121 مليون درهم عبر اتفاقيات وقعتها مع منظمات وبرامج الأمم المتحدة، فقد أعلنت المؤسسة عن تقديم منحة بقيمة 43 مليون درهم لتوفير الدعم الغذائي المباشر لسكان قطاع غزة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك خلال اتفاقية أبرمتها مؤسسة مع البرنامج، كما أبرمت المؤسسة اتفاقية ثانية مع برنامج الأغذية العالمي لتنفيذ مشاريع غذائية مستدامة في العالم.
وتعهدت المؤسسة بتقديم نحو 37 مليون درهم لدعم القطاع الصحي في غزة، لمساعدته على توفير المستلزمات الطبية الأساسية للسكان، وذلك ضمن خطاب نوايا وقعته مع منظمة الصحة العالمية.
وأعلنت مؤسسة المبادرات أيضاً عن تقديم نحو 30 مليون درهم، لدعم برامج منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، حيث وقعت المؤسسة التزام شراكة مع “اليونيسف”، بهدف تحسين شروط الحياة وتوفير شبكة أمان غذائي للفئات الضعيفة من الأطفال والنساء في دول عدة حول العالم، ويستفيد من المبادرة 270 ألف امرأة وطفل.
كما أعلنت المؤسسة عن إطلاق برنامج منح بقيمة 11 مليون درهم وذلك بالتعاون مع منصة UpLink، التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، بهدف المساهمة في الجهود الدولية لمكافحة الجوع، وتعزيز مرونة واستدامة وصحة أنظمة الغذاء والماء.
– مبادرات نوعية في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي
وأطلقت دولة الإمارات خلال مشاركتها في أعمال المنتدى عدداً من المبادرات النوعية التي تسهم في تمكين المجتمعات النامية وتعزيز التنمية والازدهار العالمي، إضافة إلى دعم إيجاد حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية الناشئة، وشملت هذه المبادرات مبادرة “إيكومارك” التي تعد أول إطار اعتماد للاستدامة مكرّس للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة حول العالم، جرى تصميمه لدعم تنافسية هذه المؤسسات في قطاعات الاقتصاد الأخضر عن طريق تبسيط وتوحيد العمليات التنظيمية المرتبطة بوضع معايير للاستدامة في أنحاء العالم، وستتضمن المبادرة مجموعة متكاملة من الموارد لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على بلوغ درجة “إيكومارك”.
ووقعت حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، اتفاقية شراكة استراتيجية معرفية لتطوير منصة “نحن الإمارات للذكاء الاستراتيجي 2031″، التي تمثل نموذجاً رقمياً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، يضم أفضل المصادر المعرفية العالمية، ونخبة الخبراء العالميين المتخصصين في مختلف القطاعات، وتهدف إلى دعم شبكة صناع السياسات والاستراتيجيات وقيادات حكومة دولة الإمارات بقاعدة معرفية استراتيجية متخصصة في القطاعات ذات الأولوية التي تشملها محاور رؤية “نحن الإمارات 2031”، عبر الاستفادة من البيانات والمعلومات التي يقدمها أكثر من 2500 خبير دولي وأكثر من 450 مصدرا عالميا.

– برنامج التبادل المعرفي في الذكاء الاصطناعي
كما أعلن مركز الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات عن إطلاق برنامج التبادل المعرفي في قطاع الذكاء الاصطناعي، وتم توقيع اتفاقية شراكة بين مركزي الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات ورواندا لتفعيل هذا البرنامج وتحقيق مستهدفاته المستقبلية، والتي تركز بشكل رئيسي على تعزيز التعاون بين القادة والمبتكرين والخبراء في مجالات الذكاء الاصطناعي حول العالم لتوظيف إمكاناته الواعدة في تحفيز مسيرة التقدم العالمي.

