العرب القطرية:
2025-02-07@06:19:37 GMT

خريجون لـ «العرب»: جاهزون لحماية مقدرات الوطن

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

خريجون لـ «العرب»: جاهزون لحماية مقدرات الوطن

أعرب خريجون بالدفعة السادسة من كلية الشرطة، عن فخرهم واعتزازهم بالتخرج، من الكلية التي اكتسبت سمعة كبيرة على مستوى المنطقة لما تتضمنه من برامج تدريبية وأكاديمية تصقل المهارات وتنمي القدرات وتضيف المعلومات التي تجعل من الطالب رجل أمن جاهزا للذود عن وطنه.
وقالوا في تصريحات لـ «العرب»: إن فرحة التخرج كبيرة جداً بالنسبة لنا كونها ثمرة 4 سنوات من الجد والجهد في برامج التدريب العسكرية والدراسات الاكاديمية، وأضافوا: اننا نعي جيداً عظمة القسم الذي تلوناه اليوم وسوف نوظف تعليمنا وقدراتنا في حماية بلادنا ودعم مسيرة تقدمها وازدهارها في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.

 


في البداية اعرب الملازم عبد العزيز المنصوري المتفوق الأول بالمجموع العام والعلوم القانونية والتدريب العسكري الذي حصل على سيف الشرف خلال حفل التخرج أمس أعرب عن سعادته بهذا الإنجاز، وقال ربما لا تساعدني الكلمات لأعبر عن مدى سروري وامتناني لكل من وقف بجانبي ووجهني وساعدني في الاستمرار في مسيرتي الأكاديمية والعسكرية، وأدعو الله أن يوفقنا جميعا لخدمة هذا الوطن المعطاء. وأضاف أنهيت بحمد الله أربع سنوات في كلية الشرطة بأكاديمية الشرطة، تميزت بالاجتهاد في الدراسة الأكاديمية والجد في التدريبات العسكرية تكللت بالتوفيق، وحصدت ثمار النجاح بحصولي على المركز الأول في المجموع العام والأول في العلوم القانونية والشرطية والتدريب العسكري، وهذا بفضل من الله ونعمة منه. واردف لا تسعني الكلمات الممزوجة بالوفاء والتقدير للقائمين على الأكاديمية وكلية الشرطة الذين لم تدخر جهدا في مساعدتنا وتوجيهنا، كما أتقدم بالشكر للسادة الضباط والأساتذة والمدربين بكلية الشرطة كافة الذين واصلوا الليل بالنهار من أجل تزويدنا بمعارفهم وخبراتهم. وتقدم المنصوري بالتهنئة إلى زملائه الخريجين، سائلا الله أن يجعله واياهم من النافعين لديننا ووطننا ويوفقنا لما يحب ويرضى. وفي الختام أوصى المنصوري الطلاب الملتحقين بالكلية الذين سيلتحقون مستقبلا أن يحافظوا على الضبط والربط العسكري، والتركيز في الاختبارات سواء الجانب الأكاديمي أو العسكري، والمثابرة لتحقيق التميز، لأننا نؤدي رسالة عظيمة في حب الوطن والوفاء له، وأتمنى لهم التوفيق والنجاح.

اجتهاد ومثابرة
من جانبه قال الملازم غانم حجاج الدوسري المتفوق الثاني في المجموع العام: حققت المركز الثاني على الدفعة في المجموع العام، وسيظل اجتهادي ومثابرتي حافزا لي في مسيرتي العلمية ودافعا لمزيد من التعلم في مستقبل حياتي، ويبقى هذا الإنجاز من دواعي فخري طوال حياتي أمام أهلي وأبنائي وكل معارفي. 
وأضاف: أتقدم بجزيل الشكر والامتنان والعرفان إلى جميع الأساتذة والمدربين الذين لم يتوان أحد منهم يوما عن تقديم معارفهم وخبراتهم حتى وصلت لهذه المرحلة وحققت طموحي، وإلى جميع القائمين والعاملين في أكاديمية الشرطة، ومن له فضل علينا في إكمال هذه المسيرة، طيب الله عيشهم وذكرهم وجزاهم عنا ألف خير.

