في تطور لافت بمسار الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل الماضي، دخل الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية الذي أقاله قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قبل أسابيع من مجلس السيادة، مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، الأربعاء، مصحوبا بمجموعة من قواته.

وفي حين تخضع نحو 90 بالمئة من مناطق إقليم دارفور لسيطرة قوات الدعم السريع، ظل الجيش يحتفظ بوجود نسبي في الفاشر.

لكن وصول إدريس إلى المدينة اعتبر في نظر مراقبين بمثابة إعلان لنهاية لسلطة الجيش هناك، حيث رفضت الجبهة الثورية التي يرأسها قرار أصدره البرهان الأسبوع الماضي بإقالة والي شمال دارفور نمر عبد الرحمن، الذي كان في استقبال إدريس عند مدخل المدينة.

وتعتبر الفاشر واحدة من أهم المدن الاستراتيجية في الإقليم الذي تبلغ مساحته 493 ألف كيلومتر مربع ويقطنه نحو 6 ملايين نسمة، ويربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى.

واتخذ إدريس موقفا محايدا من الحرب الحالية، ورفض الاعتراف بقرار إقالته من مجلس السيادة.

ورفض إدريس، وعضو مجلس السيادة الآخر المُقال الطاهر حجر، ووزير الثروة الحيوانية المُقال أيضا حافظ إبراهيم عبد النبي، ما أعلنته حركتا وزير المالية جبريل إبراهيم وحاكم إقليم دارفور مني أركي مناوي، بالاصطفاف إلى جانب الجيش في الحرب.

وقال الثلاثة إن قرار إبراهيم ومناوي "لا يمثل موقف الحركات الدارفورية الموقعة على اتفاق السلام"، وأوضحوا أن "الانحياز لأحد طرفي الصراع يخالف الموقف المتفق علية منذ بدء الحرب المتمثل في الحياد، الداعي لوقف الحرب بالطرق السلمية التفاوضية واستعادة التحول المدني".

واتهم القادة الثلاث تنظيم الإخوان الذي أطيح في أبريل 2019، بـ"العمل على جر إقليم دارفور لحرب أهلية جديدة"، ودعوا طرفي القتال، الجيش والدعم السريع، للانخراط في المفاوضات، كما طالبوا قيادات الإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية بالعمل على "درء الفتنة القبلية وفضح أطرافها".

وقال إدريس لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "تخلي بعض الحركات عن الحياد عقّد أزمة دارفور"، مشيرا إلى أن الإقليم "يعيش أوضاعا إنسانية خطيرة".

وتابع: "نسعى لفتح المسارات الإنسانية وخفض حدة التوتر في دارفور".

وأكد رئيس الجبهة الثورية: "انخرطنا في اجتماعات مكثفة مع القوى المشتركة وشرائح المجتمع، لبلورة رؤية شاملة لحل الأزمة الحالية التي تمر بها دارفور وبقية أنحاء السودان".

مأساة دارفور

شهد إقليم دارفور حربا هي الأطول في إفريقيا، بدأت عام 2003 وأدت إلى مقتل 300 ألف شخص وتشريد الملايين. تتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية حاليا بشكل خطير في معظم مناطق الإقليم. تشير تقارير إلى ارتفاع عدد القتلى في دارفور خلال الأشهر الـ10 الماضية إلى أكثر من 6 آلاف، من بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. نزح من الإقليم أكثر من مليون شخص، إلى تشاد المجاورة وعدد من المناطق الداخلية في الإقليم.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات قوات الدعم السريع الفاشر دارفور السودان تشاد السودان الفاشر إقليم دارفور قوات الدعم السريع الجيش السوداني الهادي إدريس قوات الدعم السريع الفاشر دارفور السودان تشاد أخبار السودان إقلیم دارفور

إقرأ أيضاً:

سحق المليشيا أمر لا نقاش حوله وهو في طريقه إلى التحقق في دارفور وفي كل السودان

القوات المشتركة .. أخلاق الثوار
ظهر فيديو لأسرى المليشيا في يد القوات المشتركة يخاطبهم فيه أحد القادة بأنهم لن يهينوا الأسرى وأنهم في النهاية سودانيون ولن يتعاملون معهم بعنصرية وأنهم سيعالجون الجرحى منهم وسيتعاملون معهم بشكل طيب.

