الجزيرة:
2024-09-30@22:14:42 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

قامت دولة جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 -وبعد 83 يوما من تقاعس العالم عن القيام بإجراءات تنفيذية تردع الكيان الصهيوني عن ارتكاب مجازر منقولة على الهواء مباشرة- برفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية، تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد الإنسانية، عبر قصف الفلسطينيين وتجويعهم ومنع وصول الماء والدواء إليهم.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا انفردت جنوب أفريقيا برفع الدعوى ضد إسرائيل؟

للإجابة عن هذا السؤال، علينا استرجاع تاريخ جنوب أفريقيا النضالي الذي أفضى لانتزاع حقوق شعبها رغم مناصرة الغرب لذلك النظام العنصري حينها.

تعتبر الدعوى المرفوعة في محكمة العدل الدولية بخصوص ارتكاب جريمة إبادة جماعية (Genocide)، استرجاعًا لقضية الفصل العنصري (الأبارتايد) الذي عانى منه شعب جنوب أفريقيا طويلًا، وناضل من أجل تحقيق أهدافه بإلغاء هذا النظام العنصري، وهو ما تحقق عام 1994، أي بعد 66 عامًا من فرضه عليهم.

الأبارتايد تمّ عبر هجرة أوروبية إلى جنوب أفريقيا، وكذلك نشأت إسرائيل عبر هجرة اليهود من كافة أرجاء العالم إلى فلسطين، بدعاوى دينية مزيفة وتهجير سكانها الأصليين

هناك قواسم مشتركة عديدة بين نضال شعب جنوب أفريقيا والشعب الفلسطيني، لعبت دورًا رئيسًا في اضطلاع جنوب أفريقيا بهذا الدور الذي سيسجله التاريخ لها، ومنها:

أن الأبارتايد بدأ في جنوب أفريقيا عام 1948، أي بالتزامن مع احتلال فلسطين واضطهاد شعبها وتهجيره. أن الأبارتايد فصل عنصري مبني على العرق واللون، كذلك إسرائيل تمارس عنصرية بغيضة من منطلق ديني باعتبارها دولة يهود العالم. أن الأبارتايد تمّ عبر هجرة أوروبية إلى جنوب أفريقيا، وكذلك نشأت إسرائيل عبر هجرة اليهود من كافة أرجاء العالم إلى فلسطين، بدعاوى دينية مزيفة وتهجير سكانها الأصليين. أن حقوق شعب جنوب أفريقيا الأصلي كانت غير معترف بها، وكذلك اليوم الفلسطينيون أصحاب الأرض بلا حقوق، رغم توقيع اتفاقية أوسلو التي كانت مجرد حبر على ورق. أن جنوب أفريقيا أفرزت قياديين تاريخيين عانوا الأمرّين من قمع النظام العنصري، من أهمهم الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا الذي سجن لمدة 27 عام؛ وكذلك أفرز النضال الفلسطيني زعماء تاريخيين أمثال الزعيم ياسر عرفات الذي حوصر في المقاطعة ومات مسموما فيها، وأيضا الشهيد أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. أن كلتا الحالتين العنصريتين نشأتا عبر بريطانيا ودعم غربي، بعيدًا عن حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الإنسان والديمقراطية. أن إلغاء نظام الأبارتايد تم بعد نضال مرير دفع ثمنه شعب جنوب أفريقيا غاليا، ولم يقدم لهم على طبق من ذهب، كذلك الفلسطينيون يناضلون حتى اليوم، وهو حق كفلته كافة الشرائع الدولية لإنشاء دولتهم المستقلة التي سُرقت منهم، ويدفعون ثمن هذا التحرير دمًا وهجرة وتشريدًا. أن إسرائيل كانت داعمة أساسية لنظام الفصل العنصري، مما يجعل الوقت مناسبا لرد الدَّين لهم من قبل السلطة الحالية. أسئلة الرأي العام

هناك أسئلة عديدة أخرى مهمة يطرحها الرأي العام أيضا، منها:

ألم يكن أولى برفع الدعوى العربُ والمسلمون الذين يرتبطون بالفلسطينيين بأواصر القربى والعرق والدين والتاريخ المشترك؟ لماذا تغافلت الدول التي تتشدق باعتناقها قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب بتقرير المصير، عن أن تكون هي المطالبة بذلك؟ لماذا لم نشاهد روسيا والصين وحتى دول البريكست تقوم بذلك؟ لماذا أُسست الأمم المتحدة أساسا، أليس لحماية البشرية والإنسانية؟ ثم ألا تعتبر جرائم الإبادة والتجويع وقصف المشافي ودور العبادة تهدد السلم والأمن الدوليين، أم لا يعلو صوت فوق صوت الدول صاحبة حق النقض في مجلس الأمن؟!

