قصر البارون.. تحفة معمارية أهملت لسنوات وأضحت مقصدا عالميا
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
قصر البارون هو أحد قصور مصر الأثرية ذات الطراز المعماري الخاص شيده المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان ) الذي جاء إلى مصر قادماً من الهند في نهاية القرن التاسع عشر بعد وقت قليل من افتتاح قناة السويس، فشرع في إقامة مشروع سكني جديد في صحراء القاهرة تحت اسم «هيليوبوليس»، وقرر إنشاء قصره الخاص بها فاختار تصميماً على طراز العمارة الهندوسية الأوروبية للمعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل كان معروضاً خلال معرض هندسي في باريس، بدأ بناء القصر في عام 1906م وافتتح في عام 1911م.
البارون إدوارد إمبان ,) هو مهندس ومؤسس مشاريع ومالي وصناعي ورحال من أثرياء بلجيكا من مواليد 20 سبتمبر 1852، منحه ليوبولد الثاني ملك بلجيكا لقب بارون في عام 1907م تقديراً لمجهوداته في تمويل مستعمرات المملكة البلجيكية.
لم يقتصر البارون نشاطه على المجالين الاقتصادي والهندسي فقط، بل امتد إلى مجالات السفر والترحال، فانطلق بأمواله إلى عدة بلدان مثل المكسيك والبرازيل والكونغو والهند حيث استطاع تنمية ثروته، وانتهى به الترحال إلى مصر فوصل إلى القاهرة في نهاية القرن التاسع عشر، بالتحديد بعد عدة سنوات من افتتاح قناة السويس، ولم تمضِ أيام حتى عشق الرجل مصر، واتخذ قراره بالبقاء فيها. وكتب في وصيته أن يدفن في أرضها حتى لو وافته المنية خارجها وهو ما حدث بعد أن توفي في بلجيكا في 22 يوليو 1929م ونقل جثمانه إلى كنيسة البازيليك في هيليوبوليس.
عرض البارون إمبان على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حي في صحراء شرق القاهرة واختار لها اسم (هيليوبوليس) أي «مدينة الشمس» واشترى البارون الفدان بجنيه واحد فقط لافتقار المنطقة إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة فكر في إنشاء مترو وكلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط الضاحية الجديدة بالقاهرة، كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم حدائق، وبني فندقاً ضخماً هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضُمَّ لاحقاً إلى القصور الرئاسية بمصر ويستخدم حالياً كمقر رسمي لرئيس الجمهورية تحت اسم «قصر الاتحادية
قرر البارون إمبان أن يكون أحد أولى بنايات الضاحية القاهرية الجديدة قصره الخاص، ليبدأ البناء في عام 1906م ويكتمل ويتم افتتاحه في عام 1911م بحضور السلطان حسين كامل، أقام البارون إمبان في القصر منذ ذلك الوقت، ومن بعده انتقلت ملكية القصر إلى ابنه «جان» حتى وفاته في عام 1946م فدفن بجوار والده في كنيسة البازيليك. انتقلت ملكية القصر بعد ذلك إلى أحفاد البارون إمبان بعد وفاة والدهم «جان»، ومنذ ذاك الوقت تعرض القصر للإهمال لسنوات طويلة، ثم بيع في عام 1954م بمحتوياته عبر مزاد علني إلى السوري محمد بهجت الكسم والسعودي محمد علي رضا وشقيقه علي علي رضا مقابل مبلغ قدره 160 ألف جنيه فقط. وفي عام 1993م سجل القصر رسمياً كأثر. وفي عام 2005م اشترته وزارة الإسكان المصرية من ملاك القصر السوريين والسعوديين مقابل منحهم قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة بقيمة تساوي الثمن المقدر للقصر وقتها وهو 125 مليون جنيه مصري (21.5 مليون دولار أمريكي).
IMG-20240118-WA0018 IMG-20240118-WA0017المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البارون إمبان فی عام
إقرأ أيضاً:
اللوفر أبوظبي يكشف عن تحفة فنية من تاريخ الأندلس
فاطمة عطفة (أبوظبي)
كشف متحف اللوفر أبوظبي عن تحفة فنية جديدة معارة إليه من قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر تحمل اسم «علبة تحمل اسم الأمير المغيرة». تتجلى في هذه العلبة العاجية المصنوعة بإتقان والتي جرى تصميمها في القرن العاشر في ورش الخلافة في مدينة الزهراء، في قرطبة، إسبانيا، أعلى درجات البراعة الفنية ومهارة الصنعة الأندلسية.
