حماد صبح: غفلة الإسرائيليين عن انتقام العرب والمسلمين منهم مستقبلاً
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
حماد صبح من الظواهر الكبيرة التي تستوجب الاهتمام غفلة الإسرائيليين غفلة مطلقة عن انتقام العرب ، خاصة الفلسطينيين ، منهم مستقبلا متى تمكنوا من رقبتهم ، وهو تمكن آتٍ لا محالة ، وفي الواقع المشهود الحالي ما يبشر باقترابه . اغتصبوا وطن الفلسطينيين ، وقتلوا منهم عشرات الآلاف في مجازر فردية وجماعية يبادرون هم أنفسهم بالاعتراف بها بين حين وآخر ، ومازالوا يوالون قتلهم وهدم بيوتهم والاستيلاء على القليل الذي بقي في أيديهم من أرضهم ، ويخططون لطردهم منه جماعيا .
وطلع علينا وزير المالية سموتريتش بثلاثية خيارات لهم : البقاء في وطنهم الذي يسميه إسرائيل أفرادا دون حقوق وطنية ، أو الخروج منه ، أو القتل إن رفضوا البقاء الفردي والخروج وقاوموا إسرائيل . ولن يقبل الفلسطينيون خياراته التي هي خيارات كيانه لهم ، فهو لا ينطق عن ذاته . ولدى الإسرائيليين إجماع على هذه الخيارات ، وهي جوهر كيانهم الاستيطاني وروحه ، وكل ما فعلوه وما زالوا يفعلونه بالفلسطينيين من منكرات وجنايات تعبير عن ذلك الإجماع . قانون القومية في 2018 الذي حصر حق تقرير المصير في فلسطين في اليهود جسد ذلك الإجماع ، وسموتريتش ينطلق في ثلاثيته منه . هم واضحون في عدائهم المصيري للشعب الفلسطيني ، ولا يكلفوننا عناء قراءات تفسيرية لهذا العداء . وعداؤهم يعم العرب والمسلمين ، ويوجهونه إلى كل جهة عربية أو مسلمة وفق مقتضيات الأحوال والأحداث . يتظاهرون بمسالمة جهة ، ويظهرون العداء لجهة أخرى . يسالمون الآن بعض الدول العربية والإسلامية ، ويعادون بعضا آخر منها . وفي الحالة الفلسطينية يعادون الشعب الفلسطيني كله ، ويسالمون السلطة الفلسطينية لحاجتهم الأمنية لها . ويراقبون الدول العربية والإسلامية التي يسالمونها مسالمة مؤقتة خوفا من نمو قوتها وتمردها على مسالمتهم . وعداؤهم الضمني لمصر ، وكدهم وجدهم لإضعافها مثل على ذلك ، وبين الفينة والفينة يظهرون حقيقة نيتهم نحوها . وقبل أيام تحدث الحاخام عيزرا ميلاميد عن أمله في بزوغ دولة اليهود من النيل إلى الفرات ، وهو وإن كان لا منصب رسميا له لا يختلف في قناعته عن سموتريتش ، وزاد عليه فتحدث عن كل العرب بصفتهم أعداء ، وحصر عددهم في 80 مليونا ، وواضح أنه يقصد بالعرب سكان شبه الجزيرة العربية فقط ، وعزا تأخر ظهور دولة اليهود بين النهرين إلى قلة عددهم حتى الآن في المنطقة ، وتنبأ متفائلا بأن بعض العرب سيحبون اليهود وينضمون إليهم . ويعادون إيران عداء لا لين فيه ، يقتلون علماءها ونبغاءها ، ويحرضون أميركا على حربها وفرض العقوبات عليها ، ويسعون إلى تحجيمها في المنطقة ، وتحويلها إلى دولة صغيرة عادية جاحدين منكرين فضلها قديما وحديثا عليهم . في كتابه ” الخالدون مائة ” يكتب مايكل هارت : ” لولا قورش لانقرض اليهود تماما في القرن الخامس قبل الميلادي ، والسبب في عدم انقراضهم أن قورش ملك فارس ” أعادهم إلى أرض فلسطين وأعطاهم حق الحياة والعبادة . ” بعد أن طردهم البابليون منها . مسيرة اليهود مع العرب والمسلمين مسيرة جحود للإحسان ، وعداء فجروه منذ أن خططوا للاستيطان في فلسطين . في كل أزمنة الحضارة الإسلامية كانوا آمنين في ربوعها ، يلون الوظائف مثلهم مثل المسلمين من كل الأجناس ، وحين علموا باقتراب فتح المسلمين لشبه الجزيرة الإيبيرية التي كان يعيش فيها بعضهم ؛ أرسلوا لهم مرحبين بهم أملا في تخليصهم من ظلم حاكمها لذريق الذي أنزله بهم بعد اغتصابه الحكم من غيطشة الذي كان يحسن إليهم ويعدل معهم . ولم يخيب المسلمون توقعاتهم ، فكانوا كلما أسسوا قصبة في مدينة ، قصر للحاكم ومسجد وثكنة للجند ، ضموا من أراد من يهودها إلى الجند . ولما تتابع تساقط الدويلات الإسلامية الطائفية في الأندلس ، وآخرها غرناطة ؛ التجأ اليهود مع المسلمين إلى الديار الإسلامية في بلاد المغرب والمشرق ، ومنها تركيا مقر الخلافة الإسلامية العثمانية . وزعم بعضهم أنهم مسلمون ، وتظاهر بعضهم بالإسلام ، وسموا الدونمة ، أي الذين بدلوا دينهم ، واستعانوا بزعمهم وتظاهرهم في تقويض الخلافة العثمانية دينا وسياسة ، ومهدوا الطريق مع القوميين الأتراك إلى انسلاخ تركيا بقيادة أتاتورك عن الإسلام واللغة العربية . وانحازوا كليا إلى الغرب الذي جُزِروا في كل بلدانه سوى هولندا في معاداة العرب والمسلمين ، وما زالوا في انحيازهم ، ولن يتركوه . والخطأ الأكبر الذي صنعه اليهود العرب أو السفارديم أنهم شاركوا اليهود الغربيين الأشكناز في هذا الانحياز غادرين بأهل الحضارة التي آوتهم واحتضنتهم وحمتهم دما وعقيدة ومالا قرونا متطاولة . وأظهر الاثنان ، السافارديم والأشكناز مستويات عليا فظيعة من الإجرام في جانب أولئك الأهل ، من عرب ومسلمين ، وكثيرا ما بز السفارديم الأشكناز في تلك المستويات . بن غفير سفاردي كردي ، وانظروا إلى ما يقذفه فمه من لهب وسموم على العرب والمسلمين . وميري ريجيف وزيرة النقل سفاردية مغربية ، وتتكثف في نفسها الحقارة واللوثة الأخلاقية ، فتهوي إلى حضيض نعت الأذان ب ” عواء محمد ” ، وتلقى حين تزور المغرب من المستوى الرسمي الحفاوة الكبيرة والإجلال الكريم . ويماديهم في عتوهم الأعمى الطائش وجحودهم المهول الفاحش لفضل العرب والمسلمين عليهم أن حكام أكثر الدول العربية والإسلامية أتباع أخناع للغرب الذي يحمي الإسرائيليين ، ويسكت كليا عن فظائعهم الهمجية في فلسطين، ويحث أولئك الحكام على تطبيع علاقاتهم معهم ، وبعض هذا التطبيع صار تحالفا يواجه العرب والمسلمين الذين يقاومون عدوانية الغرب وإسرائيل . وكل هذا حال عابر ، وحتما ستتحرك القوى العظمى التي تزخر بتياراتها روح العرب والمسلمين متآزرة مع قوى عالمية كبرى باتت قادرة وقريبة من تمزيق الهيمنة الغربية الاستعمارية العدوانية التي التحم بها الإسرائيليون والتحف بها كثير من الحكام العرب والمسلمين . وفي ما صنعته المقاومة العربية في فلسطين ولبنان وسائر محور المقاومة العربية والإسلامية من ردع وإذلال ويأس لإسرائيل بشريات كبيرة على اقتراب زمن الانتقام العربي الإسلامي من الإسرائيليين الذين غفلوا عنه في سكرة صعود قوتهم المسنودة من الغرب وخيانة بعض العرب والمسمين . كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
ملاحون عرب لم تسمعوا بهم
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مازلت ارى ان مقرراتنا المدرسية المخصصة لمادة التاريخ لم تكن موفقة في التعامل مع الملاحين العرب الذين كانوا روادا في الملاحة الساحلية والفلكية. ربما سمعتم بالربان شهاب الدين احمد بن ماجد، وسمعتم عن المهري وعن جاسم القطامي، لكنكم لم تسمعوا ولم تقرأوا عن الملاحين الذين انطلقوا من السواحل العمانية وتوجهوا نحو مرافئ الأندلس، ثم شقوا عباب بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) حتى وطأت أقدامهم أرض أمريكا قبل كولومبس بكثير. فإن كنتم لا تدرون يتعين عليكم ان تقرأوا كتاب: (العُمانيون اكتشفوا أمريكا قبل كريستوفر كولمبوس) للكاتب محمد الجويلي، وهو من إصدارات عام 2009. بإمكانكم الحصول عليه مجاناً بصيغة PDF. .
يعتقد الكثيرون اننا نمزح عندما نقول ان الملاحين العرب اكتشفوا امريكا قبل كولومبس، ولا يعلمون ان هذه الحقائق التاريخية اثيرت حولها التساؤلات داخل الولايات المتحدة نفسها، وذلك بمناسبة مرور خمسمائة سنة على مزاعم كولومبس، الذي لم يكن باستطاعته عبور المحيط الأطلسي لولا خرائط الملاحين العرب المكدسة في خزانة قرطبة، ثم عثر عليها الأسبان هناك بعد سقوط الأندلس سنة 1492. وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أنّ الملاحين العرب رسموا خرائط السواحل الأمريكية المطلة على المحيط الهادي قبل رحلة كولمبس بسنوات. .
تؤكد الدلائل التاريخية أنّ الخليج العربي هو الحاضنة الأولى لكل الفنون البحرية في العالم. حيث اقتحم السومريون البحر منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت لهم الريادة في ترويضه وتطويعه. وكان عرب الخليج يسكنون المنطقة التي أطلق عليها السومريون تسمية (مجان)، ولهم الدور الفاعل في دفع الملاحة البحرية وصولا إلى أرقى درجات تطورها، ويعود لهم الفضل أيضاً في إقامة علاقات منتظمة مع شعوب بعيدة لا يصلهم بها إلاّ البحر. .
يقول المسعودي في كتابه مروج الذهب: (إنّ رجلاً من أهل الأندلس يُقال له خشخاش، وكان من فتيان قرطبة، جمع جماعةً من شبابها، وركب بهم مراكب أبحرت بهم في المحيط الأطلنطي، فغاب فيه ثم انثنى بغنائم واسعة، وخبَرُه مشهور عند أهل الأندلس)، كانت رحلة خشخاش بن الأسود من ميناء (ولبة) الأندلسية سنة 889 تقريبا، وقد أكد هذا الأمر الدكتور يوسف مروة، وأضاف: ذكر المؤرخ أبو بكر بن عمر القوطية: (أنه في عهد الخليفة هشام الثاني في الأندلس قام ابن فروخ، وهو بحّار عربي آخر من غرناطة، بالإبحار من مدينة قادس الأندلسية عام 999 إلى المحيط الأطلسي، ونزل في جزيرة غاندو (وهي من جزر الكناري الكبرى اليوم)، زائرا الملك غواناريجا، ثم اتجه غرباً، حيث رأى جزيرتين الأولى كابراريا، والثانية بويتانان ثم رجع إلى الأندلس في مايو عام 999). .
وهناك كلامٌ كثير في هذا الموضوع المهم، ولكن يبقى السؤال: متى يعترف الغرب بأفضال العرب عليهم ؟ الجواب: عندما يقدّر العرب أفضالهم على العالم، ويعيدوا بقوّةٍ ما فقدوه بسبب خمولهم وبعدهم عن العلم والاكتشافات. .
من المؤكد ان معظم العرب لا يعلمون شيئا عن الغارة البحرية التي شنتها السفن الليبية عام 1803 ضد السفينة الحربية الأمريكية يو إس إس فيلادلفيا (USS Philadelphia)، حتى وقعت في قبضة الدولة الحاكمة في طرابلس، وكانت تلك الغارة واحدة من سلسلة عمليات تضمنت حصارا بحريا فرضه العرب على السفن الأمريكية. وكان حاكم طرابلس (يوسف القرمانلي) هو الذي يبسط نفوذه على مسطحات البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. .
فأرسل الأمريكيون سفينتهم الحربية (فيلادلفيا) بقيادة الأميرال وليام بينبردج William Bainbridge لدك حصون القلاع الليبية، لكنها وقعت في الأسر مع طاقمها الذين يزيد تعدادهم على 300، وشكلت الحادثة صدمة لدى الكونغرس، وحصل يوسف باشا على سفينة من الطراز الأول، وأسر عددا كبيرا بينهم قباطنة بارزون، وهو ما استدعى اعطاء الاوامر باسترجاعها أو على الأقل حرقها في أسوء الحالات، وهذا ما حدث بعد أسابيع اذ تمكنت فرقة امريكية من حرقها خفية واعتبر حرقها لدى الأمريكيين عملا بطوليا وألهم مخيلة الشعراء والرسامين. .
كتب الكابتن وليام بينبردج وهو في الأسر إلى وزير البحرية الأمريكية يقول:
(تقهرني الظروف وتجبرني على الكتابة إليكم عن أسوأ خبر رأيته في حياتي وأنه لمن المؤلم أن أقول أن هذا الخبر هو فقدان البارجة فيلادلفيا التي كانت تحت قيادتي، وكم أتمنى أن يغفر لنا الجميع هذه الكارثة التي لا يمكن وصفها). .
هذا غيض من فيض، وبالتالي يتعين على الأكاديميات العربية تخصيص مقررات دراسية تسلط الأضواء على النشاطات الملاحية الرائدة. .