ماهر أسعد بكر: أزمة المياه العالمية الوشيكة.. قنبلةٌ موقوتة على وشك الانفجار
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
ماهر أسعد بكر لا يمكن في عجالة توصيف القيمة الهائلة للمياه في حياة الإنسان و الحضارة، و على الرغم من أنها تشكل الجزء الحيوي الأكبر في سبب وجود البشرية، إلا أن جزءً كبير من البشرية نفسه متورطً في أزمة مياهٍ معقدةٍ و متوسعة، تهدد وجودها بالكامل، و تتفاقم هذه الأزمة يومياً و تتسع، بسبب عوامل باتت خارجةً عن السيطرة، من تزايد أعداد البشرية، و تركيز السكان في المراكز الحضرية، و تكثيف الزراعة و الصناعة بشكلٍ لا يراعي الموارد المحدودة للمياه العذبة، و بالتالي فإنها أزمةٌ ناجمةٌ عن التقدم الحضاري و ما جلبه من فوضى في مقدرات كوكبنا.
كل ذلك أتى مترافقاً بالتصرفات اللاعقلانية التي تقوم بها الدول التي تمر بها أنهرٌ مشتركة، كدول حوض النيل و أراضي دجلة و الفرات، و غيرها, فالبناء الغير مدروسٍ للسدود، و التوزيع الغير عادلٍ لحصص المياه، قد أثر بشكلٍ كبيرٍ، ليس فقط على تلبية الحاجات الأساسية لمياه الشرب و الري، و إنما على النظام البيئي لبعض الدول، بدون التطرق لما يخلفه ذلك من تأثيراتٍ سلبيةٍ على طبقات القشرة الأرضية، و ذلك بحثٌ آخر. و تبعاً لهذه الأزمة المتفاقمة، تزداد الحاجة اليوم إلى تحقيق التوازن بين النظام و الفوضى في مسألة تأمين، و المحافظة على موارد المياه العذبة، فمع تزايد أعداد السكان، و تركزهم في المدن الكبرى، يتصاعد الطلب على المياه إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، و بالتالي ضخ كمياتٍ أكبر من المياه الجوفية التي باتت تشكل المصدر الأكبر للمياه العذبة، لسد الحاجة، هذا الأمر بدوره بات يشكل ضغطاً على مخزون المياه المتاح للبشرية و يشكل تهديداً في حال نضوبه، وفي الوقت نفسه، تتفاقم أزمة تلويث مصادر المياه في التزايد، حيث تواصل الصناعات تصريف النفايات السائلة السامة في المجاري المائية، مما يقوض استخدامها لأي غرض، و مع تغير المناخ و مشاكل الاحتباس الحراري، أصبحت أنماط هطول الأمطار حول العالم في حالةٍ من الفوضى. قد تبدو أزمة المياه للبعض أزمةً في مسارٍ واحد، إلا أن حقيقة الأمر أكبر من مجرد شربٍ و ري، حيث أن نتائج الخلل المتزايد في التوازن قد تكون ذات آثارٍ مستدامة، فاليوم أكثر من ملياري شخص يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة في منازلهم، و يفتقر ضعف هذا العدد إلى الصرف الصحي المدار بأمان، مما يؤدي إلى تفشي المرض كالإسهال و الكوليرا و التيفوئيد و الأمراض الأخرى التي تنقلها المياه، و يتحمل الأطفال بشكلٍ خاصٍ العبء الأكبر من هذه المشاكل الصحية، و يصبحون غير قادرين على متابعة التعليم و التمتع بحياةٍ أفضلٍ بسبب العبء اليومي المتمثل في جلب المياه و مكافحة المرض من شرب المياه الملوثة. و تعتبر المجتمعات الزراعية الخاسر الأكبر، فهي تعاني من تناقص المحاصيل و بالتالي تناقص الدخل بسبب أزمة المياه و آثار الجفاف، هذا الأمر بحد ذاته أجج النزاعات بين البلدان حول أحواض الأنهار المشتركة مثل نهر النيل، و بين مجتمعات الرعاة و المجتمعات الزراعية في أماكن مثل نيجيريا. في نهاية المطاف، لن يكون هناك حلٌ واحدٌ كافٍ يمكن للبشرية من استعادة التوازن و الوصول المشترك لموارد المياه بسبب تعقيد العوامل المؤثرة و المسببة لأزمة المياه، و بالتالي تحتاج البشرية لنهجٍ متعدد الجوانب يرتكز على المسؤولية الفردية و التعاون المجتمعي و الدولي، يجب أن تتطور العقليات و السلوكيات حول استخدام و استجرار و توزيع المياه، على البشرية أن تدرك أن الاستهلاك المفرط للمياه أمرٌ غير مقبولٍ أخلاقياً و لا يصب في مصلحة استمرارية وجودها، كل شخصٍ منا لديه دور يلعبه في التغلب على هذه الأزمة المعقدة، من خلال تحمل المسؤولية الفردية في كيفية استخدامنا للمياه، و التعاون بين الشركاء في الموارد المائية، ربما يمكّننا ذلك من إعادة التوازن إلى نظام المياه العالمي و تجنب كارثةٍ أعمق تهدد جوهر الحياة نفسها.