– صدارة في الجاهزية لفرص المستقبل
وأطلقت مؤسسة نيوزويك فانتج العالمية ومجموعة هورايزن السويسرية للأبحاث، خلال فعالية أقيمت في جناح الدولة، نتائج النسخة الأولى من تقرير “المؤشر العالمي للفرص المستقبلية” للعام 2024 المبني على الشراكة التي تم إطلاقها العام الماضي بين حكومة دولة الإمارات والمؤسستين العالميتين، وحققت الإمارات المركز الأول عالمياً في 20 من مؤشرات ممكنات الجاهزية لفرص المستقبل ضمن التقرير.

– “جاهز” مبادرة رائدة عالمياً
واختار المنتدى الاقتصادي العالمي مبادرة حكومة دولة الإمارات “جاهز”، المنصة الرقمية الوطنية الذكية لتمكين المواهب الحكومية الاتحادية بمهارات المستقبل، ضمن أفضل 9 مشاريع عالمية في تقريره العالمي “بناء الجاهزية للغد”، وذلك من بين أكثر من 1000 مؤسسة حكومية وخاصة من جميع أنحاء العالم ومختلف القطاعات.

– فعاليات وحوارات مؤثرة
وشاركت دولة الإمارات خلال دورة هذا العام من المنتدى في العديد من الجلسات الرئيسة والاجتماعات الخاصة والفعاليات الجانبية، بالإضافة إلى سلسلة اللقاءات المهمة والجلسات العامة، واللقاءات الإعلامية التي استضافها جناح الدولة، وشهدت حضوراً بارزاً لرؤساء الشركات الوطنية الكبرى والمسؤولين في القطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين، فضلاً عن الاجتماعات الثنائية رفيعة المستوى، والتي ضمت نخبة من كبار الشخصيات في سياق استعراض التجارب الإماراتية الناجحة، وتبادل الخبرات الدولية، وعقد الحوارات البناءة مع الجهات الدولية المشاركة.
وضمن أجندة مشاركة الإمارات في عدد من المجالات منها مجال التعليم،شاركت الدولة في مناقشة الفرص والتحديات التي تحملها تطورات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لقطاع التعليم، وكيفية تكيف المنظمات والحكومات مع معطياته، وتعظيم الاستفادة من ثماره، وأبرز آليات تطوير مهارات التعلم، وآفاق وفرص التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير نماذج وتجارب تعليم خلّاقة ومثمرة.
كما شاركت الدولة في جلسات تناقش عدداً من التطورات السياسية الإقليمية والدولية، منها تأثير الصراع في الشرق الأوسط ومساراته، وكيفية تحقيق التوازن بين الديناميكيات الجيوسياسية الأساسية والعمل على تجاوز التحديات التي تعيق الاستقرار والتعاون الدولي.
كما شهد المنتدى مشاركة فاعلة لدولة الإمارات في الفعاليات ذات الصلة بقطاعات الاقتصاد والتجارة الخارجية والاستثمار والبيئة، والتي شملت جلسات حول مجموعة “بريكس” وآفاق نموها، وتأثيرها في الواقع الاقتصادي العالمي، والمشهد الجيوسياسي والاقتصادي، وتأثير التكنولوجيا في تطور التجارة والاستثمار العالميين، ومستقبل التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر في ضوء الاستفادة من إمكاناتها الهائلة، وآفاق النظام التجاري العالمي الجديد، إضافة إلى مناقشات حول التجارة كأداة للنمو الاقتصادي، وسبل جعل المشهد التجاري العالمي أكثر شمولية ومسؤولية بيئياً، وأسس تطبيق التقنيات الجديدة في الأعمال التجارية، إضافة إلى الجلسات والاجتماعات الخاصة بمعالجة العوائق الرئيسية أمام جهود الرقمنة العالمية، وتمويل الشمول الرقمي، والحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المنتدى الاقتصادی العالمی صاحب السمو الشیخ محمد بن محمد بن راشد آل مکتوم حکومة دولة الإمارات مشارکة الإمارات مختلف القطاعات الاستفادة من مجلس الوزراء الإمارات فی رئیس الدولة الناجحة فی ملیون درهم حول العالم إضافة إلى فی مختلف أکثر من من خلال

إقرأ أيضاً:

صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً

صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً

 

 

 

 

تُقاس مكانة الدول وفاعليتها في النظام الإقليمي والدولي من خلال قدرتها في إحداث تأثير في الملفات المختلفة، وكذلك من خلال التفاعل مع الأزمات الملامسة لأمنها واستقرارها، وفي قدرتها على إعادة توجيه مسارات القضايا الدولية عندما يتم الاستعانة بها.والإمارات من الدول التي يتم الاستعانة بها في العديد من الملفات الدولية والإقليمية ونجحت في تحقيق اختراقات دبلوماسية فيها لخدمة الاستقرار العالمي.