أهداف وقناعات 
بدوره قال الملازم محمد بدر أحمد العبيدلي، المتفوق الثالث في المجموع العام والأول في الرماية: منذ التحاقي بكلية الشرطة وضعت نصب عيني أهدافا أسير عليها وقناعات لا أحيد عنها، وهي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى وجعل طلب العلم عبادة كما أوصانا رسولنا الكريم. ومن دواعي سروري وتقديري أن أذكر بكل الفخر والاعتزاز والدي فهو القدوة والمثل الأعلى وله بصماته الواضحة في حياتي وتفوقي، كما أذكر بالخير والفضل دعوات والدتي -أطال الله في عمرها- التي دائما ما تشجعني وتشد من أزري لكي أتبوأ مكانة عالية لخدمة وطني المعطاء، هذه هي القناعات التي دفعتني إلى النجاح والخروج للحياة العملية.
وأضاف: إنني مدين لأكاديمية الشرطة هذا الصرح الأمني العملاق التي أخذت مكانتها المتقدمة بين الأكاديميات النظيرة عربيا وإقليميا، فالكلية أخذت بيدي وأكسبتني المهارات العسكرية والأكاديمية لكي أقوم بدوري كمواطن محب لوطنه، وكان طموحي كبيرا للالتحاق بالكلية، فهي صاحبة الريادة في رؤيتها ورسالتها لإعداد قادة أكفاء يسيرون بكل الثقة والثبات في دروب التحدي. 

شكر وامتنان 
من جهته قال الملازم محمد فهد منيف الودعاني، المتفوق الأول في اللياقة البدنية: إنه لمن دواعي سروري أن أعبّر بهذه الكلمات عن معاني الشكر والامتنان لمن وجهني ووقف بجانبي ودفعني وزادني إصرارا لاستكمال ومواصلة مسيرتي العلمية والعسكرية أنهيت مرحلة مهمة بكل صبر وجد واجتهاد على مدى أربع سنوات عملنا خلالها ليلا ونهارا لم نعرف الكلل ولا الملل وذلك في سبيل نيل شرف اليوم الذي حصدت فيه ثمار ذلك الجهد بحصولي على المركز الأول في اللياقة البدنية. 
وأضاف: يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لإدارة كلية الشرطة بأكاديمية الشرطة على عطائهم الدائم ودعمهم المستمر لي ولزملائي المرشحين.
ووجه رسالة إلى المرشحين في الدفعات الأخرى مستقبلا لكلية الشرطة، بالقول»أرجو أن يحذو حذونا في الجد والاجتهاد والمثابرة والالتزام بالأوامر العسكرية حتى يصلوا إلى مبتغاهم وإنهاء فترة تدريبهم ودراستهم بنجاح.

 امتنان للقيادة الحكيمة 
وقال الملازم علي حسن خلف المهندي، المتفوق الأول في الكفاءة القيادية: أهدي تخرجي لمن له الفضل في وضع اللبنات الأولى في مسيرتنا لدراسة القانون والعلوم الشرطية ولمن اتخذنا عزمه وعزيمته منهجا للسمو والرفعة سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، وإلى كل من ساندني وزملائي في هذه المسيرة التربوية والتعليمية الحافلة بالإنجازات على المستوى الشخصي والمستوى العلمي. وأضاف: أتقدم لكل مسؤول كان له الفضل فيما وصلنا إليه من تحقيق طموحاتنا وآمالنا بجزيل الشكر والتقدير. وعلينا أن نسير ساعدا بساعد على خطى قيادتنا الحكيمة، متحدين متعاونين في العمل، وإن حصولي على هذا التفوق يمثل وساما أضعه على صدري، وما اكتسبته من معرفة لخيرة أبناء الوطن خلال مسيرتي العلمية والعسكرية بكلية الشرطة يعد وساما آخر.

