كيف تخوض نساء غزة تجربة الولادة وسط نيران الحرب؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تناول تقرير لموقع " ميدل إيست آي" الأوضاع الصعبة التي تعاني من النساء في غزة لاسيما الحوامل منهم وسط انعدام الرعاية الطبية والحرب المدمرة التي يشنها الاحتلال على القطاع، حيث خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة بفعل القصف هذا فضل عن اكتظاظ المتبقي منها بالجرحى والمصابين جراء العدوان.
وفيما يلي نص التقرير:
مع احتدام الهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، تواجه النساء الفلسطينيات الحوامل تحديّات الولادة في منطقة حرب ويتحملن مصاعب ما بعد الولادة التي تتبع ذلك، بما في ذلك نقص الدواء والغذاء والماء.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، توجد حوالي 50 ألف امرأة حامل في غزة و180 ولادة جديدة يوميًا. ومن المتوقع أن يواجه حوالي 15 بالمائة من هؤلاء الأمهات الحوامل مضاعفات تتعلق بالحمل أو الولادة ويحتجن إلى رعاية إضافية.
لكن مثل هذه الرعاية، التي ينبغي أن تكون روتينية في العادة، أصبحت الآن ترفًا بالنسبة للعديد من الأمهات، مع قيام إسرائيل بمنع وصول المساعدات إلى غزة واستهداف المستشفيات بشكل مستمر. وتعاني الأمهات من ضائقة نفسية حادة، إذ يحاولن إبقاء أطفالهن على قيد الحياة خلال الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك أكثر من 10 آلاف طفل.
فداء عيسى أم لطفلين تبلغ من العمر 28 سنة وتعيش في بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وقبل بدء الصراع، كانت تنتظر بفارغ الصبر وصول طفلتها الجديدة آية. قالت فداء: “لقد قمنا بالعد التنازلي للأيام التي سبقت وصول آية… كانت ابنتي ملك متحمسة للغاية لأن يكون لها أخت تلعب معها، لكن العدوان الإسرائيلي دمر حلمنا”. وأضافت: “تحولت السعادة إلى قلق وخوف. لقد أصبح الحمل عبئًا على قلبي”.
فرّت فداء من منزلها في 14 تشرين الأول/ أكتوبر بعد أن تلقى صهرها إخطارًا من الجيش الإسرائيلي يطالبهم بمغادرة المنزل. وغادرت فداء على الفور مع طفليها أمير وملك خوفًا على مصير جنينها. وقالت: “لقد كان أمرًا مروعًا للغاية بالنسبة لي أن أعتني بروح داخل رحمي بينما أحاول تدبير أمري”. وبعد عشرين دقيقة من الهروب، بدأت فداء تنزف من شدة التعب. وبحثًا عن ملجأ، توجهت هي وعائلتها إلى منزل أحد الأصدقاء في منطقة مجاورة، لكن الصواريخ سقطت في مكان قريب، مما أجبرهم على الإخلاء جنوبًا.
بالنسبة للفلسطينيين، فإن ذاكرة الأجداد عن التهجير هي شيء نشأوا عليه. فغالبية سكان غزة إما أولئك الذين طردتهم الميليشيات الصهيونية خلال نكبة سنة 1948 أو من نسلهم. ذكرت فداء: “أثناء هروبي، لم أستطع إلا أن أتذكر القصص المأساوية التي كانت جدتي الحبيبة ترويها لنا عن النكبة الفلسطينية”. وأضافت: “التهجير القسري والانتقال من منزل إلى آخر والقصف المتواصل. كل هذا يحدث مرة أخرى. وأنا أشهد ذلك، وكذلك أطفالي”.
العثور على ملجأ
بعد وصولهم إلى جنوب غزة، اعتقدت فداء وعائلتها أنهم نجوا من الموت، وأن الجنوب سيكون بمنأى نسبيًا عن الصراع. ولكن بعد أسبوع، ثبت خطأهم عندما بدأت الشظايا تتساقط في المنطقة. وتتذكر فداء قائلة: “شعرت بالارتباك الشديد والإرهاق – حيث كنت أتنقل باستمرار من مكان إلى آخر بحثًا عن الأمان لأطفالي. لقد استنزفنا الأمر عاطفيًا”.
