رغم أن "الباب مفتوح".. "حزب الله" يرفض التهدئة مع إسرائيل
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
بيروت- الوكالات
قال مسؤولون لبنانيون إن جماعة حزب الله رفضت أفكارًا أولية من واشنطن لتهدئة القتال الدائر مع الاحتلال الإسرائيلي عبر الحدود، تضمنت سحب مقاتليها بعيدًا عن الحدود، لكن الجماعة لا تزال منفتحة على الدبلوماسية الأمريكية لتجنب خوض حرب شاملة.
ويقود المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين مساع دبلوماسية تهدف إلى إعادة الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل في وقت تنزلق فيه المنطقة بشكل خطير صوب تصعيد كبير للصراع في إطار تبعات الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وأصبحت تلك الجهود أكثر إلحاحا في ظل الهجمات التي تنفذها جماعة أنصار الله انطلاقًا من اليمن على سفن في البحر الأحمر والضربات الأمريكية ردًا على ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال مسؤول لبناني كبير مطلع على تفكير حزب الله "حزب الله مُستعد للاستماع" لكنه أكد في ذات الوقت أن الجماعة اعتبرت الأفكار التي قدمها هوكستين خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي غير واقعية.
وموقف حزب الله هو مواصلة إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل لحين التوصل لوقف إطلاق نار شامل في قطاع غزة. ولم يرد رفض حزب الله للمقترحات التي قدمها هوكستين في تقارير إخبارية من قبل.
وعلى الرغم من الرفض ورشقات الصواريخ التي يطلقها حزب الله دعما لغزة، قال مسؤول لبناني ومصدر أمني إن انفتاح الجماعة على التواصل الدبلوماسي يشير إلى رغبتها في تجنب حرب أوسع حتى بعد وصول ضربة إسرائيلية إلى بيروت نفسها، حيث اغتالت إسرائيل القيادي البارز في حماس صالح العاروري في الثاني من يناير الجاري.
وقال الاحتلال الإسرائيلي إنه يُريد تجنب الحرب لكنَّ الجانبين يقولان إنهما مستعدان للقتال إذا لزم الأمر. وحذرت إسرائيل من أنها سترد بقوة إذا لم يتم التوصل لاتفاق لتأمين منطقة الحدود وينذر مثل هذا التصعيد بفتح فصل كبير جديد في الصراع الإقليمي.
وقال مسؤولون لبنانيون ودبلوماسي أوروبي إن جماعة حزب الله لم تشارك بشكل مباشر في المحادثات وبدلا من ذلك نقل وسطاء لبنانيون مقترحات وأفكار هوكستين للجماعة.
وتواصلت رويترز مع 11 مسؤولا من لبنان والولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا من أجل إعداد هذه القصة. وقالت ثلاثة مصادر لبنانية ومسؤول أمريكي إن أحد الاقتراحات التي تم طرحها الأسبوع الماضي هو تقليص الأعمال القتالية عبر الحدود بالتزامن مع تحرك إسرائيل صوب تنفيذ عمليات أقل كثافة في قطاع غزة.
وقال اثنان من المسؤولين اللبنانيين الثلاثة إن اقتراحًا نُقل أيضا لحزب الله بأن يبتعد مقاتلوه لمسافة سبعة كيلومترات عن الحدود. ويترك هذا المقترح مقاتلي الجماعة أقرب كثيرا من مطلب إسرائيل العلني بالابتعاد لمسافة 30 كيلومترا إلى نهر الليطاني كما هو منصوص عليه في قرار للأمم المتحدة صدر عام 2006.
وقال المسؤولون اللبنانيون والدبلوماسي إن جماعة حزب الله رفضت الفكرتين ووصفتهما بأنهما غير واقعيتين. ودأبت الجماعة على رفض فكرة إلقاء السلاح أو سحب مقاتليها الذين ينحدر كثير منهم أصلا من المنطقة الحدودية وبالتالي يعيشون فيها حتى في أوقات السلم.
ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على "تقارير عن مناقشات دبلوماسية" في رده على أسئلة من رويترز من أجل هذه القصة. ولم يرد متحدثون باسم حزب الله والحكومة اللبنانية بعد على طلبات من رويترز للحصول على تعليقات تفصيلية.
وأحجم البيت الأبيض عن التعليق.
