موقع النيلين:
2024-12-26@09:29:46 GMT

حديث الساعة: ارتفاع الأسعار

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT


يتمحور حديث الناس فى الشأن الاقتصادى عادة حول الموضوع الأكثر إيلامًا لهم فى حياتهم المعيشية فى لحظة معينة؛ فأحيانا تحتل البطالة الاهتمام الأكبر، وأحيانا ارتفاع الأسعار، وأحيانا مستوى جودة الخدمات، وأحيانا غير ذلك. بالنسبة للمصريين هذه الأيام ليست هناك قضية أكثر إيلاما من الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار إلى حد قد يدعو البعض لرفع شعار: «لو كان التضخم رجلا لقتلته»، على غرار قول الإمام على بن أبى طالب: «لو كان الفقر رجلا لقتلته».

التضخم يؤثر سلبيًّا على الدخول الحقيقية للفقراء وذوى الدخول الثابتة من الطبقة المتوسطة.. إضافة لذلك، يؤدى إلى تردد المستثمرين والمصدرين والمستهلكين فى اتخاذ أى قرارات كبرى، متبنين سياسة «دعنا ننتظر حتى نرى».. المحصلة المتوقعة لضعف القوة الشرائية والإحجام عن اتخاذ القرارات الاقتصادية هى تباطؤ فى النشاط الاقتصادى ومستوى التشغيل، وربما بعض القلاقل الاجتماعية.

بالطبع، لا تتحرك أسعار السلع كلها بشكل متساوٍ، ويزيد أثرها السلبى على الفقراء عندما تحظى السلع الأساسية بنصيب الأسد من الارتفاع.. لكن، إذا تغاضينا عن مثل هذه التفاصيل، فموجة التضخم الحالية عاتية، حيث وصل متوسط ارتفاع الأسعار فى عام 2023، بناء على ما هو منشور من معلومات، إلى 34%، مقارنة بأعلى ذروة له خلال السبعين عاما الماضية، عندما وصل إلى 20.8% عام 1980.

إذا كان الأمر بهذه الجدية، أو قل القسوة، فهل الحلول المطروحة على الساحة كافية لكبح جماح التضخم؟ وهل توجد حلول بديلة؟.. وأخيرا، كيف يمكن حماية الطبقة الفقيرة والمتوسطة فى الأجل القصير؟

بالنسبة للحلول المطروحة على الساحة، فالحل الأول يأتى من صندوق النقد الدولى، وأدواته التقشف النقدى والمالى عن طريق رفع سعر الفائدة، وتحرير سعر الصرف، وتقليل عجز الموازنة، وتحقيق فائض أولى، والخصخصة لسد الفجوة الادخارية. هذا الحل قد ينجح فى الأجل القصير، لكن تكلفته عالية لما له من آثار تضخمية نتيجة تحرير سعر الصرف، وآثار سلبية على معدلات النمو والتشغيل من جراء التقشف. الحل الثانى تمارسه الحكومة بالفعل، ويتضمن محاولة التحكم فى سعر الصرف، ومعدل الفائدة، وأسعار بعض السلع الأساسية، وتغليظ العقوبة على المتاجرة فى العملة الصعبة، وتحجيم الاستيراد، وبيع الأصول العامة. وهنا أيضا قد تحد هذه الإجراءات من تفاقم معدلات التضخم، لكن ذلك يأتى على حساب تشغيل الطاقات المتاحة فى ظل ظهور سوق موازية للعملة، ناهيك عن أنه حل مؤقت، ولا يمكن التعويل عليه، وذلك لأننا جربناه فى الماضى ولم ينجح.

هل من حلول بديلة؟.. مدخل الحل الحقيقى فى تقديرى هو فهم ظاهرة التضخم فى مصر، كما فى غيرها من الدول، على أنها محصلة تأثير عنصرين وليس عنصرا واحدا: «زيادة فى الطلب»، و«قصور فى العرض». فى حالتنا، الزيادة فى الطلب ناتجة جزئيا عن ارتفاع معدلات طبع النقود لتمويل عجز الموازنة، وجزئيا بسبب ارتفاع الإنفاق العام على مشروعات قومية عوائدها طويلة الأجل أو بالعملة المحلية. أما القصور فى جانب العرض، فهو ناتج عن معوقات بيروقراطية ترفع تكلفة المعاملات على المنتجين والمصدرين، وغياب التنافسية فى الأسواق، والمبالغة فى دور الدولة كمالك. تفصيل السياسات الإصلاحية الواجبة لعلاج هذه المشاكل غير ممكن فى هذه المساحة الضيقة، لكن أهم سمات الإصلاح فى الأجل القصير ما يلى: تبنى منظومة أكثر مرونة وليست تعويمًا لسعر الصرف (تشجيعًا للصادرات وتحويلات العاملين فى الخارج، وتجنبًا لقفزات فى معدلات التضخم مستقبلًا)، والإحجام عن البدء فى مشروعات كبرى جديدة، وتحويل فوائض الهيئات العامة لموازنة الدولة، وإعادة جدولة الدين العام لمدد أطول، والخصخصة بشرط تعظيم العائد على المجتمع وليس لتدبير أموال فقط، وتبنى مبادرات جادة لتشغيل المصانع والمساكن والقصور المغلقة. فى الأجل المتوسط، ليس هناك بديل عن إعادة هيكلة الاقتصاد ليصبح أكثر تنوعا وإنتاجية وقدرة على مواجهة الصدمات، وهذا موضوع مهم فى حد ذاته.

ماذا عن حماية الطبقتين الفقيرة والمتوسطة ضد ارتفاع الأسعار؟.. هنا يجب الاعتراف بأن الحكومة حاولت أن تخفف من وطأة التضخم على المواطنين بأشكال شتى.. على سبيل المثال لا الحصر، زاد الإنفاق العام على الحماية الاجتماعية كنسبة من الدخل القومى، وتم رفع المعاشات والرواتب والحد الأدنى للأجور، وتم تجميد زيادة أسعار بعض الخدمات، كما تم تقصير مدة تطبيق مظلة التأمين الصحى الشامل. هذه إجراءات محمودة، لكن يعيبها: أولًا، أنها تركز بشكل كبير على الفقراء وليس الطبقة المتوسطة. ثانيًا، أن الزيادة فى المعاشات والمرتبات تقل كثيرا عن معدلات التضخم، وهذا يعنى تآكل الدخول الحقيقية. ثالثًا، أن الحكومة تتوسع فى التعليم الخاص العالى، وهذا يضر بمبدأ تكافؤ الفرص فى وقتٍ تعانى فيه الأسر من وطأة الدروس الخصوصية فى التعليم الأساسى. هذه العيوب يمكن تداركها فى إطار تبنى استراتيجية جديدة للسعى نحو العدالة، وليس الحماية الاجتماعية.

فى النهاية، كان هذا المقال محاولة للمساهمة فى فهم ظاهرة التضخم فى مصر، وكيفية التعامل معه. الأخبار السارة أن مصر ليست الأرجنتين، وما زالت معدلات التضخم لدينا، رغم ارتفاعها، فى إطار ليس من الصعب التعامل معه. ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن كل طرق التعامل مع التضخم ليست متساوية فى آثارها، ومن المهم اختيار سبيل للعبور الآمن.

أحمد جلال – صحيفة المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ارتفاع الأسعار معدلات التضخم سعر الصرف

إقرأ أيضاً:

حجم الاستيراد لا يتجاوز 25%.. ركود في أسواق الكريسماس

أيام قليلة ويحل العام الميلادي الجديد، وفيه تتزين الشوارع والبيوت والمحال بأشجار وزينة الكريسماس ويحتفل المصريون برأس السنة.

وبدأت المحال التجارية في ترويج هدايا موسم الاحتفال برأس السنة، وتتعدد فيه طرق احتفال المصريين بين شراء شجرة الكريسماس وملابس بابا نويل والاحتفال بالمنزل أو التنزه في الشوارع والأماكن العامة، حيث اعتاد المصريون الاحتفال برأس السنة الميلادية سواء كانوا مسلمين أو أقباطا.

