"فرنسا الأبية"، حزب سياسي فرنسي يساري ومن أكبر الأحزاب المعارضة، مناهض للرأسمالية ومدافع عن البيئة، شعاره "المستقبل المشترك"، تأسس في فبراير/شباط 2016 تمهيدا للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017 ودعم ترشيح جان لوك ميلانشون.

عارض قوانين التقاعد والهجرة، وطالب بإدماج المهاجرين. وسبّب له موقفه الرافض لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة ودعوته لوقف الحرب والمطالبة بسلام منصف للفلسطينيين؛ مشاكل داخلية وأخرى مع حلفائه، وعرّضه لهجوم شديد من وسائل الإعلام الفرنسية.

النشأة والتأسيس

تأسس حزب "فرنسا الأبية" في العاشر من فبراير/شباط 2016، ويعرّف نفسه بأنه "حركة منفتحة وشعبية وإنسانية وشاملة، تسعى إلى ابتكار شكل جديد من تجمع المواطنين، وإلى تعزيز التحرر العالمي للإنسان والسيادة الشعبية والعدالة الاجتماعية والعلمانية والبيئة والانسجام بين البشر ونظامهم البيئي".

يقوم الحزب قانونيا على جمعيتين: "فرنسا الأبية" و"جمعية تمويل الهيئة السياسية لفرنسا الأبية"، ولا يشترط في الانضمام إليه شروطا خاصة أو مستحقات مالية، إذ يكفي التسجيل على الموقع الإلكتروني للحزب واختيار مجال العمل والالتزام باحترام مبادئ الحزب.

عقد أول تجمع رسمي له في الخامس من يونيو/حزيران 2016 بالعاصمة الفرنسية باريس وشارك فيه نحو 10 آلاف شخص.

متظاهرون خلال احتجاجات ضد عنف الشرطة في ليون بفرنسا أواخر عام 2023 (الأوروبية) الفكر والأيديولوجيا

يوصف الحزب بأنه يساري، لكنه لم يحسم هويته الأيديولوجية بوضوح، وركز على القواسم المشتركة بين مكوناته بناء على مخرجات تجمعات التمثيليات أو مجموعات الدعم، والمبادئ التي وضعها لنفسه، وتعهد بالدفاع عنها في المجتمع والمؤسسات المنتخبة ومؤسسات الدولة.

حاول المراقبون والمحللون السياسيون تحديد مرجعيته الأيديولوجية والفكرية، فبعضهم كعالم السياسة غايل بروستير والمؤرخ آلان بيرغونيو، وعالم الاجتماع مانويل سيرفيرا مارزال صنّفوا الحزب ضمن اليسار الراديكالي/المتطرف، مثله مثل حزب "بوديموس" الإسباني و"سيريزا" اليوناني، تجمعهم الشعبوية ومناهضة الليبرالية.

لكن عالم السياسة ريمي لوفيبر يعتبره حزبا إصلاحيا، لا يطالب بإلغاء الرأسمالية ولكن يطالب بإصلاحها وتنظيمها، كما أن النّفس الجمهوري حاضر لدى الحزب ورمزه جان لوك ميلانشون. كما أن المشاركة الانتخابية للحزب تنفي عنه طابع الراديكالية، وإن كان كثير الانتقادات وينتهج أسلوب الصراع الاستقطابي في العمل السياسي.

وقد سعى الحزب قبل الانتخابات التشريعية الفرنسية في يونيو/حزيران 2022 لتجميع قوى اليسار بكل مكوناته في وجه "اليمين الماكروني" (تعبير يوصف به اليمين المؤيد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون) بالجمعية الوطنية (البرلمان) في تحالف يضم أحزاب اليسار وحزب الخضر (البيئة) سماه "برلمان الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد".

مبادئ الحزب ومطالبه السياسية

تبنى حزب "فرنسا الأبية" مبادئ وضعها لنفسه يؤكد فيها أنه:

حركة متطورة تسعى لابتكار شكل جديد لتنظيم وتجميع المواطنين والاستماع لآرائهم وتجسيدها في اتفاقات سنوية. حركة إنسانية، تعزز التحرر العالمي للإنسان والسيادة الشعبية والعدالة الاجتماعية والعلمانية والبيئة والوئام بين البشر ونظامهم البيئي. وتقيم علاقات مع حركات في بلدان أخرى تعمل في الاتجاه نفسه وتعمل بالتنسيق مع أولئك الذين يشاركونها أهدافها. حركة مفتوحة وشعبية لا تطلب من أعضائها بطاقة انخراط أو رسوما، وهو ما يفتح الباب أمام الراغبين في الاستفادة من خدماتها. حركة لا مكان فيها للصراعات وصدامات التيارات والتحيزات، تتخذ فيها القرارات بالتوافق لتجنب المزالق المرتبطة بالانقسامات والأقليات باعتماد الطرق الديمقراطية الأكثر ملاءمة لتحقيق هذا المبتغى. حركة ثقافية لمواجهة آلة التفكيك التي تنتهجها السياسات الليبرالية في أفق بناء عالم جديد. حركة تشجع على العمل، وتضع طاقتها ومهاراتها ومواردها المالية في خدمة المجتمع عبر شبكة اجتماعية توفر فرص تبادل الخبرات. حركة شبكية مفيدة للمجتمع، تكرس جزءا من نشاطها لأعمال التضامن. حركة جماعية وشفافة، تتخذ قراراتها ومبادراتها عبر نقاش مفتوح يستثمر تقنيات التواصل المتطورة لتوسيع الاستشارة وتنويع أشكال المشاركة، خاصة في تبني الاتفاقيات السنوية. حركة متعددة المراكز تسمح للجميع بالوصول إليها وتقوم على هيكلين وطنيين:
– المجلس السياسي: وهو الهيئة المخولة بالنظر في التوجهات الإستراتيجية والحملات الكبرى للحركة.
– الجمعية التمثيلية أو الهيئة التنسيقية (ثلث المديرين التنفيذيين لتمثيليات المناطق داخل فرنسا وخارجها وثلثا النشطاء الذين يتم اختيارهم بشكل عشوائي). مشهد من مظاهرة أمام البرلمان الفرنسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 (رويترز)

يطالب الحزب سياسيا بـ10 تدابير أساسية؛ جعلها محور مطالبه وعمله السياسي، أبرزها:

إنشاء جمعية تأسيسية لصياغة دستور الجمهورية السادسة لخلافة الجمهورية الخامسة الحالية. إلغاء قانون العمل في فرنسا. إعادة تأسيس معاهدات الاتحاد الأوروبي. تغيير عدد من سياساته النقدية والزراعية والبيئية وغيرها. اعتماد مخطط للطاقة للانتقال إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2050. تبني قاعدة خضراء: لا نأخذ من الطبيعة أكثر مما يمكن تجديده ولا ننتج منها أكثر مما تحتمل. حماية المواد الحيوية المشتركة كالهواء والماء والغذاء والمعيشة والصحة والطاقة. فصل أنشطة المصارف المالية والمضاربة عن أنشطة الإقراض والإيداع لحماية أموال المواطنين. اعتماد حد أدنى للأجور.

وقد ترجم مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية جان لوك ميلانشون تلك التدابير في برنامجه الانتخابي وخطاباته السياسية، وأكد على رفض الخطاب المعادي للمهاجرين، ودعا إلى إدماجهم وتسوية أوضاعهم القانونية.

كما دعا إلى الخروج من حلف شمال الأطلسي (ناتو) وسحب فرنسا من معاهدات الاتحاد الأوروبي إذا لم تتحقق بعض الشروط، إذ يقول: "أوروبا إما أن نغيرها وإما أن نغادرها"، إضافة إلى مطالبته بالتخلي عن الطاقة النووية.

الأعلام والرموز

يبقى ميلانشون أبرز رموز الحزب، إضافة إلى رئيسة مجموعته النيابية ماتيلد بانوت، ومنسقي الحزب مانويل بومبارد من 2017 إلى 2019، وأدريان كواتينينز من 2019 إلى 2022، وعاد بعدها بومبارد لمنصب منسق الحزب مرة أخرى.

المحطات الكبرى

عقد الحزب أول تجمع رسمي له في الخامس من يونيو/حزيران 2016 بالعاصمة الفرنسية باريس شارك فيه نحو 10 آلاف شخص، وعقد الاجتماع الثاني في أغسطس/آب 2016 بمدينة تولوز.

وفي مدينة ليل أقر ممثلون عن الحزب (قرابة ألف عضو)، بعد اجتماع دام في 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، اتفاقية سميت باتفاقية ليل، تضمنت الأفكار والرؤى المشتركة بين منتسبي الحزب، الذين يمكنهم تنظيم أنفسهم في تمثيليات أو مجموعات للدعم في كل أنحاء فرنسا وخارجها، والتي تجاوز عددها 2800 في بداية مارس/آذار 2017.