كاتب و مؤلف سوري
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
خبير: 20 انعكاساً سلبياً لنظام الموارد البشرية على الموظف والمجتمع والضمان
الصبيحي: النظام سيؤثر على المجتمع واستقراره
قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي إن نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام رقم (33) لسنة 2024 الذي أصبح نافذاً من 1 - 7 - 2024، سوف ينعكس سلباً على الموظف العام وأسرته وعلى القطاع العام ودوره وعلى الضمان وديمومته وعلى المجتمع واستقراره وعلى الاقتصاد ونمائه.
اقرأ أيضاً : بالفيديو.. الناصر يوضح حول التغييرات الجديدة على نظام الخدمة العامة
وفيما يلي أبرز هذه الانعكاسات وفق الصبيحي:
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر). إطلاق الاستراتيجية
وأطلقت هيئة الخدمة والإدارة العامة، أمس الاثنين، استراتيجيتها للأعوام (2024-2027)، التي تهدف إلى ترسيخ دور الهيئة التنظيمي والتطويري في مجالات الموارد البشرية، والخدمات، والهياكل التنظيمية، والحوكمة، وإدارة الأداء المؤسسي، والقيادات الحكومية، والثقافة المؤسسية.
وقال نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير دولة لتحديث القطاع العام ناصر الشريدة، "إننا نشهد بداية عمل جديدة، وإن التحديث الإداري الذي أراده جلالة الملك عبدالله الثاني أولويته خدمة الوطن والمواطن، وتحقيقه يكون من خلال تحديث الإدارة العامّة، وتطوير الأداء المؤسسي والفردي، والحوكمة، وتطوير أدواتها المختلفة من خلال إعادة هندسة إجراءاتها وإزالة المعيقات حولها ورقمنتها وأتمتتها، ليستطيع المواطن الحصول عليها بسهولة وفاعلية، إضافة إلى تطوير الهياكل التنظيمية وتطوير الثقافة المؤسسية والاهتمام بتحسين بيئة العمل".
اقرأ أيضاً : بالفيديو.. معلمو رياضيات يوضحون سبب الجدل في اختبارات "التوجيهي"
أدوار جديدةوأكد أن استراتيجية الهيئة التي أطلقت تلبي الطموح، وتعكس فهما واضحا للأدوار الجديدة المناطة بها، لتقوم بها على أكمل وجه بالتعاون مع المؤسسات والوزارات كافة.
وأعلن الشريدة عن بدء نفاذ نظامي الموارد البشرية الجديد في القطاع العام، والخدمة المدنية المعدل، الذي ينطبق على الموظفين المعينين وفقه، ويضمن حقوقهم ومزاياهم المالية.
وبين أن نظام إدارة الموارد البشرية جاء لتطوير أداء الكوادر البشرية التي تعد أساس تحديث القطاع العام، مشيرا إلى أن هيئة الخدمة والإدارة العامة ستعمل على ضمان امتثال الوزارات والمؤسسات بهذه الأنظمة الجديدة، وتعاونها مع مختلف المؤسسات لبناء قدراتها الفنية والإدارية.