عبدالملك: منتخب مصر يقدم أداءً متواضعًا بسبب "الضغوط"
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أكد أحمد عيد عبدالملك نجم الزمالك السابق، أن مباراة مصر وغانا أثبتت أن المنتخب عندما يتعرض لضغط المنافسة على بطولات يقدم أداءً غير جيدًا، بعيدا عن المستوى الجيد الذي ظهر به الفريق تحت قيادة روي فيتوريا في المباريات الودية، مشيرا إلى أن اللاعبين لم يقدموا 30% من مستواهم، كما أن المدرب أول مرة يلعب في بطولة مُجمعة، ولم يدرس غانا بشكل جيد.
وقال عبر برنامج بوكس تو بوكس الذي يبث على فضائية Etc: "أرى أن منتخب غانا من أقل الفرق فنيا في تاريخهم، ولم يكن هناك فرص كثيرة لهم ورغم ذلك سجلوا هدفين".
وأضاف: "بالتأكيد محمد صلاح سيجري المزيد من الفحوصات بعد الإصابة، المنتخب كان له رد فعل بعد استقبال أهداف فقط، ومصر وغانا كان هدفهم الخروج بالتعادل، لأن اختيار أحسن ثوالث منحهم أمل في الصعود للدور القادم".
وواصل: "معظم المنتخبات الإفريقية أصبح لديها لاعبين مميزين، هناك تحولات حدثت فى المستوى بشكل واضح، منها الرأس الأخضر ونامبيا، بعض الفرق الكبيرة تريد أن تلعب بتاريخها فقط، لكن الدول الصغرى في القارة اصبحت تعمل على تنمية مواهبها، وأصبحت تلعب بمنتهى القوة".
وأكمل: "بالتأكيد روي فيتوريا يختار الأفضل للمشاركة في المباريات، لكنه لن يقول للاعب عليك بتمرير الكرة بشكل سليم أو بشكل خاطئ، هي امكانيات في النهاية داخل الملعب".
وزاد: "من الغريب أن فيتوريا يثق كثيرا في زيزو، ورغم ذلك لم يدفع به في المباراة أمام غانا".
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
نص المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 1446هـ
الثورة نت/..
نص المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 1446هـ
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في سياق قصة نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وصلنا بالأمس إلى قول الله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا}[الأنعام:76]، و شرحنا عن الخطوة الأولى، التي قرر أن يبدأ بها مشواره في تبليغ الرسالة الإلهية، ودعوة قومه إلى الإيمان بالله، والتوحيد لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وشرحنا طبيعة الظروف المعقدة في مجتمعه، وكيف يتطلب الأمر إلى أن تكون الخطوة الأولى خطوةً حكيمةً متدرجةً، يصل من خلالها بقومه إلى فهم الحقيقة، واستيعاب المبدأ العظيم، الذي يُبنى عليه الاعتقاد بالألوهية، فيتضح لهم أن تلك الأصنام التي يعبدونها، وأن كل الكائنات والمخلوقات ليست جديرةً أبداً بأن يكون شيءٌ منها إلهاً يعبد، وأنه لا إله إلا الله، هو الإله الحق وحده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فاتَّجه اتِّجاهاً عملياً، في إطار خطوة عملية، في صورة البحث عن الحقيقة، بما يلفت به نظرهم إلى الحقيقة نفسها، اتَّجه باستعراضٍ تأملي، وواضحٌ في الآية المباركة أنه بدأ بهذا التسلسل، الذي هو أيضاً تسلسلٌ في درجات الكمال، بدأ في الاستعراض التأملي مع كوكب، ثم مع القمر، ثم مع الشمس.
هذا الاستعراض التأملي كان بمرأى ومسمعٍ من قومه، يعني: لم يكن في حالة انفراد لوحده؛ لأن المسألة بالنسبة له واضحة، يعني: ليس هناك التباس عليه في مسألة الكوكب والقمر والشمس، ليست المرة الأولى التي يشاهد فيها الكواكب، أو يشاهد فيها الشمس، أو يشاهد فيها القمر، له عمر قد أمضاه في حياته في الدنيا، وهو يشاهد هذه الأشياء، وأيضاً ليس خافياً عليه أنها تطلُع ثم تغرب في أوقاتها المعتادة، هذه مسألة واضحة بالنسبة له، ولكنَّ هذا الاستعراض التأملي هو- كما قلنا- خطوةٌ عمليةٌ ابتدأ بها مشواره مع قومه؛ للفت نظرهم إلى الحقيقة.
اختار دخول الليل، لمَّا دخل الليل وغطَّى بظلامه، رأى كوكباً، البعض يقولون: أنه كوكب الزهرة، فقال أمام قومه بمسمعٍ ومرأى منهم: {قَالَ هَذَا رَبِّي}[الأنعام:76]، بمعنى ماذا؟ أنه يلفت نظرهم إلى أن الكوكب بإضاءته وعلوه هو أرقى من مستوى ما عليه أصنامهم، التي يعبدونها، ويعتقدونها آلهة، ويعتقدون لها بالربوبية، فذلك الكوكب الذي هو عالٍ في السماء، ومزهر ومضيء، بجماله، وعلوه، وإضاءته، هو أكمل منها، هذا تَرقٍّ في مبدأ الكمال، أنه أكمل منها هي، وأعلى شأناً حتى في نظرة الناس إلى الظواهر الكونية.
ثم استكمل استعراضه متى؟ عندما غرب ذلك الكوكب، {فَلَمَّا أَفَلَ}[الأنعام:76]: غاب، غاب عن المشاهدة وغرب، {قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}[الأنعام:76]، يعني: لا أرتضي أن يكون (ما يأفل) ما يغيب عني وينقطع عني ربّاً لي، لماذا؟ لأنه في طلوعه في وقت مُعَيَّن، وغيابه وغروبه في وقت مُعيَّن، هو مُسيَّر، هو مُدَبَّر، هو يخضع لمن يسيِّره، لمن يدبِّره، لمن يُحَرِّكه، لمن خلقه ونظَّم له مساره في حركته، فهو كسائر المخلوقات والكائنات التي خلقها الله، خاضعةً لتدبيره “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وتسييره، هذا جانب.
ثم في حالة الانقطاع التام، هو يغيب عني، كيف يمكن أن يرعاني؟! لأن الإنسان في علاقته بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” باعتبار الألوهية والربوبية، الله ربنا وإلهنا، هو يرعانا، لا ينقطع عنَّا في أي حالٍ من الأحوال، نحن بحاجة دائمة إلى رعايته الدائمة، فهو يرعانا، لا يخفى عليه شيءٌ من أحوالنا أبداً، في أي لحظة، في أي ظرف، في أي مكان، ولا تنقطع عنَّا رعايته، لو انقطعت لحظةً واحدة، لانتهى الإنسان، وانتهى كل شيءٍ يتعلق به، فهو يقول: [لا أرتضي ربّاً]، إذاً هو هنا ارتقى بهم نقلة مُعَيَّنة.
طبعـاً، يظهر أنهم لم يُستفزوا من هذه المسألة في بدايتها؛ لأنها لا تزال- في تصورهم هم- في إطار المبدأ العام، الذي هو مبدأ تعدد الآلهة، وهم في هذا يختلفون، يعني: كل فئات الشرك، وهي فئات مختلفة، متنوعة، تختلف فيما بينها اختلافاً كبيراً في اختيار آلهتها المزيفة، التي تعتقدها آلهة، وتشركها مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في معتقدهم في الألوهية.
