اقتصاد الضفة يرزح تحت وطأة اقتحامات الاحتلال وحرب غزة
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
تزداد الضغوط الاقتصادية والبطالة في الضفة الغربية، مع الاقتحامات الإسرائيلية اليومية للمدن والقرى الفلسطينية، وسط تحذيرات من إمكانية خروج الوضع عن السيطرة.
ويتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد الفلسطيني 6% خلال السنة الحالية 2024.
وفقد الفلسطينيون 32% من الوظائف في الضفة الغربية، أي ما يعادل 276 ألف وظيفة بسبب تداعيات حرب إسرائيل على غزة ، حسبما ذكرت منظمة العمل الدولية خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ينتظر حافظ غزاونة في متجره الصغير في البيرة بالضفة الغربية المحتلة الزبائن بفارغ الصبر، فمنذ الحرب التي شنتها إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى لم يشتر منه سوى عدد قليل من الناس السندويشات والفلافل.
وقبل الحرب على غزة، كان العديد من الحرفيين من الورش المجاورة يأتون إلى محل غزاونة لشراء وجبة الإفطار أو الغداء.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غزاونة، قوله "الآن يحضرون وجباتهم اليومية معهم من منازلهم، لأن الوضع صعب للغاية بالنسبة إليهم أيضا".
ويخشى غزاونة أن يضطر إلى إغلاق محله إذا استمرت الحرب، خاصة وقد انخفض دخله خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويقول إنه كان يكسب حوالي 8 آلاف شيكل (حوالي 2122 دولارا) شهريا، لكن في هذه الأيام لا يدر عمله عليه سوى 2000 شيكل (530 دولارا) شهريا.
ويعاني من البطالة في الأراضي الفلسطينية، وفق التقديرات، حوالي 30% من السكان، بينما كانت النسبة قبل الحرب بحدود 14%، كما يقول طاهر اللبدي الباحث في الاقتصاد السياسي في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط.
وسحبت إسرائيل عقب اندلاع الحرب 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتركتهم من دون دخل.
والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، مفصولة عن الأراضي الإسرائيلية بجدار، ولا يستطيع سكانها البالغ عددهم 3 ملايين نسمة الذهاب إلى هناك من دون تصريح.
ضربة قويةمن جهته، عدّ مدير شركة الصناعات العربية لمواد التنظيف والتجميل في المنطقة الصناعية في رام الله، بشارة جبران، نفسه محظوظا، إذ إنه لم يسرح أيا من موظفيه البالغ عددهم 70.
لكن عمله تعرض لضربة قوية عقب اندلاع الحرب، فقد تم إغلاق خط إنتاج الصابون المصنوع من مكونات من البحر الميت بالكامل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وإجمالا، تسبب توقف هذا الإنتاج في خسارة 200 ألف دولار عام 2023، وهو يتوقع أن يخسر المبلغ ذاته خلال عام 2024 مع استمرار الحرب.
ورغم ذلك، يواصل بيع المنظفات المخصصة للغسيل والمنتجات المنزلية الأخرى في السوق الفلسطينية، و"المنتجات الأساسية" للمنازل، مما يبقي المصنع قيد العمل.
وكان جبران يعتمد في صادراته على سوق غزة بنسبة 20% لكن لم تعد أي من بضائعه تدخل إلى القطاع، ويوضح أن تكاليف النقل في الضفة الغربية ارتفعت بسبب انتشار نقاط التفتيش وإغلاق بعض البلدات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اقتصاد مختنقيقول جبران "أحيانا يستغرق الأمر للشاحنة 4 أو 5 ساعات للوصول إلى نابلس في الشمال، وعند وصولها لا يستطيع السائق دخول المدينة بسبب حواجز وإغلاقات، فيعود أدراجه".
ويضيف أنه الآن يقوم "بتسليم واحدة كل يومين أو 3 أيام، بينما في السابق، كان يسلم شاحنتين يوميا".
وأدت هذه العوامل إلى "انكماش الاقتصاد" الذي يعمل الآن بنسبة 50% فقط من طاقته، كما يقول عبده إدريس رئيس غرف التجارة الفلسطينية.
ومع الحرب، كان الاقتصاد الفلسطيني "مختنقا" بالفعل ومعتمدا بشكل كبير على إسرائيل، كما يؤكد الباحث طاهر اللبدي.
ومع أن اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، حافظت على "الوضع السياسي الراهن"، فقد وعدت "بالتنمية الاقتصادية" التي "من شأنها أن تجمع الأطراف المختلفة معا"، وفق اللبدي.
ولكن هذا الوضع الراهن تم تقويضه "بسبب الاحتلال في الضفة الغربية. مع تقسيم الأراضي، لم تحدث هذه التنمية الاقتصادية".
ويوضح أنه نتيجة لذلك، في فترات الأزمات، يجد الاقتصاد الفلسطيني -الذي يزداد ضعفا- نفسه "محروما من جميع موارده، ولديه قدرة محدودة للغاية على الصمود".
وكمثال على هذا الاعتماد، تسيطر إسرائيل على حدود الضفة الغربية، وتجمع الضرائب على المنتجات الفلسطينية، والتي يجب عليها بعد ذلك تحويلها إلى السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يتم دفع هذه الضرائب.
وبدون أموالها، فإن السلطة الفلسطينية "تواجه صعوبة في دفع رواتب موظفيها المدنيين ونفقاتها الجارية"، كما يوضح اللبدي.
وبحسب وزارة المالية الفلسطينية، فإنه من المفترض أن يحول الاحتلال شهريا قيمة الضريبة المستحقة للسلطة الفلسطينية البالغة حوالي 600 مليون شيكل (159.2 مليون دولار)، لكنها لم تحول هذه المبالغ منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأعلنت إسرائيل نيتها خصم نسبة من هذه المبالغ، التي كانت السلطة الفلسطينية تخصصها لعملها في قطاع غزة، لكن السلطة الفلسطينية رفضت هذه الخصومات، مما أدى إلى تعليق تحويل المبالغ وتراكمها لتصل تقريبا إلى 1.8 مليار شيكل (477.6 مليون دولار).
ونقلت الوكالة الفرنسية عن موظفين حكوميين قولهم إن رواتب شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي لم تُدفع بعد، في حين حصلوا -في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- على 65% فقط من رواتبهم، مقابل 50% في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
ويؤكد بشارة جبران أن "الوضع أسوأ مما كان عليه خلال الانتفاضة الثانية "(2000-2005) وقال "حينها كنا نعرف ما يمكن توقعه".
ويضيف بقلق "من الآن فصاعدا الخوف من المجهول يقتلنا"، ومن المستحيل وضع ميزانية أو توقعات للمبيعات "لأننا لا نعرف ما إذا كنا سنتمكن من الذهاب إلى العمل غدا أم لا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة الأول الماضی
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توسع عملياتها في الضفة الغربية.. ودبابات تدخل جنين
تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية المستمرة منذ أسابيع في مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، حسبما أفادت مصادر فلسطينية.
فقد وسع الجيش الإٍسرائيلي عملياته العسكرية في جنين، الأحد، لتشمل بلدات قباطية واليامون والسيلة الحارثية، مع تنفيذ عمليات تجريف واسعة ودفع دبابات وتعزيزات عسكرية إلى المدينة.
أما في طولكرم، فقد استمرت العملية العسكرية الإسرائيلية لليوم الثامن والعشرين على التوالي، مع إرسال تعزيزات عسكرية إضافية.
وفي نابلس اقتحمت قوات إسرائيلية المنطقة الغربية عبر حاجز دير شرف، وخربت المحال التجارية كما اقتحمت عددا من القرى المحيطة.
كما اقتحم الجيش الإسرائيلي عدة بلدات وقرى في رام الله، وحطم عددا من مركبات السكان.
وفي القدس، اقتحم مستوطنون المسجد الأقصى تحت حماية مشددة، مع نصب حاجز عند المدخل الغربي لبلدة العيساوية، مما تسبب في إعاقة حركة الفلسطينيين.
كما شهدت مدينة قلقيلية مداهمة لمنزل وتحطيم محال تجارية، خلال اقتحام بلدة إماتين، بينما تسببت الإغلاقات في بيت لحم أزمة مرورية خانقة إثر إغلاق حاجز الكونتينر شمال شرقي المدينة.
واقتحمت القوات الإسرائيلية وسط مخيم العروب شمالي الخليل، مع إطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز، فضلا عن مداهمات في مخيم الفوار جنوبي المدينة.
وأخيرا اقتحم قوات إسرائيلية قرية النويعمة الفوقا، شمالي مدينة أريحا.
دبابات وتهجير
وأرسلت إسرائيل دبابات إلى الضفة، الأحد، لأول مرة منذ نحو 23 عاما، وأمرت الجيش بالاستعداد "لبقاء طويل" هناك.
ونزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين بالفعل في الضفة الغربية خلال الشهر الماضي، مع وصول الجيش إلى مخيمات اللاجئين المزدحمة في المدن الرئيسية مثل جنين وطولكرم، حيث ينفذ عملية عسكرية واسعة النطاق يقول إنها تستهدف جماعات مسلحة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن نحو 40 ألف فلسطيني نقلوا من المخيمات، التي قال إنها باتت خالية الآن.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوامر للجيش بتنفيذ عملية "مكثفة" في الضفة الغربية، في أعقاب انفجارات في حافلات قرب تل أبيب، الخميس.
وندد نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار الإسرائيلي بنشر دبابات في شمال الضفة الغربية.
وقال أبو ردينة: "هذا تصعيد إسرائيلي خطير لن يؤدي إلي استقرار أو تهدئة، ونحن نحذر من هذا التصعيد الخطير".
وقال الجيش إنه اعتقل 26 مسلحا وصادر 3 بنادق وأسلحة أخرى، أثناء مواصلة العمليات في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، التي وسعت لتشمل أيضا نابلس وقباطية ودير قديس في الجنوب.
وهدمت القوات منازل وبنية تحتية حيوية، بما في ذلك تجريف طرق وتعطيل إمدادات الكهرباء والمياه، وشوهدت الأحد دبابات قتالية إسرائيلية تتحرك إلى الضفة الغربية من إسرائيل باتجاه جنين.
أعين إسرائيل على جنين
ومع توقف القتال في غزة خلال وقف إطلاق النار الذي يستمر 42 يوما في مرحلته الأولى، وتوقف الحرب المرتبطة بهذا القتال بين إسرائيل وحزب الله جنوبي لبنان أيضا، تحول الاهتمام الإسرائيلي على نحو متزايد إلى الضفة الغربية المحتلة.
ورغم أن عمليات القوات الإسرائيلية كانت مستمرة في الضفة الغربية، فإن استخدام الدبابات الثقيلة وناقلات الجنود المدرعة يؤكد مدى تكثيف الجيش هجماته.
وقال كاتس الأحد: "لأول مرة منذ عقود، أرسلنا دبابات إلى يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه المسؤولون الإسرائيليون على الضفة الغربية). هذا يعني شيئا واحدا هو أننا نحارب الإرهاب بكل الوسائل وفي أي مكان".
وقتل الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء حرب غزة، بينما قتل العشرات من الإسرائيليين في هجمات شنها فلسطينيون.
ويرغب الفلسطينيون في أن تكون الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 مركز الدولة الفلسطينية المستقبلية إلى جانب غزة، لكن هناك دعوات متزايدة من الإسرائيليين المتشددين لضمها.
ولم يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما إذا كان سيدعم هذا الضم بالكامل، بعد أن أثار الغضب في المنطقة بدعوته إلى إبعاد الفلسطينيين عن غزة و"امتلاك" القطاع.
لكن دعوته أثارت بالفعل مخاوف بين الفلسطينيين من "نكبة" ثانية، على غرار ما حدث في حرب عام 1948، عندما هُجر مئات الآلاف منهم من أرضهم.
واتخذت إسرائيل بالفعل خطوات لتضييق الخناق على مخيمات اللاجئين، من خلال إجبار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على إغلاق مقرها في القدس الشرقية.
وقال كاتس إن إسرائيل أخطرت الأونروا بوقف أنشطتها في المخيمات.