بينما فر أكثر من نصف سكان المناطق التي احتلتها روسيا منذ عام 2022، يعاني الذين اختاروا البقاء من الممارسات التعسفية للإدارة الروسية، وتهم الولاء التي تنتظرهم في حال استعادت أوكرانيا تلك الأراضي.

في غضون ذلك، تعمل روسيا على إجبار السكان على العمل في إداراتها، وهو ما قد يؤدي إلى تغير في منظومة الإدارة في تلك المناطق، بدءا بالإعلام ونهاية بالتعليم، وفق تحليل لمجلة "فورين أفيرز".

وفي نهاية سبتمبر من سنة 2022، أعلنت روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية، وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها بالفعل في عام 2014، دون بسط سيطرتها الكاملة عليها، في قرار رفضه المجتمع الدولي على نطاق واسع.

تغيير 

وفقاً للأرقام الروسية، فإن ما يقرب من 90% من سكان المناطق الأربع التي تم ضمها -حوالي ثلاثة ملايين شخص- حصلوا الآن على جوازات سفر روسية. 

"وليس لهؤلاء الكثير من الخيارات" وفق المجلة التي قالت إن أغلبية السكان مجبورون -في نهاية المطاف- على استخراج جواز سفر روسي لفتح حسابات مصرفية، أو إدارة مشروعات تجارية، أو تلقي مدفوعات الرعاية الاجتماعية.

لذلك، يرى التقرير الذي أكد أن تلك الممارسات، تدخل ضمن محاولات روسيا إرغام السكان على الولاء أن "تقييم مواقف وولاءات أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال الروسي أمر صعب للغاية".

وبينما لا توجد وسائل إعلام مستقلة أو منظمات مجتمع مدني، في تلك الأراضي، تقوم الأجهزة الأمنية الروسية بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بعناية لتتبع أي معارض. 

كما أن المناطق المحتلة حديثا، منقسمة بشكل واضح بين مؤيد ومعارض للاحتلال، إذ تخدم أقلية من السكان تحت نظام الاحتلال أو تتبنى مواقف مؤيدة لروسيا، بينما تعارض الأغلبية الوجود الروسي.

وتحدث الزوار الروس إلى المناطق المحتلة عن "عداء هادئ" من السكان المحليين، حسبما يؤكد التقرير.

يُذكر أن الجيش الأوكراني، حافظ على مقاومة مسلحة خلف الخطوط الأمامية في جميع المناطق الأربع، مع تقارير تنشر كل بضعة أسابيع عن تفجيرات سيارات مفخخة تستهدف الضباطً الروسً أو المتعاونين المحليين.

 ومع ذلك، فإن الإجراءات التي اتبعها الروس مثل تتبع المعارضين، ومراقبة وجهات النظر السياسية، كانت سبباً في قمع أي مقاومة شعبية حتى الآن.

ويحاول معظم الناس عدم الانصياع لروسيا، لكن دون أن ينتهي بهم الأمر في السجن، بينما غادر كثيرون تلك المناطق لأنهم يرفضون التعامل مع روسيا.

يقول التقرير في الصدد إن "روسيا سعيدة برؤية المعارضين المحتملين يغادرون، فلا يزال هناك طريق خروج متاح لأولئك الذين يملكون المال لشراء تذكرة على متن حافلات مستأجرة منتظمة من الأراضي المحتلة إلى أوروبا عبر روسيا" بينما "يجب على أولئك الذين بقوا أن يتحملوا التلقين العقائدي الذي لا نهاية له". 

دعاية

وكلما وصلت القوات الروسية إلى مدينة جديدة في أوكرانيا، استولت بسرعة على مؤسسة التلفزيون، وأوقفت البث الأوكراني، ونشرت بدل ذلك، دعاية الكرملين. 

منذ يونيو 2022، يقوم الصحفي الروسي، ألكسندر مالكيفيتش -الذي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في عام 2018- في كل من خيرسون وزاباروجيا المحتلتين، على مشاريع لإنشاء محطات تلفزيون محلية جديدة ومدرسة للصحفيين الشباب، لنشر السردية الروسية. 

وتبث محطته الإذاعية المحلية في المناطق المحتلة عروضاً موسيقية وطنية للقوات الروسية.