نظم في ديسمبر/كانون الأول 2017 مؤتمرا أعاد فيه هيكلة ذاته والتأكيد على شعاره وبرنامج بعنوان "المستقبل المشترك"، وجدد التأكيد على مطالبه الكبرى السالف ذكرها. ومع نهاية عام 2018 عرف الحزب انسحابات وتوترات داخلية واحتجاجات على غياب الديمقراطية الداخلية وعدم وضوح الخط السياسي والرؤية الإستراتيجية.

مؤسس حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون (الفرنسية)

واتهم الحزب بمعاداة السامية في فبراير/شباط 2019، على خلفية موقف ميلانشون من حركة السترات الصفراء، وهي التهمة التي سعى من خلالها الليبراليون لتشويه سمعة الحزب. وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، قدم الحزب مشروعا مضادا لإصلاح نظام التقاعد، يقترح التقاعد في سن 60 عاما.

ورفض زعيم أكبر أحزاب المعارضة الفرنسية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 دعم الرئيس إيمانويل ماكرون في جداله مع رجب طيب أردوغان، وبرر ميلانشون موقفه بأن ماكرون فقد السيطرة على الوضع، وقال في حوار صحفي إنه يفضل الصمت.

ميلانشون نفسه أطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2021 فكرة "برلمان الاتحاد الشعبي" بهدف تجميع شخصيات من خارج الحزب تدعم ترشيحه للانتخابات الرئاسية، وتكون نواة لإعادة تشكيل اليسار الفرنسي.

ونجح الحزب في تحويل الفكرة إلى تحالف على الأرض باسم "برلمان الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد"، تتزعمه "فرنسا الأبية" ويضم أحزاب اليسار وحزب الخضر لخوض الانتخابات التشريعية الفرنسية ومواجهة ماكرون وتحالفه في يونيو/حزيران 2022.

تمكن ميلانشون في تلك الانتخابات في تحقيق أحسن نتيجة في مساره الانتخابي بحصوله على المركز الثالث بنسبة 21.95% من الأصوات في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في العاشر من أبريل/نيسان 2022.

وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي للدراسات، أن ميلانشون استفاد من أصوات الناخبين المسلمين في الجولة الأولى بنسبة تجاوزت 70% مقابل 37% فقط في انتخابات 2017.

وقد حصل حزب "فرنسا الأبية" على موقع مهم في البرلمان الفرنسي بعدما تحالف مع حزب الخضر وبعض الأحزاب اليسارية في إطار الاتحاد الشعبي، حيث حصل في الانتخابات التشريعية للعام نفسه (2022) على 75 مقعدا في الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، و27 مستشارا في المجالس المنتخبة إقليميا. وكان الحزب حصل قبل ذلك عام 2009 على 5 مقاعد بالبرلمان الأوروبي.

عاش الحزب في صيف 2022 موجة جديدة من الانسحابات والاستبعاد لشخصيات، حيث تم تنظيم قيادة الحزب وتولي مانويل بومبارد منصب المنسق الوطني في ديسمبر/كانون الأول 2022 بدون انتخابات.

واصل الحزب خلال سنة 2023 رفض قانون إصلاح التقاعد، واعتبر أن التعبئة الاجتماعية ضده لم تعرفها فرنسا منذ 4 عقود. وقال زعيم الحزب إن المعركة حول القانون تدور بين الشعب الفرنسي والرئيس ماكرون، وأن "رئيس الجمهورية سيكون مخطئا في الاعتماد على تراجع حماس الشعب وإرباكه وتعبه، هذا لن يحدث، وواجبه، في الديمقراطية، هو إيجاد مخرج لهذه الأزمة، إما الاستفتاء أو ببساطة أكثر، سحب الإصلاح".

وندد نواب الحزب بقانون الهجرة الذي أقرته فرنسا في ديسمبر/كانون الأول 2023، واعتبروه نصرا لحزب اليمين المتطرف وتشويها لفرنسا وتاريخها في صون حقوق الإنسان.

النائب في الجمعية الوطنية الفرنسية وعضو البرلمان عن حزب "فرنسا الأبية" أيمريك كارون (رويترز) رفض العدوان على غزة

عمَّق موقف قيادة حزب "فرنسا الأبية" من حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الخلافات داخل الحزب، حيث رفضت القيادة اتهام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها "إرهابية"، ووصفت النائبة عن الحزب دانييل أوبونو حماس بأنها حركة مقاومة لتحرير فلسطين، الأمر الذي رفضه بعض منتسبي الحزب وطالبوها بسحب كلمتها.

وقد اعتبر حزب "فرنسا الأبية" أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وسياسة تكثيف الاستيطان، تتحمل مسؤولية عملية "طوفان الأقصى".