لقد أدركت أن الجنوب ليس أفضل من الشمال، فقررت العودة إلى الشمال ولجأت إلى مستشفى كمال عدوان حيث كانت تعيش والدتها. قالت: “لقد طمأنتني أمي وأكدت لي أن الحرب ستنتهي. وشجعتني على إعداد أجمل الملابس لطفلتي. إن كل شيء يصبح أسهل بوجود والدتي بجانبي”. لكنها شهدت في المستشفى ما سيترتّب على الولادة في غزة.
لجأت العشرات من النساء الحوامل إلى المستشفى وكنّ على وشك ولادة أطفالهن. قالت فداء: “شاهدت امرأة في (أسبوعها الثلاثين) فقدت شعورها بالانقباضات بسبب الخوف، وأُجبرت على الخضوع لعملية قيصرية”. وأضافت: “كانت هؤلاء النسوة يلدن وسط مشاهد جهنمية والجثث متناثرة حولهن”. وتابعت: “لقد رأيت الجثث تصل إلى المستشفى، وتُركت دون دفن لعدة أيام، في انتظار أن يتعرف ذويها عليها.
مشيت بين الجرحى والنازفين، ولم يكن لديهم أطباء لعلاجهم. كانت النساء الحوامل يلدن، ويصرخن أثناء المخاض، مع عدم وجود قابلات أو مواد تخدير متاحة للعمليات القيصرية”.
وصفت فداء مشهدًا يوضّح كيف يبدو النظام الصحي الفاشل. لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأطباء أو الممرضات المتاحين لعلاج الجرحى واستكمال إجراءات دفن الموتى ومساعدة النساء الحوامل. ونتيجة لذلك “أصيبت حالة من الاكتئاب”.
الاضطرار للانتقال مرة أخرى
يعاني النظام الصحي في غزة على مدى سنوات من الحصار الإسرائيلي على القطاع، مما جعله يكافح من أجل علاج سكانه. مع ذلك، أدت الحرب التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى تدمير العديد من أكبر المستشفيات في المنطقة حيث جعلتها إسرائيل أهدافًا لحربها ضد حماس.
في وقت مبكر من الحرب، بررت إسرائيل هجماتها على مستشفى الشفاء في مدينة غزة، زاعمة أنه يضم قاعدة تحت الأرض لحماس. وقد ثبت لاحقًا أن هذه الادعاءات كاذبة، لكن ذلك لم يمنع إسرائيل من استهداف المستشفيات الأخرى.
وعندما حولت إسرائيل تركيزها إلى المستشفى الإندونيسي، خشيت فداء – بحق – من أن يكون كمال عدوان هو التالي، فقررت التحرك مرة أخرى نحو الجنوب، من أجل طفلتها التي لم تولد بعد. قالت: “مسحت دموعي وقررت أن أكون قوية من أجل أطفالي. وتوسلت إلى والدتي لتنضم إلي وأخبرتها أنني أريد البقاء معها، والموت معها، لكنني كنت يائسة، وعاجزة، وحامل، وغير قادرة على الولادة [في مستشفى كمال عدوان]”.
أخبرتها والدتها أنها ليست على استعداد للانتقال مرة أخرى، وفي النهاية، غادرت فداء مع زوجها وعائلتها، تاركة والدتها وراءها. ذكرت: “لقد دعيت الله أن يمنحني القوة. وشكرت والدتي على كل ما فعلته من أجلي وغادرت مع زوجي”. وهذه المرة، ستواجه في رحلة البحث عن ملجأ صعوبات جديدة.
مواجهة الإسرائيليين
أثناء توجهها جنوبًا، اكتشفت فداء أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أقامت نقاط تفتيش على الطرق التي قالت إنها آمنة للسفر. أُجبروا على الانتظار عند نقطة التفتيش لمدة خمس ساعات بين الساعة 10 صباحًا و3 بعد الظهر، إلى جانب فلسطينيين آخرين حيث تعمد الجنود الإسرائيليون إطلاق النار فوق رؤوسهم “للتلاعب” بأعصابهم.