هذه هي أخلاق الأقوياء، أخلاق المنتصر الواثق من الإنتصار. وهي الأخلاق التي تؤهل صاحبها لأن يحكم وأن يسود. هذا هو التفوق بالقيم والأخلاق والهزيمة الحقيقية للمليشيا بكل ما تمثله من إجرام وهجمية ولا-إنسانية.

نتمنى أن تستمر المشتركة بهذه الطريقة، وأن يعم هذا السلوك كل ساحات القتال.
فبعد الإنتصار وكسر شوكة المليشيا أمامنا معركة البناء، بناء المجتمع والدولة. وأهم عناصر البناء هو الرؤية وأعلى مكونات الرؤية هي القيم.

كذلك لقد أظهر القائد مني أركو مناوي بوضوح هذا التوجه وهو يرى النصر على المليشيا يلوح في الأفق، دعا إلى العفو والمصالحة.

إن سحق المليشيا وتدميرها هو أمر لا نقاش حوله وهو في طريقه إلى التحقق في دارفور وفي كل السودان. والإنتصار على المليشيا يعني إنتصار الدولة وانتصار الشعب السوداني بكل ما تمثله الدولة من هيبة وقوة وبطش ولكن بالقانون وبضوابط وبحكمة أيضا وبكل ما يمثله الشعب من أخلاق وقيم. هكذا هو الإنتصار على الجنجويد وعلى أخلاق الجنجويد.

وفي الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها القوات المشتركة هذا الوعي المتقدم. ففي قمة الهجوم على الفاشر وقصف المدنيين أعلن قادة القوات المشتركة بأنهم لن يتعاملوا بالمثل ولن يقصفوا حواضن المليشيا رغم قدرتهم على ذلك.

نحن هنا لا ندعو للصفح عن المجرمين، فكل من أجرم يجب أن ينال عقابه بصرامة ولكن أيضا بعدل وبحكمة.

والإنتصار الحقيقي للجيش وللمشتركة في دارفور هو أن يخضع الجنجويد للدولة عن قناعة ورضا، مثلما رأينا الأسرى وهم خاضعون للقوات المشتركة مع الإمتنان، لأنهم اكتشفوا للتو الفرق الهائل بينهم وبين هذه القوات؛ أي الفرق بين المليشيا والدولة.

التعامل المسئول مع الأسرى يجرد المليشيا من خطاب التعبئة والحشد القائم على إثارة مخاوف عرب دارفور من الانتقام ويحقق بالتالي مكاسب سياسية وحتى عسكرية أكبر بكثير من التنكيل بهم. لأنه ببساطة يزيل هذه المخاوف ويلغيها لدى هذه المجتمعات. أي مبتدئ في السياسة يستطيع رؤية هذه الفكرة. ولكن المهم هو الالتزام بها.

المليشيا خسرت الحرب في اللحظة التي استعدت فيها الشعب السوداني واستهدفته وبرهنت عمليا بأن هذه الحرب هي ضد المواطن حتى لو لم يكن ذلك هو هدف قادة المليشيا. هنا انهزمت المليشيا أخلاقيا وسياسيا ثم لاحقا عسكريا لأن الشعب الذي كان محايدا لا يبالي بالحرب “وطرفيها” قد أدرك خطر المليشيا وأن الجيش هو من يحميه. هكذا اندفع الآلاف للقتال مع الجيش ودعمت جموع الشعب الجيش بشتى الأشكال.
والدولة بطبيعة الحال لا تكرر خطأ المليشيا. لأنها دولة وليست مليشيا.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رموز سيادة مختلفون
  • السودان .. تصاعد الحرب وتفاقم الأزمات الأنسانية مع اقتراب موسم الأمطار من نهايته
  • الحركة الاسلامية السودانية وتفكيك الجيش القومي السابق والمؤسسة العسكرية السودانية
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • تحركات لاحتواء الحرب فى السودان.. وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقى يزور بورتسودان
  • نائب رئيس مجلس النواب يتّهم الوكالة الوطنية لتنمية الواحات بتجاهل إقليم كلميم
  • إنهيار مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ودارفور
  • مرحبا باليسار علي لسان الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • سحق المليشيا أمر لا نقاش حوله وهو في طريقه إلى التحقق في دارفور وفي كل السودان
  • بيان مهم من الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم