“سيناريو لبنان” و”خيارات مؤلمة”.. ما الذي ينتظر الجنيه المصري في 2024؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
يواجه الجنيه المصري المزيد من التحديات في 2024، إذ لا تزال الرؤية “ضبابية” حول توجهات التعويم، فيما تقترب السلطات من اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قد يخضع سعر العملة لمزيد من المحددات.
وتسبب الارتباك في أسعار صرف الجنيه وعدم القدرة على إعادة التوازن للاقتصادي بتثبيط الثقة بالوضع الائتماني للبلاد، والذي أسفر عن تخفيض التصنيفات للاقتصاد المصري، والتي كان آخرها، الخميس، بتغيّر النظرة المستقبلية إلى “سلبية” في تقييم “موديز”.
ويرى محللون اقتصاديون تحدثوا لموقع “الحرة” أن الفريق الحكومي في مصر عليه إدارة الملف الاقتصادي بطريقة أكثر حصافة، لمواجهة التحديات التي تفرضها عوامل محلية وإقليمية، وتقليل تأثيرها على البلاد.
واتفقوا بأن مصر لديها القدرة على مواجهة المصاعب، وأعرب بعضهم عن المخاوف من سيناريوهات “مقلقة” قد تقرِّب اقتصاد البلاد من “الهاوية”.
تراجعت التوقعات بخفض قيمة الجنيه المصري مع اقتراب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ.
فيما يُتخوَّف من تلقي الاقتصاد المصري “ضربة موجعة” بسبب التوترات التي تحصل في البحر الأحمر، وفق رويترز.
وخفّضت مصر من قيمة عملتها ثلاث مرات، منذ مطلع عام 2022، مما تسبّب في فقدان العملة المحلية لنصف قيمتها أمام الدولار الأميركي.
“السلطات المصرية لن تكون قادرة على إدارة ملف سعر الصرف للجنيه من دون السيطرة على ما يحصل في السوق السوداء”، بحسب ما أكد المحلل الاقتصادي المصري، وائل النحاس، لموقع “الحرة”.
ولا تزال العملة الصعبة شحيحة في مصر. وفي الوقت الذي ظل فيه السعر الرسمي للدولار عند حاجز 30.9 جنيها خلال أشهر مضت، إلا أنه يصل في السوق السوداء إلى أكثر من 55 جنيها، بحسب بلومبيرغ.
وأضاف النحاس أن “السوق المصرية تشهد انفلاتا في أسعار الصرف، ناهيك عن تضخم يصعب كبحه، والسلطات تتعامل بطريقة متحفّظة مع الأسواق، في الوقت الذي نحتاج فيه لقرارات اقتصادية ترتبط بإرادة مع تطبيقها وفرضها على الجميع”، مشيرا إلى أن هذا “الوقت ليس للعلاجات البسيطة إنما نحتاج لجراحات عميقة تعالج الخلل الهيكلي الذي أصاب الاقتصاد”.
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قد صرّحت مؤخرا، أن أولوية الحكومة في مصر “يجب أن تكون خفض التضخم بدلا من معالجة القضايا المتعلقة بالعملة”.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أظهرت بيانات نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن معدل التضخم السنوي في المدن تراجع إلى 33.7 بالمئة، في ديسمبر، من 34.6 بالمئة، في نوفمبر. وجاء هذا الرقم أعلى قليلا من متوسط توقعات 14 محللا لوكالة رويترز ببلوغ التضخم 33.4 في المئة.
وانخفض معدل التضخم من أعلى مستوى على الإطلاق بلغ 38.0 في المئة، في سبتمبر، لكن محللين أشاروا إلى خطر تسارعه مرة أخرى، خاصة إذا سمحت الحكومة بانخفاض قيمة الجنيه، كما هو متوقع على نطاق واسع.
الخبير الاقتصادي المصري، علاء عبدالحليم، قال إن “تأثُّر الاقتصاد المصري والجنيه بما يحدث في الإقليم أمر طبيعي، إذ هناك حروب تحيط بالبلاد من كل جهة: السودان، ليبيا، غزة، ناهيك عما يحصل في البحر الأحمر الذي أثر على حركة الملاحة والشحن البحري، وأثر بالنتيجة على قناة السويس”.
ويؤكد في حديث لموقع “الحرة” أنه يجب “الإقرار بوجود مشكلة في الوضع السياسي والاقتصادي داخل البلاد، وفي كل مرة يتم الحديث فيها عن تعويم أسعار الجنيه، يتم تأجيل القرارات الهامة، ما أدخل الاقتصاد في أزمة لم تعد الحلول السريعة ناجحة معها”.
واستطرد عبدالحليم أن “السلطات تحتاج إلى إدارة للملف الاقتصادي بطريقة أكثر حصافة، وعدم الاعتماد على وصفات صندوق النقد الجاهزة، والتي لا تتجاوز سياسات إلغاء الدعم أو تخفيضه وتعويم أسعار العملة، وإجراءات أخرى قد لا تتناسب مع خصوصية الاقتصاد المصري”.