انضباط والتزام
وقال الملازم خلف محسن العتيق الدوسري، المتفوق الأول في السلوك والمواظبة: منذ التحاقنا بكلية الشرطة استوعبنا مدى أهمية الضبط والربط العسكري، وبالفعل انعكس انضباطنا على إجادتنا للتدريبات العسكرية بشكل احترافي، وأجدنا التدريبات بالسلاح وبدونه. وأضاف: أسهمت البرامج التدريبية المتطورة بالكلية في إكسابنا مهارات رياضية وعسكرية متنوعة كان لها أثر إيجابي في التعامل مع التمارين القاسية وشديدة التعقيد، إذ نجحنا في أداء التدريبات والسيناريوهات كافة بمستوى متميز نال ثناء الضباط والمدربين المشرفين وذلك على مدى أربع سنوات، وقد ازدادت ثقتنا في أنفسنا ومهاراتنا الميدانية ما يجعلنا مستقبلا مستعدين لأداء كل المهام الأمنية التي تتطلب قدرات احترافية عالية.
وأعرب عن الامتنان لكل من شارك في تأهيل المرشحين عسكريا وأكاديميا خلال سنوات التحاقنا بالكلية لنصبح ضباطا على مستوى عال من الكفاءة والمهنية، ونؤكد جاهزيتنا التامة للانضمام لخدمة وطننا الغالي وتعزيز أمنه واستقراره.
شعور بالفخر 
وقال الملازم بهاء الدين حازم ذوقان، المتفوق الأول في الدرجات العامة من الطلبة الموفدين – دولة فلسطين: نحمد الله أن بلغنا هذا اليوم العظيم وأنا أتخرج من هذا الصرح المعرفي الأكاديمي التدريبي الشرطي الذي نفاخر به العالم أجمع وبوجوده على أرض دولة قطر التي قدمت لنا الكثير خلال فترة دراستنا في الكلية ولم نشعر يوما ما بالغربة واشكر كل زملائي الخريجين وأتمنى لهم التوفيق والسداد.
ويعتبر ما وصلنا إليه ثمرة تعب وجهد مستمر من كلية الشرطة التي تفتحت فيها عقولنا بالعلم وزادت من مخزوننا المعرفي الكثير وتعلمنا فيها أصول القيادة الناجحة التي تصل للحلول لأي مشكلة بشكل مبتكر يواكب مستجدات العمل الأمني في العالم.. وأضاف: أتقدم هنا بكل معاني الوفاء والشكر لكلية الشرطة ومديرها العام وضباطها وهيئة التدريس وكل من يعمل فيها على جهودهم ووقتهم ووقوفهم بجانبنا.

أمانة وإخلاص 
من جانبه قال الملازم زايد العيادي سعيد جداً بهذا الإنجاز الذي كان ثمرة أربعة أعوام من الاجتهاد في الدراسة والمواظبة الجادة على البرامج التدريبية، وأضاف ما دخلت هذه الكلية إلا لخدمة وطني وهي بدورها أهلتني لهذه المهمة، وسأنفذها بكل امانة وإخلاص واضعا الله نصب عيني ومحبة وولائي لوطني ولسمو أميرنا المفدى. بدوره قال الملازم تميم الكواري انه سعيد جداً بتخرجه من كلية الشرطة، وأضاف سنوظف جميع الخبرات والمهارات التي اكتسبناها خلال فترة الدراسة بالكلية لخدمة الوطن والمواطن.

خبرات ومهارات 
من جانبه اعرب الملازم منصور عجب القحطاني عن فخره الشديد بتخرجه من كلية الشرطة التي أصبحت وجهة طالبي العلوم الشرطية والعسكرية، وأضاف: كانت فترة الانتساب للكلية تجربة مفيدة لنا، واكتسبنا من خلالها العلم واللياقة البدنية، وأشار إلى ان مرحلة الدراسة انتهت وجاءت الآن مرحلة خدمة الوطني التي سنؤديها بإخلاص واجتهاد.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر كلية الشرطة التدريب العسكري من کلیة الشرطة بکلیة الشرطة

إقرأ أيضاً:

فنان العرب محمد عبدو، أعلى الجمال تغار منا؟!