ولهذا على مستوى الفئات الاجتماعية، مثلاً: قبيلة، ما بين قبيلةٍ وأخرى:
قبيلة معها صنم خاص بها، اتَّخذته شريكاً، واعتقدت بألوهيته، وتعبده، تتقرب إليه بالقرابين، تُبَخِّره، تُنظِّفه، تهتم به، صنعته هي، أو أحدٌ من النحاتين فيها، أو اشترته بمبلغ مالي مُعيَّن، أو تبرع به أحدٌ من وجهائها… أو ما شاكل.قبيلة أخرى لها صنم آخر، باسم آخر، له اسم آخر، شكل آخر، قد يكون مكوناً أحياناً من مادة مختلفة مصنوعٌ منها، وهكذا.
ففئات الشرك تختلف فيما بينها، في أصنامها، في أسمائهم، في الأنواع نفسها، البعض حتى على هذا المستوى، كانوا يعبدون كواكب، أو يعبدون الشمس، أو يعبدون القمر… أو غير ذلك.
فلذلك هو في البداية، عندما طرح هذا الطرح، وهو في هذا السياق الاستعراضي، لم يستفزهم، لم يكن من جانبهم ردة فعل: [لماذا ترك أصنامهم مثلاً؟ لماذا لا يعبد أصنامهم؟]؛ هو لم يكن يعبدها حتى منذ البداية.
واصل عمله الاستعراضي في محطة ثانية: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا}[الأنعام:77]، يعني: مع طلوع القمر، بنوره الذي يصل إلى الأرض أقوى من نور الكوكب، {قَالَ هَذَا رَبِّي}[الأنعام:77]، وهو هنا أيضاً- في هذا السياق- يتسلسل بهم إلى ما هو أكمل في مستوى ضوئه، ونوره، وجماله المرئي من الأرض، ومشاهد في الأرض، {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}[الأنعام:77]: لمَّا غرب القمر وغاب، طرح نفس الإشكالية: هذا مع ضوئه ونوره، وهو أكمل في مستوى ما يصل من ضوئه ونوره إلى الأرض من الكوكب، لكنه يغيب، يأفل، هو مُسيَّر، مُدَبَّر، فالأكمل منه من يُسيِّره، من يُدبِّره، من يتحكم فيه، من أوجده ونظَّم مسار حركته، في طلوعه، في غروبه… وغير ذلك، وهو يغيب عني وينقطع عني، كيف يمكن أن يتولاني برعايته، وهو يمكن أن يجهل بحالي كليةً؟! مع أنه لا يملك- أصلاً- لا القمر ولا الكوكب أي إدراك، أو شعور، أو معرفة… أو غير ذلك.
هذه الجملة المهمة: {قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}[الأنعام:77]، هي تُبيِّن حقائق كثيرة، منها: أنه في هذا الاستعراض التأملي يلفت نظر قومه؛ لأنه يقول هذا أمام مرأىً ومسمعٍ منهم، يلفت نظرهم إلى أن المستند الحقيقي في معتقدات الإنسان، التي ينبغي أن يعتقد بها في دينه، هو الهداية الإلهية، الهداية من الله، {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي}، (رَبِّي) من؟ يعني: الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهم يعرفون بهذا؛ لأنهم كمشركين لم يكونوا ينكرون الله ووجود الله.
كل فئات الشرك، التي ذكر الله قصتها في القرآن الكريم، مع مختلف الرسل والأنبياء، الذين تحدث عنهم في القرآن الكريم، كانت تعترف بالله، بوجوده، بأنه خالِق السماوات والأرض، خالق الناس أجمعين، خالق كل المخلوقات؛ ولهـذا سُمِّي انحرافهم بالشرك، سُمِّي شركاً، لماذا؟ لأنهم مع إقرارهم بأن الله هو الخالق، هو الربّ، هو الإله، لكنهم أضافوا- هم من عند أنفسهم- باعتقادهم الباطل ما يسمّونه آلهةً، ويعتقدون أنها تشارك في الألوهية، وإن بمستوى محدود ومستوى هابط، أو أنَّها تُقَرِّبهم من الله زلفى، كما في آيةٍ أخرى… وغير ذلك.
