موقع النيلين:
2024-11-05@00:09:03 GMT

حديث الساعة: ارتفاع الأسعار

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT


يتمحور حديث الناس فى الشأن الاقتصادى عادة حول الموضوع الأكثر إيلامًا لهم فى حياتهم المعيشية فى لحظة معينة؛ فأحيانا تحتل البطالة الاهتمام الأكبر، وأحيانا ارتفاع الأسعار، وأحيانا مستوى جودة الخدمات، وأحيانا غير ذلك. بالنسبة للمصريين هذه الأيام ليست هناك قضية أكثر إيلاما من الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار إلى حد قد يدعو البعض لرفع شعار: «لو كان التضخم رجلا لقتلته»، على غرار قول الإمام على بن أبى طالب: «لو كان الفقر رجلا لقتلته».

التضخم يؤثر سلبيًّا على الدخول الحقيقية للفقراء وذوى الدخول الثابتة من الطبقة المتوسطة.. إضافة لذلك، يؤدى إلى تردد المستثمرين والمصدرين والمستهلكين فى اتخاذ أى قرارات كبرى، متبنين سياسة «دعنا ننتظر حتى نرى».. المحصلة المتوقعة لضعف القوة الشرائية والإحجام عن اتخاذ القرارات الاقتصادية هى تباطؤ فى النشاط الاقتصادى ومستوى التشغيل، وربما بعض القلاقل الاجتماعية.

بالطبع، لا تتحرك أسعار السلع كلها بشكل متساوٍ، ويزيد أثرها السلبى على الفقراء عندما تحظى السلع الأساسية بنصيب الأسد من الارتفاع.. لكن، إذا تغاضينا عن مثل هذه التفاصيل، فموجة التضخم الحالية عاتية، حيث وصل متوسط ارتفاع الأسعار فى عام 2023، بناء على ما هو منشور من معلومات، إلى 34%، مقارنة بأعلى ذروة له خلال السبعين عاما الماضية، عندما وصل إلى 20.8% عام 1980.

إذا كان الأمر بهذه الجدية، أو قل القسوة، فهل الحلول المطروحة على الساحة كافية لكبح جماح التضخم؟ وهل توجد حلول بديلة؟.. وأخيرا، كيف يمكن حماية الطبقة الفقيرة والمتوسطة فى الأجل القصير؟

بالنسبة للحلول المطروحة على الساحة، فالحل الأول يأتى من صندوق النقد الدولى، وأدواته التقشف النقدى والمالى عن طريق رفع سعر الفائدة، وتحرير سعر الصرف، وتقليل عجز الموازنة، وتحقيق فائض أولى، والخصخصة لسد الفجوة الادخارية. هذا الحل قد ينجح فى الأجل القصير، لكن تكلفته عالية لما له من آثار تضخمية نتيجة تحرير سعر الصرف، وآثار سلبية على معدلات النمو والتشغيل من جراء التقشف. الحل الثانى تمارسه الحكومة بالفعل، ويتضمن محاولة التحكم فى سعر الصرف، ومعدل الفائدة، وأسعار بعض السلع الأساسية، وتغليظ العقوبة على المتاجرة فى العملة الصعبة، وتحجيم الاستيراد، وبيع الأصول العامة. وهنا أيضا قد تحد هذه الإجراءات من تفاقم معدلات التضخم، لكن ذلك يأتى على حساب تشغيل الطاقات المتاحة فى ظل ظهور سوق موازية للعملة، ناهيك عن أنه حل مؤقت، ولا يمكن التعويل عليه، وذلك لأننا جربناه فى الماضى ولم ينجح.

