عربي21:
2024-12-23@01:12:39 GMT

مسلسل الإحراجات مستمر

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

إن مسلسل الإحراجات لهذه الأمة، بعربها وعجمها، مستمر منذ أحداث غزة التي بدأت بطوفان الأقصى المبارك في السابع من أكتوبر العام الفائت. فمنذ ذلك التاريخ والأمة المسلمة تواجه مشاهد من الإحراج كثيرة، بل لا أظن أن هذا المسلسل له نهاية قريبة.

المشهد الأول أو أولى المشاهد المحرجة هو صمت القبور الذي ساد أجواء الرسميات الإسلامية ومنها العربية، القريبة من غزة والبعيدة، والذي أصاب الذهول كثيراً من دول العالم التي كانت تنتظر موقفاً إسلامياً أو عربياً على وجه التحديد من أحداث غزة، قبل أن تبدي آراءها ومواقفها.

فلما لم تجد موقفاً جلياً واضحاً، بدأت كل دولة ترى الأنسب لمصالحها، سواء مع النظام الفاشي الصهيوني أو الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فكانت اليابان الرسمية أوضح الأمثلة على ذلك.
صمت القبور الذي ساد أجواء الرسميات الإسلامية والعربية أصاب الذهول كثيرا من دول العالم التي كانت تنتظر موقفا إسلاميا أو عربيا من أحداث غزة
المشهد الثاني من مشاهد الإحراج ما شاهده العالم وتابعه الخميس الفائت، حين ترافعت جمهورية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية بدعوى ضد النظام الفاشي الصهيوني، واتهامه بارتكاب جرائم حرب متنوعة، بالإضافة إلى النية الواضحة والعزم على القيام بإبادة جماعية ضد أهالي غزة. وكانت مرافعات فريق جنوب أفريقيا القانوني مصدر إعجاب ملايين حول العالم، وفي الوقت نفسه مصدر إحراج كبير لكل الدول العربية والمسلمة، باعتبار أن مثل هذه المرافعة كان الأجدر أن تقوم بها منظمة التعاون الإسلامي أو أي دولة من دولها الكبيرة ذات التأثير على المستوى العالمي.

لم نجد أحداً من الدول الكبيرة تلك في العالم الإسلامي والعربي. الكل ظل يراقب المشهد الغزاوي ثم بدأ يندد ويشجب ويستنكر، وصار البعض يتنافس مع غيره بالكلمات والتصريحات، دونما أفعال واضحات ملموسات على أرض الواقع أو ذات تأثير على سير الأحداث.

حتى تواترت الأنباء عن عزم دولة غير عربية أو مسلمة في أقصى أفريقيا لرفع دعوى ضد النازية الجديدة المحتلة لفلسطين، بعد أن تخطت كل قواعد الحروب، ودخلت عالم الإبادة وجرائم الحرب، فكان لابد من محاسبتها والتشهير بها أمام أعلى سلطة قضائية دولية.


حملت تلك الراية جنوب أفريقيا، ذات التاريخ النضالي ضد النظام العنصري الذي كان جاثماً على صدرها سنوات طوالا عجافا، وليست مكبلة بقيود غربية أو شرقية كالتي عليها غالبية دول العالم الإسلامي وللأسف.

وبالتالي لجنوب أفريقيا شرعية ومصداقية في القيام بهذا الإجراء، إذ لا يرضيها أن ترى ماضيها يتكرر الآن، لا في فلسطين أو غيرها من بقع جغرافية ما زالت تعاني من أنظمة عنصرية أو استعمارية، فكان موقفها من أنبل وأشرف المواقف على مستوى العالم، وبه أحرجت العرب قبل غيرهم من أمم الأرض.

المشهد الثالث قيام جمهورية ناميبيا الأفريقية أيضاً بالسير على خطى نظيرتها الجنوب أفريقية، لتعلن رفضها وتنديدها واستنكارها قيام ألمانيا بالدخول كطرف ثالث داعم للنازية الصهيونية ضد اتهامات جنوب أفريقيا، وتطالبها بالعدول عن ذلك بل وتقوم بتذكيرها والعالم بماضيها الاستعماري المتوحش حين قامت بارتكاب وتنفيذ إبادة جماعية ضد الشعب الناميبي أوائل القرن الفائت، لتقول لها اليوم بشكل غير مباشر بأن ما تفعلينه يا ألمانيا ودعمك غير المبرر للصهيونية وجرائمها في فلسطين، وصمة عار في جبينك.

