فورين بوليسي: نفاق الغرب يقود دعم الجنوب العالمي لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
سلطت كاتبة موجز أفريقيا الأسبوعي الذي تنشره مجلة "فورين بوليسي"، نصموت غباداموسي، الضوء على دعم دول الجنوب العالمي للدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لاتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة، مشيرة إلى رمزية انضمام ناميبيا إلى هذا الدعم وما يمثله من انتقاد لاذع لقرار ألمانيا التدخل في القضية دفاعا عن إسرائيل.
وذكرت نصموت، في مقال نشرته المجلة وترجمه "الخليج الجديد"، أن الرئيس الناميبي، هيج جينجوب، قال يوم السبت الماضي إن ألمانيا لا يمكنها "التعبير أخلاقيا عن التزامها باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية، بما في ذلك التكفير عن الإبادة الجماعية في ناميبيا، في حين تدعم ما يعادل المحرقة والإبادة الجماعية في غزة".
ولم ترد برلين بعد على انتقاد ناميبيا، واكتفت الحكومة الألمانية، في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، بالزعم بأن الاتهام بالإبادة الجماعية ضد إسرائيل "لا أساس له" ووصفته بأنه "استغلال سياسي" للاتفاقية.
وجاء في بيان الحكومة الألمانية: "في ضوء تاريخ ألمانيا والجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في [المحرقة]، ترى الحكومة الفيدرالية نفسها ملتزمة بشكل خاص باتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية".
وقالت الرئاسة الناميبية ردا على ذلك إنه "لا يمكن لأي إنسان محب للسلام أن يتجاهل المذبحة التي ارتكبت ضد الفلسطينيين في غزة"، وانتقدت "عدم قدرة ألمانيا على استخلاص الدروس من تاريخها المروع".
وقُتل نحو 80% من سكان الهيريرو و50% من سكان الناما في جنوب غرب أفريقيا الألمانية (ناميبيا الآن) بين عامي 1904 و1908 بعد أن قادهم الجنود الألمان إلى الصحراء وأغلقوا فتحات الري لمنع الناجين من العودة، ومات أغلبهم في معسكرات الاعتقال التي كانت بمثابة مقدمة للأساليب المستخدمة في محرقة اليهود النازية (الهولوكوست) لاحقا.
وفيما وصفه المؤرخون بأنه أول إبادة جماعية في القرن العشرين، وضع الألمان الناميبيين الذين يقاومون الاستعمار في معتقلات بمعسكر الموت المعروف باسم جزيرة القرش، حيث كان السكان الأصليون والأطفال المولودون من اغتصاب النساء المسجونات على يد الألمان قد تعرضوا لتجارب مروعة، إذ جرى ذبح حوالي 65.000 من الهيريرو و10.000 من الناما، وإرسال الرؤوس المقطوعة للسجناء الناميبيين إلى ألمانيا لإجراء أبحاث عليها، لإثبات النظرية العنصرية الخاصة بتفوق الجنس الآري، كما جرى عرض الأفارقة الأصليين في "حدائق حيوان بشرية".
وأصبح هيرمان فيلهلم جورينج، نجل حاكم المستعمرة، هاينريش جورينج، أحد أكثر القادة العسكريين شهرةً في عهد الزعيم النازي، أدولف هتلر.
ومن خارج أفريقيا، أعلنت بنغلاديش، في بيان صدر يوم الأحد الماضي أنها ستتدخل كطرف ثالث للدفاع عن قضية جنوب أفريقيا، وهي الدولة الوحيدة حتى الآن التي أعلنت أنها ستفعل ذلك. وقالت وزارة الخارجية البنغالية إنها "تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد تجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولي".
اقرأ أيضاً
كاتب أمريكي ينتقد دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية: خلقوا واقعا كاذبا ودافعوا عنه
نفاق غربي
وأدت حقيقة أن جنوب أفريقيا رفعت القضية وعارضتها الولايات المتحدة إلى تضاؤل مصداقية واشنطن بين الأفارقة وتحطيم فكرة تأييدها لنظام دولي عادل.
وباتت عديد الدول في الجنوب العالمي ترى نفاقًا صارخًا في الغرب بعد إدانة الولايات المتحدة للاحتلال غير القانوني في أوكرانيا، بينما تستمر في دعم إسرائيل بقوة على الرغم من ارتفاع عدد القتلى في غزة وعنف المستوطنين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، حسبما ترى نصموت.
وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير طارئة مؤقتة للتعليق الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة و"اتخاذ جميع التدابير المعقولة" لمنع الإبادة الجماعية، بينما ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، متحديا للمحاكمة، وقال يوم السبت: "لن يوقفنا أحد، لا لاهاي، ولا محور الشر [الذي تقوده إيران] ولا أي شخص آخر".
ولطالما نظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الحاكم في جنوب أفريقيا، إلى القضية الفلسطينية من خلال عدسة نضاله ضد الفصل العنصري، ووصف لسنوات سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنها شكل من أشكال الفصل العنصري.
ولدى الحزب أسباب تاريخية للاستياء من الحكومة والجيش الإسرائيليين، فقد زودت إسرائيل سرا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بالأسلحة، على الرغم من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة، وكان جنرالات إسرائيليون بارزون يقدمون المشورة للجيش في جنوب أفريقيا، وتعاونوا معه في البرامج النووية والصاروخية شديدة الحساسية.
بعد إطلاق سراحه من السجن، أقام نيلسون مانديلا علاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، والتي دعمت كفاح حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ضد الفصل العنصري بينما كانت إسرائيل تدعم نظام الأقلية البيضاء.
وترى نصموت أنه "حتى لو لم تفز بريتوريا بدعوى محكمة العدل الدولية، فمن الواضح أن مواطني جنوب أفريقيا يدعمون إلى حد كبير قضية حكومتهم ضد إسرائيل، كما يفعل زعماء العديد من الدول في الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية".
وأشارت إلى أن الحرب تسببت، خلال ما يزيد قليلا عن 3 أشهر، في مقتل 1% من سكان غزة بما في ذلك أكثر من 10 آلاف طفل، لافتة إلى أن تقارير الأمم المتحدة أوردت أن 7000 آخرين ما زالوا تحت الأنقاض، وأن حوالي 1.9 مليون شخص (أكثر من 80% من سكان غزة) قد شردوا.
كما نوهت نصموت إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" أعلنت توثيقها لجريمة استخدام التجويع كسلاح حرب في غزة خلال الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، ورجحت أن تعلن محكمة العدل الدولية عن إجراء مؤقت في الأيام المقبلة، لكن الحكم النهائي في الدعوى قد يستغرق سنوات.
اقرأ أيضاً
MEE: العدل الدولية قد تقدم منطلقا لتحرر الفلسطينيين من صهيونية الإبادة الجماعية
المصدر | فورين بوليسي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية جنوب أفريقيا الجنوب العالمي الإبادة الجماعية ألمانيا محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الفصل العنصری جنوب أفریقیا من سکان فی جنوب فی غزة
إقرأ أيضاً:
“التعاون الإسلامي” ترحب بقرار الأمم المتحدة طلب فتوى من “العدل الدولية” تجاه انتهاكات إسرائيل
رحبت منظمة التعاون الإسلامي بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة “طلب فتوى من محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل فيما يتعلق بوجود أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة”، مثمنة جهود مملكة النرويج وجميع الدول التي شاركت في رعاية ودعم مشروع القرار.
وأكدت المنظمة أن جميع خطط وتدابير الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك التشريعات التي تؤثر في وجود وعمليات وحصانات الأمم المتحدة وكياناتها وهيئاتها، بما فيها وكالة الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، تشكل انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة، ومن شأنها أن تحرم الشعب الفلسطيني من المساعدات الأساسية، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها.
كما رحبت المنظمة بتبني الجمعية العامة قرارًا حول “السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية”، داعية جميع الدول والمنظمات الدولية، منها الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها، إلى ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة، بما فيها حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف.