الليبرالية والنيولبرالية والتبعية الكمبرادورية
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
من الأخطاء الشائعة في الخطاب السوداني وصف جماعات سياسية معينة بالليبرالية.
الليبرالية الكلاسيكية فلسفة تتمتع بأهمية تاريخية وفلسفية ولها اسهاماتها المهمة في دفع التاريخ للأمام وأيضا لها رمد ونقاط ضعف.
الوصف الادق لقومنا هؤلاء هو التبعية لمحاور ومخابرات الغرب وليس الاعتناق المتسق لليبرالية هي منهم براء.
ولا يصح نعتهم بأنهم منفعلون بالغرب فالصحيح هو انهم اخذوا من الحضارة الغربية القشور واضافوا التبعية الذليلة ثم بعدوا عن المنجز الحقيقي الفخيم للحضارة الغربية في مجال العلوم والحوكمة والضوابط الديمقراطية.
يمكن وصف القوم بالنيوليبرالية لأنها تختلف عن الليبرالية الكلاسيكية في نسختيها الاوروبية والامريكية.
يمكن القول باختصار ان النيولبرالية تعني أصولية السوق الرأسمالي المتطرف وتدخل الدولة الغليظ لحماية “السوق الرأسمالي” وانقاذه من تناقضاته القاتلة عوضا عن تدخلها لحماية الشرائح الضعيفة في المجتمع.
أما الليبرالية الكلاسيكية السابقة للنيولبرالية فتعني تقزيم تدخل الدولة في المجتمع والاقتصاد للحد الأدنى وإطلاق حرية السوق وحماية الحريات الفردية من عسف الدولة وتحشرها وقد كانت في وقتها فلسفة تقدمية ساهمت في تحرير المجتمعات والعملية السياسية ولاقتصادية من قبضة الكنيسة والاقطاع.
في نسختها الأمريكية تعني الليبرالية الايمان باقتصاد السوق مع ضرورة تدخل الدولة بإعادة توزيع الدخل لحماية الفقراء عن طريق فرض الضرائب على الأغنياء وصرف العائد على الطبقات الدنيا في شكل خدمات اجتماعية مثل الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والضمان ضد العطالة والتقاعد المريح وما شابه ذلك.
باختصار الليبرالية فلسفة سياسية رصينة لعبت دورا كبيرا وإيجابيا في التاريخ، رغم ثقوبها.
ويعتقد الأناركيون بأنهم زاوجوا بين اهم فلسفتين سياستين في التاريخ وهما الاشتراكية مضافا اليها الليبرالية التي تقدس حرية الفرد ما دامت تلك الحرية لا تحد من حريات ومصالح الاخرين في المجتمع. وهكذا أنقذوا الليبرالية, كما يعتقدون, من ربقة انعدام المساواة واستغلال الانسان لأخيه الانسان اقتصاديا وانقذوا الاشتراكية من الميول الاستبدادية والنزعة الشمولية.
أما النيولبرالية فهي أصولية رأسمالية تسحق الفقراء وتمتص دمهم وتراكم ثروات اغنياء الداخل والخارج. وفي ذلك قال داني رودريك واخرون ان “النيوليبرالية – أو صنمية السوق – ليست تطبيقًا متسقا لعلم الاقتصاد الحديث ، بل هي انحراف عنه, يتسم بالبدائية والتبسيطية.” وفي ذلك ايضا قال الشيخ الاكبر, نعوم تشومسكي, ان مفارقة النيولبرالية انها ليست نيو (ولا جديدة) ولا ليبرالية.
أما جماعتنا ديل فلا هم ليبراليين ولا هم في فلك المنجز الحضاري الغربي وقد اكتفوا بان يكونوا نيولبراليون عالقون على قشور الحضارة الغربية في بعدها الاستعماري الكمبرادوري.
والكومبرادور هو شخص يعمل أو طبقة تعمل كوكيل لمنظمات أجنبية تنشط في مجال الاستثمار، أو التجارة، أو الاستغلال الاقتصادي، أو السياسي.
Gussai Hamror
هناك المفهوم وهناك مواقف من يدعي أنه يمثله. من الناحية المفاهيمية، يختلف معنى الليبرالية الأمريكية عن الليبرالية الأوروبية الكلاسيكية. وفي أوروبا، كانت الليبرالية تعني تقليص دور الدولة في الاقتصاد إلى أدنى مستوى ممكن. وفي أمريكا، تعني الليبرالية تدخل الدولة لتوفير حماية محدودة للطبقات الفقيرة.
ولكن بعد ذلك هناك الليبرالية الاجتماعية، بعيدا عن المخاوف الاقتصادية. تدور الليبرالية الاجتماعية حول تعظيم الحريات الشخصية الفردية. في أمريكا يمكن للشخص أن يكون ليبراليًا اجتماعيًا ومحافظًا اقتصاديًا. والعكس صحيح.
والفلسفة السائدة في الدول الاسكندنافية هي الديمقراطية الاجتماعية، التي تحمي الفقراء أكثر من النسخة الأمريكية من الليبرالية. تحاول الديمقراطية الاجتماعية الجمع بين المزايا الاجتماعية للاشتراكية وحريات الليبرالية. ومع ذلك، فإن هذا الزواج غير مستقر لأن أولئك الذين يصبحون أثرياء في ظل الديمقراطية الاجتماعية يمكنهم استخدام ثرواتهم للاستيلاء على العملية السياسية وتخريب المكاسب الاجتماعية ودحرها.
معتصم أقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المصري لحقوق المرأة يُصدر دراسة حول الحواجز الاجتماعية أمام تمكين النساء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدر المركز المصري لحقوق المرأة ،دراسة قانونية بعنوان "الحواجز القانونية والاجتماعية أمام تمكين المرأة"، والتي تسلط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة المصرية في تحقيق المساواة الكاملة.
تأتي هذه الدراسة في وقت تشهد فيه حقوق المرأة في مصر تطورات منذ دستور 2014، الذي كفل لها حقوقًا واسعة ومساواة في مختلف المجالات. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة ملحوظة بين النصوص القانونية والواقع العملي، مما يعيق تحقيق المساواة الكاملة للمرأة.
تهدف الدراسة إلى رصد وتقييم الإطار القانوني لحقوق المرأة في مصر، وتحليل مدى فعاليته في تحقيق المساواة والعدالة الناجزة وحمايتها من العنف، وتقييم مركز مصر في المؤشرات الدولية المتعلقة بالمرأة وسيادة القانون، وتقديم توصيات عملية لتحسين وضع المرأة في المجتمع.
وانقسمت الدراسة إلى ستة فصول رئيسية تمثلت في :
الفصل الأول: الإطار النظري للدراسة، حيث تناول أهمية الدراسة وأهدافها والمنهجية المستخدمة،الفصل الثاني: وضع مصر في المؤشرات الدولية. استعرض ترتيب مصر على مدار خمس سنوات في بعض التقارير الدولية مثل مشروع العدالة العالمية الذي يصدر مؤشر سيادة القانون، والمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يصدر تقرير الفجوة بين الجنسين، والبنك الدولي الذي يصدر تقرير المرأة والأعمال والقانون، كما أن يناقش الفصل الثالث: تطور وضع المرأة المصرية خلال خمس سنوات. حيث تناول الفصل تطور وضع الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة على مدار خمس سنوات،الفصل الرابع: البيئة التشريعية لحقوق المرأة. استعرض أهم مواد الدستور والقوانين والقرارات المختلفة التي تتناول الحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء، والعنف ضد المرأة، وقانون الأحوال الشخصية،الفصل الخامس: الحواجز القانونية والاجتماعية أمام حقوق المرأة"طرح الفصل التحديات المختلفة سواء على المستوى القانوني أو الاجتماعي والثقافي والتي تحول دون حصول النساء على حقوقهن كاملة "،الفصل السادس: السبل القانونية لتمكين المرأة وحصولها على حقوقها" تناول الفصل مجموعة من الآليات الواجب تبنيها للتغلب عن التحديات التي تواجه النساء في الحصول على حقوقها السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو مواجهة العنف ضدها".
واكدت الدراسة على ضرورة تضافر الجهود من مختلف الجهات المعنية لتفعيل النصوص القانونية ووضع آليات إجرائية تضمن تحقيق العدالة الناجزة، وتذليل العقبات القانونية والاجتماعية والثقافية التي تحول دون تمكين المرأة المصرية بشكل كامل.