الحوكمة والتنمية الاقتصادية
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
الحوكمة والتنمية الاقتصادية
الحوكمة الضعيفة أن تعطّل النمو القائم على القطاع الخاص، على ثلاثة مستويات.
الحوكمة معنية بتحسين الأداء الاقتصادي، وبالتالي المساهمة بشكل فاعل، في نجاح جهود الإصلاح الاقتصادي الخليجية الراهنة.
تم التوسع في قواعد الحوكمة في القطاع العام كإنشاء دواوين الرقابة المالية والإدارية، وعطاءات المناقصات الحكومية، وتشريعات محاربة الفساد، وغيرها.
لتطبيق معايير الحوكمة بشكل يعزز نجاح جهود الإصلاحات الاقتصادية، المطلوب مواصلة تطوير بيئة تشريعية ورقابية متكاملة خاصة بالحوكمة في القطاع العام..
من المهم بناء قدرات مؤسساتية ورقابة قوية على الآليات المعتمدة للتأكد من سلامة التطبيق على أرض الواقع. وتقوية البنية التحتية لحوكمة الشركات بتطوير القوانين وتأسيس نيابات قضائية للبت في القضايا المالية.
* * *
تحتل الحوكمة مركز العصب في برامج الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومات الخليجية في الوقت الراهن، انطلاقاً من رؤى اقتصادية حكيمة تهدف إلى نقل اقتصادات البلدان الخليجية إلى مرحلة أكثر عمقاً وتنوعاً واستدامة.
ومثلما ترتبط الحوكمة على مستوى الاقتصاد الكلي برفع إنتاجية الاقتصاد، وتحسين كفاءة التشغيل والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، فإنها ترتبط على مستوى الاقتصاد الجزئي بتطبيق جملة من المعايير الأخلاقية والمهنية تتعلق بصفة أساسية بالعلاقة بين الشركة وأصحابها، أي مجموعة القواعد والحوافز التي تراقب وتوجه الإدارة إلى تعظيم الربحية وقيمة الشركات في الأجل الطويل، بالنسبة إلى المساهمين.
وفي كلتا المستويين، فإن الحوكمة معنية بتحسين الأداء الاقتصادي، وبالتالي المساهمة بشكل فاعل، في نجاح جهود الإصلاح الاقتصادي الخليجية الراهنة.
ومنذ عام 1997، ومع انفجار الأزمة المالية الآسيوية، أخذ العالم ينظر نظرة جديدة إلى الحوكمة والأزمة المالية المشار إليها، قد يمكن وصفها بأنها كانت أزمة ثقة بالمؤسسات والتشريعات التي تنظم نشاط الأعمال والعلاقات فيما بين منشآت الأعمال والحكومة.
وقد كانت المشاكل العديدة التي برزت إلى المقدمة في أثناء الأزمة تتضمن عمليات ومعاملات الموظفين الداخليين والأقارب والأصدقاء، بين منشآت الأعمال وبين الحكومة، وحصول الشركات على مبالغ هائلة من الديون القصيرة الأجل، في نفس الوقت الذي حرصت فيه على عدم معرفة المساهمين بهذه الأمور، وإخفاء هذه الديون من خلال طرق ونظم محاسبية «مبتكرة»، وما إلى ذلك.
كما أن الأحداث خلال السنوات الماضية ابتداء بفضيحة شركة «إنرون» (Enron)، وما تلا ذلك من سلسلة اكتشافات تلاعب الشركات بقوائمها المالية من بينها تلك المتعلقة بالقطب البارز في «وول ستريت»، برنادر مادوف، أظهرت بوضوح، أهمية حوكمة الشركات حتى في الدول التي كان من المعتاد اعتبارها أسواقاً مالية «قريبة من الكمال».
وبرزت أهمية الحكومة مجدداً، مع ارتباط جانب من أسباب الأزمة العالمية 2008 بالتلاعب ببنود المشتقات المالية نتيجة لضعف الرقابة، وكذلك التلاعب بإظهار الأرباح المحققة من المتاجرة في الاستثمارات للحصول على مكافآت أعلى.
إن للحوكمة الجيدة أهمية بالغة في تحقيق النمو، حيث تشير دراسة قام بها البنك الدولي إلى أنّه لو كانت نوعية الإدارة في منطقة الشرق الأوسط تضاهي النوعية المتوسطة التي تتّسم بها الإدارة في القطاع العام في مجموعة من بلدان جنوب شرق آسيا الناجحة، لكان معدّل نموّها أعلى بنحو نقطة مئوية واحدة سنوياً.
وتظهر الدراسات الهادفة إلى تقييم مناخ الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط، كيف يمكن للحوكمة الضعيفة أن تعطّل النمو القائم على القطاع الخاص، على ثلاثة مستويات:
- الأول في حال كون القواعد التي تنظّم القطاع الخاص إما هي مطبّقة ولكن غير واضحة، وإما لا يمكن توقّعها في أكثر الأحيان.
