#نبش_الذاكرة د. #هاشم_غرايبه
في دفاع الكيان اللقيط ضد الدعوى التي أقامتها عليه جنوب أفريقيا في لاهاي، نفى إغلاقه لمعبر رفح، قائلا إنه يقع تحت السيادة المصرية الكاملة!.
ولما يشكله ذلك من تهمة خطيرة للنظام المصري، ولصمته عليها وعدم نفيها، يحق لنا أن نتساءل: هل ذلك صحيح؟.
وإن كان كذبا، وأن الإغلاق ليس له فيه حيلة، فالمصيبة كبيرة في من يقبل ارتهان قراره السيادي للعدو!.
ليس ذلك هو الأمر الغامض الوحيد، إذ يكتنف الغموض قصة الغاز في الشرق الأوسط كله، والسبب يعود الى فساد الأنظمة العربية، لذلك جميع صفقاتها تكون سرية بهدف إخفاء حجم ما تستولي عليه من أموال الدولة، ولأن شركاءها في هذه الصفقات يكونون في العادة من الكيان اللقيط، أي أنه تعامل مع العدو، فلا يجرؤون على إعلان ذلك خوفا من الغضب الشعبي، فيستغل أحفاد شيلوك نقطة ضعفهم هذا ويبتزونهم حتى الثمالة، ولأن السارق لا يجرؤ على الشكوى عند تعرضه للسطو، إذ أنه سيضطر عندها الى بيان المبالغ التي سرقت منه، والتي لا يعترف أصلا أنه يملكها، لذلك يسكت كبالع الموس.
هكذا تضيع خيرات الأمة حسب المثل الشعبي: أموال الخسيس لموازين إبليس، لكن الخاسر الحقيقي هو الشعب، فهذه الأموال السحت، لو كان حاكمهم أميناً لاستخدمها لمصلحتهم.. لكن ربما أنها عقوبة ربانية بسبب الحاكم السوء الذي قبلوا به، بل ويخافونه أكثر من خيفتهم لربهم.
في موضوع الغاز الذي بات ألغازاً، هنالك كثير من الأسئلة تراكمت على مر السنين، ولم نجد لها إجابة الى اليوم: كيف تحولت مصر من مُصدِّر للغاز الى الكيان اللقيط والأردن، الى مستورد يستورده ممن كان يصدره لهم؟. قصة أنبوب النفط الذي كان ينقل فيه الغاز، كان يتعرض للتفجير بين فينة وأخرى، كيف لهذه المنشأة الحيوية أن تكون بلا حراسة، خاصة أن معظمه في البحر وما يمر بمنطقة العريش مسافة قصيرة، تكفي لحراستها سيارتا دورية ومروحية، والمريب أنه رغم أن التفجيرات كانت تستهدف محطات الضخ المحدودة العدد، إلا أنه لم يكن يحميها إلا حارس. هذا الأنبوب مملوك لشركة غاز شرق المتوسط، المعلن أنها مصرية ومؤسسها حسين سالم عام 2000 ، لكن تتضارب الروايات حول حقيقتها فالأسهم فيها مملوكة ليهـود ولأسماء غير حقيقية مسجلة في الجزر العذراء (وهي التي دائما تسجل فيها الشركات الوهمية للعربان من الحكام وأزلامهم). التوقف المسرحي لتصدير الغاز المصري، بعد سلسلة التفجـيرات، أدى الى إقامة دعوى قضائية كسبها الكيان اللقيط، وتقضي بدفع مصر 1.3 مليار دولار تعويض لشركة أنابيب الغاز، ومبلغ 1.7 مليار لشركة كهرباء الكيان اللقيط لاحقا أعلن أنه تم شراء هذا الخط (عسقلان-العريش-القاهرة) من قبل مستثمرين من الكيان، إضافة الى حق نقله داخل مصر، وقد مهد النظام المصري لذلك باصدار تشريع قانوني بتحرير الكهرباء والغاز يجيز لشركات أجنبية البيع مباشرة للمواطن المصري، إضافة الى توقيع اتفاقية تستورد فيها مصر غاز الكيان لمدة عشر سنوات (مثل الأردن تماما وبالشروط الجزائية ذاتها)، مقابل ذلك أسقطت دعاوي التعويض. ولما كان الكيان اللقيط عام 2018 وقّع اتفاقية مع الأردن اشترى فيها خط الغاز العربي (حيفا-عمان-العقبة-طابا-العريش-القاهرة)، فبذلك أصبحت كل خطوط الغاز في المنطقة مملوكة له. فور ذلك توقف استهداف الخط بالتفجـيرات والى اليوم، فلو كانت التفجيرات التي استهدفته هي حقا من (إرهابيين) إسلاميين، كما كان يعلن الإعلام المصري، فهل كانت ستتوقف بعد أن اصبحت ملكيته للكيان أم كانت ستزداد!؟. هنا نقترب من فهم المسرحية، فالتفجيرات مبرمجة من أجل أن تتم مقاضاة مصر لذنب لا تتحمل المسؤولية عنه، لأن اتفاقية كامب ديفيد لا تسمح لمصر إلا بسيادة عسكرية صورية على سيناء، تخجل من التصريح بها للشعب، وأنه لا يسمح لها بإدخال أكثر من 750 عسكري مشاة يتمركزون على الحدود مع القطاع.
فكانت التفجيرات أصلا لتتم إدانتها بمبالغ باهظة (3 مليارات) لتجد الذريعة أمام المواطن المصري، بأنها لم تسلم رقبته للعدو بثمن بخس ..بل مقابل اعفائها من الغرامات، ومكافأة للنظام السياسي المتعاون على ذلك، يدخلون رموزه كشركاء خفيين بأسماء شركات وهمية مسجلة في جزر العذراء.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
برامج رمضانية في الذاكرة.. لماذا يحن اليمنيون إلى ماضيهم؟ (تقرير)
على الرغم من تزايد أعداد الإذاعات المحلية والقنوات الفضائية التي تعُج بعشرات البرامج والمسابقات والمسلسلات المُنتجة المخصصة لشهر رمضان المبارك خلال العشرة أعوام الماضية، إلا أن ذاكرة اليمنيين ماتزال لصيقة بالبرامج القديمة التي كانت تُبث عبر إذاعة وتلفزيون الجمهورية اليمنية من صنعاء.
تلك الوسيلتين قدمتا للجمهور اليمني نجوماً سطعت في سماوات الإعلام طوال ليالي الشهر الكريم على مدى أزمنة مديدة بعضهم فارق الحياة والبعض الاخر تفرغ لحياته الشخصية، فيما استمر القليل منهم في انتاج أعمال متميزة.
وسط هذا الزحام الإعلامي أصبح الكثير من الجمهور اليمني يحنون إلى الماضي ويرون أن الأثير والفضاء اليمني لم يعُدا كما كانا عليه في السابق، لركاكة ما يتم تقديمه من محتوى برامجي، وضحالة ثقافة من يقدم ويُـنتج ذلك المحتوى، "الموقع بوست" التقى ببعض صانعي برامج الزمن الجميل ممن ما يزالوا في أوج عطائهم ليتذكروا مآثرهم ومآثر أسلافهم وليحكوا كيف استطاعوا أن يجذبوا الجمهور اليمني، وتبقى أعمالهم خالدة في الذاكرة والوجدان.
احترام الجمهور
ما إن يأتي شهر رمضان إلا واليمنيون يتذكرون إعلاميون تركوا بصمات في الإعلام اليمني، أمثال يحيى علاو، محمد الذهباني، عبدالعزيز المقالح، عقيل الصريمي، وعائدة الشرجبي، عبدالرحمن مطهر وحبيبه محمد، علي صلاح أحمد، هدى الضبه، عبدالعزيز شايف، أمة العليم السوسوه، رؤوفة حسن، نادر أمين ، انتصار القرشي، حسين عقبات، جُلهم مذيعين ومخرجين شاركوا في انتاج المعرفة والترفيه لمتابعيهم من الجمهور اليمني في الفترات الممتدة من السبعينيات حتى أواخر تسعينيات القرن المنصرم والبعض منهم استمر في عطاءه حتى فترة الالفية الثالثة.
"فرسان الميدان، اختبر معلوماتك، فتاوى، خواطر رمضانية، بسمة، خير جليس"
تلك عناوين لبرامج إذاعية وتلفزيونية كانت تحضي باهتمام ومتابعة كبيرين من الجمهور اليمني الذي يتمنى أن يتكرر انتاج برامج مشابهة لها، كما يقول الدكتور حاتم الصالحي الأستاذ الجامعي بكلية الاعلام خلال حديثه مع "الموقع بوست" مضيفاً: " قديماً كان هناك احترام لذائقة المستمع والمشاهد، وكان المعدين والمذيعين والمخرجين وكافة طواقم البرامج الاذاعية والتلفزيونية يحرصون على أدق التفاصيل من حيث الاهتمام باللغة العربية وبديكور البرامج ومظهرهم واحترامهم لقواعد مخاطبتهم مع جمهورهم ".
الحنين إلى الزمن الجميل كما يحب تسميته دفع الأكاديمي طه الروحاني إلى كتابة منشورات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يُعيد فيها نشر مواعيد عرض البرامج والمسلسلات التي كانت تُبث في إذاعة وتلفزيون صنعاء خلال الخمسة عقود الماضية. متذكراً ذلك الماضي التليد.
الفكرة لا قت ترحيباً من رواد السوشيال ميديا خاصة ممن عاصروا فترة عرض العديد من البرامج المتميزة في الإذاعة والتلفزيون في المناطق الشمالية اليمنية.
فرسان الميدان
في حديثها لـ "الموقع بوست" تتذكر الاعلامية نادية هزاع التي أخرجت "فرسان الميدان" الذي كان يعتبر البرنامج المسابقاتي الأكثر شهرة في اليمن على مدى ستة عشر عاماً مضت، تتذكر كيف كانت تعمل بجد واجتهاد بمعية الاعلامي الراحل يحيى علاو وطاقم البرنامج الذين جابوا كافة المحافظات اليمنية.
تقول هزاع "كنا في تواصل مباشر مع الناس في الميدان نتلمس احتياجاهم وهمومهم وكنا نحرص على الأخذ بيد المحتاجين وتوزيع الجوائز المالية لهم، كانت الانسانية هي الهدف الأسمى للبرنامج، اضافة الى نشر المعرفة وتثقيف اليمنيين بمعالمهم وأمجاد أجدادهم".
تشير هزاع إلى أن الناس كانوا ومايزالوا يحرصون على متابعة برامج المسابقات خلال شهر رمضان، لذلك كانت توضع لبرنامجها ميزانية مالية كبيرة جعلت من انتاجه منافساً لكبريات البرامج المسابقاتية في القنوات الفضائية العربية.
بسمة
يُعد برنامج بسمة من أبرز البرامج الرمضانية التي كانت تتابعها الحاجة فاطمة الجوفي وأخريات كن ينتظرن سماع البرنامج الإذاعي وهن يعملن على تجهيز وجبات الإفطار في مطابخهن كما تقول الجوفي في حديثها لـ"الموقع بوست"، وتضيف: "خلال سنوات الحرب افتقدنا لسماع مثل هكذا برامج في الإذاعات المحلية رغم أنها كثيرة العدد"، كانت فكرة البرنامج تقوم على انتقاد الظواهر والأحداث السلبية في اليمن والوطن العربي بقالب ساخر، وكان يتناوب على اعداد البرنامج عدد من الإعلاميين في إذاعة صنعاء ابرزهم : " عبدالعزيز شايف ،علي السياني ومحمد الشرفي ،أماني راوح".
يقول الإعلامي علي السياني لـ"الموقع بوست" كنا نتنافس فيما بيننا على تقديم كل الإمكانيات المتاحة لنا من أجل تقديم برامج ذات جودة تلبي رغبات المستمعين خلال الشهر الكريم وعلى مدار أيام السنة، نتعب ونثابر من أجل الجمهور".
فتاوى
كان الأستاذ يحيى الدرة يُعد ويقدم برنامج فتاوى عبر اثير إذاعة صنعاء قبل موعد صلاة الفجر في كل ليلة من ليالي شهر رمضان، وكان ينتقد بعض السائلين بطريقة فكاهية، الأمر الذي جذب كثيراً من المتابعين لذلك البرنامج الديني الذي كان الدرة يستضيف فيه عدداً من العلماء المتخصصين في الإفتاء الديني في اليمن، وبسبب النجاح الذي حققه الدرة في برنامجه استقطبه التلفزيون اليمني الذي كان يبث البرنامج.
اختبر معلوماتك
كان اختبر معلوماتك البرنامج المسابقاتي الذي يجمع النخب من أكاديميين وطلاب المعاهد والجامعات اليمنية حيث يتنافسون في الإجابة على أسئلة في العلوم والابتكارات والتاريخ والجغرافيا والثقافة العامة، البرنامج كان من إعداد وتقديم الدكتور علي الصبري وإخراج أحمد محمد زايد.
حتى للأطفال فقد كان لهم مساحة لا بأس بها ضمن الخارطة البرامجية في الإذاعات والقنوات اليمنية على عكس اليوم الذي قل فيها انتاج برامج مخصصة للأطفال خاصة البرامج المسابقاتية.
يرى الإعلامي سمير المذحجي الذي أعد وأخرج معظم برامج ومسابقات الأطفال التي كانت تُبث خلال أيام شهر رمضان المبارك عبر اثير إذاعة صنعاء وشاشة التلفزيون اليمني، أن الوقت الراهن لم يعُد للطفولة مكان في إعلام اليوم.
ويرجع المذحجي سبب ذلك إلى الحرب التي ماتزال مندلعة منذ أزيد من عشرة أعوام، ويقول في حديثه لـ"الموقع بوست"، "لست متفائلاً بقادم الأيام فالحرب لن تبارحنا".
في مصر والامارات وقطر والسعودية تم افتتاح قنوات فضائية تعيد بث برامج ومسلسلات انتجت في عقود ماضية، هذه الفكرة نالت استحسان الكثيرين وفي اليمن يتساءل اعلاميون تحدثوا لـ"الموقع بوست"، لماذا مثل هكذا فكرة لا ترى النور؟