ضربات إيران شرقا وغربا.. حفظ لماء الوجه ورسائل أخرى
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تحمل الضربات الأخيرة التي نفذتها إيران في العراق وسوريا وباكستان، اعتبارات عدّة، منها ما هو "حفظ لماء الوجه" بعد مقتل مقربين كبار منها، ومنها ما يمكن اعتباره "استعراضا لقوتها"، وفق محللين وتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وقالت الصحيفة الأميركية، إن الضربات الإيرانية، التي تمت باستخدام المسيرات وصواريخ عالية الدقة، تحمل رسالة، إلى جانب استعراض قوة طائراتها بدون طيار، مفادها أن بمقدور إيران الاضطلاع بمكانة هامة كمورّد مهم للأسلحة، ولا سيما الصواريخ.
وكان الحرس الثوري الإيراني، ادعى أنه دمّر مقرا للموساد في كردستان العراق، ردّا "على الأعمال الشريرة" وفق وصفه، لإسرائيل، و التي أدّت إلى مقتل قادة من الحرس الثوري ومحور المقاومة" وفق ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.
تعليقا على ذلك، قال المحلل الأردني، خالد شنيكات، إن الضربات الإيرانية، "رسالة للدول التي تعتقد إيران أنها متربصة بها".
وأضاف في حديث لموقع الحرة إنه يمكن اعتبار الضربات الإيرانية ردا منها على القوى المناوئة لها في الدول الأخرى مثل باكستان، والعراق، مشيرا إلى أن الرد الإيراني كان مدروسا بحيث لا يثير حربا شاملة وذلك بضرب ما وصفه بـ"مناطق رخوة" في الدول القريبة.
واعتبر شنيكات ضرب إيران لإقليم كردستان في العراق، ردا منها على مقتل رضي موسوي في سوريا.
وقتل خلال الأسابيع الماضية القيادي في الحرس الثوري، رضي موسوي، قرب دمشق، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، والقيادي العسكري في حزب الله وسام الطويل في جنوب لبنان، في عمليات نسبت إلى إسرائيل.
"حفظ ماء الوجه"من جانبه، قال المحرر المساهم لدى منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، حسن منيمنة، إن "الضربات الإيرانية الأخيرة محاولة منها لحفظ ماء وجهها".
وفي حديث لموقع الحرة، شدد منيمنة على أن محاولة إيران "حفظ ماء وجهها" ليس بالنظر للضربات التي تلقاها حلفاؤها بل بالنظر لما حصل خلال ذكرى مقتل مسؤول العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني قبل أسابيع.
وفي الثالث من يناير الماضي، قتل 95 شخصاً في جنوب إيران في تفجيرين شبه متزامنين استهدفا حشوداً كانت تحيي الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال سليماني بضربة أميركية.
وإثر ذلك، توعّد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بـ"ردّ قاس" على هذا الهجوم.
منيمنة قال أيضا إن الضربات الإيرانية "إشارة من إيران بأنها لن ترتدع رغم أن التهديد يأتيها من مصادر مختلفة" مشيرا إلى أن ردها جاء من منطق أمن وطني داخلي وليس من منطق ما يعرف بمحور المقاومة".
استعراض للقوةفي إحدى الهجمات، التي زعمت إيران أنها كانت تستهدف من خلالها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في إدلب بسوريا، استخدمت أحد صواريخها الأطول مدى والأكثر تقدمًا، وهو صاروخ "خيبر شكن".
ولفت نطاق ودقة هذا الصاروخ، انتباه مسؤولي الأمن في أوروبا وإسرائيل، بالإضافة إلى خبراء من مختلف دول العالم ممن يراقبون التقدم التكنولوجي في إيران.
من خلال الجمع بين أحدث صواريخها وأسطولها من الطائرات بدون طيار، التي اشترتها روسيا بالآلاف لاستخدامها في أوكرانيا، تسعى إيران لأن تصبح منتجاً للأسلحة الأكثر تطوراً في الشرق الأوسط، وفق الصحيفة.
وهذا الوضع، حسبما يقول تقرير نيويورك تايمز، قد يعقد الحسابات الأميركية، حيث يتابع البنتاغون الوضع الآخذ في التعقيد في الشرق الأوسط، بعد اندلاع الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى توسيع الصراع ليشمل إيران.
ويذكر التقرير بأن الخطط الأميركية لمواجهة إيران، بُنيت منذ فترة طويلة على افتراض أن قدرة طهران على إلحاق الضرر خارج حدودها، محدودة.