هل من حلول بديلة؟.. مدخل الحل الحقيقى فى تقديرى هو فهم ظاهرة التضخم فى مصر، كما فى غيرها من الدول، على أنها محصلة تأثير عنصرين وليس عنصرا واحدا: «زيادة فى الطلب»، و«قصور فى العرض». فى حالتنا، الزيادة فى الطلب ناتجة جزئيا عن ارتفاع معدلات طبع النقود لتمويل عجز الموازنة، وجزئيا بسبب ارتفاع الإنفاق العام على مشروعات قومية عوائدها طويلة الأجل أو بالعملة المحلية. أما القصور فى جانب العرض، فهو ناتج عن معوقات بيروقراطية ترفع تكلفة المعاملات على المنتجين والمصدرين، وغياب التنافسية فى الأسواق، والمبالغة فى دور الدولة كمالك. تفصيل السياسات الإصلاحية الواجبة لعلاج هذه المشاكل غير ممكن فى هذه المساحة الضيقة، لكن أهم سمات الإصلاح فى الأجل القصير ما يلى: تبنى منظومة أكثر مرونة وليست تعويمًا لسعر الصرف (تشجيعًا للصادرات وتحويلات العاملين فى الخارج، وتجنبًا لقفزات فى معدلات التضخم مستقبلًا)، والإحجام عن البدء فى مشروعات كبرى جديدة، وتحويل فوائض الهيئات العامة لموازنة الدولة، وإعادة جدولة الدين العام لمدد أطول، والخصخصة بشرط تعظيم العائد على المجتمع وليس لتدبير أموال فقط، وتبنى مبادرات جادة لتشغيل المصانع والمساكن والقصور المغلقة. فى الأجل المتوسط، ليس هناك بديل عن إعادة هيكلة الاقتصاد ليصبح أكثر تنوعا وإنتاجية وقدرة على مواجهة الصدمات، وهذا موضوع مهم فى حد ذاته.

ماذا عن حماية الطبقتين الفقيرة والمتوسطة ضد ارتفاع الأسعار؟.. هنا يجب الاعتراف بأن الحكومة حاولت أن تخفف من وطأة التضخم على المواطنين بأشكال شتى.. على سبيل المثال لا الحصر، زاد الإنفاق العام على الحماية الاجتماعية كنسبة من الدخل القومى، وتم رفع المعاشات والرواتب والحد الأدنى للأجور، وتم تجميد زيادة أسعار بعض الخدمات، كما تم تقصير مدة تطبيق مظلة التأمين الصحى الشامل. هذه إجراءات محمودة، لكن يعيبها: أولًا، أنها تركز بشكل كبير على الفقراء وليس الطبقة المتوسطة. ثانيًا، أن الزيادة فى المعاشات والمرتبات تقل كثيرا عن معدلات التضخم، وهذا يعنى تآكل الدخول الحقيقية. ثالثًا، أن الحكومة تتوسع فى التعليم الخاص العالى، وهذا يضر بمبدأ تكافؤ الفرص فى وقتٍ تعانى فيه الأسر من وطأة الدروس الخصوصية فى التعليم الأساسى. هذه العيوب يمكن تداركها فى إطار تبنى استراتيجية جديدة للسعى نحو العدالة، وليس الحماية الاجتماعية.

فى النهاية، كان هذا المقال محاولة للمساهمة فى فهم ظاهرة التضخم فى مصر، وكيفية التعامل معه. الأخبار السارة أن مصر ليست الأرجنتين، وما زالت معدلات التضخم لدينا، رغم ارتفاعها، فى إطار ليس من الصعب التعامل معه. ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن كل طرق التعامل مع التضخم ليست متساوية فى آثارها، ومن المهم اختيار سبيل للعبور الآمن.

أحمد جلال – صحيفة المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ارتفاع الأسعار معدلات التضخم سعر الصرف

إقرأ أيضاً:

ارتفاع أسعار الذهب : ملاذ آمن أم غسيل أموال؟

4 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: يبحث المواطن العراقي اليوم عن ملاذ آمن لأمواله وسط حالة من التوتر الاقتصادي والاضطرابات المالية.

وسوق الذهب في العراق، الذي يشهد تحولات متسارعة، يعكس هذا القلق العام، حيث ارتفع سعر المثقال (4.25 غرامات) إلى 585 ألف دينار عراقي (نحو 448 دولارًا أمريكيًا).

وافادت تحليلات أن ارتفاع أسعار الذهب بهذا الشكل يشير إلى توجه كثيرين نحو المعادن الثمينة كوسيلة للحفاظ على قيمة الأموال في ظل التضخم وتذبذب سعر صرف الدولار.