واحدة من تلك الملفات الدولية المعقدة مسألة التوسط المتكرر في الإفراج عن الأسرى الروس والأوكرانيين ولخامس مرة نجحت وكان ذلك الأسبوع الماضي وهذا دليل على احترام طرفي النزاع لمكانة دولة الإمارات، ولكن هذه ليست هي الحالة الوحيدة وإنما هو مثال للكلام النظري الذي جاء في بداية الفقرة، وهو ما يؤكد أن للإمارات مكانة في النظام الدولي.

وتُفسر بعض التحليلات والنظريات الخاصة بأدوار الدول في الساحة العالمية وهذه المكانة إلى مجموعة من المغيرات والعوامل الموضوعية والصفات القيادية لزعماء تلك الدول باعتبار أنه من النادر التركيز على حجم الدولة ومساحتها فقط، بل هذا العامل أو المتغير له احتمالين والاحتمال الأكبر أنه يثقل من دور الدولة وربما يضعفها إذا لم تدار مقدراتها بالطريقة التي تتناسب ونظرة قادتها السياسيون.

في الأغلب للقائد السياسي دور أساسي في صياغة دور الدولة مع وجود بعض العوامل الموضوعية ومن هذه العوامل، ما حققته دولة الإمارات مؤشرات تنموية في مختلف المجالات سواءً في الاقتصاد أو التعليم أو المجال التكنولوجي بالشكل الذي عززت فيه من حضورها الدولي بدرجة تضاهي فيها دول العالم المتقدم هذا إن لم تكن قد تجاوزتها في بعض المؤشرات بالدرجة التي جعلت من الإمارات تكون ضمن المرتبة الأولى في مؤشرات صندوق النقد الدولي لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وفي المرتبة 36 عالمياً.

أما الأهم، بل هي من حيث الترتيب الأول، فهو إدراك القائد لدور دولته، هناك اتفاق بين أغلب منظري العلاقات الدولية حول أنه لا يمكن دولة ما أن تحقق أي مكانة أو إنجاز دون وجود رؤية استراتيجية لقيادتها السياسية التي ترسم لها الملامح العامة التي تضعها في مصاف دول العالم. وهذا ما بات يعرف بـ”ادراك القائد” لمكانة دولته ضمن النظام الإقليمي والعالمي وربما هذا المتغير أو العامل هو الذي يفرق بين دولة وأخرى.

ولكيلا يكون الكلام مسهباً ودون تطبيق، فلو استعرضنا تجارب الدول الكبرى في النظام العالمي فإن النقلة العظيمة التي أحدثتها الصين منذ عام 2013 والتي تتمثل في وجود مبادرة “الحزام والطريق” العالمية فإن خطوطها واضحة وأهدافها تتحقق مع كل يوم والحكومة الصينية وشركائها في العالم يعملون على تنفيذها. الأمر نفسه ينطبق على دولة الإمارات من خلال مرحلتين في استراتيجيتها التنموية الأولى بدأت في العام 1971 فكل ما حصل فيها من نقلات تنطلق من رؤيتها في الاستثمار في الإنسان. المرحلة الثانية من نهوضها التنموي بداً من الإعلان على المبادئ العشرة للخمسين القادمة في العام 2021 والتي ستنقلها إلى مصاف دول مؤثرة في الساحة الدولية وفق المؤشرات التي تسجلها.