خلال المحنة، لم يُسمح لفداء عيسى بالجلوس على الرغم من أنها كانت حاملًا، وقام الجنود الإسرائيليون بتفتيشها وسرقوا الأموال والذهب وغيرها من الأشياء الثمينة. وتتذكر فداء قائلة: “اقترب مني أحد الجنود وأمرني بالوقوف والجلوس لأكثر من 30 دقيقة، على الرغم من علمه بحملي”. وأضافت: “التغيير المستمر بين الوقوف والجلوس وبطني أمامي كان مؤلمًا. وبدأت أنزف مرة أخرى وكان الدم يغطي ملابسي ولكن لم أستطع الشكوى”. وتابعت: “انهمرت الدموع على خدي. في تلك اللحظة، تمنيت لو لم أكن حاملاً”.
ذكرت فداء أن أولئك الذين لم يمتثلوا للأوامر تم إطلاق النارعليهم وقتلهم بشكل مباشر. ومثل هذه الروايات عن عمليات الإعدام بشكل مباشر ليست معزولة، وقد تم الإبلاغ عنها من قبل موقع “ميدل إيست آي”.
بحلول وقت مبكر من المساء، سُمح لفداء وعائلتها بالمرور إلى جنوب غزة مع مئات العائلات الأخرى، متحدّين القصف من حولهم. وفي حديثها عن رمزية تلك اللحظة، قالت فداء: “لقد عشت النكبة الفلسطينية بصدق. وتذكرت كل نصائح جدتي – أن أحمل أطفالي وإلا فقد أفقدهم. وأن أحمل أمتعتي بشكل صحيح، وإلا فسوف أخسرها. لقد تعلمت من أخطائها في نكبة 1948”. وأضافت أنها تنادي بأسماء أطفالها بانتظام للتأكد من أنهم ما زالوا بجانبها وأنها لن تفقدهم.
الولادة في خان يونس
مع هطول الأمطار وهبوب الرياح عليهم، وصلت فداء وعائلتها إلى خان يونس عند منتصف الليل.
وهناك نصبوا خيمة مع عائلة أخرى وبدأوا التعود على طريقة جديدة للعيش. قالت فداء: “انتهى بي الأمر بملابس مبللة بالمطر ومتسخة بالدماء، ولا يوجد مكان خاص للاستحمام أو النوم فيه”.
طوال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، طورت روتينًا جديدًا في المخيم: الاستيقاظ في الساعة السابعة صباحًا للوقوف في الطابور لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات للحصول على الخبز أو لاستخدام المراحيض العامة في المنطقة.
وبحلول الأول من كانون الأول/ ديسمبر، أثّر أسلوب حياتها الجديد عليها وقررت زيارة مستشفى ناصر لإجراء فحص طبي. وبينما كان الموعد المقرر هو 25 كانون الأول/ ديسمبر، قرر الأطباء أن الطفلة في خطر بسبب زيادة السائل الأمنيوسي ورتبوا لإجراء عملية قيصرية في اليوم التالي.
تتذكر قائلة: “كل ما كنت أتمناه هو أن تمسك أمي بيدي وتؤكد لي أن كل شيء سيكون على ما يرام، ولكن لم يكن هناك أمل”. في يوم العملية، لم يكن لدى الأطباء سوى ما يكفي من الأدوية لتخدير فداء جزئيًا لإجراء العملية.
كان واضحا على فداء قلقها، فطمأنها أحد المسعفين المشاركين، “ارتسم على وجه الدكتور عدنان ابتسامة مطمئنة وطمأنني وأكد لي أن العملية ستكون سهلة ومباشرة عندما لاحظ خوفي”.
معاناة ما بعد الولادة
وُلدت آية في 2 كانون الأول/ ديسمبر، وسرعان ما أفسحت فرحة الولادة المجال أمام معاناة ما بعد الولادة. كان عليها أن تعود إلى خيمتها مباشرة بعد الولادة حيث كان من الضروري توفير الأسرة مجانًا للوافدين الجدد.
في المخيم، كانت تفتقر إلى مرافق الصرف الصحي لمساعدتها خلال الأيام والأسابيع القليلة الأولى من حياة آية، ولم يكن هناك شعور مناسب بالخصوصية. قالت فداء إنها ونساء أخريات لم يكن لديهن إمكانية الوصول إلى الفوط الصحية، وبدلاً من ذلك كنّ يُخاطرن بالتعرّض للعدوى عن طريق إعادة غسل قطع القماش في المياه القذرة.