فعندما يقول: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي}، هم يدركون أنه يتحدث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو هنا يؤكِّد هذه الحقيقة المهمة التي يجب أن يستوعبها الناس جميعاً: نحن كبشر كلنا بحاجة إلى هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، من دون هدى الله، فالإنسان لا يمكنه الاكتفاء بنفسه.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وهب الإنسان مدارك مُعيَّنة، مستوىً من الإدراك، من الفهم؛ لكن هذا المستوى الذي وهبك الله لا يغنيك عن الله، لا يغنيك عن هدايته، مهما كانت عبقرية الإنسان، في قدراته الذهنية، ومستوى التفكير لديه، لا يمكنه إطلاقاً أن يستغني عن هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفق سنة الله في الهداية.
الله يأتينا بهديه عن طريق رسله وأنبيائه، ثم يمتد الهدى، وتمتد مسيرة الهدى، مع ورثة كتب الله، الهداة الذين يهدون الناس بهدى الله نفسه، امتداداً لمسيرة الأنبياء والرسل “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم”؛ ولـذلك فهذه المسألة مهمة جدًّا، بدون هداية الله، الإنسان سيضل، سيضل مهما كانت عبقريته، مهما كان مستواه الفكري والثقافي، مهما كان نضوجه الفكري والثقافي.
الأمم والأقوام التي أشركت بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ووصلت في انحطاطها الفكري، وتخلفها الثقافي، إلى درجة أن تصنع أصناماً وتتخذها آلهة، فيها مفكرون، فيها فلاسفة، اليونان هي من الأمم التي أشركت بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهي من أشهر البلدان بفلاسفتها، الفلاسفة الكبار يعني، الذين بقي لهم صيتهم ولا يزال في المجتمع الغربي، وهي بلد الديمقراطية من قبل آلاف السنين، ومع ذلك كانت في هذا المستوى من التخلُّف، والضلال، والتيه، والضياع، الإنسان يضيع، يضيع، لا يصيب الحقيقة، حتى في الحقائق الكبرى المهمة، عندما يبتعد عن هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
إذاً لابدَّ، لابدَّ من الهداية الإلهية، أن يكون الإنسان مرتبطاً بالله، في الاهتداء بهديه، والالتجاء إليه في نفس الوقت، وطلب الهداية، علَّمنا الله أن نلتجئ اليه دائماً في صلاتنا في كل صلاة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة:7]، ورسم لنا طريق الهداية: كيف هي سنته في هداية عباده.
ولـذلك مسألة التَّلَقِّي الفوضوي الذي حذَّرنا منه، الفوضوي: عندما يكون الإنسان يَتَلَقَّى في المعتقدات الدينية والأمور الدينية أي طرح أي أفكار، أي كلام، ممن هبّ ودبّ، يتأثر بأي أطروحات، يتلقى من أي قناة فضائية، من أي شخص، من أي موقع في الإنترنت، يتلقَّف أي شيء، المسألة خطيرة جدًّا، هذه مسألة دين، في الحديث النبوي الشريف: ((إِنَّ هَذَا العِلْمَ دِين))، يعني: علوم الدين الإسلامي، ((فَانْظُرُوا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم))، ليست مسألة لعبة وعبث.
{لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}[الأنعام:77]، وهو نبي الله إبراهيم، في قمة النضوج الفكري، في قمة النضوج الفكري، قال الله عنه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ}[الأنبياء:51]، برشده، ووعيه، ونضجه، وفهمه، هو يقول: بدون هدايةٍ من ربي، يعني: من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}، سأضل مع بقية الضالين، بما فيهم من فلاسفة، وقادة، ومفكرين، وشخصيات اجتماعية، ورموز اجتماعية… وغير ذلك، كلهم يَضِلُّون، يَضِلُّون ويتيهون.
