سودانايل:
2025-04-26@23:09:01 GMT

محمود محمد طه… ونبوءة العرفانيين!

تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT

فتحي الضَّو

كنت قد دأبت على الكتابة الراتبة كلما هلَّت علينا ذكرى شهيد الفكر الإنساني الحر الأستاذ محمود محمد طه، وقد تواتر ذلك منذ أن ترجل كالطود الأشم وأعتلى منصة الإعدامات في سجن كوبر بأمدرمان، مُتكئاً على خُطاه الراكزة كجلمود صخرٍ يهُز الأرض من علٍ. تُزين وجهه تلك الابتسامة التي حيَّرت كل من رآها وعجز عن الوصول لغموضها الساحر، سواء من الأبعدين والأقربين، بل ما يزال الناس مذهولين جراء تلك الشجاعة النادرة، والتي واجه بها الموت مبتسماً.

ولعمري ذلك موقف اسطوري جعله صنواً لآخرين مضوا في ذات الدرب من أمثال الوليد بن أحمد (ابن رشد) والحسين بن منصور (الحلاج) والجعد بن درهم وهموا كُثر!
(2)
في مثل هذا اليوم (18/1/2024/) أي قبل نحو ثمانية وثلاثين عاماً، أغتال الرئيس المخلوع جعفر نميري شهيد الفكر الإنساني الحُر الأستاذ محمود محمد طه، بعد محاكمة هزلية تبارى في ظلاماتها جلاوزة الهوس الديني، وأظهروا ما ضمرته نفوسهم الظلامية، في حين عمد الأستاذ محمود محمد طه إلى تعرية ترهاتهم وفضح جهلهم بمرافعة رصينة كان ينبغي أن تكتب بماء الذهب على صفحات التاريخ. ومع ذلك ظلَّ الناس يتداولونها على مر الأزمان كمنجز حضاري لا يمكن تجاهله. أما أنا محب الأستاذ لوجه الله، فقد أعجبني في هذه المرافعة الفكرية السياسية الفلسفية الدينية شيئين هامين: الأول تلك الشجاعة البالغة منقطعة النظير، أما الثاني فهو الثبات على المبدأ ولو كان مقابله الموت!
(3)
سيظل كل ذلك متوهجاً في ذاكرتنا وأفئدتنا نستلهم منه العبر والدروس الكثيرة التي تركها لنا الأستاذ المفكر وأهمها: الوقوف بصلابة في مواجهة الديكتاتوريات وخاصة المتسربلة بالدين الإسلامي، والثبات على المبدأ ومناهضة ظلم السلطان الجائر مهما كان الثمن. لقد افتدى الأستاذ أمته بتبصيرها بمآلات حكم الإسلام السياسي، وما ينجم عنه من دمار عقدي وأخلاقي سيكون وبالاً على الدين نفسه. لو كان الأستاذ المفكر جباناً لآثر الهروب بجلده ولو كان الأستاذ المفكر أنانياً لراوغ الديكتاتور كما يفعل سدنة دولة الفساد والاستبداد. ولو كان الأستاذ المفكر فظاً غليظ القلب لأنفض من حوله محبيه ومريديه، لكنه كان رؤوفاً رحيماً، أختار طريق المجادلة بالتي هي أحسن، ودفع حياته ثمناً لتضحيته!
(4)
نحن مدينون للأستاذ محمود محمد طه، فقد نصحنا في يوم عزَّ فيه النصح، ولم نستبن نصحه إلا ضحى الغد. بل لم نعلم أننا أضعنا شيئاً ثميناً إلا بعد أن تكالبت الضباع على الوطن الوديع وشرعت في نهش جسده الطاهر بلا وازع ولا ناهٍ يردع الأحياء وهي رميم. ثمَّ مضوا في مكايدات السوء ومخططات التآمر لأجل أن يشعلوها حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر. ظلوا يأججون نيرانها ويقرعون طبولها ويحرصون كل الحرص على أن تمضي إلى نهاياتها التدميرية. طالما أن الوطن في عرفهم محض (بقرة حلوب) يرضعون ضرعها.. مُعرضين عن التذكرة كأنهم حُمر مستنفرة!
(5)
منذ أن أنشبت الحرب أظفارها الجارحة، عمد كثير من الناس إلى استدعاء مقولات نُسبت إلى الأستاذ المفكر، وهي في مجملها تشير إلى أن الفتنة الهوجاء التي أشعلها الإسلامويون سوف تكون وبالاً عليهم، وسيعود ناعقها إليهم وهو حسير. وقال المُبرأ من العيوب: سوف يتلجلجون ويختصمون ويفرون فتُصبح عندئذٍ ترهاتهم الظلامية هشيماً تذروه الرياح. ونحن نقول حينما قال الصادق الأمين ذلك لم يدَّع علم الغيب ولم يكن ضارباً بالرمل، وإنما كان ذلك تحليلاً واقعياً ومنطقياً غاص في دقائق الأشياء بنظرة عرفانية لا يُلقاها إلا الذين صبروا ولا يُلقاها إلا ذو حظٍ عظيم. ونقول كذلك إن حدسنا يعضد أيضاً قول من لا ينطق عن الهوى لأن الخالق - سبحانه وتعالى - هو القائل (ولا يحيقُ المكرُ السّيئ إلا بأهله).
(6)
لقد كان الأستاذ المفكر يعلم ما لا يعلم غيره أن الدرب الذي سار فيه شاق وطويل، تأسياً بالرسل والأنبياء، فمسيرة ما يناهز نصف قرن تؤكد زعمنا، بدأت بدخوله سجن المستعمر البريطاني، كأول سجين سياسي سوداني، ومضت المسيرة في طريق الآلام لتؤدي به إلى حبل المشنقة. كنت قد كتبت كثيراً وسنظل نكتب من أجل تخليده بذكرى تليق بمقامه السامي. الموسي أن الذكرى تأتي هذه المرة والوطن غارق في حرب البؤساء التي تنشر ظلالها السوداء على أرجاء الوطن كافة. وما يزال المبعثرون ينتشرون في فجاج الأرض بحثاً عن مأوى وطمعاً في الذي يمكن أن يقيم الأود، بينما نجد الإسلامويين قتلة الشهيد عاكفون على ضخ الأكاذيب وإشاعة الأباطيل، يحيكون الدسائس وينشرون الفتن، ولن يهدأ لهم بال إلا إذ أصبح هذا الوطن صعيداً جرزا.
(7)
سلام عليك يوم ولدت، وسلام عليك يوم مقتلك وسلام عليك يوم تبعث حياً. يومئذٍ سيجتمع في ملكوت الله الخصوم بين يدي مليك مُقتدر، سيقف ضحايا الهوس الديني صفاً صفاً يتقدمهم المبعوث فيهم، سوف يُطأطيء الظالمون والفاسدون والمستبدون رؤوسهم، يشكون الذين قتلوا والذين عذبوا والذي ادعوا الربوبية ولات ساعة منم. أما أنت يا سيدي ومولاى، لقد منحت هذا الوطن المكلوم هوية بعد أن ذاع صيتك كمفكر متفرد وملأت سيرتك الآفاق، وهنئاً لك ذلك الموقع الرحيب بين المفكرين الشجعان الذين كتبوا أسمائهم بأحرف من نور على صفحات التاريخ الإنساني الذي لا يظلم عنده أحد!!.
آخر الكلام: لابد من المحاسبة والحرية والديمقراطية وإن طال السفر!

faldaw@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عمر محمد رياض: مكنتش راضي عن أول دور قدمته ووفاة جدي كانت صدمة.. فيديو

تحدث الفنان الشاب عمر محمد رياض عن بداية دخوله الفن واول تجربة سينمائية خاضها من خلال فيلم “الرجل الرابع”  وعلاقته القوية ايضا بجده الفنان الكبير الراحل محمود ياسين ومدى حبه للفن ورغبته القوية لمساعدة الآخرين على جميع الأصعدة.

وقال عمر محمد رياض خلال لقائه فى بودكاست “Boom shoot” المذاع على قناة صدي البلد تقديم المذيعة تقى الجيزاوي، أن بدايته الفنية كانت من خلال فيلم “الرجل الرابع” بعد ان قدم فى ورشة التمثيل بقيادة المخرج خالد جلال ، وقبل التصوير فوجيء بأن تم تغير دوره مما اشعره بالتوتر ولكن نجح فى الدور ولم يتلقي اى تعليقات سلبية لكنه لم يشعر بانه قدم الدور على أكمل وجه.

وعن علاقته بجده الراحل محمود ياسين ، قال عمر محمد رياض: أن جده الراحل لم يعش معه فترة دخوله الفن ولكن كان يتحدث معه دائما عن الفن لأن كان جزءا أساسيا فى حياته .

عمر محمد رياض: محمود ياسين كان يحب مساعدة الآخرين دايما 

وأضاف عمر محمد رياض ، قائلا: "ان جده الراحل محمود ياسين كان يساعد الاخرين بشكل دائم وكان يساعد والدته الفنانة رانيا محمود ياسين خلال فترة دراستها بالجامعة ويكتب لها الملخصات قبل الإمتحانات اثناء وجوده فى اللويكشن وكان يحرص دائما على الإهتمام بالجو الأسري والتجمعات العائلية.

وأستكمل عمر محمد رياض، معلقا: “جدي محمود ياسين كان بيهتم جدا انه يدي وقته للعائلة وانا لما بفتكر الاوقات دى بزعل من نفسي جدا لان جدي كان يستحق انه اقعد معاه وقت أكبر من كدة وكنت بنشغل فى فترة الدراسة والمدرسة”.

عمر محمد رياض: وفاة جدي كان أسوأ يوم مر عليا

وتحدث عمر محمد رياض عن لحظة وفاة جده محمود ياسين والذى كان خلال فترة دراسته بالجامعة ووقت تلقي الخبر كانت صدمة للعائله بشكل كبير ، مؤكدا انه يعتبر أسوأ يوم فى حياته.

 عمر محمد رياض فى ماراثون رمضان ٢٠٢٥

وشارك عمر محمد رياض فى الموسم الرمضاني بمسلسل قلع حجر٢ (قبايل الصخرة) وحقق نجاحا كبيرا.

وتدور أحداث مسلسل قلع الحجر في منطقة النوبة وقمولة في صعيد مصر ويتناول حقوق المرأة، وأحداثه مستوحاة من قصص حقيقية حدثت بالفعل في هذه المناطق، والعمل من تأليف أحمد وفدي، وهو أحد مواطني مدينة قمولة.

مقالات مشابهة

  • مصرع محامي ومتهم في حادث بالمنوفية
  • غادة عبد الرازق تكشف كواليس “شباب امرأة”: الفن مثل القمار
  • محمود شاهين يحتفل بعقد قران والدته أمل الصيفي.. صور
  • محمود الليثى يحيى حفلا غنائيا فى إيطاليا.. اليوم
  • غدا.. بدء فعاليات مؤتمر الفيوم الأدبي بمشاركة 200 مثقف
  • تشكيل الزمالك ضد بهتيم وديا.. عبد الله السعيد أساسيًا
  • ناجحون بالامتحان التنافسي / أسماء
  • منشور مؤثر.. حلا شيحة تثير الجدل من احدث ظهور لها
  • عمر محمد رياض: مكنتش راضي عن أول دور قدمته ووفاة جدي كانت صدمة.. فيديو
  • رئيس جامعة أسيوط يترأس لجنة اختيار عميد كلية التمريض بالجامعة