وكتب ميلانشون في حسابه على منصة "إكس"، "يجب إدانة جرائم الحرب في غزة ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم"، وطالب فرنسا بالعمل على وقف إطلاق النار بكل قوتها السياسية والدبلوماسية، مؤكدا أن حل الدولتين وفقا لقرارات الأمم المتحدة هو السبيل للسلام بالمنطقة.

وقد نظمت الكتلة النيابية للحزب وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في باحة البرلمان الفرنسي، بحضور سفيرة دولة فلسطين لدى فرنسا هالة أبو حصيرة، ونواب من الحزب الشيوعي وحزب الخضر.

وتقدمت الكتلة بطلب لرئيسة البرلمان الفرنسي، يائيل برون بيفيه، للوقوف دقيقة صمت حدادا على موظف في الخارجية الفرنسية قتل بقصف الاحتلال الإسرائيلي جنوبي قطاع غزة، لكنه قوبل بالرفض.

وبسبب هذه المواقف تعرض الحزب لحملة شرسة من الإعلام الفرنسي المساند لإسرائيل، استثمرها الرافضون من داخل الحزب وكذلك المتحالفون معه، حيث علَّق الحزب الاشتراكي الفرنسي مشاركته في تحالف مجموعة نواب اليسار "الاتحاد البيئي والاجتماعي الشعبي الجديد".

ويرى مراقبون أن "فرنسا الأبية" ليست حزبا بالمفهوم التقليدي، بل هي حركة سياسية تسعى لبناء شكل تنظيمي جديد "لا يخضع للبيروقراطية والتراتبية التي خنقت الأحزاب التقليدية، وشلَّت حركة التشبيب وتجديد الدماء في شرايين هياكلها التنظيمية"، لكنها عجزت في الوقت نفسه عن إيجاد وصفة للتقليل من حالة الفوضى التنظيمية داخلها ووقف مرض الانشقاقات والانسحابات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی دیسمبر کانون الأول أکتوبر تشرین الأول البرلمان الفرنسی الاتحاد الشعبی یونیو حزیران فرنسا الأبیة حزب الخضر

إقرأ أيضاً:

الملك الفرنسي يستنجد بالسلطان العثماني سليمان القانوني فما السبب؟

شهدت أوروبا في القرن السادس عشر صراعًا دمويًّا على الهيمنة بين اثنين من أعظم القادة في ذلك العصر، وهما الملك الفرنسي فرانسوا الأول (ت 1547م)، والإمبراطور الروماني "المقدس" وملك إسبانيا شارلكان أو كارلوس الخامس (1558م).

وقد اندلع الصراع بينهما للظفر بإيطاليا التي كانت منقسمة إلى عدد من الجمهوريات الغنية مثل البندقية وجنوة وفلورنسا وميلانو، فضلا عن أهميتها الدينية لوجود البابوية بها، وذلك في إطار ما عُرف باسم الحروب الإيطالية التي استمرت قرابة ستين عامًا بين عامي 1494 و1559م، وقد شكّلت هذه الحروب نقطة تحول في تاريخ العلاقات الدولية الأوروبية والنفوذ العثماني.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل احتلت فرنسا الجزائر بسبب حادثة المروحة وإهانة سفيرها؟list 2 of 2يوم اتحد السُّنة والشيعة في العراق لقتال الإنجليزend of list

 

الصراع على ثروات إيطاليا

لهذا السبب كانت فرنسا تتطلع إلى السيطرة على أجزاء من جارتها إيطاليا، كما سعت إسبانيا و"الإمبراطورية الرومانية المقدسة" لفرض هيمنتهما على هذه المناطق، وكان شارلكان يحكم إمبراطورية شاسعة تضم إسبانيا وهولندا والنمسا وأجزاء من إيطاليا، مما يعني أنه يمتلك قوة اقتصادية وعسكرية هائلة.

وفي المقابل كان فرانسوا الأول يطمح إلى توسيع نفوذ فرنسا في إيطاليا وإعادة فرض السيطرة على دوقية ميلانو، التي فقدتها فرنسا لصالح الإمبراطورية الإسبانية.

بدأت الحرب بين فرانسوا الأول وشارلكان بصورة غير مباشرة في عام 1515م حين تمكن الفرنسيون من إحكام السيطرة على ميلانو في شمال إيطاليا، الأمر الذي أدى إلى تسريع المواجهة العسكرية بين الجانبين.

