???? ورطة إيغاد وأزمة الإتحاد الأفريقي
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
????تنعقد في العاصمة اليوغندية كمبالا اليوم قمة طارئة للمنظمة الحكومية للتنمية، المعروفة اختصاراً ب (#إيغاد) بناءً على طلب جمهورية الصومال على خلفية الأزمة التي نشبت بينها وبين جارتها أثيوبيا، وقد أدرجت قيادة المنظمة في جدول أعمال الإجتماع موضوع الأوضاع في السودان !!
وعلى الرغم من أن ثلاث من الدول السبع الأعضاء في المنظمة، هي السودان وأثيوبيا وإريتريا، تقاطع الإجتماع، وهي الدول المعنية بشكل مباشر بالأمر، إلاّ أن الرئاسة الحالية للإيغاد تُصِر على قيام الإجتماع في موعده، وكأن الإجتماع هدفٌ في حد ذاته وأنه يأتي على طريقة “مطلوب منفذ”!!
في ظل العجز المالي المريع الذي تعانيه الإيغاد، وعدم ممانعة غالبية أعضائها لبيع مواقفهم، أسلمت المنظمة شبه الإقليمية قيادها للمانحين، وأضحت قراراتها معروضة في سوق السياسة الدولي، وعلى مَن يرغب في الحصول على قرار أو موقف معين مِن المنظمة أن يتقدم بعرضه، وهذا هو جوهر خلاف السودان مع مواقفها الأخيرة، فمن بعد ما نالت قدراً من ثقة السودان – العضو المؤسس فيها – لتكون مُسهلاً في الحوار السوداني السوداني وجدت رئاسة المنظمة وبعض قادتها مَن يغريهم بلعب دور من شأنه خلط الملفات والأوراق مجدداً، وراحت تنازع المملكة العربية السعودية في الدور الذي ظلت تلعبه لوقف الحرب عبر منبر جدة ونصّبت نفسها وسيطاً في شأن وقف الحرب.
من الواضح أن الموقف الذي اتخذته حكومة السودان قبل أيام، والقاضي بتعليق التعامل مع الإيغاد في ملف الحرب والسلام، كان موقفاً مدروساً بعناية، وأقل ما يقال عنه أنه بعث برسالة تحذيرية إلى أكثر من طرف مفادها أن كفاكم عبثاً وتدخلاً في الشأن الداخلي السوداني، وأن على المنظمة – إن أرادت أن يكون لها دور إيجابي – أن تلتزم بقواعد ميثاق تأسيسيها وأن تحترم سيادة الدول الأعضاء، وأن تتوقف عن معاملة المتمردين والحركات السالبة وكأنهم جهات تمثل دولها.
لقد أدخلت الإيغاد نفسها في ورطة حين سمحت لآخرين من خارج القارة متورطين في حرب السودان، أن يوجهوا قراراتها لمصلحة الطرف الذي يقفون وراءه في الحرب، وورطت من خلفها المنظمة الإقليمية الأم (الإتحاد الأفريقي) الذي كان يتعامل مع #الشأن_السوداني من خلال الإيغاد لكونه أبقى على عضوية السودان مجمدة فيه لأكثر من عامين، ولعل هذا ما يفسر لنا مسارعة رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي بالأمس لتلافي الأمر وتعيين ثلاث شخصيات رفيعة المستوى، قيل أنهم من المقربين منه، للتعامل مع الملف السوداني.
على #الإتحاد_الأفريقي أو #الإيغاد أن يفهموا أن الأزمة لا تكمن في الأشخاص ولا الآليات، وإنما تكمن في المنهج الذي يعملون من خلاله، وإذا أرادوا لجهودهم في السودان أن تصيب نجاحاً عليهم أن يستعيدوا المنظمتين من خاطفيهما، وأن يجعلوا من شعار “حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية” واقعاً لا قولاً وألاّ يسمحوا للتدخلات الخارجية السالبة في الشأن الأفريقي أن تستمر بأكثر مما حدث، وإلاّ فالسودان هو سيد نفسه ولا شأن له بما يقولون وما يفعلون.
????العبيد أحمد مروح
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الإتحاد الأفریقی
إقرأ أيضاً:
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
بقلم: إبراهيم سليمان
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"
يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!
بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.
لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.
وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.
المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!
وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.
ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!
ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.
وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//