إعداد: جمال بلعياشي إعلان اقرأ المزيد

"يجب دفع تسعة آلاف دولار (نحو 8 آلاف يورو) عن كل شخص ليري اسمه في قائمة الأشخاص الذي يسمح لها مغادرة غزة" وفق شهادة أحد سكان القطاع الذي تواصل معه فريق تحرير مراسلون فرانس24 (عبر محادثات في تطبيق واتساب). وعلى غرار هذا الشخص، أطلق مئات الأشخاص حملات تبرع على الإنترنت أملا في جمع المبلغ المطلوب حتى يتمكنوا من الحصول على ترخيص المغادرة المنشود.

وتجدر الإشارة إلى أن معدلات الرواتب الشهرية في قطاع غزة تتراوح بين 500 و600 دولار (أي ما بين 460 و560 يورو).

لأي طرف يتم دفع هذا المبلغ؟ يتعلق الأمر بوسطاء، الذي يؤكد شهود، أنهم يطالبون بمبالغ أكبر شيئا فشئيا منذ بداية الحرب.

ويطلق على هذه الطريقة المعروفة لدى الفلسطينيين اسم "التنسيقات المصرية".

"إذا ما تحدثت عن الموضوع، يتم وضع اسمك في قائمة سوداء"

محمد صبري صحافي مصري مختص في التحقيقات الاستقصائية الذي عمل على هذا الموضوع، يندد بـ"ممارسات فسادة على نطاق واسع" حيث يقول:

إنهم أناس يعيشون وضعا صعبا وجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل مع وسطاء، إنهم يتاجرون في مآسي الناس. من جرحى وأشخاص مصابين بأمراض مستعصية على غرار السرطان، إنهم أشخاص يحاولون مغادرة قطاع غزة في أسرع وقت ممكن.

إذا ما دفعت المبلغ المطلوب، يتم نشر اسمك في القائمة الرسمية الموجودة في معبر رفح الحدودي بطريقة سريعة نسبيا.

تتداخل عدة أجهزة في هذه الممارسات: يتعلق الأمر بمصلحة جوزات السفر والهجرة والجيش ومصالح المخابرات إضافة إلى أجهزة أخرى.

هذه الممارسات معلومة من الجميع. وفي نفس الوقت، هناك صمت مطبق على الموضوع، وإذا ما تحدثت عنه، يتم وضع اسمك في قائمة سوداء للأشخاص اللذين يمنع عليهم مغادرة قطاع غزة.

منذ بداية الحرب في غزة، تمكن نحو 6 آلاف فلسطيني من مغادرة القطاع (فريق التحرير: لم يتمكن فريق تحرير مراقبون من التحقق من هذا الأرقام من مصدر مستقل).

وتنشر إدارة معبر رفح الحدودي بشكل مستمر عبر موقعها على الإنترنت قوائم الأشخاص الذي يسمح لهم مغادرة الجيب الفلسطيني.

ويتعلق الأمر بالخصوص بفلسطينيين يملكون جنسية أخرى يمكن أن تتم عملية إجلاءهم بفضل تدخل البلدان التي يملكون جنسيتها أو أصيبوا بجروح بالغة تتطلب علاجا عاجلا.

وفيما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين لا يملكون سوى الجنسية الفلسطينية، يتطلب الأمر منهم إذا دفع مبلغ لشبكات الوسطاء. يتم نشر أسماءهم فيما بعد بدورهم على موقع معبر رفح الحدودي على الإنترنت، وبالتحديد في قوائم إجلاء المواطنين الفلسطينيين وفق شهادات غزيين.

ولا تعد هذه الممارسة أمرا جديدا: بل يعود تاريخ رواجها إلى بداية الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنة 2007، وفق توضيح مواطن فلسطيني أصيل قطاع غزة يقيم اليوم في إحدى الدول الأوربية حيث يقول:

لدي صديق غادر قطاع غزة في سنة 2017، وذلك سبب حصوله على منحة للدراسة في الخارج. في تلك الفترة، إذا ما أردت الخروج من القطاع، يتوجب عليك تقديم طلب لوزارة الداخلية الفلسطينية. ولكن نهاية الإجراءات الإدارية قد تتطلب عدة أشهر. وبما أنه كان مستعجلا للخروج، تطلب الأمر التوجه إلى سوق السوداء التي يديرها الوسطاء.