- الثاني أن الأنظمة والقوانين إما هي مطبّقة حالياً ولكن كثيراً ما تفرض عوائق أمام الدخول إلى السوق والخروج منه.
- أخيراً اتّسام بعض الخدمات العامة المقدمة للقطاع الخاص بالضعف وعدم التطور.
إن أنظمة الحوكمة الجيدة تشجع على المنافسة الجيدة، التي بدورها تساعد الشركات على التركيز على الكفاءة والجودة وتحدّ من التلاعب بالأسعار وتخفض خطر الاستثمارات المضلّلة وتعزّز قدر أكبر من المحاسبة والشفافية في قرارات الشركات وتعزّز حوكمة أفضل للشركات.
ونحن ندرك أن تقدماً حقيقياً حصل في حوكمة الشركات والقطاع العام في دول المجلس مع بدء هذه الدول تعديل القوانين الحالية للشركات وتعزيز آليات المحاسبة وتلبية متطلبات الحوكمة في الشركات.
وإدراكاً منهم لحقيقة أن الحوكمة الجيدة تشكل عاملاً أساسياً في ضمان استدامة النمو والتطور في دول المنطقة، نرى أن صناع القرار بدأوا يمسكون بزمام المبادرة ويلتزمون بتطبيق معايير أكثر أماناً للحوكمة في شركاتهم.
كما تم التوسع في قواعد الحوكمة في القطاع العام مثل إنشاء دواوين الرقابة المالية والإدارية، وعطاءات المناقصات الحكومية، وتشريعات محاربة الفساد، وغيرها.
ولكي يتم تطبيق معايير الحوكمة بشكل أفضل، يعزز من نجاح جهود الإصلاحات الاقتصادية، فان المطلوب مواصلة تطوير بيئة تشريعية ورقابية متكاملة خاصة بالحوكمة في القطاع العام.. أيضاً من المهم بناء قدرات مؤسساتية ورقابة قوية على الآليات المعتمدة للتأكد من سلامة التطبيق على أرض الواقع. وتقوية البنية التحتية لحوكمة الشركات عبر تطوير القوانين وتأسيس نيابات قضائية مختصة للبت في القضايا المالية.
*د. عدنان أحمد يوسف رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الحوكمة التنمية الاقتصادية القطاع العام نجاح جهود
إقرأ أيضاً:
«المالية» تنظم ندوة مع «منظمة التعاون الاقتصادي» حول الضرائب الدولية
دبي (الاتحاد)
نظمت وزارة المالية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ندوة حول الضرائب الدولية، في دبي أمس الأول، بمشاركة مسؤولين حكوميين وخبراء اقتصاديين وممثلين عن قطاعات الأعمال والاستشارات من 12 دولة، لمناقشة مجموعة من المواضيع المهمّة في مجال الضرائب الدولية.
جاءت الندوة في إطار مذكرة التفاهم بين الوزارة والمنظمة والتي تهدف إلى تسهيل تطوير شبكات الاتفاقيات الضريبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمساعدة على تبني الأحكام الضريبية الدولية الرامية إلى تلبية احتياجاتها الاقتصادية التكاملية وتعزز الفهم المتبادل للقواعد واللوائح الضريبية الدولية، يشمل ذلك أحكام تسعير التحويل، التي غالباً ما تكون لها آثار متعددة الاختصاصات القضائية على كل من الشركات والمؤسسات الضريبية.
وحضر الندوة، التي تختتم اليوم الخميس، يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية، وممثلون عن الهيئة الاتحادية للضرائب، ووزارة الخارجية، ودوائر المالية المحلية في دبي.
وخلال افتتاحه أعمال الندوة، قال يونس حاجي الخوري: تمثل هذه الندوة التي تم تنظيمها بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، منصة حيوية لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، مما يسهم في تطوير نظم ضريبية شفافة ومرنة قادرة على الاستجابة للتحديات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية، لقد أتاحت الندوة فرصة مهمة لمناقشة القضايا الضريبية ذات الأهمية العالمية وتبادل التجارب، كما تجسد التزام دولة الإمارات ببناء نظام ضريبي يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ويسهم في تعزيز موقعها كمركز عالمي للأعمال، بما يواكب التحولات السريعة في الاقتصاد الرقمي، ويساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وتتضمن جلسات الندوة نقاشات متنوعة حول عدد من الموضوعات الجوهرية، حيث تركز على آليات تنفيذ الاتفاقيات الضريبية، بما في ذلك قاعدة الخضوع للضريبة من الركيزة الثانية التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وعلى أحكام تسعير التحويل بما في ذلك توثيق التسعير التحويلي وتقييم المخاطر.