إيكونوميست: تداعيات حرب غزة على إسرائيل مستمرة لسنوات قادمة
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على مستقبل الحرب في غزة وتداعياتها على إسرائيل، مؤكدة أن هذه التداعيات ستظل قائمة حتى بعد انتهاء القتال "لسنوات"، ما يؤثر على استراتيجية إسرائيل العسكرية، وبالتالي على اقتصادها.
وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الاقتصاديين يشيرون إلى السنوات الواقعة بين حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 والغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 على أنها "العقد الضائع"، لافتة إلى أن تداعيات حرب غزة ستكون أكبر، إذ "هي أسوأ حرب تخوضها إسرائيل منذ نصف قرن من حيث الخسائر البشرية، وهي الأطول منذ الصراع الذي دار بين عامي 1948 و1949 والذي تسميه إسرائيل حرب الاستقلال".
وأضافت أن "العقد الضائع" تسبب في ارتفاع الإنفاق العسكري بإسرائيل، وكذلك العجز والتضخم، إضافة إلى ابتعاد المستثمرين الأجانب عن سوق الدولة العبرية، مشيرة إلى أن إسرائيل لم تتمكن من تفادي الانهيار المالي إلا من خلال سن خطة جذرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في عام 1985.
ورغم اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي حاليا على قطاع التكنولوجيا الرائد عالميا واحتياطيات النقد الأجنبي الوفيرة، فإن بعض الإسرائيليين يشعرون بالقلق من أن الحرب المطولة يمكن أن تكون بمثابة تباطؤ للنمو على المدى الطويل.
وقبل عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 3.1% في عام 2023 و3% في عام 2024، أي أكثر من ضعف متوسط الدول الغنية، وأن يبلغ العجز 0.9% فقط.
وانخفض الدين العام في إسرائيل، الذي بلغ 61% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2022، بمقدار عشر نقاط منذ جائحة كورونا، لكن الحرب تؤدي إلى تباطؤ النمو وتؤدي إلى عجز أوسع نطاقا.
ويتوقع بنك إسرائيل أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% هذا العام، وهناك مؤسسات أخرى تبدي توقعات أكثر تشاؤما، إذ تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نسبة نمو 1.5%، في حين تتوقع وكالة التصنيف ستاندرد آند بورز 0.5% فقط.
وفي الوقت نفسه، ارتفع العجز إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى في إسرائيل منذ عام 2012 (باستثناء عام 2020، أثناء الوباء).
اقرأ أيضاً
بسبب الحرب.. إسرائيل تواجه شبح العجز المالي بالناتج المحلي خلال 2024
وجاء العجز بسبب الإنفاق الحربي البالغ 17 مليار شيكل (4.5 مليار دولار، أو 1% من الناتج المحلي الإجمالي) في ديسمبر/كانون الأول وحده، بالإضافة إلى انخفاض عائدات الضرائب بنسبة 8% في عام 2023.
وتضيف الميزانية المعدلة لعام 2024 55 مليار شيكل إلى الإنفاق الدفاعي (3% من الناتج المحلي الإجمالي). ما يفرض تخفيضات على العديد من الوزارات الإسرائيلية، وسط توقعات بعجز في الميزانية بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن قدراً كبيراً من هذا الإنفاق المتزايد يرتبط مباشرة بالحرب الحالية، إلا أن عودة إسرائيل إلى اقتصاد ما قبل الحرب عندما ينتهي القتال في غزة تبدو غير مرجحة.
مضاعفة الاحتياط
فقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنفقت إسرائيل المليارات على دفاعاتها الصاروخية وسياجها الحدودي المتطور، على أمل أن تحل التكنولوجيا محل الجنود، وفشلت هذه الدفاعات في منع المقاومين الفلسطينيين من عبور الحدود.
ورداً على ذلك، استدعت إسرائيل أكثر من 300 ألف جندي احتياطي، ما أدى إلى خنق الاقتصاد. وقدرت وزارة العمل في نوفمبر/تشرين الثاني أن 18% من العمال الإسرائيليين لا يستطيعون القيام بعملهم. وشمل ذلك جنود الاحتياط بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف شخص نزحوا من منازلهم.
ويؤثر غياب هؤلاء الجنود عن سوق العمل على قطاعات حيوية، فالعديد من رواد الأعمال والمهندسين في مجال التكنولوجيا يرتدون الآن الزي العسكري.
