كيف أضرّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بالاقتصاد الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
نشر موقع "ميبا نيوز" التركي تقريرًا سلط فيه الضوء على هجمات الحوثيين على السفن العابرة من البحر الأحمر وأثرها على الاقتصاد الاسرائيلي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أعقاب الهجمات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على العديد من النقاط التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن خلال الأسبوع الماضي، انتقل التوتر في البحر الأحمر إلى الأراضي اليمنية.
يحاول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ردع الحوثيين من خلال نشر مدمّرات وسفن عسكرية أخرى في البحر الأحمر، وإسقاط صواريخ وطائرات بدون طيار أطلقتها الجماعة اليمنية. لكن الحوثيين أعربوا صراحة عن عدم نيتهم التوقف حتى يتم إنهاء الحرب التي تسببت فيها إسرائيل بمقتل حوالي 24 ألف فلسطيني.
وأورد الموقع أن حركة المرور في البحر الأحمر تقلصت بنسبة تزيد عن 40 بالمئة، وتعطلت سلاسل التوريد العالمية. في المقابل، قامت بعض أكبر شركات الشحن في العالم بتحويل سفنها حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما أدى إلى تأخير مواعيد التسليم وإضافة حوالي 6000 كيلومتر إلى مساراتها. لكن هل أثرت هجمات الحوثيين على الاقتصاد الإسرائيلي أو التجارة العالمية؟
ما الذي يحدث في أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم؟
منذ استيلاء الحوثيين على سفينة "غالاكسي ليدر" التابعة لإسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر، تعرضت ما لا يقل عن 26 سفينة لهجوم. وقد أحبطت سفن الحرب الأمريكية في المنطقة هجمات أخرى شنها الحوثيون - آخرها الأسبوع الماضي عندما أسقطت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة صواريخ وطائرات بدون طيار- وأدان مجلس الأمن الدولي، بعدها، هجمات الحوثيين.
وأوضح الموقع أن البحر الأحمر يربط آسيا بأوروبا والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس. ويمر حوالي 12 بالمئة من الشحن البحري العالمي عبر البحر الأحمر، حيث تنقل حوالي 50 سفينة في اليوم بضائعًا بقيمة 3 إلى 9 مليارات دولار. وفي المجموع، يقدر أن قيمة البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر تزيد عن تريليون دولار سنويًا.
هل تأثرت جميع سفن الشحن؟
أشار الموقع إلى أن نقل الحاويات قد تلقى الضربة الأكبر. ومع ذلك، أظهرت بيانات نشرتها وكالة رويترز هذا الأسبوع أن حركة مرور ناقلات النفط لم تتأثر عمليًا. وأظهرت البيانات التي نقلتها ماري تراك، التي تنشر بيانات تجارة الشحن العالمية، أن متوسط عدد ناقلات النفط في البحر الأحمر بلغ 76 في كانون الأول/ ديسمبر، وهو رقم يقل فقط عن اثنين عن متوسط الشهر السابق. وفي أوائل كانون الثاني/ يناير، أعلن الحوثيون أنهم لن يطلقوا النار على السفن التي ترغب في المرور عبر المنطقة إذا أعلنت السفينة مالكها ووِجهتها قبل دخول المنطقة.
هل أضرت الهجمات بسمعة إسرائيل كشريك تجاري آمن؟
ذكرت تقارير أن نشاط ميناء إيلات، ميناء إسرائيل الوحيد في البحر الأحمر، انخفض بنسبة 85 بالمئة منذ بدء الهجمات. ومع أن معظم حركة الشحن الإسرائيلية تمر عبر موانئ حيفا وأسدود الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن ميناء إيلات لا يزال مهمًا لتصدير ملح البحر الميت واستيراد السيارات الصينية التي تشكل 70 بالمئة من مبيعات السيارات الكهربائية في إسرائيل.