يتم تداول هذه الطريقة بشكل شفاهي بين الناس. وتوجه للقاء وسيط يملكن قنوات تواصل مع مصالح المخابرات المصرية. وأخذ الوسيط صورة من جواز سفره وقام بإرساله للأشخاص الذين يعرفهم. وفي غضون بضعة أسابيع، ظهر اسمه في قائمة الأشخاص الذي يسمح لهم بمغادرة القطاع عبر معبر رفح الحدودي.

وفي سنة 2017، كانت كلفة "رخصة الخروج" هذه تصل إلى ما بين ألفين و3 آلاف دولار (أي ما بين 1800 و2700 يورو).

وفي سنة 2020، أصبحت هذه الممارسات رائجة بشكل كبير إلى درجة أن وكالة "سياحة" أصبحت تقترح التكفل بهذه الخدمة. يوجد عملاء انطلاقا من شوارع غزة وصولا إلى القاهرة يقترحون "تسهيل " تنقل الفلسطينيين الذين يريدون مغادرة القطاع.

ولكن مع بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، اضطرت هذه الوكالات السياحية لإغلاق أبوابها.

بالموازاة مع ذلك، ارتفعت كلفة "التنسيقات" بشكل كبير جدا لتصل إلى 9 آلاف دولار (أي نحو 8 آلاف يورو) عن كل شخص.

وتواصل فريق تحرير مراقبون فرانس24 مع عدد كبير من سكان غزة وأقربائهم من الذين أطلقوا حملات تبرع للتمكن من مغادرة القطاع. ولكن هؤلاء لم يرغبوا في تقديم شهادتهم مؤكدين أنه في حال تم التحدث عن هذه الممارسات في وسائل الإعلام، فسيتم تعليقها وبالتالي تتبخر فرص أقربائهم في مغادرة الجيب الفلسطيني.

"يوجد وسطاء في أوروبا أيضا"

في اتصال مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، يقول فلسطيني من قطاع غزة يعيش في فرنسا ويحاول إخلاء أمه العالقة في القطاع، أنه في حيرة من أمره:

من جهة، لدينا رغبة في التنديد بهذه الممارسات، من جهة أخرى، نتخوف من أن يغيب هؤلاء الوسطاء، لأن ذلك سيصعب من مهمتنا.

أنا نفسي دفعت مبلغا لوسيط في فرنسا لأنه يوجد أيضا وسطاء في القارة الأوروبية. ويجب دفع المبلغ نقدا لأن ذلك لن يترك أي أثر.

في المقابل، أشعر بقلق من توقفها. إذ يبدو لي أن عملية إجلاء الفلسطينيين من قطاع غزة توقفت منذ كشفت وسائل إعلام هذه الممارسات خصوصا صحيفة ذي غارديان البريطانية.

ولم تنشر صفحة الهيئة التي تدير معبر رفح الحدودي الذي يربط قطاع غزة بمصر على فيس بوك أي قائمة منذ 11 كانون الثاني/يناير الجاري الماضي، بعد أن كانت تنشر قائمة بشكل يومي تقريبا.

وحاول فريق تحرير مراقبون فرانس24 التواصل مع هيئة الاستعلامات العامة التابعة لرئاسة الجمهورية المصرية للحصول على رد منها بخصوص هذه الاتهامات، لكنها لم ترد على تساؤلاتنا.

وفي قطاع غزة، قتل أكثر من 24 شخص منذ بدء القصف والعمليات البرية العسكرية التي تشنها إسرائيل في الجيش الإسرائيلي، معظمهم من النساء والأطفال والمراهقين، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس التي تحكم القطاع منذ عدة سنوات.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: بيئة خبر كاذب إسرائيل الأراضي الفلسطينية قطاع غزة بيئة معبر رفح الحدودی هذه الممارسات مغادرة القطاع الأشخاص الذی آلاف دولار فی قائمة قطاع غزة إذا ما

إقرأ أيضاً:

نزيف الدماء مستمر.. غزة تودع 2024 تحت قصف الاحتلال

"لقد كان عاما مليئا بلون دماء أهل غزة، وخذلان المتخاذلين، وتواطؤ المتواطئين، وقتل الأطفال والنساء، وتدمير وإحراق المستشفيات، واللاإنسانية".

هذا ما عبّر عنه الناشط محمد أبو حجر، في منشور عبر صفحته على منصة فيسبوك، وهو يودع عام "الوداعات القاسية" 2024، كحال أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة المحاصر، ينشدون نهاية حرب الإبادة الجماعية التي بدأتها إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لم يستقبل سكان غزة عام 2025 بالورود أو الألعاب النارية، كما يُصور العالم احتفالاته بالعام الجديد، بل كان صاخبا بأصوات القصف والدمار وبيانات النزوح وصرخات المفجوعين بمجازر الاحتلال والعالقين تحت الأنقاض ودمعات الثكالى والمكلومين.

هذه الصورة المأساوية لأكبر كارثة إنسانية في القرن الـ21 تنعكس على عام جديد، لم ير الفلسطينيون بعد نهاية الحرب، وحالهم حبيس سجن تقلّصت مساحته من 365 كيلومترا مربعا، إلى 10% فقط يدّعي الاحتلال الإسرائيلي أنها "مناطق إنسانية"، بعد تدميره لأكثر من 86% من مساحة القطاع.

عام مرعب

وتسببت نحو 10 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق سكان غزة، في مسح 1413 عائلة فلسطينية من السجل المدني، خلال 452 يوما من الإبادة الجماعية، وخلفت نحو 154 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، وفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

إعلان

لذلك، كان عام 2024 "مليئا بأهل غزة الذين يعيدون تعريف الصبر في كل يوم يمر عليهم"، ويسهب الناشط وريف قاسم، في وصفه للعام المنصرم، بأنه "كان عاما مليئا بالقسوة والألم والفقدان والحرمان والجوع والدمار".

بدورها، تكتب روان السعدي أن 2024، كان عاما مليئا بالخسارات المربكة، "أكبرها خسارة جزء جديد من ضمير هذا العالم"، الصامت على مجازر وقتل وتدمير وعدّاد حرب لم يتوقف بعد 452 يوما.

في حين يقول محمود جلمبو إن "العام 2024 كان مليئا بالحزن والنزوح والفقدان والحرمان والخذلان والقهر والحسرات والخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"، وربما أكثر من هذه المصطلحات التي لا يستطيع من عاشوا تحت هول المجازر الإفصاح عنها والتعبير عن فظائع ما عاشوه.

صدمات وحكايات لن تنسى

ولكل من نجا من آلة القتل الإسرائيلية قصة تختلف تفاصيلها، لكن المجرم واحد مستمر في القتل والتدمير بلا حساب.

وتحكي أسماء الغول قصتها المؤلمة باستشهاد عدد من أفراد عائلتها من بينهم مراسل الجزيرة إسماعيل الغول قائلة "مرت بنا أوجاع لا تنسى، ومن أصعبها خروجنا من بيتنا وقصف بيت عمتي ثم بيتنا، لقد عشنا لحظات مرعبة عندما وصلت الدبابات إلى باب المدرسة التي لجأنا إليها، وتعرضنا للقصف هناك".

وتضيف "نزحنا عبر الحواجز الإسرائيلية إلى جنوب القطاع، وكانت الصدمة استشهاد أبي وإخوتي خالد ومراسل الجزيرة إسماعيل وأحمد، وعدد من أفراد العائلة"، وما زاد ألمَ الناجية أسماء أنها لم تتمكن من إلقاء نظرة الوداع على أحبتها.

الوضع الآن في غزة صعب جداً، دعواتكم لأهل الخيام !! pic.twitter.com/GgQZQdurrq

— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) December 31, 2024

ومن بين الصدمات المشابهة، ما عبرت عنه عبير مراد التي قالت إن "صدمة قصف بيتها على رأس من فيه واستشهاد أخيها في مدينة غزة بدون أن تلقي نظرة الوداع عليه"، كحال آلاف العائلات التي اضطرتها الحرب للنزوح إلى جنوب القطاع، في حين استشهد عدد من أفراد عائلتها ممن بقوا في شمال القطاع.

إعلان

بدوره، يلخص أبو أيهم، في تعليق على منصة فيسبوك، السنة المنصرمة بوصفها سنة الفراغ، ويقول إنه "لم يأت عام 2024، فنحن عالقون عند تاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي يتكرر كل يوم بلا جديد".

يبدأ أول أيام العام الجديد بمجزرة في جباليا شمال غزة والمغازي وسط القطاع .
قتل الجيش مجموعة جديدة من الأطفال داخل منزلهم، وأجبر العائلات على مغادرة المغازي بعد منتصف ليلة شديدة البرودة . pic.twitter.com/8vDJjx36Ji

— Tamer | تامر (@tamerqdh) January 1, 2025

وتعد الحرب على غزة الأكثر دموية في التاريخ الحديث، فإلى جانب استمرار المجازر الإسرائيلية واستشهاد وإصابة الآلاف من الغزيين، تسبب إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات والأدوية والسلع والبضائع في تفاقم المجاعة بقطاع غزة.

وزاد الاحتلال من حجم الكارثة الإنسانية بعد تدمير 34 مستشفى، و80 مركزا صحيا أخرجوا عن الخدمة، واستهداف 162 مؤسسة صحية، ومنع مئات آلاف الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج، وكذا منع دخول الأدوية اللازمة لهم.

الله يكون بالعون يارب..
وحسبنا الله ونعم الوكيل..
دول وأنظمة وزعامات مش قادرين يضغطوا لزيادة عدد شاحنات الاغاثة.. الاغاثة فقط لأجل هؤلاء الأبرياء المعذبين..

???? "بستنا في الأواعي ينشفن"… طفلة تقف في العراء والبرد في محاول لتجفيف ملابسها بعد أن تسللت مياه الأمطار إلى خيمتهم في… pic.twitter.com/eJd0MFBVC9

— ???????? أدهم أبو سلمية (@AdhamPal922) December 31, 2024

وهذه بعض أرقام قطاع غزة خلال 450 يوما من العدوان الإسرائيلي المستمر التي نشرها المكتب الإعلامي الحكومي:

56 ألفا و714 شهيدا ومفقودا. 11 ألفا ومئتي مفقود لم يصلوا إلى المستشفيات.

108 آلاف و189 جريحا ومصابا وصلوا إلى المستشفيات. 88 ألف طن متفجرات ألقاها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

إعلان

12 ألفا و650 جريحا بحاجة للسفر للعلاج في الخارج.

161 ألفا و600 وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كلي.

82 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال غير صالحة للسكن.

194 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئيا.

نحو مليوني نازح في قطاع غزة، و110 آلاف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين.

نحو 86% نسبة الدمار في قطاع غزة.

37 مليار دولار الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية.

مقالات مشابهة

  • قناديل البحر هذه تندمج وتصبح كيانًا واحدًا.. الأمر الذي أذهل العلماء!
  • نزيف الدماء مستمر.. غزة تودع 2024 تحت قصف الاحتلال
  • مسؤول فلسطيني: على حماس إلغاء ما تبقى من سلطة الأمر الواقع بغزة
  • أونروا: آلاف الخيام على شواطئ بحر غزة غمرتها المياه وباتوا الان في العراء
  • الكشف عن قيمة الدعم المالي الهائل الذي قدمته أمريكا لـ إسرائيل منذ 7 أكتوبر .. أرقام صادمة وشراكة في الإبادة
  • قبل مغادرة البيت الأبيض.. مساعدات بـ6 مليارات دولار هدية من بايدن لأوكرانيا
  • لليوم الـ 240..جيش العدو يواصل إغلاق المعابر ويفاقم أزمة الغزيين
  • نموت من البرد.. النازحون الفلسطينيون يواجهون الشتاء في غزة
  • تصل لـ9 آلاف دولار.. خصومات نهاية العام من تسلا على سيارتي Model X وModel Y
  • استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على منزلين شمال ووسط قطاع غزة