وقليل من السكان المحليين يستطيعون تحمل "هذه الدعاية الروسية الصارخة، لذلك يبحثون عن بدائل" وفق وصف التقرير. 

ويتصفح هؤلاء قنوات تطبيق "تلغرام" عن الأخبار التي لا تحمل في طياتها الدعاية الروسية. ويستخدم تطبيق المراسلة هذا، الجميع في الأراضي المحتلة، بما في ذلك أعضاء المقاومة الأوكرانية. 

ويصف التقرير هذه الوضعية بكونها "ساحة معركة في الحرب الدعائية" ولكنها أيضًا آلية للبقاء على قيد الحياة للأشخاص العالقين تحت الحكم الروسي. 

وعلى القنوات المحلية على تلغرام، يمكن للمستخدمين الحصول على تحذيرات بشأن الهجمات الصاروخية الوشيكة، أو معرفة متى تكون البنوك مفتوحة، أو مناقشة كيفية الحصول على اتصال أفضل بالإنترنت. 

وتدير روسيا الآن جميع شبكات الاتصالات والإنترنت في المناطق التي ضمتها، مما أدى إلى حجب العديد من المواقع الإخبارية الأوكرانية. 

لمواجهة ذلك، يستخدم السكان شبكات خاصة افتراضية للالتفاف على الحواجز الروسية والوصول إلى المصادر الأوكرانية.

رغم ذلك، يشكو البعض من أن الأخبار الأوكرانية بعيدة عن واقع الحياة في ظل الاحتلال.

ويشير التقرير إلى أن هذه الوضعية قد تؤثر على خيارات السكان مستقبلا، إذ أن اختيار العمل في مدرسة تسيطر عليها روسيا، أو أي منظمة محلية أخرى، يترك السكان عرضة للملاحقة القضائية في نهاية المطاف بتهمة التعاون. 

وأطلقت السلطات الأوكرانية بالفعل ما لا يقل عن 6 آلاف قضية ضد المتعاونين المفترضين منذ صدور قانون جديد بالخصوص في مارس 2022. 

وتتراوح العقوبات المحتملة بين حظر التوظيف الحكومي في المستقبل وعقوبات السجن الطويلة ومصادرة الممتلكات. 

وهذا القانون "مثير للجدل" في نظر التقرير، فهو يحدد التعاون على نطاق واسع لدرجة أن العديد من أصحاب الأعمال أو موظفي الحكومة المحلية يتعرضون لخطر الملاحقة القضائية بمجرد استعادة أوكرانيا لمدنهم ومجتمعاتهم. 

وفي كثير من الأحيان، هربت شخصيات رفيعة المستوى مع تقدم القوات الأوكرانية، لذلك انتهى الأمر بالأغلبية من الإداريين أو المعلمين من المستوى المنخفض، في المحاكم. 

والعديد من هؤلاء هم من النساء، اللائي يشغلن مثل هذه المناصب، في أجهزة الحكومة المحلية والتعليم. 

ورغم أن أغلب الأوكرانيين يتفقون على أن أي شخص يتولى منصباً قيادياً في إدارة الاحتلال الروسي يستحق المساءلة القانونية، إلا أن المحامين والناشطين في مجال حقوق الإنسان يشعرون بالقلق من أن هذا القانون فضفاض ويصب في مصلحة روسيا. 

وعندما انسحبت القوات الروسية من خيرسون في نوفمبر 2022، غادر معها أيضًا آلاف الأوكرانيين -بما في ذلك العديد من المعلمين- بتشجيع من الدعاية الروسية، التي حذرتهم من أنهم سيحاكمون بتهمة التعاون.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المناطق المحتلة

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يرحب بإطلاق سراح سجناء من روسيا

رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، بعودة سجناء أوكرانيين من روسيا، بمن في ذلك ناريمان غيليال، وهو أحد زعماء تتار القرم وناشط سياسي.

 

مقتل 5 أشخاص في روسيا بقصف بطائرة أوكرانية مسيرة الاتحاد الأوروبي يضم بيلاروس إلى بعض العقوبات المفروضة على روسيا

 

وقال زيلينسكي في رسالة بالفيديو: «تم إطلاق سراح عشرة مدنيين بالإضافة إلى 90 جندياً هذا الأسبوع». وأوضح أن ذلك يرفع عدد السجناء المفرج عنهم الذين وصلوا إلى أوكرانيا من السجون الروسية إلى 3310 أشخاص.