وذكرت آراء مختصين أن هذا الارتفاع غير المفاجئ لسعر الذهب قد يعكس دور العرض والطلب المتزايد، بينما أكد المتحدث باسم غرفة تجارة بغداد، رشيد السعدي، أن “الذهب قد يمثل بديلًا جذابًا لشراء العقارات، خاصة في ظل ما يشاع عن عمليات غسيل الأموال”.

وأضاف مختص في الشؤون المالية أن هناك دائمًا مخاوف من استخدام السوق المحلية في العراق كوسيلة لغسل الأموال، الأمر الذي قد يؤدي إلى تضخم في الأسعار وارتفاع غير مبرر في قيمة المعادن الثمينة.

وفق معلومات من مصادر مالية محلية، فإن سعر الذهب في العراق لا يعتمد فقط على الأسعار العالمية، وإنما يتأثر أيضًا بآليات العرض والطلب داخل السوق المحلية وسعر صرف الدولار مقابل الدينار.

وتحدثت مصادر عن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين خلال الفترة الأخيرة، مع تزايد الأعباء الاقتصادية بشكل عام، مما أدى إلى انخفاض الإقبال على شراء الذهب، حتى من العيار الذي يفضله العراقيون عادةً وهو عيار 21.

وقال المواطن علي الجبوري، أحد الزبائن الذين تأثروا بارتفاع الأسعار، “لم يعد بإمكاني شراء الذهب كاستثمار كما كنت أفعل سابقًا، فالمثقال أصبح باهظ الثمن”.

وأشار إلى أن هناك معوقات إضافية تواجه المشتريين، حيث يشترط عند شراء الذهب من المنصة الحكومية أن يكون لدى المشتري حساب مصرفي برصيد لا يقل عن 13 مليون دينار.

وأضاف مختص في الاقتصاد أن ارتفاع أسعار الذهب والدولار يرتبط بزيادة في أسعار السلع الأخرى، وهو ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد العراقي ككل، “فالذهب ليس فقط وسيلة للادخار، بل هو مؤشر على ثقة الناس بالاقتصاد”.

وتحدثت مصادر أن هناك تراجعا في الإقبال على شراء الذهب بسبب ارتفاع الأسعار، فيما شكك مختصون في مصدر الأموال التي تُستخدم لشراء كميات كبيرة من الذهب، ما أثار المخاوف من احتمال وجود عمليات غسيل أموال تتسبب في تضخم الأسعار وزيادة الطلب بشكل غير طبيعي.

واعتبر أحد المحللين أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يدفع المواطنين إلى البحث عن خيارات استثمارية أخرى، بينما قد يبقى الذهب محط الأنظار لمن يملكون رؤوس الأموال الكبيرة ويبحثون عن ملاذات آمنة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • «الوطنية للنفط» تعلن ارتفاع معدلات الإنتاج إلى نحو 1.5 مليون برميل يومياً
  • ارتفاع أسعار الذهب : ملاذ آمن أم غسيل أموال؟
  • هل تشهد معدلات التضخم انخفاضًا في 2025؟.. خبير اقتصادي يوضح
  • الحكومة: إشادة دولية بجهود مصر الاقتصادية.. واتفاق لخفض التضخم وتعزيز الاقتصاد الأخضر
  • الخبير الاقتصادي: أتوقع انخفاض معدلات التضخم في أواخر 2025
  • مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار.. تفاصيل مناقشات الحكومة مع مديرة صندوق النقد|تفاصيل
  • مديرة صندوق النقد: متفقون مع مصر في مكافحة التضخم واتخاذ إجراءات للحد منه
  • عاجل| رئيس لجنة الخطة والموازنة: مراجعة برنامج الصندوق تتضمن تأجيل الخطط الزمنية لرفع الدعم عن الوقود والكهرباء.. ولا حديث عن سعر الصرف...و من حق مصر التفاوض على قرض جديد بقيمة 1.3 مليار دولار 
  • السيسي لـ صندوق النقد الدولي: أولوية الدولة تخفيف الضغوط والأعباء عن المواطنين
  • بدء اجتماع رئيس الوزراء مع مديرة صندوق النقد الدولي في العاصمة الإدارية الجديدة