على الرغم من الأزمة الروسية الأوكرانية الطاحنة التي ضربت دول العالم أجمع، وهددت عرش اقتصادات قوية خلال العام المالي 2022\ 2023، إلا أن الاقتصاد المصري استطاع تحقيق نمو بنحو 3.8%، والحرص على زيادة معدلات النمو، وذلك وفقًا لما أعلنه مجلس الوزراء في نهاية العام الماضي 2023.

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة تستمر في العمل على برنامج الإصلاحات الهيكلية للقطاعات المحددة، فإن الحكومة تمضي على قدم وساق في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وتهيئة بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات بما يعزز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.

مؤشرات 

تتابع الحكومة عن كثب، مؤشرات أداء الاقتصاد المصري في كل القطاعات الاقتصادية خلال الفترة الماضية، حيث أكد رئيس الوزراء على أهمية بذل الجهود من أجل تحقيق أهداف الدولة في مختلف المجالات، ومواصلة عملية الإصلاح الاقتصادي، فإن أبرز الأنشطة الاقتصادية التي حققت معدلات النمو الإيجابية خلال الربع الأول من العام المالي الجاري هي: «السياحة (المطاعم والفنادق)، قناة السويس، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الاجتماعية (الصحة والتعليم)، والزراعة.

كما يرجع النمو الإيجابي لقطاع الاتصالات من خلال زيادة الصادرات الرقمية به، وزيادة الاستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة، وإطلاق استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد، وزيادة خدمات البيانات، وحقق أيضًا نشاط الزراعة، معدلات نمو إيجابية نظرًا للتوسع في الزراعات التعاقدية وتنامي الصادرات الزراعية الغذائية.

وتيرة تحقيق النمو الاقتصادي

قال الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه رغم التحديات والمتغيرات الاقتصادية العالمية وما فرضته من تداعيات على الاقتصاد المصري، إلا أنه استطاع أن يحافظ على وتيرة تحقيق معدل نمو اقتصادي 3.8% بسبب زيادة في حجم الناتج المحلي الإجمالي، والذي حقق 10.2 تريليون جنيه أعلى من المستهدف 9.2 تريليون جنيه في موازنة العام المالي الماضي 2022/2023، وذلك يرجع إلى الجهود التي بذلت من قبل الدولة المصرية في الاهتمام بزيادة الاستثمارات في العديد من القطاعات المهمة والقائدة لعملية النمو الاقتصادي، كقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي حقق نموًا 16.3%، وقطاع الخدمات الاجتماعية حقق نموًا 5.8%، وقطاع الزراعة 4.1%، وقطاع السياحة حقق نموًا ملحوظًا 27%، وقطاع المطاعم والفنادق حقق نموًا 28%.

ويواصل «أبو زيد»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أنه من خلال السياسات الاقتصادية التي وضعتها الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية سيكون الاهتمام خلال الفترة المقبلة في التركيز على قطاع الصناعة والزراعة اللذين يعتبران العمود الفقري لبناء اقتصاد قوي تنافسي عبر التيسيرات والحوافز وسرعة الإجراءات التي تمكن من زيادة مساحة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في زيادة ضخ الاستثمارات إلى هذين القطاعين، وهذا ما قامت به الدولة عبر طرح وثيقة ملكية الدولة، والذي يعد دستورا اقتصاديا ملزما خلال السنوات المقبلة، إلى جانب قرارات المجلس الأعلى للاستثمار.

جذب الاستثمارات

ويوضح، أنه لتعزيز مناخ الاستثمار وترسيخه لابد من العمل على عدة إجراءات تساعد وتدعم في زيادة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل، وتساهم في زيادة الصادرات المصرية، وزيادة التدفقات الدولارية لتخفيف وطاة الأزمة الحالية في نقص السيولة الدولاية بالقطاع المصرفي، وهو الإسراع في طرح الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية، والتي تحدد رؤية وتوجهات الدولة المصرية خلال السنوات المقبلة موضح بها الأهداف وآليات التنفيذ ومؤشرات القياس وآليات المتابعة والتقييم في تحقيق المستهدفات الصناعية، إلى جانب تحديد الجهات المنوط بها تنفيذ ما يخصها من أهداف الاستراتيجية لسهولة المتابعة وتقييم نسب التنفيذ.

مكافحة التضخم وسعر الصرف

ويستكمل، أنه في ذات التوقيت لابد من وضع سياسات اقتصادية فعالة بالتنسيق بين السياسة النقدية والمالية فيما يتعلق بمكافحة التضخم وسعر الصرف تلك هى التحديات الحالية والمستقبلية التي من الممكن أن يكون لها تأثير على معدل النمو مستقبلَا إذا لم تعالج تلك الإشكاليات، لأن استمرار معدل التضخم في معدلاته الحالية سيضغط على صانع القرار النقدي في زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، والذي يؤثر بشكل سلبي على جانب آخر في زيادة حجم مدفوعات الدين، وبالتالي زيادة عجز الموازنة وزيادة الفجوة التمويلية وزيادة الاقتراض بجانب وجود أكثر من سعر صرف للدولار يؤثر بشكل سلبي على رؤية المستثمرين في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، خاصةً فيما يتعلق بدراسات الجدوى الاقتصادية، وبالتالي التركيز على معالجة تلك الملفات بشكل أكثر فعالية يساهم في الحفاظ على استدامة النمو الاقتصادي.

القطاعات المساهمة 

كما يؤكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن القطاعات التي ساهمت في تحقيق معدلات نمو مرتفعة هي متمثلة في السياحة والاتصالات، والمطاعم والفنادق، وإيرادات قناة السويس، قطاع الخدمات الاجتماعية «التعليم والصحة»، موضحًا أن الرخصة الذهبية وحل مشكلة الأراضي الصناعية وتقديم وثيقة ملكية الدولة، هي التي ساهمت في تعزيز مناخ الاستثمار في مصر.

التحديات المستقبلية

ويضيف «الإدريسي»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن التحديات المستقبلية التي يمكن أن تؤثر على هذا النمو، هو استمرار الصراعات الجيوسياسية والتباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي والتضخم العالمي ومشاكل الإمداد والتوريد عالميًا، مشيرًا إلى أن مستويات النمو قد تصل لحدود 3.8% خلال عام 2024.

التعايش مع الأزمات المحيطة

وفي سياق متصل، يتوقع أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن عام 2024 سيكون أفضل من عام 2023، ويمكن أن يحدث تباطؤ في النمو، كما هو في تقرير البنك المركزي في معدلات النمو، ولكن فكرة التعايش مع الأزمة بدأت مصر تصل إلى هذه المرحلة، وهي تراكم الأزمات الموجودة في حدودنا مع ليبيا وغزة والسودان، والتعايش على سبيل المثال مع أزمة استيراد بعض الأمور منهم، والبحث عن بدائل سواء داخلية أو خارجية من دول أخرى، وكذلك الأزمة الروسية الأوكرانية، فما زالت التحديات موجودة لأن الأزمات المحيطة بالدولة لم تنته بعد.

انخفاض وتيرة زيادة الأسعار 

ويستكمل «معطي»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن التباطؤ في معدلات النمو والصدمات ستكون أقل، وسيحدث زيادة في الأسعار ولكن ستكون الزيادة بوتيرة ومستويات أقل، وستتراجع معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن الأسعار في عام 2023 كانت تزيد بنسبة 100% خلال أسبوع، ولكن ستزيد في عام 2024 بنسبة من 70 إلى 80% خلال عام، نتيجة عدم انتهاء الأزمات المحيطة بالدولة حتى الآن، وتحاول الحكومة حل الأمور داخليًا.

2025 «الحصان الرابح»

ويؤكد، أن عام 2025 سيكون «الحصان الرابح» لمصر، فهو عام جني الثمار، لأن خلال هذه الفترة استطاعت الدولة التعلم من الأزمات، وبدأت العمل عليها مثل تشجيع القطاع الاستثماري بقوة وبيع الأطروحات لبعض الشركات للقطاع الخاص، والتخارج من هذه الشركات وشركات قادمة لتشجيع هذا القطاع، فإن دعمه هام جدًا، والتركيز على الصناعات الثقيلة مثل توطين صناعة السيارات والمواد الغذائية والهواتف المحمولة والأجهزة التكنولوجية، وفتح الشركات في مقرات لها في مصر، وبدأت الدولة العمل على هذا الأمر، وسيظهر بوضوح خلال عام 2024، وستستقر تمامًا الأمور في هذا الصدد في عام 2025.

أخطر التحديات

ويوضح، أن القطاع التكنولوجي والقطاع العقاري الذين ساهما في نمو الاقتصاد المصري، وكذلك الطاقة ووثيقة الملكية والرخصة الذهبية عززت مناخ الاستثمار في مصر، فضلًا عن تراجع قيمة العملة بما ساهم في تواجد الاستثمار الخارجي، مؤكدًا أن التحديات المستقبلية الخارجية هي الأزمة الحقيقية أكثر من التحديات الداخلية، فإن الأخيرة يعد النمو السكاني المطرد غير الطبيعي أكبر وأخطر هذه التحديات، حيث إن مصر زادت نحو 3 ملايين نسمة ووصل عدد السكان إلى 105 مليون نسمة، تلك الزيادة تلتهم النمو الاقتصادي التي تسعى الدولة لتحقيقه سنويًا، متمنيًا أن يحدث تباطؤ في وتيرة معدلات النمو السكاني، وتلك من ضمن خطط الدولة للوصول إلى مستهدفات أقل خلال عام 2025\ 2026 في نمو السكان، قائلًا: «بناء مصنع في 4 سنوات يتم خلالها ولادة 3 دول جديدة في مصر، فهناك دول تعدادها السكاني 3 ملايين نسمة».

التحديات الاقتصادية

كما يرى الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، الخبير الاقتصادي، أن معدل النمو الاقتصادي خلال العام المالي 2022\ 2023 بلغ نحو 3.8%، وهو معدل يقترب من المستهدفات المصرية، وتحقيقه يعد أمرًا جيدًا رغم صعوبة التحديات الاقتصادية، حيث بدأت الحرب الروسية الأوكرانية منذ عام 2022 واستمرت حتى النصف الأول من عام 2023، وهو المكمل لهذا العام المالي الذي شهد اضطرابا كبيرا في الأسواق العالمية، وارتفاع كبير في أسعار النفط والغاز والحبوب والسلع الغذائية بصفة عامة، مما حمل الموازنة العامة تكاليف كبيرة.

ويتابع «جاب الله»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن الاقتصاد واجه مشكلة خلال العام المالي 2022\ 2023، وهي خروج أكثر من 30 مليار دولار من المال الساخن بسبب رفع نسبة الفائدة التي قام بها البنك الفيدرالي الأمريكي، إلا أن الدولة المصرية قامت بإجراءات للسيطرة فيها على الإنفاق الاستهلاكي للموازنة، مضيفًا أن الدولة استمرت في تحفيز مناخ الاستثمار وزيادة مخصصات الاستثمارات الحكومية، فضلًا عن استمرارها في تنفيذ المشروعات القومية كان قائد للنمو خلال هذا العام المالي، الذي شهد معدلات نمو كبيرة في قطاعات: «قناة السويس والاتصالات»، واستمرار تحقيق قطاع التشييد والبناء لمعدلات نمو جيدة، ولكن رغم كل ذلك إلا أن هذا العام المالي وتحقيق معدلات نمو والحفاظ على نسبة عجز مقبولة في الموازنة العامة إلا أنه شهد معدلات تضخم قياسية قلصت من القيمة الحقيقية لدخول المصريين وكان هذا التحدي الأكبر والوحيد الذي يواجه الاقتصاد مستقبلًا.

مشكلة التضخم

وأشار إلى أنه على المدى الحالي والقريب، فإن مشكلة التضخم هي الأزمة الأساسية التي تحتاج إلى تعامل، إلا أن هذا التعامل لا يجب أن يوجه إلى التضخم بذاته، ولكن يجب أن يوجه إلى إجراء الإصلاحات الهيكلية بصفة عامة، فقد بدأت تلك الإصلاحات بتطوير الجهاز الإداري وآليات الميكنة والرقمنة والتحول الرقمي بشكل عام، فضلًا عن قطع شوط كبير في إعادة الهيكلة في كل القطاعات، إلا أن المكون الأساسي هو إصلاح هياكل الإنتاج والتخارج الحكومي لعدد من القطاعات، وتمكين القطاع الخاص وفقًا لوثيقة سياسات ملكية الدولة، وهو الملف الأهم الذي يمكنه أن يساعد في ضخ سيولة من العملات المحلية والأجنبية تدعم الموازنة العامة وتساعد على احتواء التضخم.