ففي عام 1521 قام شارلكان بدعم من البابوية بمهاجمة ميلانو؛ وكان البابا ليو العاشر وأدريان السادس من بعده متحالفَينِ مع الإمبراطور الإسباني لأنهما وإياه كانوا يخشون التوسع الفرنسي في إيطاليا ويعتبرونه تهديدًا للكنيسة الكاثوليكية ومصالحها، وفي هذه الفترة كانت ميلانو تحت السيطرة الفرنسية منذ الحروب الإيطالية السابقة، وقد اعتبر فرانسوا هذا الهجوم تهديدًا مباشرًا لمصالحه.

ردًّا على الهجوم، أرسل فرانسوا الأول جيشه لاستعادة ميلانو، ولكن قواته تعرضت لهزيمة ساحقة في معركة بيكوكا عام 1522 على أيدي القوات الإسبانية والرومانية المقدسة، وفقدَ فرانسوا على إثرها السيطرة على ميلانو مجددًا لصالح "الإمبراطورية الرومانية المقدسة"، وهو ما شكّلَ ضربة قاسية لمخططاته التوسعية.

لم ييأس فرانسوا وأعدّ حملة عسكرية أكبر من سابقتها قادها بنفسه في عام 1525، حيث وقعت معركة بافيا في شمال إيطاليا، وهي إحدى أهم وأشهر المعارك في الصراع بين فرانسوا الأول وشارلكان، ومع ذلك كانت خطة فرانسوا غير مدروسة جيدًا، وتعرضت قواته لهجوم مفاجئ من جيش شارلكان في مدينة بافيا في شمال إيطاليا.

تفوق الإمبراطور شارلكان بفضل خبرته العسكرية، وكثرة جيوشه، وتمكن من إلحاق هزيمة ساحقة بالفرنسيين، بل وأُسر الملك الفرنسي فرانسوا الأول في تلك المعركة، وهو حدث نادر في تاريخ الملوك الفرنسيين، لاحقا كتب فرانسوا بعد أسره رسالة شهيرة إلى والدته جاء فيها: "كل شيء ضاع إلا الشرف"، معترفًا بالخسارة المريرة لكنه أكّد على احترامه لنفسه وكرامته.

بعد أن تم أسر فرانسوا الأول، تم نقله إلى مدريد عاصمة إسبانيا، حيث وُضع تحت الحبس وأُجبر على توقيع معاهدة مدريد في يناير/كانون الثاني 1526، وقد تضمَّنَت المعاهدة شروطًا قاسية لفرنسا كان من بينها التنازل عن دوقية ميلانو ودوقية بورغونيا لصالح الإمبراطور شارلكان؛ ولضمان تنفيذ هذه الاتفاقية أَجبر الملك الإسباني غريمه الفرنسي على تسليم ابنيه ليكونا رهينتين عنده.

في عام 1566 م، كان السلطان سليمان القانوني في أوج قوته، حيث كان يقود الإمبراطورية العثمانية في توسعات هائلة، وكانت إسطنبول تُهيمن على مساحات شاسعة في القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا (مواقع التواصل) الملك الفرنسي يستنجدُ بالسلطان سليمان القانوني

لكن فور عودة فرانسوا إلى فرنسا في مارس/آذار من نفس العام رفض الامتثال لشروط المعاهدة بحجة أن الاتفاق تم تحت الإكراه، وأدى هذا الموقف إلى تصعيد الصراع مجددًا، وبدأ فرانسوا في البحث عن تحالفات جديدة ونوعية لمواجهة غريمه شارلكان.

في هذه الفترة، كان السلطان سليمان القانوني (ت 1566م) في أوج قوته، حيث كان يقود الدولة العثمانية في توسعات هائلة، وكانت إسطنبول تُهيمن على مساحات شاسعة في القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا؛ وخاصة في شرق أوروبا والبحر المتوسط، وذلك بعد أن نجح في فرض هيمنة الدولة العثمانية على معظم منطقة البلقان وتوسع نحو المجر وشرق أوروبا، وقد أصبح السلطان القانوني بفضل هذه الفتوحات القوة الأبرز في العالم الإسلامي، والخصم الأكبر لـ "الإمبراطورية الرومانية المقدسة" في الشرق.

ولأجل هذه القوة العظمى، أدرك فرانسوا الأول أن التحالف مع السلطان سليمان القانوني قد يكون الفرصة الوحيدة لمواجهة قوة شارلكان المتفوقة، وعلى الرغم من أن فرنسا دولة كاثوليكية وقلعة من قلاع المسيحية في أوروبا الغربية، وأنها كانت تعتبر العثمانيين خصمًا دينيًّا وحضاريًّا خطيرًا، فقد دفعت الضرورات السياسية في تلك الفترة الملك الفرنسي إلى التفكير خارج الأطر التقليدية.

