على الرغم من الأزمة الروسية الأوكرانية الطاحنة التي ضربت دول العالم أجمع، وهددت عرش اقتصادات قوية خلال العام المالي 2022\ 2023، إلا أن الاقتصاد المصري استطاع تحقيق نمو بنحو 3.8%، والحرص على زيادة معدلات النمو، وذلك وفقًا لما أعلنه مجلس الوزراء في نهاية العام الماضي 2023.

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة تستمر في العمل على برنامج الإصلاحات الهيكلية للقطاعات المحددة، فإن الحكومة تمضي على قدم وساق في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وتهيئة بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات بما يعزز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.

مؤشرات 

تتابع الحكومة عن كثب، مؤشرات أداء الاقتصاد المصري في كل القطاعات الاقتصادية خلال الفترة الماضية، حيث أكد رئيس الوزراء على أهمية بذل الجهود من أجل تحقيق أهداف الدولة في مختلف المجالات، ومواصلة عملية الإصلاح الاقتصادي، فإن أبرز الأنشطة الاقتصادية التي حققت معدلات النمو الإيجابية خلال الربع الأول من العام المالي الجاري هي: «السياحة (المطاعم والفنادق)، قناة السويس، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الاجتماعية (الصحة والتعليم)، والزراعة.

كما يرجع النمو الإيجابي لقطاع الاتصالات من خلال زيادة الصادرات الرقمية به، وزيادة الاستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة، وإطلاق استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد، وزيادة خدمات البيانات، وحقق أيضًا نشاط الزراعة، معدلات نمو إيجابية نظرًا للتوسع في الزراعات التعاقدية وتنامي الصادرات الزراعية الغذائية.

وتيرة تحقيق النمو الاقتصادي

قال الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه رغم التحديات والمتغيرات الاقتصادية العالمية وما فرضته من تداعيات على الاقتصاد المصري، إلا أنه استطاع أن يحافظ على وتيرة تحقيق معدل نمو اقتصادي 3.8% بسبب زيادة في حجم الناتج المحلي الإجمالي، والذي حقق 10.2 تريليون جنيه أعلى من المستهدف 9.2 تريليون جنيه في موازنة العام المالي الماضي 2022/2023، وذلك يرجع إلى الجهود التي بذلت من قبل الدولة المصرية في الاهتمام بزيادة الاستثمارات في العديد من القطاعات المهمة والقائدة لعملية النمو الاقتصادي، كقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي حقق نموًا 16.3%، وقطاع الخدمات الاجتماعية حقق نموًا 5.8%، وقطاع الزراعة 4.1%، وقطاع السياحة حقق نموًا ملحوظًا 27%، وقطاع المطاعم والفنادق حقق نموًا 28%.

ويواصل «أبو زيد»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أنه من خلال السياسات الاقتصادية التي وضعتها الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية سيكون الاهتمام خلال الفترة المقبلة في التركيز على قطاع الصناعة والزراعة اللذين يعتبران العمود الفقري لبناء اقتصاد قوي تنافسي عبر التيسيرات والحوافز وسرعة الإجراءات التي تمكن من زيادة مساحة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في زيادة ضخ الاستثمارات إلى هذين القطاعين، وهذا ما قامت به الدولة عبر طرح وثيقة ملكية الدولة، والذي يعد دستورا اقتصاديا ملزما خلال السنوات المقبلة، إلى جانب قرارات المجلس الأعلى للاستثمار.

جذب الاستثمارات

ويوضح، أنه لتعزيز مناخ الاستثمار وترسيخه لابد من العمل على عدة إجراءات تساعد وتدعم في زيادة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل، وتساهم في زيادة الصادرات المصرية، وزيادة التدفقات الدولارية لتخفيف وطاة الأزمة الحالية في نقص السيولة الدولاية بالقطاع المصرفي، وهو الإسراع في طرح الاستراتيجية الوطنية للصناعة المصرية، والتي تحدد رؤية وتوجهات الدولة المصرية خلال السنوات المقبلة موضح بها الأهداف وآليات التنفيذ ومؤشرات القياس وآليات المتابعة والتقييم في تحقيق المستهدفات الصناعية، إلى جانب تحديد الجهات المنوط بها تنفيذ ما يخصها من أهداف الاستراتيجية لسهولة المتابعة وتقييم نسب التنفيذ.