لا يعني قيام النازيين بحرق اليهود، أن تظل ألمانيا تشعر بعقدة ذنب إلى ما لا نهاية، وتتودد للصهاينة إلى أجل غير معروف.. أما نقطة الإحراج ها هنا للعرب والمسلمين تكمن في عدم قيام أي دولة عربية أو مسلمة بعمل مماثل لناميبيا، ولو من باب أضعف الإيمان ورفع بعض الحرج عنها، وذلك بإصدار بيان رسمي عبر منظمة التعاون الإسلامي تعلنه أمام العالم برفض موقف ألمانيا السيئ وغير المبرر، والوقوف مع أعداء الإنسانية والحياة.. لكن حتى هذا الإجراء لم يتم !
نقطة الإحراج للعرب والمسلمين تكمن في عدم قيام أي دولة عربية أو مسلمة بعمل مماثل لناميبيا
المشهد الرابع يدور حول عزم خمسين محامياً من جنوب أفريقيا مرة أخرى للقيام بموقف مشرف ونبيل ورافض للظلم، عبر مقاضاة الإدارة الأمريكية والبريطانية بسبب التواطؤ بالجرائم التي ترتكبها الصهيونية في فلسطين. وتهدف مبادرة المحامين الجنوب أفريقيين إلى محاكمة المتواطئين مع الصهاينة في جرائمهم أمام محكمة الجنايات الدولية المتخصصة في محاكمة مجرمي الحرب من الأفراد.

والمثير أو الغريب أن المحامين يقومون بمبادرتهم تلك بالتعاون مع محامين أمريكان وبريطانيين، وكأنما الأمر لا يعني العرب والمسلمين البتة، في مشهد محرج رابع وكأنما لسان حال الأفارقة يقول بأنه لا فائدة تُرجى منكم يا أمة العرب والمسلمين في مثل هذه الأحداث الدامية المهولة.

هكذا تمضي الأيام والأحداث.. فبعد أكثر من مائة يوم على صمود المجاهدين في غزة أمام إجرام ووحشية ونذالة الصهاينة ومن معهم، وبعد تكرار مشاهد الإحراج، ما زالت الكثير من الرسميات العربية والمسلمة في سباتها.

لم يصدر عنها عمل يثير الانتباه، أو يوجع الصهاينة ومن معهم، فلا تجد تفسيراً منطقياً لهذا الخنوع وهذا الخذلان والتهاون من أكثر من خمسين دولة عربية ومسلمة، سوى أن قيوداً غليظة قد تم تكبيلهم بها من لدن أطراف عالمية نافذة.

لاسيما الولايات المتحدة، وأن مصالح أنظمة تلك الدول مرتبطة بمدى توافقها مع رؤى وسياسات الولايات المتحدة أو عموم الغرب، وشخصياً لم أجد أي تفسير مقنع آخر لهذا الخذلان، الذي لن تكون تبعاته سارة وحميدة، وشواهد من التاريخ عديدة تؤكد هذا المعنى، وإن دروس خذلان دويلات الأندلس لبعضهم البعض، ما زالت ماثلة أمامنا وقابلة للتكرار، وظروفنا الحالية مهيأة لذلك المشهد أيما تهيئة.

فاللهم سلم سلم..

الشرق القطرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة جنوب أفريقيا ناميبيا غزة جنوب أفريقيا الاحتلال ناميبيا العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

شخبوط بن نهيان ورئيس جنوب أفريقيا يبحثان تعزيز التعاون الثنائي

‎التقى الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، سيريل راما فوزا، رئيس جنوب أفريقيا، في جوهانسبرغ، بحضور الدكتور ثاني الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية.

‎ونقل الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان تحيات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، إلى رئيس جنوب أفريقيا، وتمنياتهم لبلاده وشعبه المزيد من التقدم والازدهار.
‎‏‎من جانبه، حمّل رئيس جنوب أفريقيا  الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان تحياته إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وتمنياته لدولة الإمارات حكومة وشعباً المزيد من التطور والنماء.
‎وجرى خلال اللقاء، بحث سبل تعزيز العلاقات بين دولة الإمارات وجنوب أفريقيا وسبل تنميتها في مختلف المجالات، كما أكد الجانبان أهمية العمل على مواصلة دفع التعاون بين الجانبين لتحقيق المصالح المتبادلة.
‎كما التقى الشيخ شخبوط بن نهيان، بول ماشاتيل، نائب رئيس جنوب أفريقيا، وجرى خلال اللقاءات بحث توطيد العلاقة في شتى المجالات.

مقالات مشابهة

  • هل يستمر المشهد الاقليمي بالتعقيد؟
  • زلزال عنيف بقوة 5.3 درجة يضرب جنوب أفريقيا
  • زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب جنوب أفريقيا
  • زلزال بقوة 5.48 درجة يهز جنوب أفريقيا
  • زلزال قوي يهز جنوب أفريقيا
  • شخبوط بن نهيان يبحث تعزيز العلاقات مع رئيس جنوب أفريقيا
  • شخبوط بن نهيان ورئيس جنوب أفريقيا يبحثان تعزيز التعاون الثنائي
  • شخبوط بن نهيان يلتقي رئيس جمهورية جنوب أفريقيا
  • محمد علي الحوثي: حيتس لا توفر الأمان لإرهاب الكيان المؤقت أمام صاروخ فرط صوتي اليمني “فلسطين 2”
  • محمد علي الحوثي: حيتس لا توفر الأمان للكيان المؤقت أمام الصاروخ اليمني “فلسطين 2”