على متن الناقلة صافر (اليمن( -(أ ف ب) – مدى أعوام، عمل عدد قليل من أفراد طاقم الناقلة “صافر” على معالجة التسربات وإجراء تصليحات صغيرة والتعامل مع ضغط نفسي هائل لتفادي وقوع كارثة بيئية في البحر الأحمر قبالة اليمن. عندما دوى جرس الانذار على متن الناقلة المتهالكة في العام 2020، سارع حسين ناصر وقرابة ستة من زملائه الى العمل على مدار الساعة لأيام، وابتكروا شرائح من الحديد لإصلاح أنبوب مثقوب، قبل وصول فريق من الغطاسين الذين ثبّتوا صفيحة من الفولاذ للحؤول دون تسرب مياه البحر الى الناقلة.

كان هذا الحادث واحدا من سلسلة أمثلة تظهر كيف نجح فريق صغير من الطاقم والمهندسين لم يتجاوز عدده سبعة أو ثمانية أشخاص في أحسن الأحوال، في إبقاء الناقلة المهجورة عائمة قبالة السواحل اليمنية، وتفادي وقوع كارثة لا تحمد عقباها في أحد أهم الممرات المائية في العالم. وكان يمكن لغرق السفينة أو وقوع انفجار على متنها، أن يؤدي الى تسرّب بقعة كثيفة من النفط في البحر الأحمر، تنعكس سلبا على الحياة البحرية ومساحات الصيد والملاحة البحرية والموانئ المنتشرة على طول الشواطئ. وتأمل الأمم المتحدة في إنهاء القلق بشأن السفينة التي صُنعت قبل 47 عامًا، وذلك عبر نجاح عملية نقل حمولتها الى السفينة “نوتيكا” التي وصلت الأحد الى قبالة سواحل اليمن. وترسو “صافر” قبالة مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون. ولم تخضع الناقلة لأي صيانة منذ 2015 ما أدّى الى تآكل هيكلها وتردّي حالتها، وهي متوقّفة منذ ذلك العام على بُعد 4,8 اميال بحرية (نحو 9 كيلومترات) من السواحل اليمنية. ويشكّل وصول “نوتيكا” والبدء المرتقب لعملية نقل حمولة “صافر”، بارقة أمل نادرة في قضية شهدت مدى أعوام تحركات دبلوماسية سادها توتر بين الأمم المتحدة والحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا والتحالف العسكري الداعم لها بقيادة السعودية. بالنسبة الى أفراد الطاقم، تشكّل هذه المحطة فرصة للتأمل في فترات أمضوها في عرض البحر تحت ضغط نفسي لا يستكين، مع كميات محدودة من الغذاء وفي غياب تكييف للهواء في ظل حرارة مرتفعة. وقال حسين ناصر لوكالة فرانس برس إن “القلق مصاحب لنا أكثر من أسمائنا نتيجة وضع السفينة ولأنها معرضة لانفجار بسبب ترديها (ما قد يتسبب) بتلوث بحري كارثي”. ويعمل ناصر، كغيره من الأفراد الذين تحدثت إليهم فرانس برس، مع هيئة الشؤون البحرية التابعة للحوثيين. وأضاف المهندس ذو الشاربين الداكنين وشعر غزاه الشيب “القلق مستمر ليلا نهارا مدى 24 ساعة”. – أبطال مجهولون – ويلقى أفراد مثل ناصر إشادة من مسؤولين حوثيين يعدونهم بمثابة “أبطال مجهولين” في الحفاظ على الناقلة في ظروف الحد الأدنى. ويحمّل هؤلاء المسؤولية عن تدهور وضع “صافر” والخطر الذي تمثّله، الى الحكومة المعترف بها دوليا، ومقرها في مدينة عدن بجنوب اليمن، والتحالف العسكري الداعم لها على خلفية الحصار البحري المفروض على ميناء الحديدة. الا أن الطرف الآخر كان يوجّه أصابع الاتهام الى الحوثيين أنفسهم، محمّلا إياهم مسؤولية استخدام “صافر” كورقة مساومة وعدم التجاوب مع طلبات الأمم المتحدة لمعاينتها، ومطالبتهم باستخدام عائدات النفط لدفع أجور الموظفين في مناطق يسيطرون عليها. ويبدو أثر غياب الصيانة لثمانية أعوام جليا على الناقلة، اذ ينتشر الصدأ والفطريات على هيكلها ذي اللونين الأحمر والرمادي، والذي فقد أربعة ملم من سماكته في بعض المواضع. وقال الأمين العام للهيئة العامة للشؤون البحرية في الحديدة إبراهيم المشكي إن “الناقلة صافر أو أي ناقلة موجودة حول العالم تحتاج إلى عمليات صيانة بشكل دوري وبشكل متتابع” من أجل الحفاظ على “سلامة السفينة”. وأشار الى أن الطاقم على متن الناقلة حاليا يتألف “فقط من ثلاثة أو أربعة أشخاص منذ العام 2016″، مقارنة مع أكثر من 70 شخصا قبل ذلك. وشدد إدريس الشامي، المدير العام التنفيذي لشركة صافر لعمليات الاستكشاف والانتاج للنفط والغاز المعيّن من قبل الحوثيين، على أن جهود الطاقم أتاحت تفادي الأسوأ. وشدد على أن أفراده “عملوا في ظروف حرجة جدا وخطرة جدا ونجحوا في إصلاح” نقاط الخلل فيها، مشيرا الى أن هؤلاء لم ينالوا “التقدير” الذي يستحقونه. – سباحة في النفط – وكانت معالجة التسربات تحت سطح السفينة معقدة على وجه الخصوص نظرا للحرارة المرتفعة والأبخرة المنبعثة من النفط الخام التي قد تتسبب بانفجار بمجرد احتكاكها بشرارة. وأوضح الشامي “مشكلتنا الأكبر كانت احتمال حصول إشعال”، مشيرا الى أن أفراد الطاقم “عملوا وسط كل هذه الغازات القابلة للاشتعال، عملوا وسط النفط، كادوا أن يسبحوا فيه”. وأضاف “لذلك كان الأمر صعبا جدا”. والأحد، تزامنا مع وصول السفينة “نوتيكا” الى مرفأ الحديدة، كان المهندس ناصر يزور سوق السمك الرئيسية في المدينة التي كانت تواجه خطر الاقفال في حال وقوع تسرب نفطي. وحذّرت الأمم المتحدة سابقا من أن نصف مليون شخص يعملون في قطاع صيد السمك، وأن معيشة 200 ألف منهم قد يتم “القضاء عليها فورا” بحال التسرّب. وقال ناصر وهو يؤشر الى الصيادين الذين يعملون على إفراغ شباك قواربهم من مختلف أنواع الأسماك، إن “جميعهم كانوا سيتأثرون بشكل كبير”. وردا على سؤال بشأن ما ستكون عليه مهمته الجديدة متى تمّ حلّ مسألة الناقلة، أكد ناصر أنه سيقبل بأي دور توكله به هيئة الشؤون البحرية. لكنه شدد على رغبته في الحصول على “قسط من الراحة” بعد أعوام أمضاها قلقا من احتمال حصول تسرّب أو انفجار. ركب/كام/ب ق araara