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «علينا أن نجد جميع مواطنينا ونعيدهم إلى أوكرانيا، كل واحد منهم في السجن أو تعرض للترحيل، البالغين والأطفال، والجنود والمدنيين».

 

وكان غيليال من بين المدنيين العشرة الذين عادوا أمس الجمعة. وأجرى زيلينسكي محادثات مقتضبة معه اليوم السبت. وكانا قد التقيا آخر مرة في عام 2021.

 

يذكر أن غيليال هو منسق مجلس تتار القرم، وهو الهيئة الحاكمة المنتخبة التي تمثل السكان الأصليين المسلمين في شبه جزيرة القرم البالغ عددهم حوالي 250 ألف نسمة.

 

مقتل 5 أشخاص في روسيا بقصف بطائرة أوكرانية مسيرة

قال مسؤولون محليون، اليوم السبت، إن قصفا بطائرة مسيرة أوكرانية أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل في منطقة كورسك الروسية، في الوقت الذي يحفر فيه رجال الإنقاذ في مدينة دنيبرو الأوكرانية الركام بعد أن استهدف هجوم روسي مبنى سكنيا مؤلفا من 9 طوابق، ما أسفر عن مصرع شخص واحد.

وقال الحاكم أليكسي سميرنوف عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن طفلين من بين ضحايا الهجوم الأوكراني في قرية غوروديش على الحدود الروسية الأوكرانية.

في دنيبرو، قتل شخص واحد على الأقل وأصيب 12 آخرون من بينهم طفلة عمرها 7 أشهر بعد أن دمر قصفا روسيا الطوابق الأربعة العليا من المبنى السكني مساء الجمعة، حسبما ذكر الرئيس الإقليمي سيرهي ليساك.

مواجهة على الجبهة

تأتي الهجمات في الوقت الذي تواصل روسيا مواجهة القوات الأوكرانية في عدة مناطق على طول الجبهة التي يبلغ طولها 1000 كيلومتر.

وكثفت موسكو من قصفها الجوي في محاولة لاستنزاف الموارد الأوكرانية، وغالبا ما يكون ذلك باستهداف منشآت الطاقة والبنية التحتية الحيوية الأخرى.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الدولة خسرت 80% تقريبا من طاقتها الحرارية وثلث طاقتها الكهرومائية جراء الضربات الروسية.

وخلال مناقشته للهجوم في دنيبرو، قال زيلينسكي إنه تذكير لحلفاء أوكرانيا بأن البلاد في حاجة للمزيد من الدفاعات الجوية.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية، يوم السبت، إنها أسقطت 10 طائرات مسيرة روسية خلال الليلة الماضية.

وأضاف الرئيس الأوكراني: «لهذا السبب نذكر دائما جميع شركائنا: بأن كمية كافية فقط من أنظمة الدفاع الجوي عالية الكفاءة، وقدر كاف من التصميم من العالم أجمع يمكن أن يوقف الإرهاب الروسي».

وردت كييف هي الأخرى على روسيا بهجماتها الجوية، والتي غالبا ما تستهدف أيضا البنية التحتية للطاقة.


 

مقالات مشابهة

  • مقتل 11 شخصا على الأقل في قصف صاروخي روسي على مواقع في جنوب أوكرانيا
  • إصابة 4 من موظفي وزارة الطوارئ الروسية في قصف أوكراني على مدينة دونيتسك
  • زيلينسكي يرحب بإطلاق سراح سجناء من روسيا
  • الجيش الروسي يعلن السيطرة على منطقة شومي الأوكرانية
  • سيطرة روسية على منطقة شومي الأوكرانية.. وتعزيز للقوات الجوية
  • موسكو تهدد الغرب بـمواجهة مباشرة بسبب المسيرات الأمريكية في البحر الأسود
  • القوات الروسية تدك مراكز تجميع الأسلحة الغربية في أوكرانيا بـ 17 ضربة
  • "ناشيونال إنترست": كيف تخطط أوكرانيا للرد إذا خسرت؟
  • روسيا تشن هجوما صاروخبا على أوكرانيا .. و ترسل 10 آلاف مجند إلى العملية العسكرية الخاصة
  • روسيا تعرض السلام علي الغرب مرة أخري