الحقيقة أن هذه الدعوى المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية تخيف الأنظمة الاستبدادية القمعية التي ارتكبت -وما تزال- جرائم شبيهة بجرائم غزة، وفي مقدمة تلك الأنظمة نظام الأسد الذي ارتكب جرائم حرب وضد الإنسانية، وغيَّب قسريا مئات الآلاف من السوريين.

وهذه الدعوى غير مرحب بها كذلك من الدول العظمى التي ارتكبت جرائم مشابهة، حيث يخشى الجميع من استفادة الشعوب المظلومة والمقهورة من تسليط الضوء على هذه الجرائم، ومن أن تجرؤ الدول لاحقا على رفع مثل تلك الدعاوى، فتتحول دعوى جنوب أفريقيا إلى قضية معيارية قابلة للمقارنة بها، ومحاكمة من يرتكب جرائم مشابهة، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن على ارتكابها.

ما بعد هذه الدعوى ليس كما قبلها، فالكيان الصهيوني قام على سردية مظلومية الهولوكوست المرتكبة بحق اليهود، مما جعل الآباء المؤسسين لإسرائيل يعتبرون التوقيع على ميثاق المحكمة يصبّ في مصلحتهم، لكن هل انقلب السحر على الساحر، وتحوّلت جرائم الإبادة التي ارتكبتها النازية بحقهم قبل عقود، إلى جعلهم كيانًا ظالمًا، يعادي الفلسطينيين الساميين أيضا، ويرتكب أسوأ الجرائم في نظر الرأي العالمي، وخاصة في نظر جيل الشباب واليافعين من مواليد ما بعد 2000، جيل "زي" (Z)؟!

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عبر هجرة

إقرأ أيضاً:

الصليب الأحمر الدولي: لبنان تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخها

 

الثورة نت/..
اكد الصليب الأحمر الدولي، اليوم الاثنين، إن دولة لبنان تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخها، جراء العدوان “الصهيوني ” على لبنان.
واضاف الصليب الأحمر في تصريحات صحفية، أن العمليات العسكرية “الإسرائيلية” في لبنان تعيق وصول فرق الصليب الأحمر إلى المتضررين.
ومنذ 23 سبتمبر الجاري، يشن الجيش الإسرائيلي “أعنف وأوسع” هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” قبل نحو عام، أسفر حتى مساء السبت عن 816 شهيدًا بينهم أطفال ونساء، و2507 جريحا، وسط مخاوف من وصول المواجهات لحرب إقليمية.

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: إيران تؤكد عدم ترك جرائم إسرائيل في لبنان تمضي دون رد
  • الصليب الأحمر الدولي: لبنان تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخها
  • لأول مرة في تاريخها.. كركوك تستحدث برنامج المدارس الدولية وتطلق رابط التقديم
  • من يكون حسن نصر الله زعيم حزب الله الذي اغتالته إسرائيل باستخدام 85 طنا من القنابل؟
  • معلومات فرنسية تكشف هوية الجاسوس الذي قاد إسرائيل لاغتيال نصرالله
  • هبة مجدي تسترجع ذكرياتها في لبنان وتوجه رسالة
  • مقتل 17 شخصا بإطلاق نار في جنوب أفريقيا
  • مقتل 17 شخص في إطلاق نار عشوائي في بلدة بجنوب أفريقيا
  • البابا تواضروس يقرر انتداب الأنبا جوزيف للإشراف على إيبارشية جنوب أفريقيا
  • جنوب أفريقيا: تأبين 42 مناضلا ضد نظام الفصل العنصري