يصدر حديثا كتابان جديدان للزميل الصحفي محمد شعبان، في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، الأول بعنوان «التاريخ السري للفرق والحركات الدينية في العصور الإسلامية»، عن دار «روافد» للنشر والتوزيع، والثاني بعنوان «خلف أسوار التاريخ.. صفحات مجهولة من تاريخ العرب والمسلمين»، عن دار «اكتب» للنشر والتوزيع.

يلقي الكتاب الأول الضوء على تاريخ عدد من الفرق والطوائف الدينية والسياسية والفكرية، وتأثيراتها المهمة التي لا يمكن إغفالها في حركة التاريخ العربي والإسلامي، وذلك من خلال رصد المصادر التي تناولتها بموضوعية تامة، بما في ذلك تلك التي أُُلصقت بها اتهامات دينية وسياسية، وكذلك تلك التي رأتها ثمرة لأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية معينة.

ومن هذه الحركات، تلك التي ظهرت بالمغرب العربي في أوائل القرن الثاني الهجري، وشق أتباعها عصا الطاعة عن الدولة الأموية بسبب سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، فأعلنوا قيام دولة «برغواطة» في أوائل القرن الثاني الهجري، واستمرت حتى منتصف القرن السادس الهجري، ودان أهلها بمعتقدات رآها مؤرخون بعيدة عن الإسلام.

كما ظهرت حركات أخرى على يد مدّعي نبوة خلال القرون الأربعة الأولى للهجرة، نتيجة لأسباب سياسية واجتماعية عديدة، ومنهم «حاميم» الذي وضع تشريعات حاول من خلالها مضاهاة التشريعات الإسلامية بما يناسب البيئة المغاربية التي نشأ فيها أتباعه.

وعلى مدار التاريخ الإسلامي ظهرت فرق دينية مزجت أفكارها بمعتقدات غير إسلامية، مثل طائفة «المغيرية»، و«الجناحية»، كما ظهرت فرق باطنية مثل «المنصورية»، والتي انتهج أتباعها أسلوب «الخنق» لقتل المعارضين لهم.

ويتناول الكتاب فرقة «النابتة»، والتي ظهرت في أعقاب سقوط دولة الأمويين على أيدي العباسيين، وكانت حركة فكرية خالصة ذات بعد ديني، واتجهت لتمجيد الخلفاء الأمويين والدفاع عنهم، في مقاومة سلبية للدولة العباسية بعد فشل ثورات استعادة الدولة الأموية.

كما يستعرض الكتاب عددًا من الفرق والطوائف الفارسية التي ظهرت مع بداية الدولة العباسية، وحاولت إحياء معتقداتها الدينية القديمة، وانتزاع السلطان من أيدي العرب وتحويله إلى أنفسهم، ومنها «الراوندية».

ويتطرق الكتاب إلى فرق أخرى مثل «البكتاشية» التي ظهرت ببلاد الأناضول في العقد الرابع من القرن الثالث عشر الميلادي، و«الزبالعة» الصوفية في السودان، و«الكاكائية» و«الشبك» في العراق.

خلف أسوار التاريخ

أما كتاب «خلف أسوار التاريخ»، فيلقي الضوء على أحداث وروايات منسية في التاريخ العربي والإسلامي، ليسلط عليها الضوء، باعتبارها كانت نتاجا سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا لفترة تاريخية معينة، أو محركة لأحداث أخرى تالية، أو لأنها كانت مرآة عاكسة لأحداث حقبة ما.

ومن موضوعات الكتاب الألقاب التي أطلقها الناس على حكامهم عبر فترات التاريخ الإسلامي المتعاقبة، وكيف كان «التجريس» أسلوباً للقضاء على أصحاب المذاهب الدينية المختلفة.

حكايات أخرى يرويها الكتاب عن دلالات الحضور السياسي للعطر في كثير من الأحداث والمنعطفات التاريخية، فضلاً عن قصص مدعي الجنون مع الحكام وكيف كان ادعاء الخبل وسيلة وستاراً للتعبير عن الآراء.

ويتطرق الكتاب أيضا إلى تاريخ السجون في التاريخ الإسلامي وكيف نشأت وتطورت مع اختلاف الظروف السياسية التي مر بها المسلمون، وكذلك إلى الفقهاء والفلاسفة الذين سُجنوا بسبب آرائهم ومواقفهم الفكرية التي تعارضت مع الآراء السائدة آنذاك، إضافة إلى الهجرات العربية لإفريقيا في بعض الفترات لأسباب سياسية ودينية، وكيف استغل الحكام نقوش النقود والمذاهب الدينية لإقصاء خصومهم وإضفاء شرعية على حكمهم؟.

ولم يفت الكتاب استعراض قصص بعض الرحالة والمستشرقين الذين زاروا المنطقة العربية بهدف التجسس على شئون المسلمين لصالح القوى والإمبراطوريات الاستعمارية، متخذين من مناسك الحج ستاراً لمهمتهم.

وعلى مدار التاريخ طغى الجانب الأسطوري والتفسيرات الغيبية تجاه بعض الأمور، مثل الكوارث الطبيعية، والآثار المصرية القديمة، والنيل، والقدس التي أحاطوها بكم هائل من الحكايات غير المنطقية، وهو ما يستعرضه الكتاب أيضاً بين صفحاته.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معرض الكتاب معرض القاهرة للكتاب التاريخ العربي العصور الإسلامية الحركات الدينية التی ظهرت

إقرأ أيضاً:

عرضان لكتاب كينيث بيركنز: “بورتسودان: نشوء وتطور مدينة كولونيالية”

جيمس جانكويسكي James Jankowski
دينيس هيكي Dennis Hickey

ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة عرضين لكتاب عنوانه "Port Sudan: The Evolution Of A Colonial City بورتسودان: نشوء وتطور مدينة كولونيالية" قام بتأليفه كينيث ج. بيركنز Kenneth J. Perkins الأستاذ الفخري لعلم التاريخ في جامعة جنوب كارولينا، كان قد صدر لأول مرة عام 1993م عن دار ويست فيو للنشر في نحو 270 صفحة. وكاتب العرض الأول هو أستاذ فخري للتاريخ (متخصص في تاريخ الشرق الأوسط) بجامعة بولدر بكولورادو الأمريكية. أما صاحب العرض الثاني فهو أستاذ فخري للعلوم السياسة بجامعة ميسوري الأمريكية.
نُشِرَ العرض الأول في العدد الثاني من المجلد رقم 27 لـ "المجلة الدولية للدراسات التاريخية الإفريقية The international Journal of African Historical Studies" الصادرة عام 1994م، في صفحات 415 – 416. أما العرض الثاني فقد نُشِرَ في المجلد رقم 22 من مجلة "التاريخ الاقتصادي الأفريقي African Economic History” الصادرة عام 1994م، صفحات 162 – 164.
وسبق لنا ترجمة عرضين لذات الكتاب بقلمي هيذر شاركي وليف مانقر.
المترجم
************* ************ ***********
العرض الأول
كانت بورتسودان مدينة جديدة افتتحها القادة البريطانيون في السودان بعد وقت قصير من الاحتلال الإنجليزي - المصري للبلاد في عام 1898م. ومن خلال الاستفادة من مرسى طبيعي على ساحل البحر الأحمر ظل مهملاً في الماضي، أُقِيمَ ميناء بورتسودان عوضاً عن ميناء سواكن الحالي الذي لم يعد مناسباً. وكان قرار بناء ميناء جديد قد اُتُّخِذَ في عام 1904م، وشُرِعَ في العام التالي في تشييده. ويتناول هذا الكتاب تاريخ هذه المدينة، والسياسات البريطانية المتعلقة بالتخطيط العمراني الكلولونيالي الذي شكل نموها منذ بدايته وحتى عام 1956م، حين اِسْتَقَلَّ السودان.
وجاء في أول الكتاب فصل تمهيدي وضع فيه المؤلف مدينة بورتسودان في سياقها الكلولونيالي، وقدم تحليلاً موجزاً لاثنين من الموانئ الكلولونيالية (القنيطرة في المغرب وبورسعيد في مصر). وقسم المؤلف باقي الكتاب إلى ثلاثة أقسام رتبها ترتيبا زمانياً؛ فخصص فصلين لدراسة مرحلة تأسيس بورتسودان وتاريخها الباكر حتى الحرب العالمية الأولى؛ وتناول في الفصول الخمسة التالية (وهي تمثل نحو نصف عدد صفحات الكتاب) نمو وتطور بورتسودان في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية. أما في الفصل الأخير فقد أورد الكاتب فيه سردا وتحليلاً قويا لتاريخ المدينة الداخلي في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى عام استقلال البلاد. وتطرق في خاتمة الكتاب إلى تاريخ المدينة منذ عام 1956م (وحتى نهاية الثمانينيات. المترجم).
وإلى حد كبير، تُحدد طبيعة الدراسة من خلال المصادر التي تستند إليها. فقد اعتمد الكاتب في مؤلفه هذا – بصورة أساسية – على مواد أرشيفية رسمية من مكتب السجلات الرسمية البريطانية، ودار الوثائق المركزية بالخرطوم، وسجلات بلدية بورتسودان. ووجد المؤلف في مكتبة السودان بجامعة درم (الغنية بالوثائق عن السودان) غالب المعلومات التي أوردها في هذا الكتاب، إضافة لكثير من الكتب والمقالات ذات الصلة بموضوعه، باللغتين الإنجليزية والعربية. وبذات القدر من الأهمية، فإن ما يحدد طبيعة الكتاب أيضاً هو ما لم يُذْكَرُ فيه. ولم تكن ببورتسودان صحف محلية في الفترة التي تناولها المؤلف بالدراسة، وبهذا لم يكن بمقدوره تحليل تاريخ المدينة (من وجهة النظر المحلية. المترجم). وكانت النتيجة هي تاريخ بورتسودان بعيون رسمية (كولونيالية).
إن جوهر هذا العمل هو وصف تفصيلي للسياسات التي اعتمدها المسؤولون البريطانيون المحليون والسلطات في الخرطوم، بالإضافة إلى التاريخ الإداري للمدينة الذي تم الكشف عنه في السجلات والإحصاءات الرسمية (أي التخطيط الحضري، ونمو القسمين الأوروبي والسوداني من المدينة، وبناء وإدارة الميناء نفسه، والإشكال الدائم المتمثل في الحصول على إمدادات من الأيدي العاملة للميناء، والتطور التدريجي للمرافق الحضرية مثل الطرق ومرافق الصرف الصحي، وتطور الحكومة المحلية وغير ذلك). ولا تقدم المصادر المتاحة إلا لمحات مثيرة - وبصورة عرضية - للتاريخ الاجتماعي للمدينة - الديناميات الداخلية وتطور المجتمعات المختلفة التي جاءت لتقطن بورتسودان مع مرور الوقت (مثل المكاتب البريطانية والمصرية، والتجار الذين قدموا من الهند ومن بلدان أوربية، والعمال اليمنيين والبجا). ويركز هذا الكتاب بشكل حصري على بورتسودان نفسها؛ ولكنه يغفل للأسف ذكر أي استنتاج يأخذ في الاعتبار الدراسات المتعلقة بالمدن الكولونيالية بشكل عام، ويقارن بصراحة ديناميات هذه المدينة الكولونيالية الجديدة مع المدن الكولونيالية الأخرى التي أسستها وشكلتها القوى الكولونيالية في أماكن أخرى في آسيا وأفريقيا.
أعد هذا الكتاب عملاً دقيقاً باعتباره دراسة حالة case study؛ وهو عمل له قيمة لا جدال فيها عند المهتمين بالتاريخ الحضري والسوداني. ورغماً عن أنه لا يناقش أي أطروحة معينة تتعلق بأي من هذين الموضوعين، إلا أنه يبرز ضمناً في سرده الشامل لتطور بورتسودان موضوعين: أحدهما - وهو ليس بالأمر الجديد - هو الموقف المتعالي المتفضل في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال الموقف المزدرى والمحتقر الذي يبديه المسؤولون البريطانيون تجاه السودانيين، وما نتج عن ذلك من قبول وتبني سياسات مختلفة بالكلية فيما يتعلق بنمو وتطور أحياء "الأوروبيين" مقابل أحياء "الأهالي" في بورتسودان. والموضوع الآخر هو مدى تطور هذه المدينة الواقعة على البحر الأحمر، والتي يسكنها في الغالب الأجانب والسودانيون البجا، على الأقل حتى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، في عزلة نسبية عن الاتجاهات والقوى السياسية التي نشأت في قلب وادي النيل بالسودان. وينعكس التنوع والنزعة الإقليميّة (regionalism) في المنطقة الشاسعة التي يتألف منها السودان في تاريخ مدينته الساحلية الرئيسية في العصر الحديث.
************ ************** **************

العرض الثاني إن فكرة أن الإدارات الكولونويلية كانت أدوات استغلال (أو "تنمية" بحسب وجهة نظر الفرد) مُوَحَّدة ومتجانسة وكُفُؤة قد حظيت بجاذبية أيديولوجية دائمة لدى أنصار الكولونويلية ومناهضيها على حدٍ سواء. ومع ذلك، يصف الباحثون الدولة الكولونويلية على نحو متزايد بأنها ساحة ووسيلة للوساطة (mediation) بقدر ما هي أداة للقيادة (command). وفي الواقع، قلما كانت مهمة الإدارة تتخذ مساراً سلساً يمكن التنبؤ به؛ فقد كان الحكام وموظفوهم في انشغال دائم بالعمل على تحقيق التوازن في الميزانية، وتمويل وحماية مجالات أعمال الحكومة البيروقراطية، وقبل كل شيء، توفير شكل مناسب من أشكال النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بتكلفة معقولة.
وفي معظم الحالات، لا يمكن تحقيق المظهر الضروري للنظام (و"التقدم") إلا من خلال إجراء توازن مستمر، يتضمن التوفيق العملي بين مصالح السكان الحضريين ومصالح السكان الأصليين (والوكالات الحكومية المتنافسة). وفي هذه الدراسة المثيرة للاهتمام - رغماً عن تصورها وتنفيذها بشكل ضيق - ركز كينيث ج. بيركنز اهتمامه على مثال غير عادي لتلك العملية في الواقع: إنشاء مدينة بورتسودان على البحر الأحمر وتطورها المؤلم.
لقد أستخدم الكاتب على نطاق واسع مجموعة كبيرة من المصادر الأرشيفية (خاصة تلك الموجودة في دائرة الوثائق السودانية) في تتبع تاريخ بورتسودان منذ بدايتها في عام 1904م وحتى سنوات الثمانينات المضطربة. وبينما كانت الأجزاء التي قدم فيها المؤلف القليل من التحليلات والتراكيب الواضحة والمتباعدة بعض الشيء، إلا أنه كانت هناك موضوعات (themes) محددة تعاود الظهور بين كل فصل وآخر. وعلى الرغم من أن بورتسودان كانت قد أُنْشِئَتْ من العدم كمدينة "مخططة" وميناء عصري معقد التركيب، إلا أنه لم يكن هناك في الواقع إلا القليل من التخطيط الفعال والملزم، خاصةً على المدى الطويل. وأدت فترات متعددة من التوسع التجاري إلى حدوث طفرات ديموغرافية هددت بإرباك الترتيبات الصحية والصحية والسلامة العامة القائمة، وأفضت كل واحدة من تلك الأحداث إلى مزيد من التوسع (والتدهور) في "ديوم" المدينة (أي "مدن الصفيح" العشوائية التي يسكنها العمال السودانيون). وثبت أن الوحدة الإدارية في بورتسودان هدف بعيد المنال إلى حد كبير، فقد كان تاريخ المدينة مليئاً بالخلافات السياسية بين مختلف أفْرُع حكومة الخرطوم. وكان الصراع على السلطة في الميناء بين الإدارة المدنية وهيئة السكك الحديدية الحكومية صراعا حاداً بشكل خاص. وأخيراً، بدا واضحاً منذ البداية أن المهاجرين السودانيين (أي السودانيين الذين قدموا للمدينة للعمل والسكن. المترجم) واليمنيين (الذين كانوا يعملون بعقود عمل) سيشكلون الغالبية العظمى من القوى العاملة المحلية، وسيعتبرون – من وجهة نظر المسؤولين الحكوميين – مواطنين من الدرجة الثانية. وكان المؤلف قد ذكر أن من خططوا مدينة بورتسودان عند إنشائها حرصوا على إبعاد السودانيين بالمدينة لأقل مناطقها جاذبيةً، وبهذا خلقوا الظروف والأحوال المناسبة التي أفضت لاحقاً لمشاكل اجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة. وهذا أمر لم يلتف إليه المسؤولون قط في غضون العقود التالية.
وعلى الرغم من أن هذا الموضوع يفتح أبوباً كثيرة لعدد من المقارنات، إلا أنه لسوء الحظ، لم يقم المؤلف بتناول هذا الجانب. إلا أنه ينبغي أن نذكر- للإنصاف - أن المؤلف كان قد أقر بأنه دراسته هذه ذات طبيعة أصغرية، أو لنموذج مصغّر(microcosmic)، وفسر قوله هذا بأن دراسته قد "ركزت على مسائل محلية، وإداريين محليين، وأفراد مجتمع محلي، وكان القصد من هذه الدراسة هو تجميع ما واجه بورتسودان من مشاكل، ووصف المناهج والوسائل التي سُلِكَتْ لحلها، ووضع كل ذلك في دائرة الضوء والبحث". وأورد المؤلف أيضا - على سبيل المقارنة - عرضاً موجزاً لتاريخ إنشاء بورسعيد والقنيطرة كمدن "مخترعة"، وبهذا يكون قد وسع من منظور دراسته. ويبدو واضحاً أن هذه الدراسة كانت قد صُمِّمَتْ لتكون دراسة في التاريخ الحضري (urban history)، أكثر من كونها دراسة في تاريخ العمل (labor)، على الرغم من أن المؤلف لم يهمل أو يغفل تماماً جانب تاريخ العمل بالمدينة. إن الجهد الرسمي لتطوير قوة عمل موثوقة والحفاظ عليها، والمنافسات التجارية والإثنية التي نتجت من هذه العملية، تشكل نصاً فرعياً مهماً ورد ذكره في جميع أجزاء الكتاب. ومع ذلك، كان من الممكن أن يستفيد كاتب الدراسة لو أنه بذل بعض الجهد للنظر في هذه المشكلة ضمن سياق تحليلي أوسع. إن دراسة فريدريك كوبر عن ممبسا (والإطار الأوسع الذي أنشأه) وثيق الصلة هنا إلى حد كبير، غير أن المؤلف لم يأت له على ذكر قط. ومن المؤسف كذلك أن المؤلف لم يحاول استكشاف التاريخ الشفهي ويضمنها دراسته. ويتأسف بيركنز لأنه، في السجلات المكتوبة، "يتم عرض هؤلاء المسؤولين البريطانيين على المسرح التاريخي بقوة أكبر من عمال الشحن والتفريغ من البجا غير المتعلمين، أو المتعلمين الذين بقيوا صامتين وطبقة التجار وبقية أفراد المجتمع (المحلي)". ولا يملك المرء إلا أن يتمنى لو كانت هناك طريقة ما لمنح أولئك الشهود الصامتين (أو الأحياء من أحفادهم) الفرصة للحديث.
ولكن، على الرغم من تلك التحفّظات على هذا العمل، يمكن القول بأن كتاب بيركنز هذا يُعْتَبَرُ "دراسة حالة" مفيدة عن تأثير الكلولونيالية على عملية التمدين والتعمير urbanization في أفريقيا.

alibadreldin@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • جمال شعبان يكشف سبب وفاة اللاعب أحمد رفعت «فيديو»
  • موقف طريف لـ فيفي عبده من الطائرة.. ما الحكاية ؟
  • الكشف عن الألوان التي ترتديها الفرق الأربعة في نصف نهائي كأس العراق
  • الصحراوي قمعون: القضية الفلسطينية وحروب التضليل
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (1- 15)
  • عرضان لكتاب كينيث بيركنز: “بورتسودان: نشوء وتطور مدينة كولونيالية”
  • الدورة ال53 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية.. استعراض للفرق المشاركة في أجواء احتفالية بهيجة +فيديو
  • كارثة طائرة «الأنديز» وكيف تحول الناجين لآكلي لحوم البشر؟
  • كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!
  • الصراع الحضاري في تاريخ سورية القديم… محاضرة الدكتور عبد الرحمن البيطار باتحاد كتاب حمص