مكافحة التضخم وسعر الصرف

ويستكمل، أنه في ذات التوقيت لابد من وضع سياسات اقتصادية فعالة بالتنسيق بين السياسة النقدية والمالية فيما يتعلق بمكافحة التضخم وسعر الصرف تلك هى التحديات الحالية والمستقبلية التي من الممكن أن يكون لها تأثير على معدل النمو مستقبلَا إذا لم تعالج تلك الإشكاليات، لأن استمرار معدل التضخم في معدلاته الحالية سيضغط على صانع القرار النقدي في زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، والذي يؤثر بشكل سلبي على جانب آخر في زيادة حجم مدفوعات الدين، وبالتالي زيادة عجز الموازنة وزيادة الفجوة التمويلية وزيادة الاقتراض بجانب وجود أكثر من سعر صرف للدولار يؤثر بشكل سلبي على رؤية المستثمرين في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، خاصةً فيما يتعلق بدراسات الجدوى الاقتصادية، وبالتالي التركيز على معالجة تلك الملفات بشكل أكثر فعالية يساهم في الحفاظ على استدامة النمو الاقتصادي.

القطاعات المساهمة 

كما يؤكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن القطاعات التي ساهمت في تحقيق معدلات نمو مرتفعة هي متمثلة في السياحة والاتصالات، والمطاعم والفنادق، وإيرادات قناة السويس، قطاع الخدمات الاجتماعية «التعليم والصحة»، موضحًا أن الرخصة الذهبية وحل مشكلة الأراضي الصناعية وتقديم وثيقة ملكية الدولة، هي التي ساهمت في تعزيز مناخ الاستثمار في مصر.

التحديات المستقبلية

ويضيف «الإدريسي»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن التحديات المستقبلية التي يمكن أن تؤثر على هذا النمو، هو استمرار الصراعات الجيوسياسية والتباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي والتضخم العالمي ومشاكل الإمداد والتوريد عالميًا، مشيرًا إلى أن مستويات النمو قد تصل لحدود 3.8% خلال عام 2024.

التعايش مع الأزمات المحيطة

وفي سياق متصل، يتوقع أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن عام 2024 سيكون أفضل من عام 2023، ويمكن أن يحدث تباطؤ في النمو، كما هو في تقرير البنك المركزي في معدلات النمو، ولكن فكرة التعايش مع الأزمة بدأت مصر تصل إلى هذه المرحلة، وهي تراكم الأزمات الموجودة في حدودنا مع ليبيا وغزة والسودان، والتعايش على سبيل المثال مع أزمة استيراد بعض الأمور منهم، والبحث عن بدائل سواء داخلية أو خارجية من دول أخرى، وكذلك الأزمة الروسية الأوكرانية، فما زالت التحديات موجودة لأن الأزمات المحيطة بالدولة لم تنته بعد.

انخفاض وتيرة زيادة الأسعار 

ويستكمل «معطي»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن التباطؤ في معدلات النمو والصدمات ستكون أقل، وسيحدث زيادة في الأسعار ولكن ستكون الزيادة بوتيرة ومستويات أقل، وستتراجع معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن الأسعار في عام 2023 كانت تزيد بنسبة 100% خلال أسبوع، ولكن ستزيد في عام 2024 بنسبة من 70 إلى 80% خلال عام، نتيجة عدم انتهاء الأزمات المحيطة بالدولة حتى الآن، وتحاول الحكومة حل الأمور داخليًا.

2025 «الحصان الرابح»

ويؤكد، أن عام 2025 سيكون «الحصان الرابح» لمصر، فهو عام جني الثمار، لأن خلال هذه الفترة استطاعت الدولة التعلم من الأزمات، وبدأت العمل عليها مثل تشجيع القطاع الاستثماري بقوة وبيع الأطروحات لبعض الشركات للقطاع الخاص، والتخارج من هذه الشركات وشركات قادمة لتشجيع هذا القطاع، فإن دعمه هام جدًا، والتركيز على الصناعات الثقيلة مثل توطين صناعة السيارات والمواد الغذائية والهواتف المحمولة والأجهزة التكنولوجية، وفتح الشركات في مقرات لها في مصر، وبدأت الدولة العمل على هذا الأمر، وسيظهر بوضوح خلال عام 2024، وستستقر تمامًا الأمور في هذا الصدد في عام 2025.