{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً}[الأنعام:78]، يعني: مع طلوعها، عمل هذا الاستعراض الأخير مع طلوع الشمس، {قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ}[الأنعام:78]، يعني: لا يزال أكبر في حجمه، وأقوى في ضوئه ونوره من القمر، وأيضاً من الكوكب، {فَلَمَّا أَفَلَتْ}، عند غروبها، {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}[الأنعام:78]، يعني: هي ليست تصلح لأن تكون رباً، ولا إلهاً؛ لأنها مُسَيَّرة، الذي يُسيِّرها هو الله، الذي خلقها، وجعل لها هذا النظام في حركتها في الشروق والغروب، وفي حركة الأرض حولها، هو من؟ هو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فهي ليست جديرةً بذلك، مع أنها أعلى شأناً، وأكثر فائدةً من تلك الأصنام التي في معابدهم.
حينها، بعد هذا التسلسل في درجات الكمال، والذي يبيِّن أن كل المخلوقات ناقصة، مُسيَّرة، مُدبَّرة، خاضعة لتدبير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، محتاجة إلى الله، محتاجة هي، هي تعتمد على تدبيره وقدرته في إدارتها وحركتها، وبدون ذلك تنتهي، أعلن هذا الإعلان الصريح، الكبير، المهم: {قَالَ يَا قَوْمِ}؛ لأنه عمل هذا العرض من بدايته عندهم، يذهب إليهم، ويعلن هذا الإعلان، ثم يعود إليهم كذلك للإعلان عند الغروب، (الطلوع، والغروب)، {يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام:78-79]، فهو عندما أعلن هذا الإعلان، بعد أن وصل بهم في ذلك الاستعراض التأملي، كما قلنا: ليست المسألة أنه أول ما رأى هذه الظواهر: يرى شمساً، يرى قمراً، يرى كوكباً، يرى طلوعه، يرى غروبه، فيتعجب ويلفت نظره، لا، هو استعراض تأملي، سار في إطار عملية التأمل، وبصورة الباحث عن الحقيقة، بالشكل الذي يلفت نظرهم معه، ينتقل بهم في الذهن، في التركيز، إلى هذه المسألة في تسلسل درجات الكمال، إلى أن وصل إلى هذه النتيجة.
اختار نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، في إعلانه التوحيد لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي موقفه من الشرك، عبارة البراءة: {إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}[الأنعام:78]، وهي عبارة مهمة جدًّا، هي تُبيِّن بكل وضوحٍ وجلاء موقفه الحاسم، الحازم، من الشرك نفسه؛ باعتباره– فعلاً- جريمةً كبيرةً جدًّا، وباطلاً عظيماً؛ لأن الشرك هو رأس الباطل، أساس الباطل، ويبنى عليه الضلال الكثير، والباطل الكثير، يبنى عليه الانصراف التام عن نهج الله، وعن رسالته، وعن تعليماته وشرائعه ودينه، فهو باطلٌ خطيرٌ جدًّا، لا يكفي أن يكون للإنسان منه مجرد وجهة نظر عادية، يعني يقول: [هذا خيار من سائر الخيارات، وطبيعي أنتوا استمروا على ما أنتوا عليه، لكن أنا بالنسبة لي أصبح لدي خيار آخر]، لا، لابدَّ من الموقف من الشرك نفسه، يعني: توحيد من جهة، وموقف من الشرك نفسه.
ولهـذا نجد في القرآن الكريم في الموقف من الطاغوت بشكلٍ عام، في قول الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}[البقرة:256]، نجد أنه قدَّم الكفر بالطاغوت أولاً، ثم بعد ذلك يقول: {وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ}، فمع التوجه نحو التوحيد لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نبي الله إبراهيم كان موحداً من الأساس؛ لكنه هنا في سياق عمل مع قومه، لفت لنظرهم، سعي لهدايتهم؛ فلـذلك هو أعلن موقفه الحاسم من الشرك نفسه بالبراءة؛ باعتبار أن الشرك باطلٌ فظيعٌ، وجرمٌ كبيرٌ جدًّا، مع أنه يعتمد على الخرافات الباطلة، المنحطة بالإنسان عن إنسانيته، وهو أمرٌ سيءٌ جدًّا، لا يمكن المجاملة له، لا يمكن التعامل معه بمجاملة ومداهنة.