التحية لفنان العرب محمد عبدو وهو يعجم عود الشعر العربي ليختار قصيدة الشاعر السوداني إدريس جماع، هذه القصيدة شكلت وجدان اجيال، وقد اعجبت من قبلك المبدع سيد خليفة فأخرجها للناس في ثوب قشيب مزجج بجماليات السلم الخماسي الذي تستقيم عليه موسقة أهل السودان، وها انت تلبس هذه الماتعة ثوبا جديد عماده السلم السباعي، والقصيدة حقا تستحق بأن تغنى بكل سلالم الموسقة العالمية، ومن يقرأ كلمات القصيدة وما حوته عراجين ثمارها من سمت المباني وابعاد المعاني يوقن بأنها تستحق:
اعْلَى الْجَمَال تَغَار مِنَّا
مَاذَا عَلَيْك اذَا نَظَرْنَا
هِي نَظْرَة تَنْسَي الُّوَقَار
وَتَسْعَد الْرُّوْح الْمَعْنَى
دِنْيَاي انتِ وَفَرْحَتِي
وَمُنَى الْفُؤَاد اذَا تَمَنَّى
أَنْتِ الْسَّمَاء بَدَت لَنَا
وَاسَتَعَصَّمّت فِي الْبُعْد عَنَّا
هَلَا رَحِمْت مُتَيَّمَا
عَصَفَت بِه الاشوق وَهْنَا
وَهَفَت بِه الذِكْرَى
فَطَاف مَع الْدُّجَى مَغْنَى فَمَغْنّى
هَزَّتْه مِنْك مَحَاسِن
غِنَى بِهَا لِمَا تَغَنَّى
يَاشعلُه طَافَت خَوَاطِرَنَا
حَوَالَيْهَا وَطُفْنَا
انْسِت فِيْك قَدْاسَه
وَلَمَسَت اشَرّاقَا وَفَنَّا
وَنَظَرْت فِي عَيْنَيْك
افَاقَا وَاسْرَارّا وَمَعْنَى
وَسَمِعْت سِحْرِيَّا
يَذُوْب صَدَاه فِي الْاسْمَاع لَحْنَا
نِلْت الْسَّعَادَه فِي
الْهَوَى ورشَفَتِهَا دَنَا فَدَنَا
قُيِّدَت حُسْنُك فِي
الْخُدُوْد وَصُنْتُه لِمَا تَجَنَّى
وَحَجَبْتَه فَحَجَبْت
سِحْرَا نَاطِقَا وَحُجِبَت كَوْنَا
وَابَيْت الَا ان تُشَيَّد
لِلْجَمَال الْحُر سِجْنَا
لقد امتلك شاعرها إدريس محمد جمّاع رحمه الله ناصية اللغة العربية، كيف لا وهو المشتغل بتدريسها منذ تخرجه، وقد كان من أكثر الشعراء قدرة على تخيّر الكلمات لتصبح كل كلمة الأمثل للتعبير عن مراده في المقطع الشعري، ودونكم سياقه البديع المذهل:
أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا!
ياااااه
يالجمال الكلمات، ويالسموّ المبنى والمعنى، هكذا كان حال جماع مع ملهمته، يراها في خياله تغدو وتروح أمام ناظريه بكل بهائها؛ لكنها تبقى عنه بعيدة المنال!…
لماذا ياتُرى؟!
أيكون السبب الفارق الاجتماعي بينهما؟
لا، ليس الأمر كذلك، اذ الشاعر من كبار بيوتات السودان، ولد عام 1922 ولد في حلفاية الملوك في مدينة الخرطوم بحري، وينحدر من قبيلة العبدلاب، وقد حفظ القرآن منذ نعومة أظفاره، ودرس في كلية المعلمين في معهد بخت الرضا عام 1946، ثم هاجر إلى مصر لإكمال دراسته عام 1947 والتحق بمعهد المعلمين بالزيتون، ثم بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1951 وحصل على بكالوريوس اللغة العربية والدراسات الإسلامية، والتحق بمعهد التربية للمعلمين وتخرج فيه عام 1952، ثم عمل معلماً بالمدارس الأولية 1942 – 1947، وبعد رجوعه من مصر عام 1952 عين معلماً بمعهد التربية في مدينة شندي، ثم معهد بخت الرضا، وبعد ذلك بالمدارس الوسطى والثانوية عام 1956، وتوفاه الله وهو في عمر 58 في عام 1980.