قالت: “ارتجف جسدي من البرد الشديد. لم يكن لدي سوى بطانية واحدة لأغطي نفسي وطفلي. وكان عدد كرات الدم لدي (منخفضًا) وكان من المفترض أن أتلقى وحدات دم داعمة، لكن لم يكن هناك أي منها متوفر في المستشفى”.
نصح الطبيب فداء باتباع نظام غذائي صحي وتناول الفواكه والخضروات لمساعدتها على التئام جرحها، وحتى تتمكن من الحصول على ما يكفي من العناصر الغذائية لإرضاع طفلها.
قالت فداء: “لم أتمكن من الحصول على العناصر الغذائية اللازمة لاستعادة تعداد الدم. نصحني الطبيب بالابتعاد عن الخبز والجبن، لكن أول شيء أكلته هو الخبز والحليب الصناعي الذي يعتمد حاليًا على الحليب الصناعي، لكننا لا نستطيع تحمل تكاليفه”.
وقبل الحرب، كانت علبة الحليب الصناعي تكلف حوالي 18 شيقلًا (4.75 دولاراً) ولكن منذ بدء الصراع، يمكن أن تكلف ما يصل إلى 50 شيكلًا (13 دولارًا) حسب توفرها.
ونظرًا لعدم قدرتها على الحصول على غلاية لتنقية المياه، يتعين على فداء غلي الماء باستخدام مواقد أشعلتها بنفسها، لكن على الرغم من غليان الماء، لا تزال آية تعاني من مشاكل في المعدة. وأوضحت فداء قائلة: “أضع الماء في زجاجة الطفل كما لو كان حليبًا لمنعها من البكاء”.
لقد ثبت أن كل جانب من جوانب الولادة والحياة الجديدة لآية صعب. وقالت: “ولدت آية بلا ملابس على الإطلاق. واشترى زوجي ملابس مستعملة من متجر قريب”.
وأضافت: “شعرت بالسوء لعدم قدرتي على إعالتها”.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النساء غزة الاحتلال المستشفيات العدوان غزة الاحتلال النساء ولادات العدوان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعد الولادة لم یکن هناک مرة أخرى فی غزة
إقرأ أيضاً:
إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة .. تقرير
الجديد برس|
كشفت معطيات إحصائية جديدة حجم ما ألحقته آلة القتل والتدمير الإسرائيلية في القطاع غزة على مدار 470 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي طاولت كل مقومات الحياة الإنسانية.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في تقرير إحصائي نشره اليوم الثلاثاء، الخسائر الأولية المباشرة للحرب بأكثر من 38 مليار دولار، فيما بلغت نسبة الدمار 88%.
وبين أن جيش الاحتلال ألقى طوال فترة الحرب على غزة 100 ألف طن من المتفجرات، استشهد على إثرها 46 ألفًا و960 مواطنا، بينهم 17 ألفًا و861 طفلًا منهم 214 رضيعًا و808 أطفال دون عمر السنة، بالإضافة لارتقاء 12 ألفًا و316 امرأة، مشيرا إلى نسبة الأطفال والنساء تشكل 70% من إجمالي عدد الضحايا.
وسجل الإعلام الحكومي 14 ألفًا و222 مفقودًا، ونحو 110 آلاف و725 إصابة، بينهم 15 ألفًا بحاجة لعمليات تأهيل طويلة الأمد، و4 آلاف و500 حالة بتر، موضحا أن 18% من إجمالي حالات البتر سجلت بين الأطفال، فيما يحتاج 12 ألفًا و700 جريح للعلاج في الخارج.
وأوضح الإعلام الحكومي أن 38495 طفلًا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، فيما فقدت 13901 من النساء أزواجهن خلال الحرب.
وفي تفاصيل ممارساته الإجرامية، ارتكب الاحتلال مجازر مروّعة ضد العائلات الفلسطينية طيلة أشهر الحرب، حيث أباد 2092 عائلة بمجموع عدد أفراد 5967 شهيدًا، في حين أنّ 4889 عائلة أخرى فقدت جميع أفرادها باستثناء فرد واحد (الناجي الوحيد)، ليصل عدد شهداء هذه العائلات إلى أكثر من 8980 شهيدًا.
