نابلس– "كل شيء يمرّ عن طريق حماس نهايته خراب، هذه المطبعة داعمة لحماس، وحماس تساوي داعش"، بهذه العبارات التي كتبت على جدار مطبعة "المناهل" لحظة اقتحامها قبل أيام في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تذرّعت قوات الاحتلال لتبرير تخريبها بالكامل ومصادرة أدواتها.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة ضد عدد من محال الصرافة بمختلف مدن الضفة الغربية، وصادر، حسب بيان له، 10 ملايين شيكل (الدولار يساوي 3.

7 شيكلات)، مدّعيا أنها تموّل وتخدم بشكل أو بآخر "الإرهاب" حسب وصفه، في إشارة للفصائل الفلسطينية لا سيما حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وبالمقابل، اتهم نادي الأسير الفلسطيني سلطات الاحتلال بسرقة ومصادرة أموال الأسرى وممتلكاتهم خلال اقتحام منازلهم، وقال في بيان له وصل الجزيرة نت، إنها صعَّدت ذلك منذ الحرب على قطاع غزة.

وأكد أن ذلك يندرج في إطار سياسات الاستعمار الاستغلالي الإحلالي، الهادف إلى "رفع كلفة النضال الفلسطينيّ، وفرض عمليات انتقام جماعية، واستهداف الوجود الفلسطيني".

وينفي أصحاب المؤسسات ادعاءات الاحتلال جملة وتفصيلا، ويؤكدون أنها تخضع لرقابة السلطة الفلسطينية وتلتزم بإجراءاتها المختلفة ووفق التراخيص الممنوحة، وهو ما أكدته سلطة النقد الفلسطينية أيضا.

الاحتلال دمر لوحات الماكينات الرئيسية في مطبعة فلسطينية، بدافع الانتقام (الجزيرة) بدافع الثأر والانتقام

لكن ما حدث في مطبعة المناهل كما يروي صاحبها معاذ ذوقان للجزيرة نت، يؤكد "كذب الاحتلال واتهاماته الباطلة، وأنه يتقصد التحريض عليها"، كما أن عملية التخريب استهدفت الماكينات وعكست رغبة في "الانتقام".

يقول ذوقان إن الاحتلال تعمّد التدمير وإنهاء مصدر رزقهم بناء على تخيلات عكست تخبطه وإفلاسه في إثبات أي تهم ضدهم، وكشف أن عملية الاقتحام للمطبعة تزامنت مع اقتحام البيت واستمرت لساعات؛ إذ قاموا بتخريب شبكات الكهرباء وعاثوا في البيت خرابا ودمروا محتوياته، بحثا عن أموال حسب زعمهم، وصادروا مركبته الخاصة.

ولم ينذر الاحتلال المطبعة من قبل بمخالفتها لقوانينه أو لإجراءاته العسكرية، ولم يوجّه أي اتهام للقائمين عليها، ورغم أنه اقتحمها ودمرها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلا أنه لم يصادر آلات منها كما فعل هذه المرة.

وبيّن صاحب المطبعة أنه في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني اعتقل الاحتلال والده وحولوه للحبس الإداري "لأنهم لم يثبتوا أي اتهام ضده، وأنا استدعاني جيش الاحتلال عام 2020 إلى معسكر تحقيق "حوارة" جنوب نابلس، وأكد لي الضابط نفسه أنه يعرف أني لا أصدر مطبوعات لأي من الفصائل الفلسطينية، وخاصة حماس، ويعلم أن عملي تجاري بحت".

ويضيف ذوقان أن الاحتلال أيضا لم يغلق المطبعة كما فعل مع عشرات المطابع بمدن أخرى بالضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

لكن هذا كله لم يقنع الاحتلال نفسه به، وهاجم المطبعة -كما يقول ذوقان- "بدافع الانتقام والثأر"، فقد حطم المقتنيات من دروع تقديرية ومجسمات تجسّد خارطة فلسطين أو قبة الصخرة المشرفة، وخط فوق الجدران وباللغة العبرية عبارة "شعب إسرائيل حي" مع شعار نجمة داود.

"لا يردع المقاومة"

يقول المحلل والباحث بشأن حركات المقاومة بلال الشوبكي، إن السبب الأول لإسرائيل من وراء أعمالها تلك ليس "تجفيف الإرهاب" كما تدّعي، وإنما فرض عقوبات على أولئك الذين يؤيدون فصائل بعينها.

ورأى في حديث للجزيرة نت، أن جزءا من أدوات إسرائيل لمحاولة تثبيط الفلسطيني عن الالتحاق بأي عمل نضالي لم يعد يقتصر على القتل والاعتقال، وإنما هناك أدوات أخرى، منها استهداف مصالحه الاقتصادية.

والسبب الثاني، بحسب الشوبكي، يتمثّل في أنه قد يكون فعلا لدى الاحتلال معلومات أمنية حول تيسير بعض أعمال فصائل المقاومة من خلال هذه المنشآت أو الشركات، وبالتالي يستهدفها ليمنع خدمتها لتك الفصائل.

