حتى لا تقع فريسة للقلق والاكتئاب.. 8 قواعد أساسية لبناء لياقتك النفسية
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
في ضوء ما يشهده العالم من أحداث واضطرابات، تزداد أهمية الصحة العقلية واللياقة النفسية كأدوات لإبقائنا في حالة توازن تُقلل من التوتر والقلق. لهذا رصد عدد من الأطباء وعلماء النفس، أكثر شكاوى الصحة النفسية شيوعا، وقدموا أهم 8 قواعد لبناء لياقة نفسية قوية.
1- "التجنب النفسي".. العدو الأقوىلا يعد القلق المحرك الأساسي للكثير من المشاكل في حياتنا، فهناك شيء أكثر خطورة يسمى "التجنب النفسي"، كما قالت لوانا ماركيز، أستاذ مساعد الطب النفسي في جامعة هارفارد، موضحة أن تجنبنا لمواقف وقرارات معينة، مخافة أن تسبب لنا الانزعاج "يمكن أن يؤدي إلى زيادة القلق، ومن ثم زيادة المشاكل".
التجنب النفسي هو العدو الأقوى إذن، لكن ماركيز اقترحت 3 مهارات علمية لمحاربته:
تحقق من أفكارك جيدا، وأقبل التحدي. ابحث عن الخطوة التي يمكنك الإقدام عليها لمواجهة المخاوف والقلق وهزيمة التجنب. دع قِيمك -وليس عواطفك- هي التي توجه أفعالك. تجنب مواقف وقرارات معينة خوفا من الانزعاج قد يؤدي إلى زيادة القلق وثم زيادة المشاكل (شترستوك) 2- اكتشف التلاعب العقلي وأوقفه بحزمالتلاعب العقلي الذي يُرمز له بمصطلح "غاسلايتنغ" (Gaslighting)، "هو شكل من أشكال الإساءة النفسية، يحدث عندما يتلاعب بك أحدهم، ويبذل ما في وسعه ليجعلك تشك في واقعك، وتعتقد أنك مخطئ دائما"، كما تقول عالمة النفس الأميركية، الدكتورة شيفونا تشايلدز.
وتُحذر تشايلدز من أن التأخر في اكتشاف وإيقاف هذا النوع من الإساءة "قد يسبب ضررا شديدا، يصل إلى قيمة الشخص الذاتية واحترامه لذاته وقدراته العقلية".
وتضيف أنه "للوهلة الأولى، قد يبدو التلاعب العقلي مجرد اختلاف في الرأي بين طرفين، لكنه في الحقيقة سلوك مثير للقلق وأداة تستخدم لجعل الضحية يفكر بالطريقة التي يريدها المعتدي".
كما تؤكد المُحلّلة النفسية بجامعة ييل الأميركية، الدكتورة روبن ستيرن، على "أهمية تعلم كيفية التعرف على علامات هذا الشكل الخبيث من التلاعب"، ومن بينها:
الإنكار المستمر. تلفيق الواقع. التشهير. التناقض. الكذب الصريح.ومواجهتها بحزم، والانسحاب من العلاقة مع مصدرها "بالتزامن مع التحقق من مشاعرنا واحترام عواطفنا دائما، لحماية أنفسنا منه".
3- لا تترك نفسك وحيدا"لقد لاحظت أننا أصبحنا أكثر عزلة، وكأننا ننتظر حتى نصبح أنحف وأكثر رفاهية وسعادة وأقل توترا، قبل أن نفكر في لقاء أشخاص جدد، والتواصل مع المعارف، وإحياء الصداقات القديمة" هذا ما تقوله يلينا كيكمانوفيتش، خبيرة العلاج السلوكي المعرفي الحاصلة على الدكتوراه، من واقع خبرتها في الطب النفسي على مدى 25 سنة.
وتشدد كيكمانوفيتش على أهمية التواصل الاجتماعي "ولو بالبدء بالحديث مع أولياء الأمور الآخرين في مدارس الأبناء، أو الصرافين في المتاجر، أو موظفي الاستقبال في العيادات الطبية، أو حتى نادل المقهى".
الدعم النفسي الذي نتلقاه في حياتنا اليومية يمكن أن يكون أحد أشكال العلاج النفسي (بيكسلز) 4- مهارات قد تغير دماغكيشدد كريستوفر ميلر، الحاصل على دكتوراه في الطب النفسي والأستاذ المساعد في جامعة ميريلاند، على أهمية الدعم النفسي الذي نقدمه أو نتلقاه في حياتنا اليومية، من خلال مهارات:
احترام الذات والتفاؤل. تقدير الشخص المميز وفهمه. تعزيز العلاقات القائمة على الأخذ والعطاء. تقديم اللين على العداء. الإنصات بدلا من التسرع في إصدار الأحكام.كما يمكن أن يكون أحد أشكال العلاج النفسي، الذي يقلل من الالتهاب وأعراض التوتر، ويساعد على تحسين التعامل مع الآخرين، وفق ميلر.
5- تعلم كيف تقلق بشكل صحيحتقول أستاذة علم النفس بجامعة نيويورك تريسي دينيس تيواري إن "منع القلق أو سحقه هو بالضبط ما يجب القيام به، أما قمع الأفكار والمشاعر فلا يجدي نفعا أبدا".
وتضيف أنه "من المفارقة أن القلق يزداد بتزايد المخاوف الضاغطة، ويمنعنا من اكتشاف طرق أخرى للتعامل مع المخاوف والوصول إلى حلول بشأنها". وهو ما يجعلنا بحاجة إلى معرفة كيف يمكننا أن نقلق بشكل صحيح، من خلال هذه الخطوات بالترتيب:
حدد مكان القلق في جسدك. اجعل القلق ملموسا. قم بحل المشكلة المسببة له. اترك الهموم خلفك. اللهاث خلف السعادة قد يُلهي عما هو ضروري لحياة أفضل (بيكسلز) 6- "يمكنك أن تنجح رغم متلازمة "المحتال"من واقع خبراتها، تقول عالمة النفس الأميركية جيل ستودارد "أقابل العديد من الأفراد البارعين الذين يشككون في نجاحهم، رغم وجود أدلة تثبت عكس ذلك". وتُفسر هذا الأمر بوقوع هؤلاء الأشخاص تحت وطأة الحالة المعروفة باسم "متلازمة المحتال".
ووفقا للجمعية الطبية البريطانية، توصف متلازمة المحتال بأنها "إحساس مزمن بالشك في الذات، قد يصيب الشخص بالعزلة، بسبب شعوره بالنقص، رغم توافر الأدلة على النجاح".
لذلك تحذر ستودارد من تسبب هذه الحالة في "تقويض الطموح، والإفراط في العمل إلى حد الإرهاق، في محاولة لإثبات الكفاءة"، وتنصح بتجاوز الخوف والشك، والتحلي بالمرونة النفسية.
7- لا تلهث خلف السعادةبعد آلاف المحادثات مع مرضاه الذين يحلمون بالسعادة، يقول الدكتور غريغوري سكوت براون، الحاصل على دكتوراه في الطب النفسي "تعلمت أن اللهاث خلف السعادة، قد يُلهينا عما هو ضروري لحياة أفضل، وهو "الإشباع" والشعور بالرضا. وينصح بالبدء في تطوير الحياة بطريقة تحقق الإنجاز لا الأحلام، من خلال:
عدم المبالغة في رد الفعل على المكسب أو الخسارة. تعلم التأقلم والتكيف. إنشاء وتطوير علاقات ذات معنى. التوقف عن الندم. 8- لا تتساهل مع مشكلة الاستيقاظ ليلا"ما من أحد إلا ويمكن أن يستيقظ من نومه في الليل، فالاستيقاظ كل 90 دقيقة إلى ساعتين تقريبا، يُعد أمرا طبيعيا"، كما تقول ليزا شتراوس، اختصاصية اضطرابات النوم.
لكن الاستيقاظ يتحول إلى مشكلة عندما يتكرر لدرجة تجعلنا لا نحصل على حاجتنا من النوم العميق "مما يؤثر على أدائنا الجسدي والعقلي، ويسبب الالتهابات والإجهاد"، وفقا للأبحاث.
ولتقليل الاستيقاظ ليلا، والحصول على فترات نوم أعمق، تقترح شتراوس:
التعرض لأشعة الشمس في الصباح. تجنب القيلولة الطويلة أو المتأخرة. الانتهاء من المشاكل المزعجة والمقلقة قبل النوم بوقت طويل. تجنب الأكل والتمرين في وقت متأخر من الليل. تفادي كل ما من شأنه زيادة مرات الذهاب إلى الحمام.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطب النفسی
إقرأ أيضاً:
الخوف من البوصلة السورية
مع سقوط نظام الأسد في سوريا، ارتفعت وتيرة شعارات القلق العربي والغربي على سوريا، على أسوار كلا الطرفين، وخارجهما استعر ضخ إعلامي ونشاط دبلوماسي دؤوب لاستقطاب واحتواء المنجز السوري بالتحرر من الطاغية السوري. التركيز على الهوية الدينية لمن حرر المدن السورية ووصل إلى دمشق (هيئة تحرير الشام) غلب عليه طابع الحذر والتحذير من المستقبل الذي ينتظر البلاد المنهكة من عقود الاستبداد والظلم الذي كشفته مقابر وزنازين النظام البائد، ومشاهد حطام المدن وأريافها، ومعطيات السنوات الـ14 من عمر مقارعة السوريين لنظام دموي انتهت بهروب النظام وانهيار بنيته الأمنية والعسكرية.
شكّل تعدد الرسائل الموجهة لسوريا وقادتها الجدد للمرحلة الانتقالية، أساسا لجس نبض المشرفين على هندسة وصياغة المستقبل السوري، وبنيان الدولة وهويتها، وترتبت مع هذه الرسائل والإشارات العربية والغربية على رأسها الولايات المتحدة؛ أولويات ما هو قادم من حيث تنظيم الداخل والعملية السياسية التي تخص السوريين؛ والتي يكمن في مقامها الأول التوحد الذي يتبعه تقدم وتنمية للمساواة بقية الأمم، وهذه مطالب السوريين، وليست إشارات ركوب موجة انتصارهم على طاغيتهم ومحاولة احتواء تضحياتهم، سوى إشارة دل عليها كم الضخ والتشويه الذي أعقب سقوط نظام الطاغية السوري في وسائل إعلام عربية سرعان ما انقلبت على عقبها.
أولويات ما هو قادم من حيث تنظيم الداخل والعملية السياسية التي تخص السوريين؛ والتي يكمن في مقامها الأول التوحد الذي يتبعه تقدم وتنمية للمساواة بقية الأمم، وهذه مطالب السوريين، وليست إشارات ركوب موجة انتصارهم على طاغيتهم ومحاولة احتواء تضحياتهم، سوى إشارة دل عليها كم الضخ والتشويه الذي أعقب سقوط نظام الطاغية السوري في وسائل إعلام عربية سرعان ما انقلبت على عقبها
والشعارات السورية التي تحقق بندها الرئيس بالتحرر من الأسدية كانت المدخل والضامن الأول لمستقبل سوريا، لذا تقتضي أشكالا مختلفة للتعاطي مع ملفها الداخلي المتشعب والمثقل بتركة الخراب الأسدي للمجتمع والدولة، والتعاطي مع ملفات عربية وإقليمية ودولية مختلفة؛ من الصراع والتصارع على التركة السورية باستحضار القلق الذي كان عنوان النفاق الذي اشتكى منه السوريون وتركهم فريسة لعداد الموت والحطام لأكثر من عقدٍ.
يعود تداول مفهوم القلق على وحدة سوريا، وعلى مكوناتها وأقلياتها وشكل الحكم، والخوف على حقوق النساء، ومشاركة بقية مكونات المجتمع في صياغة مستقبل بلدهم، في وقت يتجاهل فيه الأمريكي والغربي والبعض العربي جرائم إبادة شعب فلسطين وقتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات، وبالتعاطي بنفس العقلية التي تبيح للمجرم الصهيوني ارتكاب كل جرائم الحرب وضد الإنسانية في غزة. ولأن إنجاز الهدف السوري تحقق بفارق زمني مكلف فقد أدى لبعث القلق من تحول النموذج السوري في محيطه العربي لنموذج مختلف عما يعتقده النظام الرسمي العربي بأنه انتصر بثورته المضادة، وجعل من تحقيق شعار مكافحة الإرهاب والإسلاموفوبيا والتطرف عنوانا عريضا يمتد من المنطقة العربية إلى عواصم القلق الدولي، فإن وضع كف شر التحريض على مستقبل سوريا بدون جلادها هو الضمان الثاني لتأسيس حل يضمن تبديد كل بواعث القلق التي تعني معظمها ابتعادا عن جوهر دعم ومساندة تطلعات السوريين في المواطنة والحرية والكرامة.
الضربة التي تلقاها محور الاستبداد العربي في سوريا، وضعت خياراته ورهاناته في مأزق شديد بعد هروب الأسد، ووضعت كل مخاوفه المبنية على احتمال ووهم ضياع سوريا والسوريين تحت بند النفاق، لأن السوريين فقدوا مليون قتيل ومئات آلاف المفقودين في زنازين الطاغية الذي دمر معظم مدنهم وأريافها. وهي مخاوف يصعب تبريرها من نفس الزاوية التي كانت متراسا تتلطى فيها كل مواقف الخذلان والنفاق طيلة سنوات الثورة السورية، وهذا يرمي بقفاز التحدي بوجه النظام العربي مجددا.
وبكلمات أخرى كانت غاية التطبيع العربي مع النظام الأسدي البائد دفعه للابتعاد عن طهران وقد سقط ومشروعها في سوريا، والمشروع السوري الوليد يحتاج اليوم لرنين هواتف عربية نحو دمشق وهرولة لمد يد العون له وتشجيعه ودعمه، وليس العمل للحد من تأثير الضربة التي من المفترض أن تحدث صحوة من داخل النسق العربي الحريص على وحدة وسيادة وعروبة سوريا، أما القلق على دستور وانتخابات ومشاركة كل مكونات المجتمع السوري من أنظمة تمارس القمع لأي عملية ديمقراطية ولأي تعددية سياسية وتحكمها انظمة عسكرية وانقلابية وتنتهج منهج الديكتاتور الفار، فهذا يسمى هذيان ما بعد الضربة.
المسار السوري القادم لا يقل صعوبة عن المسار الذي عبره للتخلص من المجرم، ولا يوجد أمامنا مثال أفضل من الخسارة العربية التي راهنت على الطاغية الهارب، والخطوات التاريخية التي يشهدها مسرح العلاقة مع القادة السوريين الجدد
التقاط اللحظة التاريخية عربيا في سوريا، هو ما يبدد المخاوف من البوصلة التي أعاد السوريون إمساكها بتوجيهها نحو الداخل السوري، ولأن التاريخ يجري حسب قوانينه، لا حسب تمنيات البعض وأوهامه، فيجب أن تكون الرافعة عربية في سوريا، لا روسية ولا تركية أو إيرانية أو إسرائيلية أو أمريكية، أما أن تكون الاستراتيجية العربية قائمة على منظور الأمن والخوف من التغيير بذرائع "الإرهاب" وغيره، فهذه أسلوب ولعبة الطاغية العربي التي أثبتت فشلها وانهيارها، والتي تأخذ مجريات التاريخ نحو قوانينه التي حكمت على المستبد والقاتل والديكتاتور بنهايات قاسية، وهي التي ستحكم أيضا على نهايات المحتل بنفس الأحكام.
فالمسار السوري القادم لا يقل صعوبة عن المسار الذي عبره للتخلص من المجرم، ولا يوجد أمامنا مثال أفضل من الخسارة العربية التي راهنت على الطاغية الهارب، والخطوات التاريخية التي يشهدها مسرح العلاقة مع القادة السوريين الجدد. ونظرا للآثار الفادحة التي تركها إجرام الأسد على كل نواحي الحياة والمجتمع والسياسة والاقتصاد في سوريا، فإن البوصلة السورية ودرجة تحولها في استراتيجيات عربية ستبقى مؤشرا على طبيعة تحالفات جديدة في المنطقة العربية لن تبقى بعيدة عن هكذا صراع، لهذا برز الخوف من البوصلة السورية التي صح مؤشرها بقدرته على التغيير واستعداده لبناء سوريا بدون الأسد ووظيفته، وغاب الخوف عليها خصوصا أن أطماع الاحتلال الإسرائيلي وبقية المحتلين وأجنداتهم على الأرض هي التي تؤرق السوري وليس أبناء جلدته؛ ضحايا الأسدية المحطمة.
x.com/nizar_sahli