بالنسبة للعديد من شركات الشحن، فإن المخاطر كبيرة، سواء بالنسبة للسفن أو للطاقم. وقد أعلنت شركة كوسكو، المملوكة للدولة الصينية، وشركة أوكل التابعة لها، عن تعليق الشحنات إلى إسرائيل هذا الأسبوع.
حذّر براد مارتن، وهو ضابط سابق في البحرية الأمريكية ومدير معهد أمن سلاسل التوريد في مؤسسة راند، من المبالغة في تقييم صعوبة الوضع الذي تواجهه إسرائيل. وكتب مارتن في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لن يؤدي تعطل الشحن في البحر الأحمر، وحتى انسحاب بعض شركات الشحن من الشحنات الموجهة إلى إسرائيل، إلى انهيار إسرائيل اقتصاديًا".
وأضاف: "من المرجح أن يستمر التدفق عبر البحر الأبيض المتوسط دون عوائق. وربما تكون إسرائيل في وضع أفضل من معظم جيرانها. ومع ذلك، قد تكون الملاحة والتجارة موضوعًا للإجراءات الدبلوماسية والسياسية، وبالتالي يمكن أن يحدث عزل اقتصادي ضار بالتأكيد على هذا الصعيد".
ماذا يمكن أن يكون التأثير على المدى الطويل؟
رغم اتفاق المحللين على أن تأثير هجمات الحوثيين على الاقتصاد الإسرائيلي المباشر محدود، إلا أن الانقطاعات كلما طالت مدتها زادت تداعياتها.
وأورد الموقع أنه قد تكون الرغبة في ترسيخ مكانة إسرائيل كدولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في السوق الدولية الحيوية، والتي تمتلك فيها إسرائيل حصة صغيرة ولكنها متنامية، إحدى نقاط الضعف الأكثر خطورة.
وقالت غابرييل ريد، نائب مدير شركة استشارات المخاطر إس-آر إم: "قبل الهجوم (في 7 تشرين الأول/ أكتوبر)، كانت إسرائيل على طريقها لتصبح مصدرًا موثوقًا للغاز". وأضافت: "لكن الصراع زاد من مخاطر القيام بأعمال تجارية في إسرائيل من الناحية السياسية وجعل منظور منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، التي قد تكون لاعبًا مهمًا في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، أكثر خطورة".
ما هو التأثير على المناطق الأخرى؟
وفقا لشركة كلاركسون لخدمات الأبحاث المحدودة، فإن حركة المرور على البحر الأحمر انخفضت حاليا بنسبة 44 في المائة مقارنة بتلك المسجلة في النصف الأول من كانون الأول/ ديسمبر، بسبب زيادة عدد السفن التي تستخدم الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الميناء. وبالإضافة إلى زيادة تكاليف الوقود والقوى العاملة، فإن هذا يزيد أيضا من تكاليف التأمين ويمكن أن يؤدي إلى تأخير بسبب الازدحام في الموانئ.
وحسب مؤشر دروري العالمي للحاويات، الذي يتتبع النقل على ثمانية مسارات رئيسية بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، من المتوقع أن ترتفع تكلفة نقل حاوية قياس 12 مترًا من الصين إلى أوروبا بنسبة 248 بالمئة من مستوى 1148 دولارًا في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما بدأت الهجمات. وقال سيمون هيني، كبير مديري أبحاث الحاويات في دروري، إنه اعتمادا على رد فعل شركات الشحن، يمكن أن تزيد التكاليف الإجمالية من 3 إلى 21 في المئة.
