NY: لماذا انقسم محافظو رئيس الوزراء البريطاني سوناك إلى فصائل؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
يواجه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك سلسلة من المشاكل، بدءا من العجز الذي تجاوز 10 بالمئة في استطلاعات الرأي إلى أزمة تكاليف المعيشة الطاحنة.
ولكن هذا الأسبوع؛ يأتي أكبر مصدر لغضبه من "العائلات الخمس"، وهو تحالف فضفاض من الفصائل اليمينية في حزب المحافظين الذي يهدد، مرة أخرى، بنسف سياسة اللجوء التي ينتهجها.
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا، ترجمته "عربي 21"، قالت فيه إن المتمردون المحافظين عادوا هذا الأسبوع لتكملة حملتهم الصاخبة التي بدأوها الشهر الماضي لإجبار سوناك على تشديد التشريعات التي من شأنها ترحيل طالبي اللجوء الذين وصلوا الساحل البريطاني إلى رواندا في مجموعات صغيرة.
وكما حدث في كانون الأول/ديسمبر الماضي، كانت هناك اجتماعات في وقت متأخر من الليل، وإحاطات إعلامية تم ترتيبها على عجل، ومنشورات متحدية على وسائل التواصل الاجتماعي، وعروض للسيد سوناك لا يمكنه رفضها.
وأوضحت الصحيفة، أنه في يوم الأربعاء، تجنب سوناك تهديدا مباشرا لقيادته من خلال الفوز بتصويت حاسم في البرلمان بشأن سياسته تجاه رواندا، لكن الدراما المتكررة تكشف عن انقسام حزب المحافظين إلى فصائل متعددة متنافسة، حيث يبدو أن بعض المشرعين أكثر تصميمًا على التخطيط لمستقبلهم بدلًا من توحيد الحزب في الانتخابات المقبلة ضد حزب العمال المعارض.
ونقلت الصحيفة عن جوتو هاري، مدير الاتصالات السابق لبوريس جونسون عندما كان رئيسًا للوزراء، قوله، "العائلات مصطلح مخفف، فما رأيناه هو بلقنة لحزب المحافظين والبلقنة تؤدي إلى صراع مستمر واضطراب وعدم القدرة على تحقيق أي شيء كقوة موحدة".
وفي الشهر الماضي، رصد السيد سوناك تمرد المشرعين اليمينيين الذين قالوا إن التشريع لم يكن متشددًا بما فيه الكفاية. والآن، يواجه مشروع القانون جولة ثانية من التصويت، والتي سرعان ما تصاعدت إلى مواجهة أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن النائب لي أندرسون، عن منطقة ميدلاندز والذي تم انتخابه ضمن الأغلبية الساحقة لحزب المحافظين بقيادة السيد جونسون عام 2019، صوت يوم الثلاثاء مع العشرات من زملائه لصالح تعديل التشريع لجعله أقل عرضة للحظر من قبل المحاكم.
وقد دفع ذلك السيد أندرسون، الذي كان قد ترقى ليصبح نائب رئيس الحزب ولديه برنامج حواري خاص به على قناة جي بي نيوز اليمينية، إلى ترك منصبه في الحزب، إلى جانب بريندان كلارك سميث، الذي شغل منصبا مشابها، حيث قال الرجلان في رسالة مشتركة إن "رغبتهما الرئيسية هي تعزيز التشريع" لكنهما شعرا بأنهما مضطران إلى الاستقالة.
ووفق الصحيفة، فقد قال ماثيو جودوين، أستاذ السياسة في جامعة كينت، والذي نصح المحافظين مؤخرا بشأن استخدام الهجرة كقضية انتخابية، "لدينا عدد من المحافظين الموهوبين لعام 2019 الذين هم على وشك فقدان مقاعدهم".
وأضاف، "إنهم يحاولون الاستعداد لهذه الهزيمة بعد الانتخابات"؛ حيث ستكون هناك "حرب أهلية حول ما هو المحافظ البريطاني".
وبموجب خطة رواندا، التي اقترحها جونسون لأول مرة في عام 2022؛ يمكن نقل طالبي اللجوء جوًّا إلى الدولة الأفريقية للنظر في طلباتهم هناك. وحتى لو نجحوا، فلن يُسمح لهم بالاستقرار في بريطانيا، بل سيبقون بدلا من ذلك في رواندا.
وألغت المحكمة العليا في بريطانيا نسخة سابقة من القانون، ويتوقع المشرعون اليمينيون أن تخضع النسخة المعاد صياغتها لمزيد من التدقيق من المحاكم في بريطانيا وأوروبا، حيث إنهم يدفعون السيد سوناك إلى تشديد اللغة للسماح للحكومة البريطانية، في جوهرها، بتجاهل المحاكم.
وبينت الصحيفة، أن تأثير المجموعات غير الرسمية من المشرعين على يمين حزب المحافظين ليس بالأمر الجديد.