أخطر التحديات

ويوضح، أن القطاع التكنولوجي والقطاع العقاري الذين ساهما في نمو الاقتصاد المصري، وكذلك الطاقة ووثيقة الملكية والرخصة الذهبية عززت مناخ الاستثمار في مصر، فضلًا عن تراجع قيمة العملة بما ساهم في تواجد الاستثمار الخارجي، مؤكدًا أن التحديات المستقبلية الخارجية هي الأزمة الحقيقية أكثر من التحديات الداخلية، فإن الأخيرة يعد النمو السكاني المطرد غير الطبيعي أكبر وأخطر هذه التحديات، حيث إن مصر زادت نحو 3 ملايين نسمة ووصل عدد السكان إلى 105 مليون نسمة، تلك الزيادة تلتهم النمو الاقتصادي التي تسعى الدولة لتحقيقه سنويًا، متمنيًا أن يحدث تباطؤ في وتيرة معدلات النمو السكاني، وتلك من ضمن خطط الدولة للوصول إلى مستهدفات أقل خلال عام 2025\ 2026 في نمو السكان، قائلًا: «بناء مصنع في 4 سنوات يتم خلالها ولادة 3 دول جديدة في مصر، فهناك دول تعدادها السكاني 3 ملايين نسمة».

التحديات الاقتصادية

كما يرى الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، الخبير الاقتصادي، أن معدل النمو الاقتصادي خلال العام المالي 2022\ 2023 بلغ نحو 3.8%، وهو معدل يقترب من المستهدفات المصرية، وتحقيقه يعد أمرًا جيدًا رغم صعوبة التحديات الاقتصادية، حيث بدأت الحرب الروسية الأوكرانية منذ عام 2022 واستمرت حتى النصف الأول من عام 2023، وهو المكمل لهذا العام المالي الذي شهد اضطرابا كبيرا في الأسواق العالمية، وارتفاع كبير في أسعار النفط والغاز والحبوب والسلع الغذائية بصفة عامة، مما حمل الموازنة العامة تكاليف كبيرة.

ويتابع «جاب الله»، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن الاقتصاد واجه مشكلة خلال العام المالي 2022\ 2023، وهي خروج أكثر من 30 مليار دولار من المال الساخن بسبب رفع نسبة الفائدة التي قام بها البنك الفيدرالي الأمريكي، إلا أن الدولة المصرية قامت بإجراءات للسيطرة فيها على الإنفاق الاستهلاكي للموازنة، مضيفًا أن الدولة استمرت في تحفيز مناخ الاستثمار وزيادة مخصصات الاستثمارات الحكومية، فضلًا عن استمرارها في تنفيذ المشروعات القومية كان قائد للنمو خلال هذا العام المالي، الذي شهد معدلات نمو كبيرة في قطاعات: «قناة السويس والاتصالات»، واستمرار تحقيق قطاع التشييد والبناء لمعدلات نمو جيدة، ولكن رغم كل ذلك إلا أن هذا العام المالي وتحقيق معدلات نمو والحفاظ على نسبة عجز مقبولة في الموازنة العامة إلا أنه شهد معدلات تضخم قياسية قلصت من القيمة الحقيقية لدخول المصريين وكان هذا التحدي الأكبر والوحيد الذي يواجه الاقتصاد مستقبلًا.