ولهذا نجد في حركة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، أن الكفار في زمنه حاولوا أن يصلوا معه إلى اتفاق؛ من أجل المداهنة، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[القلم:9]، ونزلت (سورة الكافرون): {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}[الكافرون:1-5]، يعني: موقف حاسم جدًّا، ومباين بشكلٍ تام؛ لأن الشرك، مع أنه إساءة كبيرة إلى الله، وإساءة من الإنسان إلى نفسه، الإنسان هو مملوكٌ لله بشكلٍ خالص، يعني: لا أحدٌ من الناس يملك فيك شيئاً، لا أحدٌ من كل المخلوقات يملك فيك شيئاً، أنت ملكٌ لله.
فالإنسان إذا اعتبر نفسه عبداً لآخرين أيضاً مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو ينحط حتى بقيمته الإنسانية، بقيمته الإنسانية؛ ولـذلك هو يسيء إلى نفسه، ولكنه- في نفس الوقت- يتنكر لحق الله فيه، أنت تريد أن تجعل من نفسك لغيرك ملكاً لآخرين، لكائنات أخرى، لجهات أخرى، هذا باطل؛ لأن الحق كله هو لله فيك، يعني: أنت مِلكٌ خالص لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لا تملك أن تجعل جزءاً منك عبداً لغيره، أو أن تُشرِك معه غيره في أن يكون رباً لك، وإلهاً لك، فهو باطلٌ محض، الشرك باطلٌ خالص، لكن يبنى عليه باطل كبير، تبنى عليه مسيرة الحياة، تبنى عليه مناهج، توجهات، مواقف، سلوكيات، تصرفات، اتِّجاهات؛ كلها ظلم، إجرام، فساد، طغيان… غير ذلك.
الأمور الواضحة في مسألة الشمس، والقمر، والنجم، وهي أمور لا خفاء فيها، ولكن- كما قلنا- كان الاستعراض في سياق التأمل؛ للفت النظر تجاه هذه الحقيقة: أنها كلها (الشمس، القمر، الكوكب) ليست في إطار أن يُعتقد بألوهيتها، وأنها ستنفع الإنسان في مسيرة حياته، تدفع عنه الضُّر، تجلب له الخير، تعمل له أشياء في هدايته، تقدِّم له أشياء في الرعاية له، لا، لديها دور محدد لا تستطيع أن تتجاوزه، هذا الدور هو الذي حدده الله لها، صنعها وخلقها وأوجدها في إطار أن تؤديه، لا تستطيع أن تتجاوزه أبداً، في إطار حركة مُعَيَّنة.
في هذا السياق نفسه: عندما أعلن التوحيد لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبيَّن أن كل المعبودات ليست في مستوى كمال الألوهية، لا تملك شيئاً للإنسان، لا تضر، ولا تنفع، عبارة البراءة بنفسها هي صيغة تحدٍّ لتلك المعبودات، يعني: لو كانت- فعلاً- تضر أو تنفع، لاتخذت هي موقفاً منه، لكان لها موقفٌ منه، هو يُعبِّر عن ثقته، بأنها لا تضر، ولا تنفع، وليس لها أي تأثير أبداً، فهو أعلن موقفاً حاسماً، قوياً، في ظروف صعبة للغاية، يعني: لامس في هذه المسألة أكبر مسألة حساسة عندهم، عليها حظر شديد، قضية خطيرة جدًّا، العقوبة عليها شديدة، الإطباق رسمياً وشعبياً عليها- يعني- من النافذين، كما شرحنا كثيراً في المحاضرات الماضية.