لقد كان لحفظ ادريس جماع للقرآن الكريم أثره البائن في أشعاره، ودون ذلك غزله العفيف في العديد من قصائده المغناة، ومن الأمثلة على ذلك ماقاله في ثنايا هذه القصيدة الماتعة التي اعجبتك يافنان العرب:
هزته فيك محاسن
غنى لها لما تغنى
آنست فيك قداسة
ولمست إشراقاً وفنا
دنياي أنت وفرحتي
ومنى الفؤاد إذا تمنى
هلا رحمت متيماً
عصفت به الأشواق وهنا.
ويسمو جماع بمشاعره فيبلغ شأوا عظيما عندما يقول:
أعلى الجمال تغار منّا؟!
والغيرة تكون عادة بين متماثلين أو شبه متماثلين، لكنه هنا لا يجعل من نفسه مقابلا لمحبوبته، انما يجرّد منها (جمالها) كطرف ثالث، ثم يجعل المقابلة بين عناصر ذاك الجمال الفتّان وشخصه…
هاهو يقول:
هزته منك محاسن
غنى بها لمّـَا تغنَّى
يا شعلةً طافتْ
خواطرنا حَوَالَيْها وطفنا
انست فيكَ قداسةً
ولمستُ إشراقاً وفناً
ونظـُرتُ فـى عينيكِ
آفاقاً وأسراراً ومعنى.
ألا رحم الله والدي فقد كان كلما ذُكر جمّاع يقول:
هذا شاعر أبكَى شِعرُه (العقّاد)!
وحكى عنه والدي وقال:
كنا طلبة في مدرسة المساعدين الطبيين الكائن مبناها داخل مباني كلية غردون وتخرجنا في عام 1956 وهو العام الذي نال فيه السودان استقلاله،
قال: حضر ادريس جماع حفل التخرج في معية أحد الزملاء من ابناء الحلفايا، وكان جمّاع حينها معلما في المرحلة الثانوية، وقد بدت عليه بوادر مرضه الأخير وهو انزواء عن الناس اصبح ينتابه، وكانت إحدى فقرات الحفل خاصة بالوالد حيث ألقى احدى قصائد أحمد شوقي،
وإذا بأحد الحضور يجهش بكاء ثم يأتي إلى المنصة ويقف بجواري، وما ان ختمت القصيدة حتى ارتجل قصيدة يجاري فيها قصيدة شوقي!، قال الوالد:
لقد أنشد أكثر من خمسين بيتا،
كان هذا هو الشاعر إدريس جماع، ومذ ذاك توثقت العلاقة بين الوالد وجمّاع رحمهما الله.
والشاهد في سوقي لهذه الحادثة قول الوالد رحمه الله:
زرت جمّاع بعد هذه الأمسة بأيام في بيتهم بطلب من المنصة للحصول على القصيدة التي ألقاها يوم احتفال تخرجنا، لكنني دهشت عندما رد الراحل بأنه لم يعتد حفظ قصائده!…
وهكذا أضاعت جبلّتنا السودانية المجافية للتوثيق دررا، وأقسم الوالد بأن قصيدة جماع المرتجلة كانت أندى كلمات وأجمل سياقا واوقع موسقة من ابيات شوقي المجاراة!
وأضاف الوالد رحمه الله بأنه يكاد يجزم بأن جُلّ قصائد جمّاع التي وصلتنا كانت في الأصل أكثر ابياتا، لكنها تناقصت مابين ذواكر الحُفّاظ والتحبير!