ولكن في السنوات الأخيرة، لم يبرز حقا سوى فصيل واحد متشدد مؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو مجموعة الأبحاث الأوروبية التي طاردت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، وساعدت في تنسيق المعارضة لخططها لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وترك البرلمان في مأزق.
وفي نهاية المطاف، تمت الإطاحة بها لإفساح المجال أمام جونسون، الذي تبنت حكومته تكتيكات التفاوض المتطرفة مع بروكسل التي يفضلها أعضاء المجموعة.
وتابعت الصحيفة، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تلاشى كقضية سياسية، ولفترة من الوقت، أدى حجم أغلبية السيد جونسون في البرلمان إلى عزل الحكومة عن الضغوط التي تمارسها مجموعات من المشرعين. وقد انضمت العديد من الشخصيات الرائدة في مجموعة الأبحاث الأوروبية إلى الحكومة، بما في ذلك ستيف بيكر، أحد أكثر المدافعين عن المجموعة مهارة.
وذكرت الصحيفة، "أن الرئيس الحالي للمجموعة، مارك فرانسوا، هو من المتشككين الأوروبيين الذين هاجموا ذات يوم أحد كبار رجال الأعمال الألمان الذين انتقدوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من خلال استحضار الحرب العالمية الثانية".
وفي العام الماضي، أعاد السيد فرانسوا إحياء لجنة من الخبراء القانونيين اليمينيين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "غرفة النجوم"، ودعاهم إلى إصدار حكم بشأن مشروع قانون رواندا، لكن نفوذ الجماعة قد تبدد بين مجموعة من المجموعات الجديدة التي تضغط على أجندات مختلفة ومتداخلة في بعض الأحيان.
وتشمل هذه المحافظين الجدد، بقيادة داني كروجر، الذي يضم بعض المشرعين المنتخبين في مناطق شمال إنجلترا حيث تخلى الناخبون عن حزب العمال لصالح حزب المحافظين في عام 2019، ومجموعة الأبحاث الشمالية، التي تضغط من أجل الاستثمار في شمال إنجلترا.
وتدعو مجموعة الحس السليم، التي يرأسها جون هايز، وهو حليف لوزيرة الداخلية السابقة المتشددة سويلا برافرمان إلى اتباع نهج صارم في التعامل مع الهجرة. وعلى الرغم من انهيار حكومة ليز تروس في عام 2022، فإن أجندتها المتمثلة في التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية لا تزال حية من قبل مجموعة النمو المحافظ.
وقد أصدرت ثلاث من هذه المجموعات تحذيرا للسيد سوناك بأنهم سيصوتون ضد مشروع قانون رواندا ما لم يقدم تنازلات.
ولقد شبهوا أنفسهم بالمتشددين من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين يطلق عليهم اسم "الإسبرطيين"، الذين ساعدوا في إفشال قيادة السيدة ماي.
وقد رفض السيد سوناك، الذي يصر على أن التشريع صارم قدر الإمكان، الموافقة على التعديلات.
لكن بعض منتقدي حزب المحافظين يقولون إنه لا يزال عرضة للوقوع في شرك مجموعة من التحديات القانونية والإجرائية.
وأشارت الصحيفة إلى ما قاله نيك تيموثي، كبير موظفي ماي السابق، وهو رئيس سابق لمكتب ماي، والمرشح لمقعد المحافظين في ويست سوفولك: "يمكن للبرلمان أن يؤكد أن رواندا بلد آمن، وأن يصدر بالفعل قوانين لتسهيل ترحيل المهاجرين، ويجب على المحاكم هنا قبول ذلك، لكن المحكمة الأوروبية لا تحترم سيادة البرلمان، وهنا تكمن المشكلة”.
وقد دفع ذلك البعض إلى دعوة بريطانيا إلى الانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي اتفاقية دولية ساعدت بريطانيا في صياغتها بعد الحرب العالمية الثانية، لكن القيام بذلك يمكن أن يشعل تمردا بين الأعضاء الأكثر وسطية في الحزب، ويقوض الاتفاقيات القانونية الأخرى بما في ذلك اتفاقية الجمعة العظيمة، واتفاق السلام في أيرلندا الشمالية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أنه مع تخلف حزب المحافظين حتى الآن عن حزب العمال، فإن بعض المشرعين على استعداد لتحدي السيد سوناك لأنهم يعتقدون أنه من خلال إبعاد أنفسهم عن حكومة لا تحظى بشعبية.
كما أن لديهم فرصة أفضل للتشبث بالدعم بين الناخبين في مقاعدهم؛ فيما أثارت الفوضى قلق قيادة حزب المحافظين؛ حيث قال إسحاق ليفيدو، المخطط الإستراتيجي للانتخابات في الحزب، يوم الاثنين، أمام اجتماع للمشرعين إن “الأحزاب المنقسمة تفشل” وناشدهم الاتحاد معًا.