وتجري مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي لمضاعفة حزمة مساعدات تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار على الأقل، وهو القرض الذي لم تحظ مصر إلا بالقليل منه حتى الآن.
الباحث في الشؤون الإقليمية في مركز الأهرام للدراسات، سامح راشد، تحدث لموقع “الحرة” عن أن “الحديث عن وجود أزمة إدارة للاقتصاد المصري له ما يبرره في الواقع، متمثلا في استمرار تفاقم المشكلات الاقتصادية دون أفق واضح لحلها أو حتى للحد منها”.
وأضاف أن هناك “ارتباكا وترددا في إدارة اقتصاد إلى حد اتخاذ قرارات ثم التراجع عنها سريعا بعد ثبوت عدم جدواها. وجاءت بعض القرارات المصرفية لتزيد المخاوف والشكوك في المستقبل القريب، ومنها تقييد استخدام بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية”.
ويتفق راشد بأن التطورات السياسية تلقي بظلالها على الاقتصاد المصري، وقال: “بالتأكيد للأزمات المتلاحقة والتوتر الإقليمي المتزايد انعكاس مباشر على مصر بحكم موقعها الجغرافي واعتماد اقتصادها على مصادر دخل ريعية وخدمية مثل: قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج”.
واستطرد أنه “بعد تدهور الموقف الجيواستراتيجي وتصاعد حدة التهديدات لأمن الملاحة في البحر الأحمر، بدأت مداخيل قناة السويس تتأثر سلبا، والمتوقع انخفاضها بشكل ملحوظ مع مزيد من انحسار في حركة التجارة البحرية عبر البحر الأحمر”.
وقال الخبير في الأسواق الناشئة في بنك سوسيتيه جنرال لندن، غيرغيلي أرموسي، لبلومبيرغ: “كان مدى تخفيض قيمة العملة، الذي تم تسعيره في نهاية ديسمبر، مبالغا فيه إلى حد ما وسريعا للغاية”. واستدرك مضيفا “لا تزال هناك قناعة بأنه سيتم خفض قيمة العملة في الربع الثالث أو الرابع” من العام الحالي.
لا تزال مصادر العائدات الأخرى، مثل تحويلات العاملين في الخارج التي تذهب في الأساس إلى أفراد، تساهم في تحسين وضع مصر من النقد الأجنبي، وإن لم يكن للحكومة مباشرة.
وهوت التحويلات 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.
ويتردد المصريون في الخارج في إرسال مدخراتهم المالية إلى بلادهم عندما يكون سعر العملة منخفضا بفارق كبير عن قيمتها في السوق السوداء وذلك مع استشراء التضخم.
وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لبيانات البنك المركزي وذلك نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار العالمية.
وبلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي في السنة المالية 2022-2023 زهاء 7.20 مليار دولار.
وتباطأت السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023 ثم 4.45 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، منذ اندلاع الحرب في غزة. ولم تنشر الحكومة أرقام العائدات للفترة بعد سبتمبر.
ويتخوَّف المحلل النحاس من “سيناريوهات مقلقة تقرِّب اقتصاد البلاد من الهاوية”، بما في ذلك “تكرار سيناريو الأزمة الاقتصادية التي حصلت في لبنان لتصبح واقعا في مصرا، ما لم يتم اتخاذ إجراءات تضمن الحيلولة من دون ذلك، تترافق مع إرادة حقيقية من الجهات المسؤولة بمعالجة الخلل”.
وقال النحاس إن العديد من المؤسسات “المالية والنقدية الهامة في البلاد لا تزال تُدار من إدارات بالوكالة منذ قرابة عامين، مثل البنك المركزي أو هيئة الرقابة المالية أو حتى قناة السويس”.
ويؤكد الخبير عبدالحليم أن المخاوف من تكرار أزمة لبنان الاقتصادية في مصر “ليست مبررة، إذ أن العوامل مختلفة تماما بين البلدين، فمصر لديها رئيس للبلاد ورئيس وزراء ومسؤولين يتم اختيارهم بناء على الكفاءة، بينما الوضع في الشقيقة لبنان معقد، فهناك العديد من الطوائف التي لها تمثيل وحصص معينة من المسؤولين، ناهيك عن اعتماد الاقتصاد على الدعم الخارجي فقط، واعتبارات جيوسياسية أخرى يجب أن تؤخذ في الحسبان”.
وكان من المتوقع أن يؤدي استمرار الحصول على الدعم المالي الرسمي من صندوق النقد الدولي إلى زيادة قدرة مصر على تحمل الديون، لكن “إجراءات السياسة وأوجه الدعم الخارجي قد تكون غير كافية لمنع إعادة هيكلة الديون” نظرا لضعف مقاييس أعباء الدين، بحسب رويترز.