وخلال جلسة استماع -من خلال التلفاز- والراحل سيد خليفة يبدع في اداء أغنية (أعلى الجمال تغار منا) سألت الوالد هل حدثكم الراحل جمّاع عن الفتاة التي كتب فيها هذه القصيدة؟
قال لي بأنه سأل جماع هذا السؤال فكان رده بأن القصيدة- بل كل قصائده- لم يكتبها في فتاة بعينها!!!
فأعدتُ الاستماع إلى كلمات الأغنية مرارا لأجدها تصطرخ بالتعبير عن هوى حقيقي لأنثى بعينها!:
أعلى الجمال تغار منا
ماذا عليك إذا نـظرنا
هى نظرةً تنسى الوقارَ
وتسعدُ الروحَ المعنىّ
دنياى أنت وفـرحتى
ومنى الفؤادِ إذا تَمَنىّ
أنتَ السماءُ بدتْ لـنا
واستعصمتْ بالبعدِ عنا
هلاَّ رحمتَ مـتيما
عصفت به الأشواق وهنا
وهفت به الذكرى فطاف
مع الدجى مغنى فمغنى
هزته منك محاسن
غنى بها لمّـَا تغنَّى
يا شعلةً طافتْ
خواطرنا حَوَالَيْها وطــفنــا
آنـست فيكَ قداسةً
ولمستُ إشراقاً وفناً
ونظرتُ فـى عينيكِ آفاقاً
وأسراراً ومعنى
كلمْ عهوداً فى الصبا
أسألْ عهوداً كيف كـُنا
كمْ باللقا سمحتْ لنا
كمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهبَ الصبا بعُهودِهِ
ليتَ الطفُوْلةَ عـاودتنا.
وظلت أجابة الوالد تلحُّ عليّ بأن أسائل نفسي هذا السؤال:
هل يمكن لشاعر ما أن ينداح شعرا بهذه الحميمية والصدق البائن في المشاعر دون أن تكون هناك حبيبة بعينها في خاطره ووجدانه؟!
الاجابة عن هذا السؤال كانت تتطلب سبرا لغور اشعار هذا الشفيف، وقد ساعدني الوالد رحمه الله عندما أومأ لي بأبيات أخرى (عميقة المعنى) لشاعرنا النبيل، أقرأوا بالله عليكم هذا الامتاع اللغوي، وجزالة هذا السياق وماحملت عراجينه من معاني ومرادات:
نمشي علي الدرب الطويل ولا يطيب لنا مدي
إن الحياة بسحرها نغم ونحن لها صدي
من مات فيه جمالها فمقامه فيها سدي
كم عاشق لسعادة ضل الطريق وما اهتدي
هي فيك وهي رضاك عنك ففيم تبحث أبعدا
يااااه
ان جمال السعادة يكمن في وجدان ادريس جماع ولا ينفكُّ عنه سلوكا وشعرا وعلائق اجتماعية، وهنا مهوى قرط المعني والمبني لدى جمّاع، ولكن كيف لوجدان أن يتصالح ذاك التصالح ثم ينداح للناس بكلّ هذا الأسى والحُزن الدفّاق؟َ!
وكم كنت -ولم أزل- يحار عقلي بين يدي أبياته التي تحكي عن حظه العاثر في هذه الدنيا:
إن حظى كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
صعب الأمر عليهم ثم قالوا اتركوه
ان من أشقاه ربى كيف أنتم تسعدوه
لان رمنا الاجابة يلزمنا الابحار في ديوانه الأوحد الذي بين يدينا (لحظات باقي)، وحتى هذا الديوان الأوحد ماكان له أن يجمع ويطبع لولا التقاء نفر كريم بالراحل عندما سافر إلى القاهرة للعلاج، فاجتهدوا في الوصول إلى ما وجدوه في دار أهله من قصاصات كتب عليها بعض ابداعه فطبعوه له!
والقارئ لديوانه حظات باقية هذا يشده منذ الوهلة الأولى وهج الحرية التي يكتنف كل كلمة فيه!