ونصح بضرورة تبني سياسات مبتكرة لتعزيز قيمة الجنيه المصري وتقويته وزيادة حجم استعمالاته وزيادة إيرادات الدولة المصرية من العملات الأجنبية، مؤكدًا أن الاقتصاد المصري يمتلك الكثير من الأوراق ويمكن إذا أجيد استخدام تلك الأوراق أن يتم تجاوز التحديات الحالية وتحقيق انطلاقة كبيرة على المدى المتوسط والبعيد.

اقتصاد 2023 في أرقام

 

مما لا شك فيه أن الأرقام الرئيسة للاقتصاد تعد مؤشرًا مهمًا على الوضع الاقتصادي للدولة، الأمر الذي تعكس أداء الاقتصاد ومدى تقدمه، فمن المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 4.2% في العام المالي 2023\ 2024، وبلغت إيرادات قناة السويس 9.4 مليارات دولار بنسبة زيادة 35% مقارنةً بالعام الماضي، وهي أعلى نسبة في تاريخ القناة، وذلك وفقًا لما أعلنته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي

كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ليبلغ 10.2 تريليون جنيه في 2022/2023، على الرغم أنه كان من المستهدف 9.2 تريليون جنيه في العام ذاته، تتمثل أبرز الأنشطة الاقتصادية التي حققت معدلات نمو إيجابية خلال العام المالي ككل في المطاعم والفنادق، ليسجل نسبة 28% وقناة السويس 18.4%، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 16.3%، والخدمات الاجتماعية والتي تشمل الصحة والتعليم لتسجل نسبة 5.8%، والزراعة 4.1%.

معدلات قطاع الاتصالات والتضخم والبطالة

كشف تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية للعام المالي 2022\ 2023، أن الصادرات الرقمية لقطاع الاتصالات سجلت 4.9 مليار دولار، وزيادة الاستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة بنسبة نمو 22%، وخلال الربع الرابع من هذا العام المالي وصل معدل البطالة والتضخم 7%، من إجمالي القوى العاملة البالغة 30.9 مليون فرد تشمل القطاعين الرسمي وغير الرسمي، من المتوقع أن يأخذ معدل التضخم في الانخفاض، خاصةً مع مبادرة تخفيض أسعار السلع، والتي بدأ أثرها في الظهور مع تراجع طفيف في معدل التضخم بدءًا من شهور سبتمبر 2023، حيث بلغ نحو 38% مقارنة بنحو 39،7% في أغسطس 2023.

انخفاض عجز الميزان التجاري

كما انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 28.1% ليصل إلى 31.2 مليار دولار في العام المالي 2022\ 2023، إلى جانب تحقيق 13.6 مليار دولار إيرادات سياحية خلال هذا العام المالي بنسبة نمو 27% عن الفترة المُناظرة من العام السابق.

تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

تم تحقيق 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022\ 2023، بنسبة زيادة بلغت 12.8% عن العام السابق، ليتصدر القطاع الخدمي والمتضمن التعليم، والصحة، والخدمات المالية والمصرفية، والخدمات اللوجستية والنقل، والاتصالات، والتجزئة، والأنشطة الاستشارية والإدارية؛ أعلى التدفقات في يوليو 2023 بقيمة 3 مليارات و210 مليون جنيه بنسبة 33.1%، يليه القطاع الإنشائي بقيمة حوالي 2 مليار و610 مليون جنيه بنسبة 26.9% من إجمالي الاستثمارات.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري السياحة وقناة السويس معدلات النمو برنامج الإصلاحات الهيكلية النمو الاقتصادي جذب الاستثمارات خلال العام المالی 2022 هذا العام المالی الاقتصاد المصری النمو الاقتصادی الدولة المصریة قطاع الاتصالات مناخ الاستثمار الناتج المحلی معدلات النمو تریلیون جنیه نمو الاقتصاد قناة السویس ملیار دولار معدلات نمو فی معدلات حقق نمو ا فی زیادة خلال عام فی معدل فی مصر عام 2023 عام 2024 إلا أن

إقرأ أيضاً:

المشاط: 700 مليار جنيه استثمارات التنمية البشرية خلال العام المالي المقبل

قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ إن الركائز الأساسية لمستهدفات خطة العام المالي القادم تتضمن مواصلة الدولة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الهيكلي (الـمرحلة الثانية) والتزام الدولة بتعهداتها الدوليّة أمام مؤسسات التمويل الدوليّة والإقليميّة، وكذلك مُواصلة سياسة تخارُج الدولة من النشاط الاقتصادي لإفساح المجال أمام مُساهمات القطاع الخاص، مع استمرار التنسيق والتكامُل بين السياسات النقديّة والسياسات الماليّة بما يُحقّق استقرار الـمُعاملات المالية والمصرفيّة، ويُوفّر سُبُل الاستدامة الـماليّة، ومع توافُق السياسات الـمُطبّقة بشأن احتواء التضخّم وترشيد الإنفاق العام، بشقيه الجاري والاستثماري، ودعم الـمشروعات الصغيرة ومُتناهية الصِغر، واستهداف حماية الفئات مُنخفضة الدخل.

المالية: نستهدف استمرار خفض معدل الدين للناتج المحلي إلى 81٪المالية: 44.5 مليار جنيه لتنشيط الصادرات بمعدل نمو سنوي 93٪

جاء ذلك خلال استعراض الدكتورة رانيا المشاط، الركائز الأساسيّة لـمُستهدفات خطة العام المالي الجديد 25/2026 وذلك أمام مجلس النواب، برئاسة الـمُستشار الدكتور/ حنفي جبالي، وبحضور السادة أعضاء المجلس.

التحول إلى القطاعات القابلة للتداول والتصدير

وذكرت أنه من بين هذه الركائز، تغير نمط النمو المتبع بالتحول إلى نمط النمو المستدام القائم على القطاعات والأنشطة القابلة للتداول والتصدير، ذات القيمة المضافة المرتفعة، بدلًا من القطاعات والأنشطة غير القابلة للتداول والتصدير، بهدف تعزيز القدرات الإنتاجية للاقتصاد المصري، وخلق المزيد من فرص العمل المنتجة، وذلك في إطار السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تستهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والإصلاحات من أجل النمو والتوظيف وتحقيق اقتصاد مرن، من خلال استراتيجيات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية التنمية الصناعية، وضبط المالية العامة، وتطوير أدوات التخطيط.

ترشيد الإنفاق العام

وأضافت «المشاط»، أن خطة عام 25/2026 تشمل العمل الجاد للتصدي لـمُشكلة السيولة الدوليّة من خلال تحفيز التصدير وتنمية تحويلات الـمصريين العاملين بالخارج، وزيادة موارد البلاد من السياحة وقناة السويس، وتشجيع الاستثمارات الأجنبيّة الـمُباشرة، فضلًا عن تعظيم الاستفادة من التمويلات التنموية الميسرة ومبادلة الديون وإطالة آجال الدين، بالإضافة إلى الالتزام بتطبيق فكر الأولويّات لترشيد أوجه الإنفاق العام ورفع كفاءته، والذي يُعطي أولويّة لدفع عجلة النمو الاقتصادي في قطاعات الزراعة والصناعة التحويليّة والاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات، والقطاعات الأخرى التي تحظى فيها مصر بميزة نسبيّة كالسياحة واللوجستيات، بجانب أولويّات القطاعات الخدميّة الـمعنيّة بخدمات الصحة والتعليم الـمدرسي والجامعات والبحث العلمي.

تنمية الموارد البشرية

وأشارت إلى إعطاء الدولة أولويّة مُطلقة لتنمية الـموارد البشرية لتحقيق الهدف الاستراتيجي "بناء الإنسان الـمصري"، وهو ما تجلى في نمط مُخصّصات الـموارد الاستثماريّة الكليّة، حيث خُصّص لقطاعات التنمية البشرية (تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى) نحو 700 مليار جنيه في خطة عام 25/2026 مُقابل استثمارات قدرُها 447 مليار جنيه في خطة عام 24/2025، بنسبة زيادة تجاوزت 56% على الـمُستوى الإجمالي.

وأوضحت «المشاط»، أن مستهدفات خطة العام المالي الجديد ترتكز كذلك على مواصلة كافة التدابير اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص على مُمارسة الأعمال من خلال حزم التيسيرات والحوافز الـمُشجعة للنشاط وخفض تكلفة الـمُعاملات، لافتة إلى إصدار الهيئة العامة للاستثمار والـمناطق الحرة استراتيجية استثمار (2023-2026) تضمّنت حزمة حوافز اشتملت 29 حافزًا من مُنطلق تنشيط الاستثمار الخاص وزيادة فاعليّته في دفع عجلة النمو الاقتصادي.

التمويلات الميسرة للقطاع الخاص

وأكدت الوزارة مواصلة الوزارة التفاوض والتنسيق مع شركاء التنمية في توفير الموارد التمويليّة اللازمة للقطاع الخاص وبشروط مُيسّرة، وقد بلغت التمويلات التنمويّة الـمُيسّرة من شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثُنائيين نحو 4.2 مليار دولار عام 2024 مُقابل 2.9 مليار دولار في عام 2023 كما يفوق الـمُتاح من تمويلات الحكومة والبالغ 3.2 مليار دولار عام 2024، كذلك سجّلت تسهيلات لشراء السلع الاستراتيجيّة نحو 2.2 مليار دولار، مؤكدة أن تلك التمويلات تعكس جاذبيّة القطاع الخاص الـمصري ونجاح الإصلاحات الهيكليّة التي نفّذتها الدولة في زيادة استثمارات القطاع الخاص. ومن ناحية أخرى سجّلت تمويلات دعم الموازنة وتوريد السلع الاستراتيجية نحو 4 مليار دولار خلال عام 2024.

وأشارت إلى استمرار جهود الوزارة لحشد التمويل الأخضر والمستدام من خلال المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، والذي يعد نموذجًا إقليميًا ومنهجًا للتمويل الميسر للتعامل مع قضايا التغير المناخي (التخفيف والتكيف)، حيث نجحت الجهود المبذولة خلال عامين منذ إطلاق البرنامج بالتعاون مع شركاء التنمية، في حشد تمويلات تنموية ميسرة للقطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة (طاقة شمسية وطاقة رياح) بقيمة 3.9 مليار دولار، من أجل إضافة طاقة قدرات متجددة 4.2 جيجاوات.

وسجلت التمويلات الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص التي حصل عليها من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين خلال الفترة من 2020 إلى 2024، أكثر من 14.5 مليار دولار.

وأكدت الوزيرة حرص الدولة على تحقيق التكامُل بين التخطيط التنموي والتخطيط الـمالي، بهدف تحديد التدفّقات التمويليّة المطلوبة، بما يُمكِّن الدولة من وضع تصوّر للاحتياجات التنمويّة ذات الأولويّة، وإيجاد البدائل بصورة أكثر فاعليّة لتمويل البرامج والمشروعات بما يُحقّق الأهداف الـمُحدّدة، كذلك تحسين كفاءة استخدام موارد الدولة.

الاستراتيجيّة الوطنيّة الـمُتكامِلة للتمويل في مصر

وأشارت إلى إطلاق الحكومة بالتعاون مع الأُمم الـمُتحِدة "الاستراتيجيّة الوطنيّة الـمُتكامِلة للتمويل في مصر" خلال مارس 2025، والتي تهدف إلى تعزيز التنمية الـمُستدامة، بما يتسِـق مع رؤية مصر 2030، موضحة أن الاستراتيجية تستهدف مُعالجة الفجوة التمويليّة لسبعة قطاعات رئيسة -الصحّة، والتعليم، والحماية الاجتماعيّة، والـمياه والصرف الصحّي، والنقل، وتغيّر الـمُناخ، وتمكين الـمرأة، والتي تم تحديدها كأولويّات وطنيّة من قِبَل الحكومة الـمصريّة. كما تُحدد الاستراتيجيّة خارطة طريق عملية للتمويل الـمُستدام والـمُبتكر، من خلال مجموعة من الإجراءات لسَد فجوة التمويل، ومن بينها: توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النظام الـمصرفي الأخضر، وتكثيف أدوات التمويل لدعم القطاعات ذات الأولويّة. بالإضافة إلى، وضع آليّة للحوكمة والتنسيق لضمان التنفيذ الفعّال للتوصيّات الواردة بالاستراتيجيّة بالتنسيق مع مجموعتي العمل الوزاريّة القائمتين "تمويل التنمية" و"التمويل الـمُستدام".

تحفيز الابتكار وريادة الأعمال

وتابعت "المشاط" أن الركائز الأساسية لمستهدفات خطة العام المالي القادم تتضمن مواصلة جهود تحفيز الابتكار وريادة الأعمال، في إطار أعمال المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، والتي تستهدف تعزيز قدرة الشركات الناشئة وبيئة ريادة الأعمال لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتسارع قائم على التنافسية والمعرفة، كذلك حرص الحكومة على مُراجعة سياسات الدعم الاجتماعيّة وإعادة هيكلته مع مُراعاة توفير الحماية الاجتماعيّة للفئات مُنخفضة الدخل وتوسيع نطاق القطاع لتشمل كافة الـمُستحقين.