ومذ كان في الأسر، بدأ فرانسوا الأول في التواصل مع السلطان سليمان القانوني عبر رسائل دبلوماسية من خلال والدته وكبار دبلوماسيّيه، وقد طلب الملك الفرنسي من السلطان العثماني دعمه في محاربة الإمبراطور شارلكان بلغة ملؤها الاستنجاد والاستغاثة.

في إحدى تلك الرسائل نرى فرانسوا الأول يُخاطب السلطان سليمان بلقب "سلطان العالم" ويعترف بمكانته العظمى وسلطته التي تمتد على أرجاء شاسعة من العالم، ويشرح للسلطان القانوني ظروفه الصعبة بعد هزيمته في باڤيا وأسرِه، ويطلب دعمه في مواجهة الهيمنة الإسبانية والألمانية، ويشير فرنسوا في الرسالة إلى أنه لم يعد لديه أي أمل في مساعدة مِن أي جهةٍ أوروبية أخرى سوى الدولة العثمانية، يقول:

"لم يبقَ لدى فرنسا أيّ أمل بالمساعدة من أي مكان آخر عدا حَضرة سلطان العالم، حيث إن حضرة سلطان العالم قد قدَّم من قبل مساعدات لمرات عديدة. إن فرنسا ستكون ممتنة إلى الأبد لو سُوعدت بمقدار من النقود والبضاعة، وخاصة أن هذه (المساعدة) تُعتبر لا شيء بالنسبة إلى سلطان العالم".

 

في المقابل أبدى السلطان سليمان تعاطفًا مع الملك الفرنسي، وأحب أن يَبعث له ردَّا يهدّئ من روعه، جاء فيه: "وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوبُ الذي أرسلتموه مع تابعكم، مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفاهيا، وأعلَمَنا أن عدوكم استولى على بلادكم، وأنكم الآن محبوسون وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصِكم، وكل ما قُلتموه عُرض على أعتاب سرير سُدتنا الملوكانية وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل فصار بتمامه معلوما".

تستمر الرسالة في إظهار عظمة العثمانيين والوعد بتقديم الدعم للملك الفرنسي، حيث تقول: "فلا عجب مِن حبس الملوك وضيقهم، فكُن منشرح الصدر، ولا تكن مشغول الخاطر، فإن آبائي الكرام وأجدادي العظام نوَّر الله مراقدهم لم يكونوا خاليين من الحرب لأجل فتح البلاد وردّ العدو، ونحن أيضا سالكون على طريقتهم وفي كل وقت تُفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة، وخيولنا ليلا ونهارا مَسروجة وسيوفنا مسلولة، فالحق سبحانه وتعالى يُيسر الخير بإرادته ومشيئته، وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور فليكن معلومكم هذا".

وبعد دراسة الأوضاع العامة في القارة الأوروبية، وإدراك سليمان خطورة القوة التي أصبح يتمتع بها العاهل الإسباني وهو في الوقت عينه إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة وافق السلطان على تقديم الدعم لفرنسا، ليس فقط بسبب العداوة المشتركة مع شارلكان، ولكن أيضًا لتحقيق مصالح عثمانية في البحر المتوسط كان شارلكان يفاجئ بلدان المغرب العربي كل حين بالهجوم والحرب عليها.

 

العثمانيون في المجر والنمسا

كانت إستراتيجية الدولة العثمانية في إطار هذا التحالف أن يكون الهجوم على مصالح الدولة الرومانية المقدسة من شرق أوروبا وغربها، ولهذا السبب قام السلطان القانوني بشن حملات عسكرية قوية ضد ممتلكات شارلكان مباشرة، وكانت أولى تلك الحملات موجَّهةً ضد مملكة المجر حيث انتصر العثمانيون في معركة موهاج الشهيرة عام 1526، وبعدما تحقّقَ هذا النصر الساحق، ودخلت المجر في القبضة العثمانية، فتحوا بذلك الطريق نحو فيينا العاصمة النمساوية وقلب أوروبا.

وبعد إعداد جيد لتحقيق هذا الغرض، وفي عام 1529م قاد السلطان سليمان القانوني بنفسه حملة عسكرية انطلقت باتجاه فيينا عاصمة النمسا، حيث تمكن العثمانيون من محاصرتها للمرة الأولى في التاريخ الإسلامي، وكان حصارًا قاسيًّا شديدًا وكادت تسقط في أيديهم لولا دخول الشتاء القارص، وانتشار المرض بين الجنود العثمانيين والمقاومة الباسلة التي قادها القائد النمساوي نيكولاس فون سالم، وكان هذا الحصار أكبر تهديد للإمبراطورية الرومانية المقدسة وإمبراطورها شارلكان.