فالرجل كان عاشقا للحرية إلى حدّ الترف…
وان كان جماع قد فاته قطار الترف المادي فإنه مشبع بترف الحرية الانسانية في اسمى مراداتها…
الحرية في التعبير عن حب عذري سامي لانثى يراها بعين محب عاشق واله، الحرية دون احتلال بغيض لا يجد في وطنه الاّ بقرة حلوب، يسرق قطنه وذهبه وصمغه وثروته الحيوانية لصالح بني جلدة له هناك من خلف البحار، فالاحساس الداخلي بالحرية يعضده احساس بجمال السعادة في دواخله
بذلك…
لكل ذلك افرد جمّاع لنفسه فضاءات وسوحا ممتدة الافق،
فضاءات جعلها تحتمل كل المشاعر الانسانية التي تتخلل اشعاره الجذلى، وهو دونها باسم الثغر وضّاء المحيا…
قال لي الوالد:
اعتاد جمّاع أن يلقي علينا القصيدة الحزينة وهو يبتسم!
أقول:
قصيدة أعلى الجمال تغار منا تكتنفها رؤية فلسفية ريّانة بأدب جم وحياء يرتكز إلى تدين فطري يجمل دواخل شاعرنا…
أعلى الجمال تغار منا؟!
فالخطاب وان بدا لنا مباشرا من جماع إلى محبوبة بعينها، إلا إنه في الواقع يعني خيالها المستصحب لديه، لقد جرد صورتها التي تمثل عنده الجمال في أبهى معانيه ليصوب نظراته الهائمة إلى (الصورة)، ف جماع من فرط تديّنه لا يريد لنظراته أن تصوب مباشرة إلى (شخص) محبوبته كي يراها -هي أيضا- تغار -حتى- على صورتها!
فماذا تراه يفعل؟!
لايملك إلا أن يخاطبها لائما فيقول:
أعلى الجمال تغار منّا؟!
ماذا علينا إذا نظرنا، أي (إلى الصورة)!
إذ يكفيه النظر إلى الصورة/الخيال لا الأصل، ف النظر إلى الصورة والخيال ينأى به عن مغبة النظر إليها عيانا!
دنياي أنت وفرحتي
ومنى الفؤاد اذا تمنّى.
يالجمال البوح بين يدي تلك الصورة، ويالابداع تناسق موسيقى الأحرف!
أشار لي الوالد رحمه الله إلى خواتيم القصيدة وقال:
لقد علمت بأن جمّاع عشعشت في دواخله صورة قريبة له نشآ وتشاركا حراك الطفولة سويا، لكنها توفيت قبل البلوغ ولعلها كانت الموحية له،
وهذه هي خواتيم القصيدة:
كلّمْ عهوداً فى الصبا
أسألْ عهوداً كيف كـُنا
كمْ باللقا سمحتْ لنا
كمْ بالطهارةِ ظللـتنا
ذهبَ الصبا بعُهودِهِ
ليتَ الطِفُوْلةَ عاودتنا.
وحتى البيت الأبهى والذي سبق في هذه القصيدة يحمل في ثناياه ذات المعنى:
أنت السماء بدت لنا
واستعصمت بالبعد عنا!
فالسماء دوما تتسق مع الفطرة والنقاء والبهاء، وانها -وان اكتنفتها السحب والأنواء أحيانا- الاّ أنها تعود إلى صفائها ونقائها وبهائها المعلوم، وذاك سمت الطفولة وحالها، ولا أخال الأمر أمر فوارق اجتماعية نأت به عنها كما كتب بعض النقاد، فالرجل سليل أسرة معلومة الأصل والمحتد، فيا لهذا التشبيه العميق،
ولا أخالني قرأت من قبل لشاعر يصف فيه معشوقته بالسماء!
اضاف الوالد رحمه الله بأن جمّاع كان موهوبا أيضاً بملكة الرسم والتلوين،