توسيع مظلة الحماية الاجتماعية

وأشارت إلى أن الخطة تركز على توسيع مظلّة الحماية الاجتماعيّة من خلال النظر في عدد من الـمسارات بصورة مُتوازنة، منها توسيع نطاق تغطية برامج الحماية الاجتماعيّة الـمُوجّهة للفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على الــمرأة الـمعيلة، وريف الوجه القبلي، ودعم استدامة برامج الحماية الاجتماعيّة على غِرار برنامج تكافل وكرامة مع التوسّع في برامج التحويلات النقديّة الـمشروطة وزيادة الـمُخصّصات والـمُساعدات لكل مُستفيد/أسرة، وتوسيع نطاق تغطية التأمين الاجتماعي من خلال تشجيع العمالة على الاشتراك في نُظُم الضمان الاجتماعي وتوفير الحماية ضد مخاطر الشيخوخة والبطالة والإعاقة وغيرها، فضلًا عن العمل على تعظيم الاستفادة من التمويلات الـتنموية الـمُيسّرة الـمُقدّمة من شركاء مصر في التنمية ومن دعم الشركات مُتعدّدة الأطراف في هذا الصدد، والتوسّع في تبنّي برامج الاستهداف الجغرافي للـمناطق الأشد احتياجًا والـمناطق النائية.

وأضافت الوزيرة أن ركائز الخطة تتضمن أيضًا مواصلة الالتزام بحوكمة أوجه الإنفاق العام، وتطبيق مُوازنة البرامج والأداء من الـمنظورين الـمالي والتخطيطي وتطبيق معايير العائد والتكلفة لتعظيم الـمنافع من الـمشروعات الـمُنفذة، واستهداف التشغيل بتوفير الخطة السنوية لـما يقرُب من 900 ألف فرصة عمل بما يسمح بخفض مُعدّلات البطالة إلى نحو 6.5% من جملة القوى العاملة، وذلك من خلال تحفيز التوسّع في الـمشروعات الـمُتوسطة والصغيرة ومُتناهية الصِغر، وتدعيم العلاقات الارتباطيّة والتشابُكيّة مع الـمشروعات كبيرة الحجم، بالإضافة إلى الاستمرار في احتواء التضخّم، وبخاصة مع اتجاهه النزولي في الفترة الأخيرة، مما يُسهِم في خفض أسعار الفائدة، ومن ثم تحفيز الاستثمار، وكذا خفض تكاليف الـمعيشة والدعم الاجتماعي الـمُقرّر بالـمُوازنة العامة للدولة، موضحة أن ذلك يأتي من خلال مُواصلة توجيه الـموارد نحو الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، واستمرار الجهود الحكوميّة لضبط الأسواق والتوسّع في منافذ توزيع السلع بأسعار مُخفّضة.

مقالات مشابهة

  • مدبولي: منصات وتقارير دولية تشيد بالاقتصاد المصري مع ضرورة استمرار وتيرة الإصلاحات
  • «مدبولي»: منصات وتقارير دولية تشيد بالاقتصاد المصري والإصلاحات المستمرة
  • خبير: زيادة تحويلات المصريين تعكس الثقة فى الاقتصاد والوقوف بجانب الدولة
  • ترقب قرار المركزي المصري بشأن الفائدة اليوم.. أبرز التوقعات
  • «مدبولي»: هيئة قناة السويس حققت طفرة في مشروعات تطوير المجرى الملاحي العالمي
  • مدبولي: هيئة قناة السويس هيئة متعددة الأنشطة والخدمات البحرية
  • خلال تفقده معسكر القرش الدولي المطور.. «مدبولي» يؤكد اهتمام الدولة بالنشء والشباب
  • وزيرة التضامن: برنامج الحماية الاجتماعية يحقق عشرات أضعاف ما تحقق منذ الخمسينيات -تفاصيل
  • المشاط: 700 مليار جنيه استثمارات التنمية البشرية خلال العام المالي المقبل
  • المالية: زيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة بنحو 50% لتصل15.1 مليار جنيه