لا يمكن لأحد أن ينكر أن دولة الإمارات لديها تأثير إيجابي في العديد من القضايا الإنسانية في الإقليم والعالم، لا يمكن الإنكار أنها كانت لها كلمة الفصل في الجوانب التي تحاول أن تضُر بالإنسان أياً كانت صفته ودينه وذلك بدءاً من مبادرتها العالمية المعروفة بـ”الأخوة الإنسانية” وما تبعها من مبادرات تعمل على تقليل من خطاب الكراهية والعنصرية سواءً بين الأفراد أو الحكومات حتى تلك النزاعات المسلحة غير الدولية وصولاً إلى أن تبادر بسن قوانين في الامم المتحدة لتقليل هذا الكراهية باعتبارها السبب الرئيسي في الاقتتال بين بين أفراد المجتمع الواحد، لذا كان منالطبيعي أن تجد من ينتقد سياساتها ويذم عملها الإنساني ويفسره وفق منطقه الأيديولوجي دون أن يشعر أنه يحاول خداع العالم وفق “الصوت العالي” والزعيق في المنابر العالمية، وكأن يطبق المثل العربي “أخذوهم بالصوت لا يغلبوكم” الذي عفى عليه الزمن منذ سقوط القومجية والإسلامويين.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الإمارات تسجل مؤشرات وحضوراً عالمياً بدرجة التي بدأت معها تحرج نجاحاتها وقصصها التنموية المبهرة بعض القيادات العربية، فقد انقسمت مواقف تلك مواقف تلك الدول إلى مجموعتين اثنتين ولا نحتاج لذكر أمثلة عنها. فالمجموعة الأولى رأت في التجربة الاماراتية بأنها “ملهمة”ويمكن الاستفادة منها واستنساخها لأنها تمثل ثقافة الإقليم وتتماهي مع قيمها المجتمعية ولأنها أيقونة شرق أوسطية تماثل الغرب الأوروبي وهذه المجموعة اليوم تجد نفسها في الطريق الصحيح الذي مشت فيه دولة الإمارات وبدأ منطق النجاح والتفكير الإيجابي هو المسيطر على أبنائها.

أما المجموعة العربية الثانية: فقد اختارت أن تضع نفسها في خانة المحارب لتجربة الإمارات إعلامياً وشنت حملات سياسية عليها، وأسقطت فشلها التنموي على الامارات، وتفرغت لتنشر مزاعم وأفكارلا تقدم جديداً سوى أنها تفضح طريقة تفكير هذه القياداتالعربية في بناء مجتمعاتها وكأنها تُحي خطاباً مر عليه خمسة عقود من الزمن لم يعد يدرك الجيل الحالي مفرداته القائمة على الشعارات السياسية وعلى تلك الجملة التي لخصت مرحلة تاريخية للعرب للدكتور عبدالله القصيمي وهي “العرب ظاهرة صوتية” دون إنجازات.

الخلاصة أن الحركة التي يسير بها العالم سريعة، ولا تتترك فرصة لمن يحاول أن يشتت تفكيره في خلافات وتجاذبات جانبية إلا ممن لا يدركون حجم هذه الحركة ممن لا يزالون يعيشون في زمن غير زماننا، الإمارات ارتقت على الخلافات وتجاوزت الشعارات الخاوية وركزت على الإنجازات وعلى العمل لتصنع مدينة متقدمة وفاضلة من حيث القيم الإنسانية والتقدم الحضاري.


مقالات مشابهة

  • “7X” تعلن استراتيجيتها الجديدة لتعزيز حضورها العالمي
  • «الأوراق المالية» تطلق مشروع تنظيم الطرح لسندات الدين والصكوك
  • صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً
  • أمين مجلس التعاون: “اقتصاد الفضاء” في دول المجلس يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار
  • أحمد فيصل علي بطلاً لتحدي القراءة العربي على مستوى الدولة
  • جامعة الإمارات و”تريندز” يطلقان كتاب “الأمن المائي في دولة الإمارات”
  • خالد بن محمد بن زايد يزور مكاتب التداول التابعة لمجموعة أدنوك ويلتقي عدداً من خريجي “أكاديمية أدنوك للتجارة والتداول”
  • 500 مليون دولار وفورات “أدنوك”من تطبيق 30 أداة للذكاء الاصطناعي
  • المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024
  • سفراء يزورون جناح الدولة في «موسم طانطان الثقافي 2024»