وقالت وكالة موديز في بيان إن “الزيادة الكبيرة في مدفوعات الفائدة والضغوط الخارجية المتزايدة أدت إلى تعقيد عملية تكيف الاقتصاد الكلي”.
وتتوقع الوكالة أن يساعد سجل مصر في مجال تنفيذ الإصلاح المالي في المساعدة في الحصول على المزيد من الدعم المالي من صندوق النقد الدولي.
وكتب الخبير الاقتصادي، هاندي كوجوك، في مذكرة “نعتقد أن زيادة المحتمل لقرض صندوق النقد الدولي من المرجح أن يصاحبه تعديل في سعر الصرف عاجلا وليس آجلا، وسط ضغوط إضافية على ميزان المدفوعات بسبب الصراع في غزة”، بحسب بلومبرغ.
وباتت الآن كل المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية لمصر تقريبا، وهي صادرات الغاز الطبيعي والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومؤخرا قناة السويس، تحت ضغط شديد.
وتحتاج مصر إلى العملة الأجنبية ليس فقط لاستيراد السلع الأساسية، ولكن أيضا لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها في السنوات العشر الماضية.
ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام، على الرغم من توقع محللين إرجاء سداد بعض هذه المبالغ إلى فترات لاحقة.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی الاقتصاد المصری البحر الأحمر لا تزال فی مصر
إقرأ أيضاً:
إيران تهدد إسرائيل ب”حرب طاحنة” إذا هاجمت لبنان بمشاركة “محور المقاومة “
يمن مونيتور/ نيويورك/ خاص:
هددت إيران، في ساعة مبكرة يوم السبت، الاحتلال الإسرائيلي إذا شرع في “عدوان على لبنان” بحرب طاحنة بمشاركة جبهات محور المقاومة، الذي يتضمن جماعة الحوثي في اليمن.
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي أمس الجمعة إنه إذا شرعت إسرائيل في “عدوان عسكري شامل” على لبنان “فسوف تندلع حرب إبادة”.
وأضافت البعثة الإيرانية في منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعي أنه ” إذا ما شنت (اسرائيل) عدواناً عسكرياً واسع النطاق (على لبنان)، فإن حرباً طاحنة سوف تترتب على ذلك”.
وتابعت: “جميع الخيارات، بما في ذلك. المشاركة الكاملة لجميع جبهات المقاومة مطروحة على الطاولة”.
ويتكون محور المقاومة الذي تقوده إيران، من الحوثيين في اليمن والنظام السوري والميليشيات الشيعية في العراق وحزب الله اللبناني.
وفي الأسابيع الأخيرة، زادت حدة التصعيد بين تل أبيب و”حزب الله”، ما أثار مخاوفا من اندلاع حرب شاملة، لاسيما مع إعلان الجيش الإسرائيلي مؤخرا “المصادقة” على خطط عملياتية لـ”هجوم واسع” على لبنان.
ويوم الخميس، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها الإلكتروني، عن خلافات بالرأي حدثت خلال اجتماع المجلس على خلفية تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت حول الحرب مع لبنان، إذ قال غالانت خلال اجتماع «الكابينت» مساء الخميس، إنه أخبر المسؤولين الأمريكيين خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، التي اختتمها الأربعاء، بأن إسرائيل لا تريد حربا في لبنان، وأنها تقبل باتفاق يُبقى «حزب الله» بعيدا عن الحدود.
ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل بين البلدين خلف مئات القتلى والجرحى، غالبيتهم بالجانب اللبناني.
ومنذ نهاية العام الماضي يستهدف الحوثيون السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومؤخراً وسعوا عملياتهم إلى المحيط الهندي. وقالوا إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل التي تشن هجوماً وحشياً على قطاع غزة. لكن الحكومة اليمنية وخبراء يقولون إن أهداف الحوثيين محلية للهروب من الأزمات الداخلية وتحسين صورتهم في المنطقة.
ورداً على ذلك تشن الولايات المتحدة وبريطانيا منذ 11 يناير/كانون الثاني حملة ضربات جوية ضد المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران. ونتيجة ذلك أعلن الحوثيون توسيع عملياتهم لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية.
ومنذ نوفمبر سجلت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكثر من 190 هجوما على السفن التجارية أو العسكرية الأميركية قبالة سواحل اليمن، بما في ذلك ما يقرب من 100 هجوم منذ بدء الضربات الجوية الأميركية على البر اليمني.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةالمذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسب...
ليست هجمات الحوثي وانماالشعب اليمني والقوات المسلحة الوطنية...
الشعب اليمني يعي ويدرك تماماانكم في صف العدوان ورهنتم انفسكم...
موقف الحوثيون موقف كل اليمنيين وكل من يشكك في مصداقية هذا ال...
What’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...