كيف يمكن أن يؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي؟
على الرغم من أن الطلب الحالي على السلع المصنعة القادمة من دول مثل الصين والهند أقل مما كان عليه خلال ذروة الجائحة، فمن المرجح أن تكون هناك عواقب لأي تغيير في التكاليف أو أي اضطراب في جداول الشحن. ويمكن أن تؤدي الزيادات في تكاليف الشحن إلى ارتفاع معدلات التضخم، (قدر صندوق النقد الدولي أن الفوضى في خطوط الشحن خلال الوباء أدت إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي بنسبة 1 بالمئة) لكن الاقتصاديين يقولون إن هذا لم يحدث حتى الآن.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين اليمن فلسطيني فلسطين غزة اليمن الاحتلال الحوثي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحر الأبیض المتوسط الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین على الاقتصاد الحوثیین على شرکات الشحن بالمئة من یمکن أن
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: كيف تحول الحوثيين من ظاهرة محلية إلى مشكلة عالمية؟ (ترجمة خاصة)
سلط معهد أمريكي الضوء على المخاطر المترتبة على إهمال منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي غير المستقرة في ظل الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي على سفن الشحن الدولية على مدى أكثر من عام.
وقال معهد الشرق الأوسط الأمريكي (MEI) في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن أزمة وجود الحوثيين في اليمن الذي أحدث حالة من عدم الاستقرار بمنطقة البحر الأحمر والقرن الافريقي خلال أكثر من عام، تتطلب نهجاً استشرافياً لحل مشكلة اليمن من قبل المجتمع الدولي.
ونقل المعهد عن الباحثة ميريت ف. مبروك قولها إن هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، والتي شلت أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، هي مثال واضح على كيف يمكن لقضية محلية ظاهريًا أن تتحول بسرعة إلى مشكلة عالمية.
وأضافت أن إلقاء نظرة سريعة على الاضطرابات الحالية في البحر الأحمر والقرن الأفريقي قد يدفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن المنطقة تغرق فجأة في حالة من الاضطراب.
وأضافت أن الحوثيين في اليمن هم في مركز هذا عدم الاستقرار، حيث كانت الميليشيا المدعومة من إيران تهاجم الشحن على طول أحد أكثر الطرق البحرية أهمية في العالم، احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وترى أن الصراعات في السودان والصومال وإثيوبيا ــ التي تمر جميعها بمراحل انتقالية هشة من مختلف الأنواع ــ تنتشر إلى ما هو أبعد من حدودها، مما يخلق مجموعة جريئة من الجهات الفاعلة القادرة على تحدي المصالح الغربية وتشكيل تهديد مباشر لها. وتتلقى هذه الجهات الفاعلة الدعم من جهات خارجية. ولكن هذه التطورات لم تحدث فجأة.
وذكرت أنه خلال فترة ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترامب السابقة، أصبحت دول الشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا، متورطة بشكل متزايد في منطقة القرن الأفريقي. مع أراضيها الصالحة للزراعة وموانئها بالإضافة إلى موقعها الحاسم كحلقة وصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط، كانت المنطقة دائمًا مهمة للغاية بالنسبة لدول الخليج".
غياب الدور الأمريكي
وقالت "بعد عدة سنوات، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا. فقد تفككت عملية الانتقال في السودان إلى حرب أهلية مدمرة أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف شخص وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم".
وأثار الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال لاستئجار ميناء مقابل اعتراف إثيوبيا بالجمهورية الانفصالية غضب الصومال، التي اقتربت من مصر وإريتريا، مما زاد من إثارة القدر الذي كان يهدد بالفعل بالغليان، حسب الباحثة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة ظلت ثابتة في غيابها. لم تعط إدارة بايدن الأولوية للأزمات في منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص بأي طريقة ذات مغزى؛ وفي حين أنه من السابق لأوانه استخلاص أي رؤى واقعية حول كيفية تعامل إدارة ترامب مع الأمر، فمن غير المرجح أن تكون أكثر انخراطًا. سيكون هذا خطأ.
وأفادت الباحثة ميريت ف. مبروك إننا بحاجة إلى استراتيجية دبلوماسية تضمن عدم تحول بلدان المنطقة إلى مجرد كرات قدم سياسية للقوى الخارجية المتنافسة.
