قالت مجلة التايم الأمريكية إن الضربات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية، على مواقع عسكرية لجماعة الحوثي في اليمن ردا على هجماتها للسفن في البحر الأحمر وتهديدها للملاحة الدولية ستأتي بنتائج عكسية.

 

شنت القوات الأمريكية والبريطانية، الخميس، غارات جوية على أهداف في جميع أنحاء اليمن، على أمل إلحاق الضرر بميليشيا الحوثي.

وكانت الضربات ردًا على الهجمات على السفن غير المسلحة في البحر الأحمر، وكذلك السفن البحرية الأمريكية، والتي شلت حركة الشحن العالمية.

 

وذكرت المجلة في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن التاريخ يشير إلى أن الضربات كانت خطأ. وقالت "إنهم يواصلون نمطًا من سوء فهم العالم للحوثيين والتقليل من شأنهم.

 

وبحسب التحليل فإن رجال الميليشيات هؤلاء قد تغلبوا على عقبات جغرافية وتكنولوجية كبيرة لفرض سيطرتهم على المرتفعات اليمنية، في حين ضربوا السعودية والإمارات إلى درجة أنهم كانوا على استعداد للتفاوض.

 

وأشارت إلى أن الضربات تتجاهل أيضًا نمطًا طويلًا من القوى الخارجية التي تحاول، وتفشل، في تحقيق أهداف عسكرية في اليمن.

 

وقالت المجلة الأمريكية "قد تضر الضربات الجوية بالحوثيين عسكريا على المدى القصير. ومع ذلك، فإنهم سوف يمنحونهم نصرا سياسيا، ويرفعون مكانتهم في العالم العربي بسبب إعرابهم عن تضامنهم مع حماس والفلسطينيين، في حين فشلت معظم الدول العربية في القيام بذلك".

 

وأضافت "في معظم تاريخها، كانت المنطقة الشمالية الجبلية في اليمن نظامًا ملكيًا يحكمه إمام زيدي – فرع من الإسلام الشيعي. كان النظام الملكي يسيطر اسمياً على جنوب اليمن، لكن القبائل مارست الحكم الفعلي. بعد أن قام البريطانيون بتأمين ميناء عدن عام 1839، وقعوا اتفاقيات استراتيجية مع القبائل المحيطة، مما مكن البريطانيين من السيطرة الفعلية على جنوب اليمن".

 

وتطرق التحليل إلى حكم الإماميين في شمال اليمن وقيام الجمهورية في 1962، والصراع السعودية المحافظ ومصر الثورية والصراع الشمال الجنوبي وقيام الوحدة في 22 مايو 1990م ، وحرب الانفصال 1990 ، وبداية اعلان جماعة الحوثي تمردهم عن الدولة عام 2004.

 

وطبقا للمجلة فإنه على مدى السنوات القليلة التالية، كثفت إيران - التي تسعى إلى تطويق المملكة العربية السعودية - دعمها للحوثيين، بما في ذلك توفير معدات صاروخية وطائرات بدون طيار أكثر تقدما.

 

وقالت بمساعدة إيرانية، قطع الحوثيون خطوات كبيرة في مجال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، مما مكنهم من ضرب أهداف بشكل روتيني في الإمارات والسعودية. وقد أرسل هذا رسالة واضحة مفادها أن الدول التي تتدخل في الحرب الأهلية اليمنية ليست محصنة ضد الانتقام.

 

وزادت "الآن، واحتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على حماس، نجح الحوثيون في إخضاع الشحن العالمي بفضل إتقانهم لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار. وقد وقع الهجوم الأكثر تعقيدًا حتى الآن في 9 يناير/كانون الثاني، عندما أطلقوا 18 طائرة بدون طيار، وصاروخين كروز، وصاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن، اعترضته القوات الأمريكية والبريطانية". وبعد يومين، ردت تلك الدول بضربات جوية ضد أهداف الحوثيين.

 

وخلص التحليل إلى أنه على الرغم من التفوق الكبير للقوات الجوية والتكنولوجيا العسكرية، يشير التاريخ إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لن تكونا قادرين على سحق الحوثيين. لقد حاولت القوات الجوية السعودية وفشلت. وعلى الرغم من أن الضربات الأمريكية في عام 2016 أجبرت الحوثيين على التراجع لبعض الوقت، إلا أن الجماعة لديها الآن أسلحة وتكنولوجيا طائرات بدون طيار أفضل بشكل كبير. لقد تم اختبار الحوثيين بعد عقود من الصراع العسكري. والتاريخ مليء بالحملات العسكرية الفاشلة للإطاحة بالزيديين في اليمن، وهو تحذير واضح للغرب.

 

وتوقعت مجلة التايم أن تؤدي مهاجمة الحوثيين إلى زيادة شعبيتهم في العالم العربي، وتعزيز وجودهم في اليمن خلال وقف إطلاق النار غير المستقر مع الرياض وأبو ظبي، فضلاً عن تعزيز راعيتهم إيران.

 

وقالت "بينما تسعى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حليفتا الولايات المتحدة، إلى الانسحاب من اليمن، جعلت الولايات المتحدة هذه المهمة أكثر صعوبة، حيث أصبح الحوثيون الآن أكثر جرأة وأكثر شعبية، مما يسمح لهم بإملاء الشروط على القوتين الإقليميتين العربيتين".

 

وختمت المجلة تحليلها بالقول "من المنطقي أن ترغب القوى الغربية في إبقاء البحر الأحمر مفتوحاً أمام الشحن، فإن التاريخ اليمني يشير إلى أن القيام بعمل عسكري ضد الحوثيين لن يردعها، بل قد يخلق مشاكل جديدة في المستقبل".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر أمريكا الحوثي السعودية الولایات المتحدة بدون طیار فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فشل واضح للاستراتيجية الأمريكية في اليمن… حرب باهظة بلا جدوى وحسابات خاطئة

بعد نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق حملة جوية كثيفة على اليمن في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم تحقق العمليات العسكرية أي إنجاز استراتيجي واضح، رغم تجاوز كلفتها حاجز المليار دولار.

 

ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي، اعتبر أن جماعة «أنصار الله» تمثل «خطرًا متصاعدًا» بعد استهدافها سفنًا تجارية مرتبطة بإسرائيل، تضامنًا مع الفلسطينيين خلال الحرب على قطاع غزة. وردّت واشنطن بحملة جوية تحت شعار «حماية حرية الملاحة»، شملت مئات الضربات ضد أهداف في شمال وغرب اليمن باستخدام ذخائر دقيقة.

 

غير أن هذه الحملة افتقرت إلى التنسيق الدبلوماسي وبناء التحالفات الإقليمية، كما تجاهلت السياق الأوسع المتمثل في حرب غزة، ما جعلها تبدو منقطعة عن جذور الأزمة، ومكلفة ماليًا بدون تحقيق مكاسب حقيقية.

 

النتائج على الأرض: فاعلية محدودة

 

رغم إعلان القيادة المركزية الأمريكية تدمير عشرات «الأهداف المتحركة»، إلا أن مراقبين مستقلين شككوا في دقة هذه الأرقام. فسرعان ما استأنفت جماعة «أنصار الله» عملياتها البحرية، ما كشف عن محدودية التأثير العسكري الأمريكي، والفشل الواضح في شل قدرة الجماعة.

 

في المقابل، وظّفت الجماعة خطابًا سياسيًا وإعلاميًا ذكيًا، فظهر المتحدث باسمها محمد عبد السلام ليصف الهجوم الأمريكي بأنه «محاولة لكسر إرادة اليمنيين»، فيما أكد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أن الغارات تدل على عجز واشنطن، متوعدًا باستمرار الردّ.

 

استخدمت «أنصار الله» خطابًا حقوقيًا يصف الضربات بأنها «انتهاك للسيادة اليمنية»، و«جرائم حرب»، وقدمت شكاوى إلى مجلس الأمن تطالب بتحقيق دولي. وعرض إعلام الجماعة مشاهد لطائرات مسيّرة واستعراضات عسكرية، ما عزز صورتها كحركة مقاومة فعالة.

 

كما أن انتشار الجماعة في تضاريس جبلية صعبة، وارتباطها بشبكات قبلية، زاد من صعوبة استهدافها رغم التفوق الأمريكي التكنولوجي، لتتحول الحملة إلى نزيف مالي من دون نتيجة سياسية أو ميدانية واضحة.

 

أثر عكسي: توسيع القاعدة الشعبية للحوثيين

 

بدلاً من إضعاف الحوثيين ساهمت الغارات في تعزيز شعبيتها. بل أثارت موجة معاداة للولايات المتحدة في المنطقة، وتحديدًا في العراق وسوريا ولبنان. كما أبدى حلفاء واشنطن في أوروبا، مثل فرنسا وألمانيا، قلقهم من تصاعد العنف، ودعوا إلى حل دبلوماسي.

 

أما داخل أمريكا، فواجهت إدارة ترامب انتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وطالب مشرّعون بتوضيح أهداف الحملة وآلية الخروج منها، والتي وصفها السيناتور كريس مورفي بأنها «بلا نهاية»، بينما اعتبر الجمهوري راند بول أن الإنفاق العسكري في الخارج غير مبرر في ظل التحديات الاقتصادية المحلية.

 

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» أن 62 في المئة من الأمريكيين يفضلون توجيه الميزانية نحو قطاعات مثل الصحة والتعليم، مقابل 27 في المئة فقط أيدوا الحملة العسكرية في اليمن، ما يعكس تراجع التأييد الشعبي للمغامرات العسكرية الخارجية.