وبفضل هذا التدخل العثماني في أوروبا الشرقية والوسطى، تمكن الملك فرانسوا الأول من استغلال الضغط الذي مارسه العثمانيون على شارلكان لإعادة تنظيم قواته وتوسيع تحالفاته في أوروبا الغربية، وتنفس الصُّعداء قليلا تجاه غريمه اللدود.

والحق أن العثمانيين لم يكتفوا بالهجوم البري الساحق على البلقان والمجر والنمسا فقط، فقد أدركَ السلطان سليمان أن الأسطول الإسباني في البحر المتوسط صار قوة كبيرة تهدد مصالح الدولة العثمانية ورعاياها في ليبيا وتونس والجزائر، فضلا عن المغرب، وكانت بعض هذه الأقطار قد دخلت في حوزة العثمانيين منذ عصر والده السلطان سليم؛ حيث لم يجدوا المعين ولا الناصر من القوى الإسلامية الأخرى مثل المماليك والحفصيين لضعفهم وتشرذمهم، فضلا عن تجدد الخطر الإسباني على الحليف الفرنسي فرنسوا الأول.

وكان القائد والقبطان البحري الشهير خير الدين بربروس باشا من أقوى حلفاء العثمانيين في الجزائر أولا ثم دخل في طاعتهم وصار أحد قادة الدولة الكبار، وكان ذا أياد بيضاء في طرد المحتل الإسباني من البلاد، فضلا عن تحرير تونس، وفوق ذلك عملياته العسكرية والبحرية الدائمة لدعم مسلمي الأندلس الذين كانوا يواجهون القتل والتعذيب على أيدي الكاثوليك في ظل سياسة محاكم التفتيش التي كانت تسوموهم سوء العذاب.

ولم يكن اختيار السلطان سليمان القانوني لخير الدين بربروس باشا لقيادة العمليات العسكرية لتأديب إسبانيا وحماية فرنسا من فراغ أو لاشتهار خير الدين بربروس فقط؛ بل إن هناك أسبابًا إستراتيجية من وراء هذا الاختيار كان على رأسها تعزيز القوة البحرية العثمانية عالميًّا.

فقد كان الأسطول العثماني بحاجة إلى قائد ذي خبرة بحرية واسعة مثل خير الدين بربروس، الذي اشتهر بتفوقه في المعارك البحرية في البحر الأبيض المتوسط ضد الإسبان والطليان والقراصنة الأوروبيين، وكان بَربروس يملك معرفة عميقة بتكتيكات القتال البحري، وأصبح رمزًا للقوة العثمانية البحرية بعد تحقيقه هذه الانتصارات.

كما أراد السلطان سليمان القانوني توحيد قيادة البحرية العثمانية من خلال تولية خير الدين بربروس في منصب قبودان باشا، وكان سَعيُ سليمان القانوني إلى توحيد القوة البحرية العثمانية تحت قيادة بربروس باشا يعني تحقيق تنسيق أكبر بين الأساطيل العثمانية التي كانت تعمل في مختلف مناطق البحر المتوسط.

أما الهدف الإستراتيجي الطويل الأمد من وراء ذلك الاختيار فكان يستهدف التوسع والهيمنة المطلقة على البحر المتوسط، ولا سيما أن السيطرة على هذا البحر تعني السيطرة على التجارة والممرات البحرية الحيوية، وقد نجح بربروس في هذه المهمة من قبل.

كما هدف السلطان سليمان من وراء اختيار بربروس باشا إلى زيادة قوة التحالف مع فرنسا ضد شارلكان، وإضعاف التحالفات الأوروبية المناهضة التي كان يعقدها الإسبان مع الألمان والإنجليز، والتي كانت تستهدف المصالح العثمانية في البر والبحر.

نجح آل بربروس بقيادة خير الدين وبدعم من الدولة العثمانية ورجالات الطرق الصوفية وأبناء البلد من تحرير أجزاء واسعة من مناطق الغرب الجزائري من نير الاحتلال الإسباني. (مواقع التواصل الاجتماعي) العثمانيون يستعيدون الأراضي الفرنسية

ولكل هذه الأسباب وفي شهر ربيع الأول عام 950هـ/1543م انطلق الأسطول العثماني بقيادة خير الدين بربروس باشا من إسطنبول، وضم الأسطول 154 سفينة حربية بين كبيرة ومتوسطة، كان على متنها حوالي 30,000 جندي، وقد وَصل الأسطول إلى السواحل الإيطالية حيث استسلمت له مدينتا مسينا في صقلية وريجيو كالابريا في الجنوب الإيطالي، وتمكن الأسطول العثماني من تدمير الحصون العسكرية في المدينتين دون أن يتعرض مباشرة للمدنيين.