وكانت هناك شكوك حول قدرة الصواريخ الإيرانية وقوتها، بينما كان برنامجها الخاص بالطائرات بدون طيار لا يزال جديدا.
وكانت أقوى أسلحة إيران، التي قد تستخدمها ضد الولايات المتحدة وحلفائها هي الأسلحة السيبرانية فقط، وهو ما جعلها في مرتبة متأخرة من حيث التهديد وراء الصين وروسيا، وفق التقرير.
لكن قوة إيران الجديدة التي كشفت عنها طائراتها بدون طيار فاجأت الكثير "والآن تجبر قدراتها الصاروخية الغرب على التفكير في طرق الدفاعات والاستجابات"، حسبما تقول الصحيفة.
وزير الدفاع السابق في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مارك إسبر، قال، الأربعاء، إن إيران تقوم بتزويد ودعم وتمويل كل التحركات التي تعطل سيرورة الحياة في الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك تصعيد الحوثيين، وهجماتهم في البحر الأحمر.
وقال إسبر في حديث لشبكة "سي إن إن" إنه "علينا أن نجتمع مع الحلفاء من الدول الغربية والدول العربية، وأن نتوصل جميعا إلى خطة للتعامل مع إيران لوقف هذه التحركات".
ويكمن الخطر على المنطقة والعالم في أن تؤدي الضربات الإيرانية إلى حرب أوسع نطاقا، بحسب التقرير.
وبعد أن شنت إيران، الثلاثاء، هجوما بطائرة بدون طيار على من وصفتها بأنها جماعة إرهابية في باكستان، قالت الأخيرة، الخميس، إنها ردت بضربات صاروخية ضد متطرفين في إيران.
وذكرت باكستان الخميس أنها "نفّذت هذا الصباح سلسلة ضربات عسكريّة منسّقة جدا ودقيقة ضدّ ملاذات إرهابيّة في محافظة سيستان بلوشستان الإيرانيّة بينما أكد وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، في مقابلة تلفزيونية بأن جميع القتلى "مواطنون أجانب" وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، قال، الأربعاء، إن إيران استهدفت "مجموعة إرهابية إيرانية" في باكستان المجاورة، غداة إعلان إسلام آباد مقتل طفلين في ضربة جوية شنّتها طهران.
وقال عبداللهيان خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "تمّ استهداف ما يسمى جماعة جيش العدل، وهي مجموعة إرهابية إيرانية".
لكن تقرير "نيويورك تايمز" يرى أن استعداد إيران لإطلاق وابل من الصواريخ على خصومها، "هو في جزء منه تنفيس عن الغضب، وجزئيا تحذير، وجزئيا عرض للبيع للعملاء في المستقبل".
وتشكل ترسانة إيران من الصواريخ العادية، مثل تلك التي سبق وأن باعتها للمتمردين الحوثيين في اليمن أو لحزب الله في لبنان، مع الطائرات بدون طيار، قوة ضاربة لإيران أو أي قوة حليفة لها للتغلب على الدفاعات الجوية لأي طرف معادٍ، لكن صاروخ "خيبر شكن" يمكنه ضرب مسافة أبعد وبدقة أكبر من أي سلاح أنتجه الإيرانيون في الماضي.
صاروخ "خيبر شكن"تم الكشف عن هذا الصاروخ في عام 2022، وهو صاروخ موجه بدقة ويبلغ مداه 1450 كيلومترًا، ما يعني أنه قادر على ضرب إسرائيل.
لكن ما يجعل "خيبر شكن" متميزا عن بقية ترسانة إيران هو أن رأسه الحربي يمكنه المناورة باستخدام زعانف هوائية صغيرة للتهرب من بعض أنظمة الدفاع الجوي التقليدية.
استعراض سابق للجيش الإيراني للصاروخ "خيبر شكن"ويُشير استخدام "خيبر شكن" هذا الأسبوع، إلى أنه المشروع المفضل لدى الحرس الثوري الإيراني، وفق الصحيفة.
وينظر إلى قرار إيران باستخدام هذا الصاروخ، في سوريا، -حيث كان من الممكن استخدام صاروخ أقل تطوراً وبنفس القدر من الفعالية- على أنه "إشارة إلى أن إيران ربما كانت مهتمة بإظهار قوتها للغرب أكثر من اهتمامها بالانتقام ممن وصفتها "جماعة إرهابية".
وقال خبير الصواريخ والطائرات بدون طيار، فابيان هينز، في حديث للصحيفة "كان من المثير للاهتمام رؤية استخدام هذا الصاروخ".