وبحسب معهد Start-Up Nation Policy، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، فإن الشركات الإسرائيلية الناشئة جمعت 1.3 مليار دولار فقط في الربع الرابع من عام 2023، بانخفاض 46% عن العام السابق، وهو أدنى مستوى منذ عام 2017.
ورغم إعادة الآلاف من جنود الاحتياط إلى سوق العمل، وإطلاق سراح عدد أكبر بحلول نهاية يناير/كانون الثاني الجاري، إلا أن إسرائيل تهدف إلى إبقاء عدد من جنودها يحرسون حدودها بضعف ما كان عليه الحال قبل الحرب.
ففي السابق، كان هناك حوالي 130 ألف جندي احتياطي في "الخدمة الفعلية"، والآن سيستدعي الجيش ما يقرب من 3 أضعاف هذا العدد، ولن يكون ذلك رخيصا، لأنه يعني دفع رواتب المدنيين واستحقاقات أولئك الذين تم استدعاؤهم.
ومن أجل تمويل ذلك، سيتعين على الحكومة زيادة الإنفاق العسكري بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل. ويتطلب القيام بذلك زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق في أماكن أخرى.
وستحتاج الحكومة الإسرائيلية أيضاً إلى المال لشراء الدبابات والمعدات اللازمة لتجهيز قوة موسعة، تضم كتيبة دبابات تم تشكيلها حديثاً ولواء لأمن الحدود، كما سيتعين عليها تجديد مخزوناتها المستنفدة من الذخائر.
ويحصل العديد من أولئك الذين يتجردون من زيهم العسكري على مهلة قصيرة فقط للراحة، وتم تسليمهم بالفعل مواعيد استدعائهم التالية في غضون بضعة أشهر فقط. لكن عودتهم إلى الحياة المدنية قد تكون لها عواقب سياسية.
فبعد حرب دامية في عام 1973 وحربين أخريين بلبنان في عامي 1982 و2006، قاد جنود الاحتياط العائدون من القتال الاحتجاجات التي أسقطت في نهاية المطاف الحكومات في ذلك الوقت.
الاضطرابات المدنية
وهنا تشير المجلة البريطانية إلى أن إسرائيل تخوض الحرب الحالية بعد 9 أشهر من الاضطرابات المدنية بسبب جهود الحكومة اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، لإضعاف المحاكم والسيطرة على تعيين القضاة.
ويعد هذا الاضطراب أحد الأسباب التي جعلت الاستثمار في قطاع التكنولوجيا باهتًا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن منذ ذلك الحين، توقفت الاحتجاجات التي هزت المدن الكبرى في إسرائيل، وحوّل العديد من المنخرطين الحركة إلى حملة موحدة لتوزيع المساعدات على النازحين.
ويشعر معظم قادة الاحتجاجات ضد الإصلاحات القانونية بالقلق من الإضرار بهذه الوحدة من خلال استئناف المظاهرات قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
لكن الغضب يتصاعد، فأكثر من ثلاثة أرباع الإسرائيليين يقولون إنهم يريدون رحيل نتنياهو بمجرد انتهاء الحرب، ولا تزال الاحتجاجات التي استؤنفت ضده صغيرة، لكن إذا انضم إليها جنود الاحتياط العائدون بأعداد كبيرة، فقد يكون ذلك بداية نهايته.
وأياً كان من سيحل محل نتنياهو، فإن جيلاً من الشباب الإسرائيليين العاملين سيضطر إلى دفع ثمن هذه الحرب من جيوبهم ومن خلال أشهر من الخدمة الاحتياطية، لسنوات قادمة، وهذا من شأنه أن يشكل الطريقة التي ينظرون بها إلى الدولة العبرية مستقبلها.
اقرأ أيضاً
نيويورك تايمز: حرب غزة دمرت أبرز روافد الاقتصاد الإسرائيلي.. والأزمة غير مسبوقة
المصدر | إيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حماس حرب غزة طوفان الأقصى من الناتج المحلی الإجمالی أکتوبر تشرین الأول أکثر من فی عام
إقرأ أيضاً:
غلوبس: عودة الارتفاع الحاد بالإيجارات في إسرائيل
ذكرت منصة غلوبس الإسرائيلية أن أسعار الإيجارات في إسرائيل والتي توقفت عن الارتفاع الحاد خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب المستمرة شهدت عودة ملحوظة إلى الارتفاع في الأشهر الأخيرة، مما أثر بشكل خاص على المستأجرين الجدد.