ويرجّح المحلل الشوبكي الخيار الأول، كون إسرائيل تقوم بحملات الملاحقة والمصادرة والإغلاق أحيانا بشكل انفعالي، وتتعامل معها كردود فعل على أحداث كبيرة وليس بشكل منتظم ومتسلسل، على غرار حملتها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ويقول "لو كان لدى إسرائيل معلومات أمنية بأن هذه المنشآت تشكل خطرا لأغلقتها فورا".

ولا يرى الشوبكي أن ما تقوم إسرائيل يمكنه أن يكبح المقاومة أو يحد منها، مستدلا بـ"عملية رعنانا الفدائية" التي وقعت قبل يومين بدون الاعتماد على مقدّرات مالية أو عسكرية.

كما أن استهداف إسرائيل للبنية المالية أو العسكرية أو الأمنية للفصائل الفلسطينية لا يحقق الأمن لها، فالمسألة مرتبطة بسلوك الاحتلال ومقدار الضغط الذي يمارسه على الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الاقتصادية والسياسية، بحسب الباحث الفلسطيني.

يافطة وضعها جيش الاحتلال عند مدخل مطبعة المناهل، وهذا ما خطه عليها (الجزيرة) إجراءات تولد الانفجار

ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، الأربعاء، أن عضو الكنيست عن حزب "الليكود" دان إيلوز، تقدم بمشروع قانون يقضي بفرض "عقوبات" على بنوك ومكاتب صرافة بالضفة وغزة تحوّل رواتب من السلطة الفلسطينية لأسرى محررين وعائلات شهداء.

وفي هذا الصدد، يرى محلل الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، أن إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين ككل من منظور أمني يستند على فكرة ضرورة التخلص منهم بالأدوات الأمنية والعسكرية "لأن بقاءهم يشكل خطرا أمنيا وعبئا عليها".

ويضيف البرغوثي للجزيرة نت: "مشكلة العقلية الإسرائيلية أنها تفكر بنظرية "كيّ الوعي" التي ثبت فشلها، وفي كل محاولة في هذا الاتجاه، تأتي بعد سنوات نتائج أكثر تطرفا تجاه إسرائيل".

لهذا السبب، وبحسب المحلل السياسي، فإن ما يقوم به الاحتلال من مصادرة أموال وأملاك وغيرها يأتي في سياق "انتقامي"، وبدلا من أن تردع ستراكم حالة الغضب وقد تقرب لحظة الانفجار، وهو انفجار تتوقع إسرائيل نفسها حدوثه لكن لا تعلم متى وكيف.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

خسارة “إسرائيل” في طوفان الأقصى لا تعوَّض مهما حاولت أمريكا

يحيى صالح الحَمامي

خسارة الغدة السرطانية “إسرائيل” في عملية طوفان الأقصى لا تعوض، ولم تستطع أمريكا أن تحافظ على قوة توازن أمن “إسرائيل” من بعد عملية طوفان الأقصى التي قصمت ظهر الكيان الصهيوني، وأصبح يوم 7 أُكتوبر من كُـلّ عام ذكرى مأساوية نسميها يوم نكبة “إسرائيل” في غزة، بل والهزيمة النكراء لقوى الاستكبار العالمية.

المقاومة الفلسطينية حماس دمّـرت ما تم بناؤه لما يقارب 75 عاماً من الاحتلال، حطمت جميع التحصينات وزعزعت أمن وسلام المستوطنين بالمستوطنات، المواقع العسكرية الإسرائيلية كانت محصنة بتحصينات من الصعب اختراقها أَو اقتحامها، وبقوة الله انكسرت عظمة الجيش الذي لا يقهر استخباريًّا وعسكريًّا، ونقول للكيان الموقت إنه مهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تعوض الخسارة أَو ترمم فشلها فهي لا تستطيع أن تجبر الانكسار، فقدت الأمل بالنصر، والخيبة ترافق جيش الكيان.

عملية طوفان الأقصى ضربة على رأس “إسرائيل” أفقدتها صوابها، قدمت الكثير من القتلى من أفراد وصفوف جيشها، بعدد كبير من الضباط القادة لأجل إعادة الأسرى المختطفين، بذلت ما لديها من القوة، حاولت أن تضغط على المقاومة بحصار المواطنين الأبرياء للاستسلام لشروطها المبالغ فيها، ولم تستطع أن تحقّق أي شيء بالرغم من استمرار الحرب لما يقارب 470 يوماً على مدينة غزة، نفدت قدرتها وأنهكت قواها، فشلت جميع أوراقها، وخضعت “إسرائيل” وأمريكا وبريطانيا لشروط المقاومة الفلسطينية، وهذا نصر من الله يرجح قوة جيش “إسرائيل” المدعوم من قوى الاستكبار العالمية.