ورغم ذلك قال المسؤولون اللبنانيون الثلاثة إن حزب الله ألمح إلى أنه بمجرد انتهاء الحرب في غزة قد يكون منفتحا على فكرة تفاوض لبنان على اتفاق عبر وسطاء بشأن المناطق الحدودية محل النزاع، وهو احتمال أشار إليه قيادي في حزب الله في خطاب ألقاه هذا الشهر.
وقال مسؤول كبير في حزب الله لرويترز طالبا عدم الكشف عن هويته "بعد الحرب على غزة نحن مستعدون لدعم المفاوضين اللبنانيين لتحويل التهديد إلى فرصة" لكنه لم يتطرق إلى اقتراحات بعينها.
وأوقفت الجماعة إطلاق النار خلال الهدنة السابقة في الحرب في قطاع غزة التي استمرت سبعة أيام في أواخر نوفمبر تشرين الثاني.
وقال إيلون ليفي وهو متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ردا على سؤال من رويترز خلال إفادة صحفية أمس الأربعاء إن هناك "فرصة دبلوماسية لا تزال سانحة" لدفع حزب الله بعيدا عن الحدود.
ولهوكستين سجل من النجاحات في الوساطة بين لبنان وإسرائيل. ففي 2022، توسط في اتفاق لترسيم حدود بحرية متنازع عليها وهو اتفاق أبرم بموافقة حزب الله من خلف الكواليس.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي تضم حكومته وزراء من حزب الله، إن بيروت مستعدة للمحادثات بشان استقرار منطقة الحدود في الأجل الطويل.
وخلال زيارته لبيروت في 11 يناير، التقى المبعوث الأمريكي بميقاتي ورئيس البرلمان وقائد الجيش. وقال علنا وقتها إن الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان يفضلون حلا دبلوماسيا للمسألة.
وقال هوكستين للصحفيين بعد اجتماعه بمسؤولين لبنانيين "أتعشم في أن نتمكن من مواصلة العمل جميعا على جانبي الحدود، من أجل حل يسمح لكل الناس في لبنان وإسرائيل بالعيش في أمن مضمون والعودة إلى مستقبل أفضل".
وقالت مصادر مطلعة على تفكير حزب الله إنه يعلم أن الحرب الشاملة ستكون مدمرة للبنان، البلد الذي يعاني من زعزعة الاستقرار بالفعل بسبب الأزمات المالية والسياسية المستمرة منذ سنوات. كما أن ترسانة حزب الله الضخمة محل خلاف منذ فترة طويلة في البلاد ويقول خبراء إن الجماعة تملك أكثر من 100 ألف صاروخ.
وحتى مع نجاح المقاتلين المتحالفين مع إيران في جر الولايات المتحدة إلى الدخول في عمل عسكري في أماكن أخرى بالمنطقة، وشن إيران لضربات في سوريا والعراق، لا تحبذ طهران أن ترى حزب الله ولبنان يتعرضان لدمار هائل، لأسباب ليس أقلها اضطرارها في السابق إلى دفع فاتورة إعادة الإعمار، وفقًا لما قاله مهند الحاج علي نائب مدير مركز كارنيجي للشرق الأوسط، وهو مؤسسة بحثية مقرها بيروت.
وقال وزير الخارجية الإيراني أمس الأربعاء إن هجمات "محور المقاومة" ضد إسرائيل ومصالحها ستتوقف إذا انتهت الحرب في غزة.
ويرى علي أن حزب الله يريد بوضوح تجنب صراع واسع النطاق. ويقول إن الجماعة لا ترغب في أن تظل في وضع تستمر معه الضربات الإسرائيلية أو تتصاعد في لبنان بعد انتهاء حرب غزة أو تقليصها بشكل كبير. وأضاف أن "العملية التي يمكن من خلالها إشراك الدولة اللبنانية أو دعمها في أثناء التفاوض ستوفر فوائد وقف التصعيد".
وتواجه الدبلوماسية تعقيدات كبيرة، ويتوقع العديد من المراقبين احتمالا خطيرا لتصعيد القتال. وقالت إسرائيل إن جيشها سيتحرك إذا لم تتمكن الدبلوماسية من إعادة الأمن إلى شمال إسرائيل. وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن الجماعة سمعت "تهديدًا وترغيبًا".
التهديد، كما قال نصر الله في خطاب ألقاه في 15 يناير، كان التحذير من أن إسرائيل سترسل قواتها إلى حدودها الشمالية مع انتقالها إلى المرحلة التالية من حرب غزة. وأضاف "نحن جاهزون للحرب، لا نخافها، لا نخشاها، لن نتردد فيها، وسنقبل عليها، وكما قلت سنقاتل فيها بلا أسقف وبلا ضوابط وبلا حدود".
لكنه لمح أيضا إلى الاحتمالات الدبلوماسية قائلا في خطاب ألقاه في الخامس من الشهر الجاري إن لدى لبنان "فرصة تاريخية" لتحرير الأرض بمجرد انتهاء حرب غزة.
وفُسرت هذه التصريحات على نطاق واسع على أنها تعكس إمكانية التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض لتسوية وضع المناطق الحدودية المتنازع عليها.
وقال أربعة مسؤولين لبنانيين مطلعين على الأمر إن هوكستين ناقش أفكارا تهدف إلى الدفع قدما صوب مثل هذا الاتفاق، لكنه لم يقدم أي مسودة مقترحات. ولم يذكر المسؤولون تفاصيل عن الأفكار.وأفاد مسؤول إسرائيلي لرويترز بأن الحكومة الإسرائيلية "نقلت الكثير من المطالب" دون الخوض في تفاصيل. وقال المسؤول "بطريقة أو بأخرى، سيعود سكان المناطق الشمالية البالغ عددهم 80 ألف نسمة إلى منازلهم".
وشاركت فرنسا في جهود وقف التصعيد. وقال مصدر مطلع على التفكير الفرنسي إن تصريحات نصر الله العلنية التي تشير إلى احتمال إبرام اتفاق حدودي هي "رسائل مباشرة إلى الأمريكيين والفرنسيين". وتابع "هو يقول لنا: الباب مفتوح".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تفرج عن سجناء فلسطينيين بعد تأجيل بسبب تسليم الأسرى الإسرائيليين
القدس المحتلة - الوكالات
سلمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ثلاثة رهائن إسرائيليين وخمسة تايلانديين اليوم الخميس وبدأت إسرائيل إطلاق سراح 110 من السجناء فلسطينيين بعد أن أرجأت العملية اعتراضا على احتشاد جموع حول الرهائن في أحد مواقع التسليم بغزة.
وبدا الخوف على أربيل يهود (29 عاما)، التي احتجزت خلال الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 من تجمع نير عوز السكني، وواجهت صعوبة في شق طريقها عبر حشد لدى تنفيذ مسلحين عملية تسليمها للصليب الأحمر في مشهد متوتر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن محتجزا إسرائيليا آخر هو جادي موزيس (80 عاما) أُطلق سراحه أيضا مع خمسة تايلانديين من عمال مزارع إسرائيلية قرب القطاع عندما اقتحم مسلحون وقتها السياج الحدودي.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن مشهد تسليمهم وسط تلك الحشود الضخمة صادم وهدد بالموت لأي شخص يلحق الأذى بالرهائن.
وبعد أن حث الوسطاء على التأكد من أن ذلك المشهد لن يتكرر، قال مكتب نتنياهو إن الوسطاء تعهدوا بضمان المرور الآمن للرهائن في عمليات الإفراج القادمة.
وفي وقت لاحق من اليوم الخميس، وصلت حافلات إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية تحمل عددا من بين 110 سجناء فلسطينيين من المتوقع إطلاق سراحهم في إطار الاتفاق الذي أوقف الحرب في القطاع في وقت سابق من الشهر الجاري.
وقال نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إنهما أمرا بتأجيل الإفراج "حتى يتم ضمان الخروج الآمن لرهائننا في المراحل التالية".
وقال مسؤولون في وزارة الصحة الفلسطينية إن 14 فلسطينيا على الأقل أصيبوا بنيران إسرائيلية، بعضهم بالرصاص الحي والمطاطي، وآخرين نتيجة استنشاق الغاز، أثناء تجمعهم عند مدخل رام الله بالضفة الغربية المحتلة للترحيب بالسجناء المفرج عنهم. ولم يصدر تعليق بعد من إسرائيل.
ووصل بعض السجناء من القدس الشرقية إلى بيوتهم بينما لم يصل آخرون، كان من المقرر نقلهم إلى غزة أو ترحيلهم إلى مصر، إلى وجهاتهم بعد.
(شارك في التغطية علي صوافطة من رام الله وتالا رمضان من دبي - إعداد سلمى نجم وأميرة زهران ومحمد محمدين وشيرين عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير محمود رضا مراد وسها جادو)