وتكشف البيانات الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء عن اتجاه مقلق يزيد من الضغوط على المستأجرين والمؤشرات الاقتصادية الأوسع نطاقًا.
سخونة في المدن الرئيسيةووصل متوسط الإيجار الشهري لشقة مكونة من 4 غرف على مستوى البلاد في الربع الثالث من عام 2024 إلى 5.200 شيكل (1425 دولار) وفق المنصة. وتظهر البيانات تفاوتًا كبيرًا بين المناطق:
تل أبيب: ارتفع متوسط الإيجار إلى 8.500 شيكل (2330 دولارا)، ما يعكس مكانتها كأغلى مدينة في البلاد. القدس: بلغ متوسط الإيجار 5.900 شيكل (1620 دولارا). حيفا: ظلت أكثر تكلفة بقليل عند 3.800 شيكل (1050 دولارا) شهريًا. بئر السبع: كانت الأكثر توفيرًا بمتوسط 3.000 شيكل (822 دولارا).وفي منطقة وسط إسرائيل، أصبحت الإيجارات الآن شبه متطابقة مع الأقساط الشهرية للرهن العقاري، مما يضيف تحديات إضافية للمستأجرين، وفق غلوبس.
التضخم وما بعدهوتشكل أسعار الإيجارات نسبة 25% من مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بحسب غلوبس. وخلال العام الماضي، ارتفع مؤشر خدمات السكن -الذي يعكس تغيرات الإيجارات- بنسبة 4%، متجاوزًا التضخم العام الذي بلغ 3.4%.
إعلانولولا هذه الزيادات الحادة في الإيجارات، لكانت نسبة التضخم الإجمالية أقرب إلى 3%، مما يُبرز كيف أن الإيجارات تدفع الضغط الاقتصادي الأوسع.
وفي الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى فبراير/شباط 2024، توقفت زيادات الإيجار بسبب الحرب بحسب بيانات اطلعت عليها المنصة.
ومع ذلك، منذ مارس/آذار 2024، بلغ الارتفاع السنوي في مؤشر خدمات السكن 5.5%، مما يعكس زخمًا متجددًا للارتفاع.
تحديات تواجه المستأجرين الجددولا يزال المستأجرون الجدد هم الأكثر تضررًا، تقليديًا، يرفع الملاك الإيجارات بنسبة 6-9% عند تأجير الشقق لمستأجرين جدد مقارنة بالمستأجرين السابقين.
وخلال الحرب، تقلصت هذه الفجوة بشكل ملحوظ:
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، انخفضت الزيادة إلى 5%. وبحلول أبريل/نيسان 2024، تقلصت أكثر إلى 2%، نتيجة ظروف الحرب التي قللت من البحث عن شقق جديدة وزادت الطلب على العقارات التي توفر مناطق حماية.ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، ارتفعت الزيادة المتوسطة للإيجارات بالنسبة للمستأجرين الجدد إلى 4%، ويبدو أن الاتجاه يتسارع، بحسب غلوبس.
وتذكر غلوبس أن الحرب كان لها تأثير أولي في كبح سوق الإيجارات، حيث ركز العديد من الملاك والمستأجرين على السلامة وخدمة الاحتياط وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالحرب.
والآن، ومع انحسار هذه العوامل، استعاد الملاك السيطرة، لا سيما في المناطق ذات الطلب المرتفع.
وعلاوة على ذلك، تعزز بيانات المكتب المركزي للإحصاء الاعتقاد بأن الضغط التصاعدي على الإيجارات من المرجح أن يستمر، مدفوعًا بالعرض المحدود والطلب المرتفع.
تحدّ أوسعولا تؤثر عودة ارتفاع أسعار الإيجارات بعد الحرب على المستأجرين فحسب -بحسب المنصة- بل تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجه إسرائيل.
ومع ارتفاع تكاليف السكن، تمتد الآثار إلى الاقتصاد الأوسع، مما يزيد من تضخم مؤشر أسعار المستهلك ويُثقل كاهل ميزانيات الأسر، لا سيما بالنسبة للمستأجرين الجدد الذين يتحملون العبء الأكبر من زيادات الأسعار.
إعلان