توحي بذلك صورة يدوية كبيرة للوحة الموناليزا رسمها جماع بنفسه حيث يجدها الوالج إلى غرفته مثبتة على الحائط، ذات الموناليزيا بابتسامتها الحيرى التي لا تكاد تجلس الاّ ويتملكك الاعجاب بها ويستبد بك الادهاش لابداع يجده في تفاصيل اللوحة المرسومة بيد جماع، ولديه في ذات الغرفة رسومات أخرى بديعة لزهور في غاية الروعة والجمال، منها زهرة السوسن، وزهرة الشمس، وزهور أخرى بلا أسماء…
وكان لصور وجوه الناس حضور كبير على جدران ذات الغرفة، منها رسم لوجه والدته وجدّته،
وبجوار سريره كانت هناك صورة بديعة لشاب وسيم، ما أن رأى جماع نظرات الاستفهام عنها الاّ وأبان بأنها لصديق عزيز، هو في الأصل قريب له قاسمه نشأة الطفولة والصبا وتوفي غرقا قبل سنوات طويلة، قال ذلك وهو يجفف بكم قميصه دمعتين،
واضاف الوالد:
من يزور جمّاع في بيته يخاله رسام لا شاعر، لكنك إن حادثته تعلم يقينا بأنك تحادث شاعرا وأديبا…
وولج جمّاع إلى داخل الدار ليحضر لي ولمرافقي شيئا من لوازم الضيافة، فنبهني زميلي إلى أوراق مبعثرة على ارضية الغرفة، فنهضت وتناولت ورقة منها فوجدتها لقصيدة (لاميّة) بها مايزيد عن الستين بيتا، أقسم لي الوالد بأنه لم ير هذه القصيدة لاحقا في ديوان جماع.
اللهم اغفر لعبدك ادريس محمد جماع وأفتح له في مرقده بابا من الجنة لايسد، واغفر اللهم لوالدي، وافتح لهما في مرقديهما ابوابا من الجنة لاتسد انك ياربي ولي ذلك والقادر عليه.
والتحية لك فنان العرب محمد عبدو وأنت تعجم عود الشعر العربي لتخرج للناس بهذه الماتعة البهية لإدريس السودان الذي نرفعه مكانا عليا.

عادل عسوم

adilassoom@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد.. مقطع فيديو جديد للغارة “الاسرائيلية” التي استهدفت الشهيد “حسن نصر الله” 
  • زيتوني : هذه هي التدابير التي تم اتخاذها لحماية القدرة الشرائية للمواطن
  • عيد الشرطة الـ73.. تفاصيل زيارة وفد الشباب والرياضة لأمن القاهرة
  • مفتي عام المملكة: ترسيخ الأمن الفكري لدى الطلاب ضرورة لحماية الوطن
  • ‏إيران قد تعود لسوريا إذا لم يستعجل العرب!..
  • مفتي عام السلطنة
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور لـ سانا: كما سنعمل على إعادة تشكيل وتموضع نقاط التفتيش التي كانت مصدراً لنشر الخوف والتوتر، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإجراءات القمعية الأخرى التي كانت تمارسها حواجز النظام البائد داخل المدن والقرى وخارج
  • فنان العرب محمد عبدو، أعلى الجمال تغار منا؟!
  • الحلبوسي: سنواجه قرار إيقاف قانون العفو العام بكل الوسائل
  • أصالة تعلق على حفلي محمد عبده في الرياض: المطرب الأول والأهم