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

“مسام” ينتزع 543 لغمًا في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية “مسام” لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام خلال الأسبوع الأول من شهر أبريل 2025م، من انتزاع 543 لغمًا في مختلف مناطق اليمن، منها 6 ألغام مضادة للأفراد، و23 لغمًا مضادًا للدبابات، و511 ذخيرة غير منفجرة، و3 عبوات ناسفة.

وتمكن فريق “مسام” في محافظة عدن من نزع 511 ذخيرة غير منفجرة و3 عبوات ناسفة، وفي محافظة مأرب استطاع الفريق نزع 6 ألغام مضادة للأفراد و23 لغمًا مضادًا للدبابات.

وارتفع عدد الألغام المنزوعة منذ بداية مشروع “مسام” حتى الآن إلى 486 ألفًا و651 لغما بعد أن زُرعت بشكل عشوائي في مختلف الأراضي اليمنية لحصد الأرواح البريئة من الأطفال والنساء وكبار السن، وزرع الخوف في قلوب الآمنين.

مقالات مشابهة

  • قصفٌ بلا “ردع”: ورطة ترامب في اليمن تطغَى على أكاذيبه
  • شاهد بالفيديو| كابوس اليمن يلاحق قادة “إسرائيل”.. ماذا لو توالت الصواريخ؟
  • كارثة تلوح في الأفق.. تحذير أممي عاجل: بشان اليمن!
  • حاكم الفجيرة يستقبل الوفود المشاركة في “فوجكون 2025” ويؤكد على أهمية الملاحة البحرية
  • .. ويستمر موسم حصاد “أم كيو” في اليمن
  • “مسام” ينتزع 543 لغمًا في اليمن خلال أسبوع
  • فُلك البحرية تستحوذ على السفينة الثانية للحاويات وتسميها فُلك جازان
  • “فُلك البحرية” تستحوذ على السفينة الثانية للحاويات وتسميها “فُلك جازان”
  • أمريكا تستخدم قواعد هذه الدول “العربية” للعدوان على اليمن
  • بن ناصر: “تنتظرنا ستة نهائيات أخرى”