النزوح والجوع
في حين أجبرت حرب الإبادة مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء، حسب إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي. وأشار إلى أنّ 110 ألف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين، فيما أُصيب أكثر من مليونين و136 ألفًا بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما انتقلت عدوى التهابات الكبد الوبائي لنحو 71 ألفًا و338 نازحًا.
وفي غزة، شدد المكتب على أن “الناس ماتت جوعًا ومن البرد أيضًا”، إذ استشهد 8 فلسطينيين بينهن 7 أطفال من شدة البرد في الخيام، فيما استشهد 44 نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها الاحتلال خلال أشهر الحرب ضد سكان القطاع تحديدًا محافظتي غزة وشمالها لحملهم على الهجرة القسرية، ولا يزال الموت يتهدد نحو 3 آلاف و500 طفل في القطاع بسبب سوء التغذية.
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر والحصار المشدد، حيث وصل عدد شهداء الطواقم الطبية ألف و155 شهيدًا ونحو 360 معتقلًا أعدم منهم 3 أطباء داخل السجون.
المستشفيات والدفاع المدني
ومنذ السابع من أكتوبر ألو 2023، طال العدوان 34 مستشفى في قطاع غزة من خلال حرقها أو الاعتداء عليها أو إخراجها من الخدمة، فيما تعمل بقية المستشفيات بقدرات محدودة للغاية.
وأدى العدوان، وفي معطيات الإعلام الحكومي، لإخراج 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، كما استهدف الاحتلال 162 مؤسسة صحية أخرى، فضلًا عن استهداف وتدمير 136 سيارة إسعاف مما أدى إلى شلل كبير بقدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.
أما طواقم الدفاع المدني فقد استشهد منهم 94 عاملًا، واعتُقل 26 آخرين من إجمالي 6 آلاف و600 حالة اعتقال نفذها الاحتلال في قطاع غزة منذ بادية الحرب، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
وخلال الحرب دمر الاحتلال 19 مقبرة بشكلٍ كلي وجزئي من أصل 60 مقبرة، وانتهك حرمة الأموات بسرقة ألفي و300 جثمان من المقابر. كما اكتشفت الطواقم المختصة 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، جرى انتشال 520 شهيدًا منها.
كما لم تسلم بيوت العبادة من العدوان، حيث تعرض 823 مسجدًا للهدم الكلي بفعل الاستهداف المباشر، و158 مسجدا بشكلٍ بليغ بحاجة لإعادة ترميم، إلى جانب استهداف وتدمير 3 كناس في القطاع، و206 مواقع أثرية.
وشدد الإعلام الحكومي على تعمد جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، استهداف الصحفيين وملاحقتهم في محاولة لطمس الحقيقة التي أصروا على نقلها رغم المخاطر التي أحاطت بهم، إذ أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 205 صحفيين، إصابة 400 آخرين، واعتقال 48 صحفيًا معلومة هوياتهم.
البنية التحتية السكانية والخدماتية
ووفق الإحصاءات، تعرضت 161 ألفًا و600 وحدة سكنية في قطاع غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 82 ألفا أخرى أصحبت غير صالحة للسكن، و194 ألفًا تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
وهدم جيش الاحتلال 216 مقرًا حكوميًا بشكل كلي، وارتكب 150 جريمة استهدف فهيا عناصر شرطة وتأمين مساعدات، خلّفت 736 شهيدًا. وطالت سياسة التدمير القطاع التعليمي في غزة، حيث هدم الاحتلال كليًا 137 مدرسة وجامعة، فيما تضررت 357 مدرسة وجامعة بشكلٍ جزئي.
أما ما عدد ما قتله الاحتلال من طلبة ومعلمين وأساتذة وباحثين، فقد أحصى “الإعلام الحكومي” استشهاد 12 ألفًا و800 طالب وطالبة، و760 معلمًا وموظفًا تربويًا في سلك التعليم، و150 عالمًا وأكاديميًا وأستاذًا جامعيًا وباحثًا.