يقول: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام:79]، {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} يعني: اتَّجهت بالعبادة للذي فطر السماوات والأرض، لا أعبد أحداً من المعبودات الأخرى أبداً، أي آلهة مزيفة أخرى، لا أعبد إلا الله الذي {فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا}، فيعبر عن أنه أخلص وجهه بالعبادة لله وحده دون غيره، هذا التعبير عن اتِّجاهه بالعبادة، وهذا بمفهومها الشامل، العبادة بمفهومها الشامل، يعني:
على مستوى الاعتقاد بأن الله وحده هو الإله، ولا إله إلا هو.وعلى مستوى الشعائر الدينية التي يؤديها الإنسان، من مثل: الدعاء، الصلاة… غير ذلك من العبادات.أيضاً العبادة في امتدادها إلى سلوكيات الإنسان، إلى أعماله، إلى مواقفه، إلى ولاءاته، إلى عداواته، إلى توجهه الشامل.
نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” اتَّجه هذا الاتِّجاه: العبادة بمفهومها الشامل لله وحده “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
هو عندما اختار هذا التعبير: {لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام:79]؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الجدير وحده بالعبادة، ما سواه مخلوقٌ له، مملوكٌ له، مفطورٌ منه، هو الذي فطر السماوات والأرض: أنشأ السماوات والأرض، ابتدع السماوات والأرض، وأوجد هذا العالم بكل ما فيه من موجودات، وكائنات، ومخلوقات، كلها خالقها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومالكها الله “جَلَّ شَأنُهُ”، فعندما قال: {لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام:79]، هو يلفت نظرهم أنه وحده الجدير بالألوهية، وحده الإله الحق؛ لأنه الخالق لكل ذلك، فهو من له الكمال المطلق، من هو {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: لا يعجزه شيء، {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: لا يجهل شيئاً، ولا يخفى عليه شيء، وهكذا بقية الأسماء الحسنى لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التي تعبِّر عن كماله المطلق، وليس ذلك إلا له وحده، غيره مخلوق، لا يمتلك شيئاً ذاتياً؛ إنما وهبه الله ما وهبه، وفي مستوى محدود ومُعيَّن، ومقدار محدود، فهو يلفت نظرهم إلى هذا.
من جانبٍ آخر، هم يعون هذه الحقيقة، يعني: لو لم يكن- مثلاً- في البداية قال لهم: لله، قال: {لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[الأنعام:79]، هم يُقِرُّون أن الله هو الذي فطر السماوات الأرض، يعرفون هذه الحقيقة، لكن كان هناك منع من الطاغية المجرم، الذي وصل به طغيانه إلى مستوى ادِّعاء الربوبية لنفسه، الذي هو ملك على تلك المملكة البابلية، بعضهم يقولون: أن اسمه النمرود بعضهم بـ(الدال)، وبعضهم بـ(الذال)، بعضهم يذكرون له أسماء أخرى، ومع اختلاف اللغات، فهو قد منع تماماً أن يكون هناك عبادة لله، أو حديث عن الله، أو ذكر لاسم الله، بحسب لغتهم طبعاً، ربما كانت لغتهم السريانية أو غيرها، لكن مثل فرعون، هو وفرعون كلاهما كان منع في عصره أن ينطق أحدٌ ينطق باسم الله، أو يذكره، أو يدعو إليه، هناك حظر وعقوبات، هذه المسألة فيها مراعاة لهم هم، يعني: بالنسبة لموقف نبي الله إبراهيم هو جريء، شجاع، قوي، صريح، واضح، وسيأتي ما هو أكثر صراحةً ووضوحاً على الفور، يعني: ما بعد أن قال لهم هذا الكلام، لكن فيه مراعاة لهم هم، بحيث لا يشكِّل هذا عائقاً عن استجابتهم، أو مشكلةً بالنسبة لهم، مع خوفهم في البداية بشكل كبير، لكن هم يدركون أنه يقصد الله بكلامه هذا، وأن الله هو الذي فطر السماوات والأرض.
{حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام:79]، هذه المفردة (حَنِيفاً) تكررت في مثل هذا المقام، في الحديث عن نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في عِدَّة آيات، في عِدَّة سور في القرآن الكريم، وعادةً ما يَعبُر المفسرون في الكلام عنها عبوراً سريعاً، أو يُقَزِّم البعض معناها ومفهومها، مع أن لها مفهوماً مهماً، وتكررت في القرآن الكريم، تكررت مع الحديث عن نبي الله إبراهيم، وإسلامه، وإيمانه، وتوجهه إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بالعبادة، وأتت في مواطن أخرى أيضاً، فيما يدعونا الله إليه، وفيما حكى لنا عمَّا كان غيرنا من الأمم السابقة مأموراً به، فهذا العنوان (حَنِيفاً) هو يُعبِّر عن الاتِّجاه في العبادة لله وحده، بثباتٍ، وإخلاصٍ، وخضوعٍ وخشوعٍ، ومحبةٍ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
المفردات أحياناً هي عنوان تحمل مفهوماً واسعاً، له دلالات مهمة، وهي عنوان يُعبِّر عن ذلك المفهوم، البعض- مثلاً- قد يَقْصُر مفهوم (حَنِيفاً) ومدلول هذه العبارة على الإخلاص لله، أو الميل- كما يقولون- للدين الإلهي وحده دون انحرافٍ عنه، أو الاتِّجاه المستمر… أو هكذا، لكنه عنوان مهم، لمفهومٍ عظيم، مدلوله واسع، وهو يجمع كل هذه الاعتبارات: الاتِّجاه المستمر بثبات، بإخلاص، بخشوع وخضوع لله تعالى، بمحبةٍ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهذه مسألة مهمة في الاتِّجاه الإيماني: أن يكون اتِّجاه الإنسان خالصاً لله، أن يكون اتِّجاهاً بثبات، لا يتراجع، لا يميل، أن يكون بخضوع لله، بانقيادٍ لأمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ولاحظنا أيضاً فيما تقدم لنا مما وصف الله به نبيه إبراهيم في قوله تعالى: {قَانِتًا لِلَّهِ}[النحل:120]، إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” هو نموذج عظيم في الخضوع لله، في التسليم لأمر الله، في الطاعة والانقياد التام لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هذه مسألة مهمة، هي درس لكل مؤمن: كيف تكون في توجهك الإيماني، متجهاً باستجابةٍ لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بخضوع وانقياد تام، بدون عناء، بدون عناء.
نجد أيضاً من العبارات التي تُعبِّر عن هذا المدلول في القرآن الكريم: الإخبات إلى الله، {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}[الحج:34]، ويتحدث عن مواصفاتهم في القرآن، الذين أخبتوا إلى ربهم، الإخبات: هو يُعبِّر عن هذا الإذعان لأمر الله، هذا التسليم لله، هذه الطاعة، هذا الانقياد، هذا الخضوع لأمر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” برغبة، بمحبة، بخشوع لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
البعض من الناس– مثلاً- في اتِّجاه الإيمان، اتجاهاً معقداً، مُتعباً، مرهقاً، لا يكاد يستجيب لأمرٍ مُعيَّن من أهم أمور دينه، أو للالتزام بشيءٍ من أوامر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إلا بعناءٍ شديد جدًّا، فلديه الكثير من العوائق النفسية، العوائق النفسية، يحتاج إلى تعب في إقناعه، تعب في تشجيعه، ربما يصرفه عن الموضوع أي صارف، أبسط مسألة.
ويمكن أن نكمل الحديث حول هذا العنوان في المحاضرة القادمة إن شاء الله، وعن بقية القصة.
أَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