كيفية التخلص من المال الحرام.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الواجب على من اكتسب المال الحرام بطريق غير مشروع أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يردّ هذا المال إلى صاحبه أو إلى ورثته إن كان متعلقًا بحق أحد من الناس، فإن تعذر ردّه إلى صاحبه أو إلى ورثته فعليه أن يتصدق به على الفقراء والمساكين أو يدفعه في مصالح المسلمين العامة، ويكون بنية حصول الثواب لصاحب المال الأصلي وسقوط الإثم عن التائب، وله أن يسلمه لبيت مال المسلمين ويمثله الآن في مصر (بنك ناصر الاجتماعي).
أضافت الإفتاء، أن التوبة في اللغة: العود والرجوع والندم، يقال: تاب فلان، إذا رجع عن ذنبه وأقلع عنه وندم عليه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» أخرجه ابن ماجة في "سننه".
أوضحت الإفتاء، أنه يصح أن تسند التوبة إلى الله عز وجل كما تسند إلى العبد، إلا أن معناها يتغير، فإذا أسندت التوبة إلى العبد كان المراد بها رجوعه عن الذنوب والمعاصي وندمه عليها؛ يقال: تاب إلى الله توبة ومتابًا أي: أناب ورجع عن المعصية، أما إذا أسندت إلى الله تعالى فيستعمل معها لفظ "على" ويكون المراد بها رُجوعُ لُطف الله تعالى ونعمته على العبد وتفضُّلهُ عزَّ وجلَّ عليه بالمغفرة، يقال: تاب الله عليه؛ أي: غفر له الذنوب والمعاصي.
وتجب التوبة من المعصية على الفور باتفاق الفقهاء؛ قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا﴾ أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين، والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال].
دار الإفتاء المصريةوقد تفضل الله تعالى على عباده ووعدهم بأنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قبل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، كما روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ».
فالتوبة هي أولى ما ينبغي على المسلم أن يحرص عليه؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عز وجل أن يتفضل عليه ويدخله الجنة، والتوبة النصوح هي التي يتحقق فيها: الاستغفار باللسان، ومجانبة خلطاء السوء، والندم بالقلب مع إضمار التائب ألَّا يعود إلى المعصية أبدًا.
والتوبة إما أن تكون بين العبد وربه فحسب فلا يجب بها حقٌّ لأحد؛ كالكذب، أو شرب مسكر، فالتوبة من مثل هذه الذنوب تكون بالندم، والعزم على عدم العودة إليها، ويقال عنها: توبة باطنة أي غير ظاهرة، وإما أن تتوقف صحة التوبة وقبولها على رد الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله تعالى؛ كمنع الزكاة، أو لآدمي؛ كالسرقة والغصب، فالتوبة من مثل هذه الأمور يُشترط فيها رفع المظلمة ورد الحقوق بحسب إمكانه؛ فيؤدي الزكاة ويرد المسروق أو المغصوب، فإذا هلك عين الحق وجب أن يردّ مثله إن كان مثليًّا وإلا فقيمته، وإن عجز عن الرد نوى أن يقوم به متى قدر عليه؛ قال العلامة الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (17/ 25، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: للتوبة ثلاثة شروط: أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم عزمًا جازمًا أن لا يعود إلى مثلها أبدًا، فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع، وهو: رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه، والتوبة أهم قواعد الإسلام، وهي أول مقامات سالكي طريق الآخرة] اهـ. وتسمى التوبة التي تعلق بها حق آدمي توبة حكمية؛ أي: إنها تعلق بها حكم برد المظالم إلى أصحابها، أو تحصيل العفو منهم عما لهم من الحقوق.
ولا خلاف بين أحد من المسلمين في أن الكسب من طريق غير مشروع ذنب تجب التوبة منه؛ فقد أمر الإسلام أتباعه بالكسب الحلال، وأن تكون سبل كسب المال مشروعة وجائزة؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 168]، ونهاهم عن أكل أموال الناس بالباطل؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، وقد جاء فيما رواه الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء المال الحرام الفقراء والمساكين بنك ناصر الاجتماعي التوبة الله تعالى التوبة من الله علیه إلى الله
إقرأ أيضاً:
هل أكمل أم أعيد الوضوء حال خروج الريح وأنا أتوضأ؟ .. دار الإفتاء توضح
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم استكمال الوضوء في حال خروج الريح قبل إتمام غسل جميع الأعضاء. وقد أوضحت الدار في فتوى صادرة عنها أنه إذا خرج الريح من الشخص أثناء وضوئه، فإنه يجب عليه بدء الوضوء من جديد، حيث إن الريح ينقض الوضوء بالكامل، وبالتالي لا يجوز استكماله في هذه الحالة.
وأكدت الإفتاء أن هذا الحكم يأتي من كون خروج الريح يعد ناقضًا للوضوء، سواء تم الوضوء بالكامل أو لم يكتمل. أما إذا كان المقصود بالسؤال أن الرياح هبّت من السماء وجفّ الماء عن الأعضاء التي تم غسلها، فإن ذلك لا يتطلب إعادة الوضوء، ويجوز استكماله مباشرة، استنادًا إلى رأي المذهب الحنفي الذي لا يشترط الموالاة بين غسل الأعضاء لصحة الوضوء.
فضل الوضوء في الإسلام
وأكدت دار الإفتاء على فضل الوضوء وأهمية المحافظة عليه، حيث اعتبرته الشريعة الإسلامية علامة من علامات الإيمان. واستشهدت الدار بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»، مما يبرز أهمية الوضوء في حياة المسلم.
كما نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة سيدنا بلال رضي الله عنه، الذي كان يحرص على الوضوء بعد كل حدث، فقال له النبي: «بم سبقتني إلى الجنة؟»، وأجاب بلال: «يا رسول الله، ما أحدثت إلا توضأت».
وأضافت الإفتاء أن الوضوء على طهارة له فضل عظيم، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات». ودعت المسلمين إلى الاقتداء بهذه السنة النبوية الشريفة، مشددة على أن المحافظة على الوضوء عبادة تعزز الإيمان وتقرب العبد من الله.
حكم الكلام أثناء الوضوء
قالت دار الإفتاء المصرية، إن للوضوء آداب ينبغي مراعاتها، والكلام أثناء الوضوء بغير حاجة هو من ترك آداب الوضوء عند الحنفية، ومكروه عند المالكيَّة؛ وخلاف الأولى عند الشافعيَّة والحنابلة.
واستشهدت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما حكم الكلام أثناء الوضوء؟ بقول العلَّامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (1/ 48، ط. دار الكتب العلمية) في بيان آداب الوضوء: [ومن الأدب: ألَّا يتكلم فيه بكلام الناس] اهـ.
وقال العلَّامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 30، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ترك كلام الناس لا يكون أدبًا إلَّا إذا لم يكن لحاجة، فإن دعت إليه حاجة يخاف فوتها بتركه لم يكن في الكلام ترك الأدب؛ كما في "شرح المنية"] اهـ.