 

تحذيرات مبكرة من داخل الإدارة

 

وحتى قبل تولي ترامب منصبه، كانت هناك تحذيرات داخل إدارته من التصعيد ضد الحوثيين، حيث وصف المستشار الأمني مايك والتز الجماعة بأنها «وكلاء لإيران»، معتبرًا أن التركيز يجب أن يكون على طهران لا اليمن. أما إلبريدج كولبي، المرشح لإدارة سياسات البنتاغون، فاعتبر أن إرسال طائرات لضرب اليمن يعكس فشلًا استراتيجيًا عميقًا.

 

وجاءت فضيحة التخطيط للضربات في دردشة جماعية عبر تطبيق «سيغنال» لتزيد الضغوط على الإدارة، والتي دافعت عن الحملة واعتبرتها «عودة للقوة الأمريكية» بعد «تراخي» إدارة بايدن.

 

ورغم التغييرات في التكتيك، تتشابه الحملة الحالية مع نهج بايدن الذي لم ينجح أيضًا. ورغم ضرب أكثر من 100 هدف منذ آذار/مارس الماضي، بما في ذلك منشآت قيادة وتخزين أسلحة، فإن الحوثيين ظلوا قادرين على إعادة الإمداد بدعم من إيران.

 

واعتبر مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن، أن «من غير المرجح أن تنهار الجماعة قريبًا». بل أن هذه الحرب الجوية تؤكد استمرارية في الفشل، وليست استراتيجية جديدة كما تزعم الإدارة.

 

تحول الشحن العالمي وغياب الأفق

 

منذ بدء استهداف السفن في البحر الأحمر، الذي تمر عبره 15 في المئة من تجارة العالم، أعادت شركات الشحن العالمية مساراتها، رافضة المجازفة بالمرور في منطقة مشتعلة، ما أدى إلى إيرادات أكبر لتلك الشركات خلافا للمورد أو المستورد، وما يجعل عودة الأوضاع السابقة شبه مستحيلة.

 

وقال نايتس: «الحوثيون أعادوا تشكيل الشحن العالمي بشكل مربح، ما يعني أن أحد الأهداف الأساسية للحملة – إعادة فتح الممرات – لم يتحقق، وربما لن يتحقق قريبًا».

 

واستأنف الحوثيون هجماتهم في 11 آذار/مارس بعد هدنة قصيرة، ما يثبت أن الردع العسكري لم يحقق هدفه. وأشار المحلل بن فريدمان إلى أن وقف الهجمات قد يتحقق بشكل أسرع لو مارست واشنطن ضغوطًا على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة، بدلًا من مواصلة القصف.

 

ولكن بدلاً من ذلك، اختارت إدارة ترامب التصعيد، فمددت نشر حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأرسلت أخرى إضافية، مع تعزيزات من قاذفات «بي-2» وبطاريات دفاع جوي.

وفيما تستمر الغارات، حذر ديمقراطيون في الكونغرس من أن الكلفة العسكرية ستؤثر على الجاهزية الأمريكية، بينما وصف مساعد في الكونغرس استراتيجية البنتاغون بأنها تفتقر للتوازن بين الوسائل والغايات.

 

ورغم القوة العسكرية الهائلة، لم تُحقق الحملة الأمريكية في اليمن أي اختراق استراتيجي. فالجماعة المستهدفة أثبتت قدرة على الصمود، بل اكتسبت زخمًا سياسيًا وشعبيًا، بينما تواجه إدارة ترامب ضغطًا داخليًا وخارجيًا متزايدًا.

 

وفي ظل غياب أهداف واضحة وخطة خروج، تبدو الولايات المتحدة عالقة في صراع مكلف، يعيد إلى الأذهان دروسًا لم تُستوعب من تدخلات سابقة في المنطقة.


مقالات مشابهة

  • WSJ: فصائل يمنية تخطط لهجوم بري ضد الحوثيين بعد الضربات الأمريكية
  • مجلة أمريكية متخصصة بالحرب تنشر أسماء وصور قيادات الحوثيين الذين قتلوا بالغارات الأمريكية الأخيرة (ترجمة خاصة)
  • مجلة أمريكية: اليمن يتحدى هجمات الولايات المتحدة بمواصلة إطلاقه الصواريخ على “إسرائيل”
  • الحوثيون: الضربات الأمريكية قتلت 6 مدنيين في اليمن
  • أوكرانيا تسقط 40 طائرة روسية بدون طيار آخر 24 ساعة
  • الثانية خلال 48 ساعة.. غارات بدون طيار "أمريكية" تستهدف سيارة وشخصاً في العبر بحضرموت
  • سقوط ضحايا وجرحي في تصاعد الهجمات الأمريكية علي اليمن
  • ثلاث غارات أمريكية تقـ.تل شخصين وتصيب 10 آخرين في مأرب اليمنية
  • مجلة أمريكية: حملة ترامب ضد اليمن ستواجه الفشل مثل بايدن
  • فشل واضح للاستراتيجية الأمريكية في اليمن… حرب باهظة بلا جدوى وحسابات خاطئة