مشكلة التضخم

وأشار إلى أنه على المدى الحالي والقريب، فإن مشكلة التضخم هي الأزمة الأساسية التي تحتاج إلى تعامل، إلا أن هذا التعامل لا يجب أن يوجه إلى التضخم بذاته، ولكن يجب أن يوجه إلى إجراء الإصلاحات الهيكلية بصفة عامة، فقد بدأت تلك الإصلاحات بتطوير الجهاز الإداري وآليات الميكنة والرقمنة والتحول الرقمي بشكل عام، فضلًا عن قطع شوط كبير في إعادة الهيكلة في كل القطاعات، إلا أن المكون الأساسي هو إصلاح هياكل الإنتاج والتخارج الحكومي لعدد من القطاعات، وتمكين القطاع الخاص وفقًا لوثيقة سياسات ملكية الدولة، وهو الملف الأهم الذي يمكنه أن يساعد في ضخ سيولة من العملات المحلية والأجنبية تدعم الموازنة العامة وتساعد على احتواء التضخم.

ونصح بضرورة تبني سياسات مبتكرة لتعزيز قيمة الجنيه المصري وتقويته وزيادة حجم استعمالاته وزيادة إيرادات الدولة المصرية من العملات الأجنبية، مؤكدًا أن الاقتصاد المصري يمتلك الكثير من الأوراق ويمكن إذا أجيد استخدام تلك الأوراق أن يتم تجاوز التحديات الحالية وتحقيق انطلاقة كبيرة على المدى المتوسط والبعيد.

اقتصاد 2023 في أرقام

 

مما لا شك فيه أن الأرقام الرئيسة للاقتصاد تعد مؤشرًا مهمًا على الوضع الاقتصادي للدولة، الأمر الذي تعكس أداء الاقتصاد ومدى تقدمه، فمن المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 4.2% في العام المالي 2023\ 2024، وبلغت إيرادات قناة السويس 9.4 مليارات دولار بنسبة زيادة 35% مقارنةً بالعام الماضي، وهي أعلى نسبة في تاريخ القناة، وذلك وفقًا لما أعلنته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي

كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ليبلغ 10.2 تريليون جنيه في 2022/2023، على الرغم أنه كان من المستهدف 9.2 تريليون جنيه في العام ذاته، تتمثل أبرز الأنشطة الاقتصادية التي حققت معدلات نمو إيجابية خلال العام المالي ككل في المطاعم والفنادق، ليسجل نسبة 28% وقناة السويس 18.4%، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 16.3%، والخدمات الاجتماعية والتي تشمل الصحة والتعليم لتسجل نسبة 5.8%، والزراعة 4.1%.

معدلات قطاع الاتصالات والتضخم والبطالة

كشف تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية للعام المالي 2022\ 2023، أن الصادرات الرقمية لقطاع الاتصالات سجلت 4.9 مليار دولار، وزيادة الاستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة بنسبة نمو 22%، وخلال الربع الرابع من هذا العام المالي وصل معدل البطالة والتضخم 7%، من إجمالي القوى العاملة البالغة 30.9 مليون فرد تشمل القطاعين الرسمي وغير الرسمي، من المتوقع أن يأخذ معدل التضخم في الانخفاض، خاصةً مع مبادرة تخفيض أسعار السلع، والتي بدأ أثرها في الظهور مع تراجع طفيف في معدل التضخم بدءًا من شهور سبتمبر 2023، حيث بلغ نحو 38% مقارنة بنحو 39،7% في أغسطس 2023.

انخفاض عجز الميزان التجاري

كما انخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 28.1% ليصل إلى 31.2 مليار دولار في العام المالي 2022\ 2023، إلى جانب تحقيق 13.6 مليار دولار إيرادات سياحية خلال هذا العام المالي بنسبة نمو 27% عن الفترة المُناظرة من العام السابق.

تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

تم تحقيق 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022\ 2023، بنسبة زيادة بلغت 12.8% عن العام السابق، ليتصدر القطاع الخدمي والمتضمن التعليم، والصحة، والخدمات المالية والمصرفية، والخدمات اللوجستية والنقل، والاتصالات، والتجزئة، والأنشطة الاستشارية والإدارية؛ أعلى التدفقات في يوليو 2023 بقيمة 3 مليارات و210 مليون جنيه بنسبة 33.1%، يليه القطاع الإنشائي بقيمة حوالي 2 مليار و610 مليون جنيه بنسبة 26.9% من إجمالي الاستثمارات.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري السياحة وقناة السويس معدلات النمو برنامج الإصلاحات الهيكلية النمو الاقتصادي جذب الاستثمارات خلال العام المالی 2022 هذا العام المالی الاقتصاد المصری النمو الاقتصادی الدولة المصریة قطاع الاتصالات مناخ الاستثمار الناتج المحلی معدلات النمو تریلیون جنیه نمو الاقتصاد قناة السویس ملیار دولار معدلات نمو فی معدلات حقق نمو ا فی زیادة خلال عام فی معدل فی مصر عام 2023 عام 2024 إلا أن