وأضاف "هناك سؤال عما إذا كانوا قد اختاروا ذلك لاختبار أحد صواريخهم الأكثر تطورا في ظروف قتالية، أو إرسال رسالة إلى إسرائيل، أو الأمرين معًا".
ترسانة إيران.. مكامن الضعفتمتلك إيران أكثر من 3000 صاروخ باليستي في ترسانتها، وفقًا للاستخبارات الأميركية وتقديرات عسكرية مختلفة، تقول الصحيفة.
وفي العام الماضي، خططت إيران لإنفاق 41% من ميزانيتها العسكرية على التطوير وإنتاج الأسلحة، وفقًا لمركز الإمارات للسياسات، وهو منظمة بحثية مقرها أبوظبي.
في المقابل، فإن أسلحة إيران القتالية التقليدية، مثل الدبابات والطائرات، تعتبر إلى حد كبير قديمة وليست بالقوة التي عليها ترسانتها من الطائرات بدون طيار أو الصواريخ.
يذكر أن إنتاج إيران للصواريخ ارتفع على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، مع تحسين كبير في دقتها وتوجيهها والتكنولوجيا التي تعتمدها.
وعلى مدار السنوات التي مضت، تحولت إيران من موقفها الدفاعي في الشرق الأوسط إلى موقف أكثر جرأة تولى فيه الحرس الثوري دورًا في جميع أنحاء المنطقة "بما في ذلك التنسيق مع مسلحين في العراق ولبنان وسوريا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الضربات الإیرانیة فی الشرق الأوسط الحرس الثوری هذا الصاروخ بدون طیار فی حدیث إلى أن
إقرأ أيضاً:
أحمد الشرع "الجولاني" يظهر بربطة عنق: تحول في المظهر ورسائل سياسية جديدة
شهد اللقاء الأخير الذي جمع أحمد الشرع، المعروف بـ "أبومحمد الجولاني"، مع وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، تحولًا لافتًا في مظهر زعيم هيئة تحرير الشام.
حيث ظهر الجولاني مرتديًا بدلة رسمية وربطة عنق، وهو تحول بارز من مظهره التقليدي كقائد جماعة مصنفة إرهابية، إلى شخصية سياسية تسعى للظهور بشكل أكثر رسمية وتحضرًا.
رسائل سياسية من المظهر الجديد1. السعي للحصول على قبول دولي وإقليمييشير التحول في مظهر الجولاني إلى محاولة لتحسين صورته أمام العالم، وتقديم نفسه كشخصية قادرة على الانخراط في العمل السياسي والدبلوماسي.
لم يعد الجولاني يسعى فقط للتأثير على القوى الدولية، بل بدأ بتوجيه رسالة مباشرة للسوريين والمنطقة، مفادها أنه تجاوز مرحلة العمل العسكري البحت.
2. تغيير الانطباعات النفسية والاجتماعيةوفقًا للدكتورة نهى فوزي، أستاذة متخصصة في الموضة، فإن التخلي عن الزي العسكري لصالح الملابس الرسمية يساعد في كسر الحواجز النفسية والاجتماعية، حيث يساهم المظهر الأنيق في توليد شعور بالألفة وتسريع الحوار.
3. انعكاس للتحضر والانفتاحتعتبر البدلة وربطة العنق رمزًا عالميًا للتحضر والانفتاح، مما يعزز الانطباع بأن هيئة تحرير الشام تسعى لتبني نهج سياسي أكثر دبلوماسية.
آراء الخبراءالدوافع الحقيقية وراء التغيير
يري الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذا التحول يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء تغيير الجولاني لمظهره.
وأشار إلى أن التغيير قد يكون خطوة دبلوماسية تهدف إلى تحسين صورته أمام المجتمع الدولي، ولكنه لا يقدم ضمانًا على وجود تغيير حقيقي في توجهاته.
تأثير القوى الإقليميةيطرح الدكتور يوسف احتمال أن يكون هذا التحول نابعًا من توجيهات قوى إقليمية مثل تركيا أو دول أخرى، وهو ما قد يعكس تغيرات في استراتيجية الجماعة بناءً على التحولات السياسية في المنطقة.
السياق التاريخيكان ظهور الجولاني ببدلة رسمية لأول مرة بعد سقوط نظام بشار الأسد لافتًا، حيث تخلى عن زيه العسكري المعتاد، دون ارتداء ربطة عنق، ما أثار حينها دهشة المراقبين، وسعى من خلال ذلك لإيصال رسالة بأن هيئة تحرير الشام لا تهدف للصدام مع الغرب، بل تسعى لتحرير سوريا من نظام الأسد.