خسارة “إسرائيل” لا تعوض ولو وقف العالم مع “إسرائيل”، بذلت قوى الاستكبار العالمية ما بوسعها من المال والسلاح والرجال في سبيل الحفاظ على “إسرائيل” ومساعدتها على الاتِّزان والوقوف بكامل القوة، الساق الصهيوني انكسر ولا يجبر عظمها، قوة جيش “إسرائيل” لا تصنع أي شيء، والدعم الأمريكي وعدة دول من خلفها لن يفيد الكيان الصهيوني، فشل كبير وسقوط مدو وهزيمة نكراء، ومن محاولة أمريكا بالضغط على مصر والأردن لاستقبال أبناء غزة كنازحين، لن تقبل الشعوب العربية وأبناء غزة لا يقبلون بالخروج من أرضهم وسيرفضون جميع قرارات الشر والشيطان الأكبر، لا نعلم من أين تأتي قناعة “أمريكا” بنزوح أبناء غزة وكأن أمريكا لا تعلم بشيء عن الحرب في غزة، غباء اللص الأمريكي الجديد مستفحل “أمريكا مشاركة في تلك الجرائم بحق الأطفال والنساء، كما لم يسلم أي بيت من الحرب ولا أسرة في غزة من الفقد، والدم الغزاوي سال من كُـلّ أسرة أَو قريب لها، لا توجد موافقة ولا استعداد على الخروج والنزوح من أرضهم، ومن سابع المستحيلات أن يقبل المواطن الغزاوي بالنزوح القسري.

أبناء غزة أثبتوا للعالم قوة بأسهم بجهادهم المقدس، نقول للعالم لا يوجد مع “إسرائيل” ومستوطنيها قرار في البقاء، لا أمن لهم، ولا سلام، الجيش الإسرائيلي عاجز، والذي يروج له بأنه جيش قوي والحقيقة أنه جيش ضعيف وهزيل لا يصمد أمام فصائل المقاومة التي تسلحت سلاح الإيمان قبل أن تتسلح الحديد والنار معنوية وجهاداً واستعداداً، فصائل المقاومة للمواجهة بقوة بأس إيماني شديد وعزيمة لا تلين في مواجهة أعداء الله.

استعداد التضحية لدى فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني لا يوصف فهم يعرفون أن ثمن تضحيتهم الجنة، تدربوا للقتال الشرس، يتحملون الظروف الصعبة، صبرهم وبأسهم وعزمهم قوي في مواجهة جيوش أتت من سلالة المغضوب عليهم، الضالين من النصارى واليهود الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، ومستوطنو “إسرائيل” يعرفون أنهم ليسوا من أصحاب الأرض، ليس لهم القدرة على بذل المزيد من التضحية ولا يقدمون الأول والثاني من أبنائهم ولا يدفعون أبناءهم لتلتهمهم نيران الحرب التي تنشب لهم، حرب من كُـلّ حدب وصوب.

المقاومة الفلسطينية ليست لوحدها، لا يوجد مع “إسرائيل” أوراق سياسية قوية، فالحصار سيقابل بحصار والمجازر الجماعية سوف تنطلق صواريخ محور المقاومة تدك أهدافهم الحيوية وقواعد جيش “إسرائيل”، لم يتبق للمستوطن الإسرائيلي أمل البقاء في أرض “فلسطين” من الذي سيوفر لهم الأمن، ولكن “إسرائيل” هي ضعيفة لا تتحمل المزيد من الدم، لقد سمعنا عن الانتحار لجنودها وضباطها، كم حالات من الأمراض النفسية التي أُصيب بها بعض الضباط والأفراد، لا يوجد أمن ولا سلام للكيان الصهيوني المؤقت في أرض “فلسطين” عليهم بالرحيل وهو أولى لهم والشتات مصيرهم الحتمي في الأرض، قال تعالى: “وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكتاب لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مرتين وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ، وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا” {5}[سورة الإسراء][صدق الله العظيم].

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تُواصل اعتقال الفلسطينيين في الضفة
  • "الخارجية الفلسطينية" تُحذِّر من تنفيذ مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني
  • “الخارجية الفلسطينية” تُحذِّر من إقدام الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من مخططات إسرائيل لتهجير الفلسطينيين
  • خسارة “إسرائيل” في طوفان الأقصى لا تعوَّض مهما حاولت أمريكا
  • متحدث حركة فتح: إسرائيل تسعى لعزل غزة وتهجير الفلسطينيين من المخيمات
  • قيادي بحماس: العدوان الصهيوني على الضفة لن يوقف ضربات المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الشعب الفلسطيني ومقاومته سيشكلان درعًا حصينًا لحقوقهم وأهدافهم
  • باحث: جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلم أن المقاومة الفلسطينية لا يمكن نزعها
  • لافروف: إسرائيل تُخطط لطرد الفلسطينيين من غزة والسيطرة على الضغة الغربية