إقرأ أيضاً:

التخطيط: إعداد خطة تنفيذية لتعزيز النمو المستدام واستقرار الاقتصاد الكلي

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في اجتماع اللجنة الحكومية المصرية البحرينية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني، التي عُقدت بمملكة البحرين، برئاسة  أحمد كجوك، وزير المالية، والشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، وزير الـماليّة والاقتصاد بمملكة البحرين، وبمشاركة المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ومُمثلي الحكومتين، وقطاع الأعمال من البلدين.

وألقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، كلمة أكدت فيها على الشراكة الوثيقة مع المملكة البحرينيّة، وحرص الحكومة على توطيد الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 661,4 مليون دولار عام 2024.

كما أشارت إلى الاستثمارات البحرينية في مصر في قطاعات التمويل والصناعة والإنشاءات والزراعة والسياحة والخدمات والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلي الاستثمارات المصرية في البحرين التي تركزت في الإستثمار العقاري والسياحي، موضحة أن مصر تُرحب بالمستثمرين من مملكة البحرين حيث تتيح العديد من الفرص الاستثمارية، فضلًا عن تعزيز الشراكة في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة، في ضوء اهتمام الحكومة المصرية بهذا القطاع الحيوي وتدشين مجموعة وزارية متخصصة.

وأشادت بالجهود المشتركة لانعقاد أعمال الاجتماع الثاني للجنة، رغم التحديات السياسية والإنمائية والاقتصادية المعقدة التي تمر بها منطقتنا العربية، والتي تمثل مرحلة فارقة في صياغة مستقبل شعوبنا والأجيال القادمة، موضحة أن العالم اليوم يمر بتحديات مُشتركة وتوترات جيوسياسية، وتراجع في العديد من مؤشرات التنمية، وهو ما يحتم ضرورة تطوير أنظمة التمويل العالمي لتكون أكثر إنصافًا وكفاءة وفعالية.

وأكدت أنه في ظل تلك التطورات العالمية المتلاحقة، تأتي أهمية مثل هذه اللجان المشتركة – رفيعة المستوي – والتي تمثل منصة هامة للحوار والفكر المشترك من أجل الاستفادة المتبادلة من الخبرات والتجارب الناجحة في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة.

وأشارت إلى الجهود الوطنية لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي وتحسين بيئة الأعمال وسط التطورات الاقتصادية إقليميًا وعالميًا، وتحديد أهدافًا تنموية طموحة من خلال خطتها الوطنية للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، تعكس الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي، مشيرة إلى اعتزام الوزارة وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – إطلاق المرحلة الثانية من تقارير توطين أهداف التنمية المستدامة للمحافظات المصرية (27 تقريرًا)، والتي تمثل أداة هامة يستند إليها متخذ القرار وصانعي السياسات في توجيه جهود التنمية بشكل فعال والاستجابة للاحتياجات المحلية، مما يعزز في نهاية المطاف النمو الشامل والمستدام في جميع أنحاء البلاد.

وأوضحت أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل على إعداد خطة تنفيذية شاملة تهدف إلى تعزيز النمو المستدام واستقرار الاقتصاد الكلي، وخلق فرص عمل من خلال التركيز على تحسين بيئة الأعمال ودعم القطاعات القابلة للتبادل التجاري، من خلال تبنّي سياسات تصحيحة مالية ونقدية، فضلاً عن حوكمة الاستثمارات العامة لإفساح المجال للقطاع الخاص – وبناء اقتصاد أكثر ديناميكية ومرونة وتنافسية من خلال زيادة الاستثمارات.