كانت هذه العلبة، قد عرضت سابقاً في قاعات العرض الدائمة في متحف اللوفر باريس منذ أوائل القرن العشرين، وهي تغادر موقعها لأول مرة لتعرض في متحف اللوفر أبوظبي اعتبارا من اليوم حتى أبريل 2027.
تعرض هذه العلبة في قاعة العرض رقم 9 التي تم تجديدها بشكل خاص لكي تمنح الزوار الذين يأتون لمشاهدتها تجربة آسرة. ويتميز المكان المعد بصورة خاصة لعرض هذه التحفة الفنية بأجواء عرض مسرحية، حيث وضعت العلبة في وسط عرض ضوئي جذاب موجه بزاوية 180 درجة، كما يمنح التصميم الداخلي لقاعة العرض فرصة مميزة للزوار ليستكشفوا عن قرب المهارة الحرفية المتميزة التي تجسدت في هذه العلبة، بينما تعزز الموسيقى المستوحاة من الفترة التاريخية التي شهدت صناعة علبة المجوهرات أجواء العرض الغامرة، وهو ما يستحضر فخامة البيئة التي كانت العلبة تنتمي إليها في الأصل.
تعد القطعة الفنية، التي تحمل اسم الأمير المغيرة، تحفة فنية حقيقية تتجلى فيها المهارة الحرفية المتميزة في صناعة العاج في العصر الإسلامي، وهو ما يبرز مكانة المتلقّي، ومستوى التقدم الفني الذي شهدته تلك الفترة. وقد أهديت هذه العلبة إلى الأمير المغيرة، الأخ غير الشقيق للخليفة الحكم الثاني، كما يتضح من النقوش المحفورة عليها وتاريخها (967-968 م).
وقد عكف عدد من العلماء على تفسير الزخارف المنقوشة بإتقان على هذه العلبة ودراسة دلالتها الرمزية بطرق مختلفة، بداية من استنباط المعاني الأدبية والسياسية منها، وصولاً إلى استكشاف الروابط الفلكية فيها، بما يشمل التفسيرات المتعلقة بأبراج التقويم.
وقالت مريم صالح الظاهري، مساعد أمين متحف اللوفر بأبوظبي: "اليوم، نحن نكشف عن علبة «أمير المغيرة» ويعود تاريخها للقرن العاشر، وتشير هذه القطعة الفنية إلى العلاقة ما بين العائلات والحاكم خليفة قرطبة. هذه العلبة تظهر جميع التفاصيل، وقد وضعت في الجناح الثاني من متحف اللوفر أبوظبي الذي يضم قطعاً من العصور الوسطى حيث خصص لها مكان في الصالة (رقم 9) وتبرز العلبة 4 عواميد من مدينة الزهراء، وبنفس الوقت تظهر بقية التفاصيل لهذه العلبة وهي بقياس 17 سم، لكن فيها تفاصيل كثيرة تظهر عبر الشاشة التي خصصت لها".
وبدوره، قال د. يوسف الخوري، رئيس وحدة المعارض الدائمة والأعمال الفنية الخارجية: "قررنا تقديم نمط جديد للعرض في الصالات الدائمة في متحف اللوفر أبوظبي، وهي عبارة عن تجربة صوتية وبصرية رقمية غامرة، وهو نوع من الواقع المعزز التناظري، حيث يضم هذه القطعة الفنية الصغيرة ويظهر تفاصيلها المعقدة والقصص الساحرة التي تعكسها".
وأوضح الخوري أنهم وضعوا القطعة في خزانة عرض متطورة ومجهزة بنظام تحكم في المناخ، محكمة الإغلاق والإضاءة من داخل الخزانة لإعطاء العمل الفني توهجاً خاصاً، مضيفا "كما خصصنا له صالة كاملة مع أربعة رؤوس أعمدة مزخرفة من نفس المرحلة التاريخية".