وقال هاري: “من المحبط أن حزب المحافظين البرلماني يبدو أن لديه شهية لا تشبع لإيذاء النفس، فواحدة من أنجح القوى الفائزة بالانتخابات في تاريخ الديمقراطية تحدق مرة أخرى فوق الهاوية وتتأمل الهاوية أدناه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سوناك حزب المحافظين بريطانيا بريطانيا لندن حزب المحافظين الهجرة غير الشرعية سوناك صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بریطانیا من الاتحاد الأوروبی حزب المحافظین رئیس ا
إقرأ أيضاً:
كيف انقسم العالم حول قرار اعتقال نتنياهو وجالانت؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل العالم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتعلق بالحرب المستمرة منذ 13 شهرًا في غزة، بمشاعر متباينة انقسمت على خطوط سياسية وجغرافية.
وقالت المذكرات إن هناك سببًا للاعتقاد بأن نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت استخدما "المجاعة كأسلوب حرب" من خلال تقييد المساعدات الإنسانية واستهدفا عمدا المدنيين في الحرب الإسرائيلية على غزة.
الدعم الأوروبيوفي أول رد فعل على القرار، أيدت الحكومات الأوروبية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بعد قرارها يوم الخميس، وأن الحكم ليس سياسيًا ويجب احترامه.
وأعرب الاتحاد الأوروبي، من خلال مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل، عن احترامه لقرار المحكمة مؤكداً على إلزاميته لجميع الدول الأعضاء.
وأعلنت هولندا، وهي دولة طرف في نظام روما الأساسي، عن التزامها بالتعاون مع المحكمة، وذهبت إلى حد إلغاء الاتصالات غير الأساسية مع نتنياهو.
نتنياهووأشارت فرنسا إلى أنها سترد بما يتوافق مع قوانين المحكمة، مما أثار تكهنات حول إمكانية اعتقالهما على أراضيها.
الرفض الأمريكي والإسرائيليرفضت الولايات المتحدة القرار بشكلٍ قاطع، معبرة عن قلقها إزاء العملية التي أدت إليه. كما شنّت إسرائيل هجوماً عنيفاً على القرار، ووصفه الرئيس هرتسوغ بـ"يوم مظلم للعدالة"، واتهمت المحكمة بالتحيز والافتقار للشرعية.
وأدان المسؤولون الإسرائيليون من مختلف الأحزاب القرار، واعتبروه معادياً للسامية، مؤكدين على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
الترحيب الفلسطينيرحبت السلطة الفلسطينية وحركة حماس بقرار المحكمة، ورأتهما خطوةً نحو العدالة ومحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة.
كما أعربت دول في الشرق الأوسط وإفريقيا عن مواقفها تجاه مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق المسؤولين الإسرائيليين.
ففي الأردن دعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى احترام أحكام المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذها، مؤكداً على حق الشعب الفلسطيني في العدالة.
وفي جنوب أفريقيا، رحبت الحكومة بالقرار، واعتبرته خطوة هامة على طريق تحقيق العدالة فيما يتعلق بالجرائم المزعومة المرتكبة في فلسطين.
نتنياهو وجالانتوتظهر مذكرة التوقيف هذه، بوضوح، صراعاً دولياً حاداً بين سعي المحكمة لتحقيق العدالة وبين المصالح السياسية للدول. ففي حين يُمثّل القرار إنجازاً قانونياً مهماً يُعزّز مبدأ المساءلة الدولية، إلا أنه يثير أيضاً تساؤلاتٍ جوهرية حول مستقبل المحكمة الجنائية الدولية وعلاقتها بالقوى الكبرى والدول الأعضاء فيها. وسيبقى هذا الملف بمثابة اختبار حقيقيٍّ لإرادة المجتمع الدولي في تحقيق العدالة لجميع ضحايا الانتهاكات، بغض النظر عن هويتهم أو انتماءاتهم السياسية.
التأثير الدوليأدى القرار إلى إثارة جدلٍ دولي واسع حول شرعية المحكمة الجنائية الدولية وصلاحياتها، وخاصةً فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كما أثار تساؤلات حول مدى التزام الدول بتطبيق مذكرات التوقيف، وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى تعقيد العلاقات الدولية.
وحث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة على التحرك بشأن أوامر الاعتقال الصادرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق، بالإضافة إلى القيادي العسكري بحركة حماس محمد الضيف.
ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية سلطة تنفيذ أوامرها، لكن من الناحية الفنية، فإن أي دولة وقعت على نظام روما الأساسي، ستكون ملزمة باعتقال بنيامين نتنياهو أو يوآف جالانت أو ضيف، إذا وصلوا إلى أراضيهم.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في بيان: "أناشد جميع الدول الأطراف أن تفي بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي من خلال احترام هذه الأوامر القضائية والامتثال لها".
كما دعا الدول غير الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية إلى العمل معاً من أجل "دعم القانون الدولي".