ورغم الاهتمام بالاحتفال فإن حالة الإقبال على الشراء تكاد تكون بسيطة بسبب حالة الغلاء التى حدثت مؤخرا.

أسباب ركود حركة البيع في الكريسماس

وقال بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية: إن السوق يشهد إقبالا ضعيفا للغاية على شراء زينة وهدايا الكريسماس بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير حيث إن حجم الاستيراد لا يتعدى ۲۵% من حجم السنوات السابقة لعدم توافر رأس المال الكافي لسد حاجة المستوردين.

وأضاف صفا في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» إن أسعار الهدايا وزينة الكريسماس زادت بنسبة ٣٠٪ مقارنة بالعام الماضى حيث تبدأ أسعار الأشجار الصغيرة من ١٠٠ جنيه وقد تصل إلى ۲۰۰۰۰ جنيه حسب الحجم، وارتفع سعر بابا نويل الصغير من 3 جنيهات إلى ١٠ جنيهات ووصل الحجم الكبير منه إلى ٤٠ جنيها.

أما أسعار الهدايا والكور الصغيرة التي تعلق بالشجر فقفزت من ١٢ إلى ٣٠ جنيها. وارتفع سعر فرع الأضواء ليصل إلى ۱۰۰ و ۲۰۰ جنيه، حسب شكل الإضاءة والألوان.

وأوضح نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية، أن السبب الرئيسي وراء هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار، هو أن جميع منتجات الكريسماس مستوردة، فقد ارتفع سعر الدولار الجمركي، وهذه المنتجات تخضع لرسوم جمركية بنسبة ٦٠٪ مؤكدا أن المنتجات المحلية تمثل ٢٠٪ من المنتجات الموجودة فى السوق، والتي ترتفع تكلفة إنتاجها أيضا، لأن كل مستلزمات إنتاجها مستوردة، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة التصنيع وبالتالي ارتفاع أسعارها.

وأشار إلى أن حركة البيع والشراء لا تزال ضعيفة حتى الآن، سواء في الأسواق أو لدى الفنادق والمطاعم بسبب ارتفاع تكاليف الزينة الجديدة، موضحا أن تزيين مساحة صغيرة فى فندق أو مطعم، قد تتطلب الزينة الجديدة تكلفة لا تقل عن ١٠٠ ألف جنيه.

وتابع بركات، أن المحلات التجارية التي بدأت في عرض منتجات الكريسماس لم تحقق المبيعات المرجوة لأن الأسعار الحالية لا تتناسب مع دخل الأسرة المصرية، مما دفع الكثير منهم للاعتماد على الزينة القديمة.

اقرأ ايضا:

متعثر ولم يحقق المطلوب.. برلماني يقدم اقتراحات حول «قانون التصالح في مخالفات البناء»

عضو شعبة المواد الغذائية يفسر تقلب أسعار الزيوت.. ويطرح 5 مقترحات لحل الأزمة

مقالات مشابهة

  • حجم الاستيراد لا يتجاوز 25%.. ركود في أسواق الكريسماس
  • بيان من مؤسسة اللحوم والألبان التركية حول إرتفاع الأسعار
  • هل ستشهد أسعار الوقود في تركيا زيادة جديدة عام 2025؟
  • اللقاحات ليست وراء ارتفاع معدلات التوحد.. فما هو السبب إذن؟
  • 0.5% ارتفاعًا في التضخم السنوي خلال نوفمبر.. وأسعار الخضراوات تقفز 11%
  • الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار وسندات الخزانة الأميركية
  • هل تنخفض أسعار السيارات في مصر خلال 2025؟
  • ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.36% خلال نوفمبر
  • بارومتر الأعمال: التضخم وارتفاع أسعار الطاقة والمياه أكبر التحديات أمام الشركات
  • ارتفاع أسعار الذهب العالمية خلال تداولات اليوم.. «جولد بيليون» تحلل الأسباب