لاحقًا، توجه الأسطول العثماني إلى ميناء أوستيا الذي كان يبعد حوالي 30 كم من العاصمة الإيطالية روما لتزويد الجنود بالإمدادات اللازمة، ومن ثم أكمل بربروس باشا رحلته إلى شواطئ فرنسا، حيث وصل إلى ميناء مارسيليا في يونيو/حزيران 1543، وقد استقبل الفرنسيون الأسطول استقبال الأبطال الفاتحين، وأمر الملك فرنسوا الأول بوضع الأسطول الفرنسي المكون من 44 سفينة تحت إمرة بربروس باشا وإطاعة أوامره.

بعد وضع خطته، اتجه بربروس نحو سواحل مدينة نيس، التي كانت تحت سيطرة دوق سافوي الموالي للإمبراطور الإسباني شارلكان، وقد تمكنت القوات العثمانية الفرنسية المشتركة من حصار المدينة برًّا وبحرًا لمدة أسابيع، حتى استسلمت نيس في 10 جمادى الأولى 950هـ/ 20 أغسطس/آب 1543م.

وبعد الانتصار، بقي الأسطول العثماني في ميناء تولون الفرنسي خلال الشتاء بناءً على اتفاق بين الجانبين، وقد تُركت المدينة تحت إدارة العثمانيين، وانسحب الموظفون الفرنسيون، ورُفع الأذان في المدينة خمس مرات يوميًّا، وجمعت الضرائب من السكان الفرنسيين لتغطية احتياجات الجيش العثماني كما يقول المؤرخ التركي يلماز أوزتونا في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية".

ومع حلول ربيع العام التالي، شنت الأساطيل العثمانية غارات على السواحل الإسبانية وضربت جزيرة سردينيا التابعة للإمبراطور الإسباني شارلكان، وقد استغل الفرنسيون وجود الأسطول العثماني في موانئهم لتحقيق مكاسب ميدانية وتعزيز سياسة الردع تجاه الإسبان والألمان.

وفي عام 951هـ/1544م عاد بربروس باشا إلى إسطنبول مصطحبًا معه حوالي 400 من البحارة الذين عملوا في الأسطول الفرنسي. وقد أرعب الأسطول العثماني الإسبان والإيطاليين والألمان، محققًّا الأهداف المرجوة من الحملة وعلى رأسها استعادة مدينة نيس وغيرها من الأراضي الفرنسية المحتلة.

استمر التعاون العثماني الفرنسي لعدة سنوات تالية؛ إذ أدرك الملك هنري الثاني (ت 1559م) ابن الملك فرانسوا الأول، أهمية الدولة العثمانية لفرنسا، وقد عبّر عن ذلك في رسالة إلى السلطان سليمان القانوني، مشيرًا إلى أن فرنسا لم يعد لديها أي أمل في المساعدة من غير السلطان العثماني، طالبًا مساعدته لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

رأى العثمانيون فرنسا في عهد سليمان القانوني حليفًا مهمًّا، ساعدهم على ضرب القوى الأوروبية من الداخل. وقاد خير الدين بربروس باشا، أمير الجزائر، جزءًا من الأراضي الفرنسية مثل تولون ومارسيليا ونيس لعدة أشهر خلال حملته على جيوش وأساطيل شارلكان. وكانت هذه الحملة بمثابة علامة فارقة في عهد السلطان سليمان القانوني، الذي حكم ستة وأربعين سنة واعتبر عصره قمة المجد الذهبي للإمبراطورية العثمانية.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب (الخارجية الفرنسية)
  • باريس تطلب من الجزائر إعادة مهاجريها و تبون يقرر رسمياً إنهاء مهام سفيره بفرنسا
  • قرار صارم من فرنسا بخصوص المهاجرين
  • الملك الفرنسي يستنجد بالسلطان العثماني سليمان القانوني فما السبب؟
  • قواعد أكثر صرامة بشأن الهجرة وضرائب أعلى.. ما أهم النقاط في خطة رئيس الوزراء الفرنسي السياسية؟
  • الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي يهاجم الجزائر
  • الشوط الأول.. ريال مدريد متأخرًا بهدف أمام ليل الفرنسي
  • سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية: مشروع قرار لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون
  • عقب انتشار الملاريا بالجزائر.. بلدية غدامس: لدينا مخاوف من حركة الهجرة غير القانونية التي قد تنقل المرض
  • الرئاسة الفرنسية: نحشد مواردنا العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني