موقع النيلين:
2025-04-07@19:58:07 GMT

أطفال بلا هوية

تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT


في 10 يناير من العام الجاري، اشار استطلاع نشره مجلس شؤون الاسرة السعودي، الى ان حوالي 99% من الاطفال والمراهقين السعوديين ما بين 10 و19 عاما، يستخدمون الانترنت عن طريق جوالاتهم، وهؤلاء عرضة لمخاطر كثيرة، وقد قام المجلس منذ نوفمبر 2023، بالعمل على خطة خمسية، ضمن ما يعرف بالاطار الوطني لسلامة الاطفال على الانترنت، اشرك فيه خبراء من اليونسيف، ومن القطاع العام والخاص والخيري في الداخل، لابعادهم عن العنف أو الايذاء أو الاستغلال الجنسي الالكتروني، وتوفير بيئة انترنت آمنة لاستخداماتهم في 2028، واستند الاطار في ذلك الى المعايير العالمية، كإطار الاستجابة الوطنية للتحالف الوطني (وي بروتيكت)، وارشادات حماية الاطفال الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات، والتعليق العام رقم 25 الخاصة بالبيئة الرقمية في اتفاقية حقوق الطفل، ومعها مجموعة من ادوات الانترنت التي اصدرتها مؤسسة (رايتس)، والأمم المتحدة اختارت الرياض السعودية، لاستضافة منتدى حوكمة الإنترنت لعام 2024، وستتم فيه مناقشة المبادي الأساسية للسلامة والآمان في الانترنت، واتصور ان ما يخص حماية الاطفال سيدخل فيها.

المسألة اخطر من ذلك، فقد اشار المختصون الى ان 33% من محتوى الانترنت العالمي إباحي، مع احتمالية تعرض طفل من كل ثلاثة اطفال لهذا النوع من المحتوى، قبل وصوله لسن الخامسة، مع ما يصاحبه من انحرافات وسلوكيات غير سوية بدافع الفضول، ولا بد من ملاحظة ان 90% من ذات الطفل تتشكل في هذه الفترة، وفي دراسة قامت بها الجمعية الاميركية للاطفال، اتضح ان كل نصف ساعة يشاهدها الاطفال على شاشة الكمبيوتر، وهم تحت سن العامين، تزيد من معدلات تأخرهم في النطق بنسبة 50%، والناس قبل الانترنت والسوشال ميديا، كانوا يستطيعون التركيز على كلام الشخص بشكل كامل في اول 90 ثانية، وجاء الانترنت فتراجعت النسبة الى 45 ثانية، ومن ثم حضرت السوشال ميديا لتجعلها 12 ثانية.

استهلاك المراهقين للانترنت على اجهزتهم الخاصة، يزيد على ثماني ساعات في اليوم الواحد، وفق احصائية (كومن سينس) الاميركية، والبروفيسور الاميركي آندرسون إريكسون، كتب في مقالة نشرتها (بي بي سي)، أن متوسط عدد الساعات التي يحتاجها الشخص، حتى يصل لمستوى الاحتراف في ممارسة شيء معين، هو عشرة آلاف ساعة، واستخدام الاجهزة الالكترونية لثماني ساعات يومياً، يؤدي لفقدان أكثر من 37 الف ساعة في 13 عاماً، ما يعني اهدار فرصة اتقان ثلاثة اشياء على الأقل.

في اليابان، على سبيل المثال، لا توفر اجهزة لوحية او (آيباد) للاطفال، ولا يتركون على انفراد معها، قبل العاشرة من عمرهم، ويكون عرض محتوى الانترنت عليهم، من خلال شاشة كبيرة ومشتركة ولمدة محددة، وكشفت دراسة اميركية نشرت في مايو 2023، وشملت اربعين دولة، انه اذا اعطي الطفل جوالا او جهازا لوحيا في مرحلة مبكرة من عمره، زادت فرص معاناته من مشاكل تتعلق بالصحة العقلية في مرحلة الشباب، ابرزها، التفكير في انهاء الحياة، والعدوانية تجاه الآخرين، والانفصال عن الواقع، واشارت الى انهم بلا ذوات اجتماعية، والمعنى عدم قدرتهم على التركيز بشكل طبيعي، وصعوبة قيامهم بالانشطة الاجتماعية العادية.

الجمعية السعودية للاعلام والاتصال، قدمت دراسة بحثية مهمة حول الموضوع في 2021، وجدت فيها ان الاطفال السعوديين، في الوقت الحالي، يعيشون في بيئات اتصالية كاملة، تحكمها ثلاثة اطراف اساسية تتمثل في صناع المحتوى والمحتوى المقدم والاطفال كطرف ثالث، ولاحظت ان الاطفال عندما يتفاعلون مع هذه البيئات، فإنهم لا يفرقون بين الافتراضي والواقعي، ولا يختلف في هذا كونهم صناعا للمحتوى أو مشاهدين له، ما يجعل ثقافتهم باهتة وبلا ملامح، والمثال الاوضح على ما سبق تحديات تيك توك، بالاضافة لوصول الدراسة الى معرفة محتوى الانترنت الاكثر مشاهدة من قبلهم، فقد كان تركيزهم الاكبر على يوميات العوائل المحلية وانماط حياتهم، ما عزز لديهم افكارا معينة، كعدم الرضا عن مستواهم المعيشي، رغم ان ما يعرض عليهم ابعد ما يكون عن حقيقة هذه العوائل في معظمه.

الانسب في رأيي الشخصي، هو ان تستفيد المملكة من تجربة الصين، في مجال ضبط وتقنين استخدام الانترنت للاطفال، فقد اصدرت قانوناً في سبتمبر 2023، منعت بموجبه من هم دون 18 عاماً، من الانشغال بالالعاب الالكترونية على الجوالات لاكثر من ساعتين يومياً، زيادة على ساعة ثالثة للاستخدامات الاخرى، وبما يحول دون ادمانهم عليها، أو تأثيرها على تحصيلهم الدراسي، وفي الصين، الاطفال ما بين 8 و15 عاماً، لا يمكنهم استخدام الانترنت لاكثر من ساعة، في مقابل 40 دقيقة للاطفال دون الثامنة، والحكومة لم تتحفظ في قراراها او تلطفه، مع انه يضر بأرباح شركاتها لالعاب الانترنت، والتي تقدر بحوالي 40 مليار سنوياً، واعتقد ان الكونغرس الاميركي لديه مشروع قانون مشابه، طرح في فبراير 2022.

د. بدر بن سعود – صحيفة الرياض

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

جمال بلا هوية.. عندما تتحول الملامح إلى نسخ مكررة

في بداياتها، كانت عمليات التجميل وسيلة لإصلاح العيوب البسيطة وتحسين المظهر بشكل طبيعي، لكن في السنوات الأخيرة، تحولت إلى هوس جعل الكثيرين، رجالًا ونساءً، يلهثون وراء ملامح مثالية غير واقعية. لم يعد الأمر يقتصر على التعديلات الطفيفة التي تضيف لمسة جمال طبيعية، بل أصبح سباقًا محمومًا نحو الوجوه المنسوخة، حيث تتشابه الأنوف، الشفاه، والخدود، وكأن الجميع دخلوا في قالب واحد.
لم يعد مستغربًا أن تذهب إلى مطعم، أو مقهى، أو حتى مناسبة اجتماعية، فتجد أمامك مجموعة من الوجوه المتشابهة إلى حد يجعلك تتساءل: أين الهوية الجمالية الفردية؟ لماذا أصبح الجمال محصورًا في مقاييس محددة تصنعها العيادات؟ إن الجمال في جوهره كان دائمًا متنوعًا، ينبع من اختلاف الملامح والسمات الشخصية، لا من اتباع موضة عابرة تجعل الجميع أشبه بدمى بلاستيكية بلا روح ولا تعابير.
أحد أهم العوامل التي تجعل الجمال ملفتًا وجاذبًا هو العفوية والطبيعية. فالرجال، بشكل عام، يميلون إلى الجمال الحقيقي، بعيدًا عن التكلف والمبالغة. تعديلات بسيطة لتحسين عيب ما قد تكون مقبولة، لكن عندما يصبح الوجه بأكمله خاضعًا لتغييرات جذرية، تفقد الملامح طابعها الإنساني، وتتحول إلى صورة صناعية بلا هوية. قد تكون هذه العمليات مغرية للوهلة الأولى، لكنها تقتل التفرد، وتحول الوجوه إلى نماذج مكررة لا تحمل بصمة شخصية.
الأخطر من ذلك هو التأثير النفسي والاجتماعي لهذا الهوس، حيث أصبح الكثيرون يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم بسبب معايير الجمال غير الواقعية التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي والمشاهير. الفتيات الصغيرات ينظرن إلى هذه الصور المعدلة ويمتلئن بعدم الثقة في ملامحهن الطبيعية، معتقدات أن الجمال الحقيقي لا يتحقق إلا بالحقن والشد والتجميل المستمر.
في النهاية، الجمال لا يُقاس بحجم التعديلات التي تطرأ على الوجه، بل بالأصالة التي تعكس شخصية الإنسان وروحه. الجمال هو البساطة، وهو أن ترى في ملامح الشخص قصته وتعبيراته الحقيقية، لا أن تشاهد وجوهًا متكررة تفتقد إلى الحياة. إذا استمر هذا الهوس، فقد نصل إلى زمن تُفقد فيه الهوية الجمالية تمامًا، ويصبح الجمال الحقيقي عملة نادرة وسط موجة من الوجوه الجاهزة.

مقالات مشابهة

  • هذه هوية المستهدف في غارة الطيبة (فيديو)
  • العوجا..هوية بلدة الينابيع والأكثر تنوعا بيئيا في فلسطين
  • جمال بلا هوية.. عندما تتحول الملامح إلى نسخ مكررة
  • استشهاد الطفل عمر ربيع ببلدة ترمسعيا
  • شهداء وإصابات بينهم أطفال ونساء إثر قصف إسرائيلي لمنزل وسط دير البلح
  • إسرائيل تدك غزة.. وسكان حي الشجاعية يستغيثون إنقاذهم
  • انطلاق أولى فعاليات ملتقى الإسكندرية الدولي لسينما الأطفال
  • إطلاق شعار احتفالية جمعية الصحفيين البحرينية باليوبيل الفضي ومرور 25 عاماً على تأسيسها
  • لازاريني: استشهاد وإصابة 100 طفل يوميا بغزة أمر مروع
  • جريمة داخل السجن.. سجين ينهي حياة زوجته أثناء “خلوة خاصة”