وأضافت أن الدولة المصرية تواصل جهودها لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية منذ عام 2016، من أجل تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز قدرة الاقتصاد الكلي على الصمود أمام الصدمات الخارجية ودعم الانتقال الأخضر وفتح آفاق مستقبلية لتنمية شاملة ومستدامة، وذلك لتعظيم الاستفادة من الشراكات التنموية ماليًا وفنيًا، وذلك استنادًا إلى خمسة محاور رئيسية هي 1) تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، 2) توزيع الهيكل الإنتاجي للاقتصاد المصري من خلال التركيز على قطاعات الاقتصاد الحقيقي، 3) زيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، 4) دعم الانتقال الأخضر، 5) رفع كفاءة ومرونة سوق العمل ومنظومة التعليم الفني والتدريب المهني.

وأكدت أن هذه التدخلات انعكست على مؤشرات النمو الاقتصادي، حيث تصدر قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية النمو الإيجابي بعد فترة من التراجع – لينمو مؤشر الإنتاج الصناعي بعد سلسلة من التراجع بدأت منذ الربع الثالث من العام المالي 2021/2022، كما تطورت استثمارات القطاع الخاص في الربع الأول من العام المالي الجاري لتستحوذ على 63% من الاستثمارات الكلية، واستمرار هذا الزخم الإيجابي لينعكس في مؤشر مديري المشتريات لشهر يناير 2025 والذي حقق أفضل أداء خلال 4 سنوات ويسجل 50 نقطة متجاوزًا منطقة الحياد .

واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، تطور معدلات التضخم، وارتفاع تحويلات الـمصريين العاملين بالخارج، والنمو المستمر في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.، ونمو إيرادات السياحة، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي.

وتطرقت إلى وضع سوق العمل المصري، موضحة أن عام 2023 يعتبر من أفضل الأعوام التي تلت أزمة وباء كورونا منذ عام 2020، إذ استطاع سوق العمل المصري في هذا العام أن يستوعب نحو مليون وظيفة، من أهم وأكبر القطاعات التي استطاعت أن تستوعب هذا القدر من الوظائف كان الصناعات التحويلية الذي حظي وحده بنحو 255 ألف وظيفة، بما يعادل نحو 25 ٪ من إجمالي حجم الوظائف التي تم توفيرها.

وتُفيد الـمُؤشّرات إلي تعافي النمو الاقتصادي لـمصر خلال الربع الأخير من عام 23/2024، واستمرار ذلك في الربع الأول من العام الـمالي الجاري 24/2025 (بمُعدّل نمو 3,5%)، وقد جاء هذا النمو مدفوعًا بتحسّن ملحوظ في بعض الأنشطة الاقتصاديّة الرئيسة، ومنها؛ الصناعة التحويليّة، والكهرباء والقطاع الـمصرفي – ومن الـمُتوقع استمرار تحسّن النشاط الاقتصادي خلال الفترة الـمُقبلة في ظل التزام الحكومة بمُواصلة تطبيق تدابير فعّالة لدعم استقرار الاقتصاد الكلي واحتواء التضخّم وتحفيز نشاط القطاع الخاص.

وأشارت إلى مواصلة مُواصلة الدولة الـمصريّة تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة من خلال تطبيق قواعد الحوكمة الجيّدة ورفع كفاءة الإنفاق الاستثماري وتحديد سقف الاستثمارات العامة وقدرُه تريليون جنيه مصري للعام الـمالي 24/2025، ليستحوذ القطاع الخاص على نسبة 50% من إجمالي الاستثمارات الكليّة مُقارنة بنحو 43% في العام السابق 23/2024.

وأكدت أن مصر تمتلك عديدًا من الـمزايا والـمُقوّمات التنافسيّة التي تُعزّز من قُدرتها على تعزيز وجذب واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبيّة، وتمتلك البنية التحتية المواتية لذلك من الطرق والـموانئ والنقل البحري، والمطارات والمُجمّعات للصناعات التعدينيّة والطاقة الـمُتجددة، لافتة إلى تنفيذ مجموعة من الخطوات والإجراءات الطموحة لتحسين مُناخ الاستثمار وتمكين القطاع الخاص وتذليل التحديّات التي تُواجه الـمُستثمرين، ويُعد من أبرز هذه الإجراءات تطبيق سياسات ضريبيّة جديدة، وتوفير حزمة من الحوافز للشركات وإصدار الرُخصة الذهبيّة وكذلك إطلاق استراتيجيّة وطنيّة للصناعة تستهدف تحقيق طفرة في توطين الصناعة وتحويل مصر إلي مركز صناعي عالمي، وكذلك إستراتيجية وطنيّة للإستثمار الأحنبي المباشر بالتعاون مع البنك الدولي وشركاء التنمية.

وتفعيلاً لذلك، تعمل الحكومة المصرية مع البنك الدولي لمناقشة الإجراءات الفورية التي قد تكون ضرورية لتحفيز معدلات نمو مرتفعة ومستدامة في ضوء التحديات الكلية والخارجية، وأحد تلك المكونات الأساسية لهذا التعاون مع مجموعة البنك الدولي، هو أجندة التحول الأخضر الطموحة التي تتبناها الحكومة المصرية، حيث عملت الحكومة على زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 15% في عام السنة المالية 2020/2021 ومستهدف الوصول إلى 50% بحلول عام 2025. 

من جانب آخر تطرقت إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل من أجل التنمية (E-INFS) في سبتمبر 2024، حيث تهدف إلى: (أ) تعبئة ومواءمة التمويل العام المحلي مع أولويات التنمية الوطنية؛ (ب) مواءمة التمويل والاستثمار الخاص؛ (ج) مواءمة التعاون الإنمائي؛ و(د) خلق بيئة مواتية ووسائل غير مالية للتنفيذ، حيث تشمل الاستراتيجية كافة أدوات التمويل التي يمكن للحكومة المصرية استخدامها من أجل معالجة فجوات التنمية في القطاعات المختلفة.

وأشارت إلى أن العلاقات الوطنية المميزة مع شركاء التنمية أتاحت تمويلات تنمويّة ـمُيسرة للقطاع الخاص بلغت أكثر من 14,5 مليار دولار منذ عام 2020 بالتعاون مع شركاء التنمية مُتعدّدي الأطراف والثنائيين، وقد تم توجيه هذه الحزم التمويليّة لدعم قطاعات استراتيجيّة مثل الطاقة الـمُتجددة ضمن برنامج "نُوَفّي"، والـمشروعات الصغيرة والـمُتوسّطة والنقل والصناعة، والزراعة والتجارة بما يُسهِم في تعزيز النمو الاقتصادي الـمُستدام وتهيئة بيئة الأعمال. 

وذكرت أن مصر تسعى إلى استمرار نهجها الاستراتيجي في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز كفاءتها والتحوّل إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة من خلال تحفيز الاستثمارات الـمُباشرة في هذا القطاع الـمُهم بالتوازي مع إقامة شراكات اقتصاديّة مع الدول الشقيقة والصديقة لاسيما في مجال الطاقة النظيفة.

مقالات مشابهة

  • التخطيط: إعداد خطة تنفيذية لتعزيز النمو المستدام واستقرار الاقتصاد الكلي
  • «المشاط»: مصر تمتلك مقومات تنافسية تعزز قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية
  • موعد وقناة عرض برنامج محمد رمضان الجديد.. اعرف التفاصيل
  • «السياحة الثقافية»: زيادة في أعداد السياح الوافدين للأقصر منذ بداية 2025
  • رئيس الوزراء: الدولة حققت طفرة عمرانية غير مسبوقة خلال السنوات الماضية
  • المشاط: زيادة المشروعات الخضراء لتصل إلى 50% من إجمالي استثمارات خطة العام المالي
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • الإحصاء : 25.9 % ارتفاعاً في صادراتنا للسعودية بنهاية 2024
  • عام التميز والأرقام القياسية لبنك التعمير والإسكان ومضاعفة صافي أرباحه لتصل إلى 11 مليار جنيه ويسجل أداءً مالياً متميزاً بنسبة نمو 83.1% بنهاية العام المالي المنتهي في 31 ديسمبر 2024
  • العامة للاستثمار: مصر وجهة استثمارية رائدة بفضل الإصلاحات الاقتصادية والتحول الرقمي