وقالت "لابد أن تركز المساعدات الأميركية على النمو الشامل والحكم الشرعي لدعم نقاط الضعف المتمثلة في الفقر والصراع؛ ولابد من التأكيد على الصلة المباشرة بين المنطقة والتجارة والأمن العالميين. ولا شك أن الاهتمام الدولي بالبحر الأحمر والقرن الأفريقي ليس بالقليل، وإذا لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات لضمان مصالحها الأساسية هناك، فإنها تخاطر بالتشرد".
طموح حوثي لتأكيد نفسه كقوة إقليمية
بدروها الباحثة اليمنية غير المقيمة ندوى الدوسري، قالت إن الحوثيين أظهروا باستمرار قدرتهم على استخدام المفاوضات كآلية للمماطلة والعنف كوسيلة لانتزاع التنازلات من الحكومة اليمنية والسعوديين والمجتمع الدولي. وقد سمح هذا النمط، الذي كان واضحا منذ بداية الحرب، للمجموعة بتأمين مزايا تكتيكية.
ونقل المعهد عن الدوسري قولها "كما تم تقويض خريطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 من خلال تصرفات الحوثيين، بما في ذلك الهجمات غير المسبوقة على الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل. وقد أدت هذه الأفعال إلى ضربات انتقامية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، مما زاد من تعقيد الصراع".
وترى أن هجمات الحوثيين، التي وصفت بأنها جزء من "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، تهدف ظاهريا إلى الضغط على إسرائيل بشأن حرب غزة. في الواقع، إنها تعكس طموحات الحوثيين لتأكيد أنفسهم كقوة إقليمية".
وأضافت "داخليا، أسسوا نظاما استبداديا ثيوقراطيا يتميز بالقمع والتلقين المنهجي. وفي إطار تكثيف عمليات التجنيد، أعلن الحوثيون أنهم جندوا 370 ألف مقاتل جديد، وفي صيف عام 2024 وحده، تخرج 1.1 مليون طفل من معسكرات التدريب الإيديولوجية الخاصة بهم. وهذا يؤكد التزامهم بعسكرة المجتمع.
وتابعت الدوسري "خارجيًا، يبرز الحوثيون باعتبارهم الوكيل الإقليمي الأكثر قدرة لإيران، وخاصة في ضوء انهيار نظام الأسد في سوريا والضعف الشديد لحزب الله في لبنان. وتمكنهم قدراتهم العسكرية المتنامية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة التي تزودهم بها إيران، من تهديد الشحن الدولي. كما أنهم يعملون على إنشاء "محور التعطيل" الخاص بهم، وتشكيل تحالفات مع جماعات إرهابية مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والشباب في الصومال، وتنظيم الدولة الإسلامية".
وأشارت إلى أن التعاون الناشئ مع روسيا، بما في ذلك تجنيد المقاتلين لأوكرانيا ودعم الهجمات في البحر الأحمر، يسلط الضوء بشكل أكبر على اتصالاتهم العالمية المتوسعة. وهذا لا يضع الحوثيين في موقف التهديد المحلي فحسب، بل وأيضًا كقوة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة الأوسع، مما يقوض المصالح الغربية ويصدر نموذجهم الثوري.
تضيف الدوسري بالقول "لقد شجع عمى المجتمع الدولي عن هذه الحقائق الحوثيين منذ عام 2014 ويستمر في ذلك اليوم، مما يسمح لهم بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بما يتماشى مع طموحاتهم الإيديولوجية".
وللتعامل مع تعقيدات الصراع في اليمن، قالت الدوسري "يتعين على المجتمع الدولي، والآن إدارة ترامب القادمة، أن يتعلموا من أخطاء الماضي. لقد كان صعود الحوثيين إلى السلطة مدفوعًا باستراتيجيات قصيرة الأجل وتفاعلية فشلت في معالجة طموحات الجماعة الأوسع. تقدم هذه اللحظة فرصة للولايات المتحدة لتبني نهج استراتيجي تقدمي يعطي الأولوية للحلول طويلة الأجل على إدارة الأزمات".