واصلت البنوك المصرية فرض قيود مشددة على السحب النقدي والإنفاق في الخارج وفرضت بعض البنوك قيودا جديدة للمرة الأولى وصلت إلى حظر السحب تماما، في أحدث علامة على تصاعد أزمة النقد الأجنبي في مصر وارتفاع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي 100%.

وألغت خمس مصارف مصرية خليجية عمليات السحب النقدي الدولي بشكل كامل، فيما خفضت بنوك أخرى من بينها البنك التجاري الدولي، أكبر بنك مدرج بالبورصة المصرية، وأبو ظبي الإسلامي وبنك أبو ظبي الأول مصر، بتخفيض الحدود إلى ما لا يقل عن 50 دولارا شهريا فقط.



ويبرر البنك المركزي المصري، الذي بدأ فرض سياسات متشددة إزاء عمليات السحب النقدي والشراء من الخارج قبل نحو سنتين، مثل هذه الإجراءات بأنها جاءت لمنع استغلال فرق السعر بين السوق الرسمي والموازي، والحفاظ على العملة الأجنبية.





ولكن مثل تلك الإجرءات، بحسب خبراء ومواطنين تحدثوا لـ"عربي21" أضرت بقطاع عريض من المصريين المسافرين إلى الخارج لأغراض علاجية أو دراسية أو تجارية أوسياحية أو دينية بشكل كبير بسبب قيود السحب الجديدة والمتجددة، وأثرت على صورة الاقتصاد المصري.

دفعت أزمة الدولار التي هزت ثقة المستثمرين الأجانب في إنهاء أنشطتها في مصر وخارجها كان آخرها قرار مجموعة "الشايع" الكويتية، إحدى أكبر مشغلي العلامات التجارية للبيع بالتجزئة في الشرق الأوسط، لإغلاق بعض علاماتها التجارية في مصر بسبب أزمة العملة الأجنبية.




ومطلع العام الجاري قررت شركة "تبريد" الإماراتية إنهاء تعاقدها مع مشروع "المدينة الطبية الجديدة" (كابيتال ميد)، التابع لشركة المصريين لخدمات الرعاية الصحية، وذلك على وقع أزمة تراجع قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وتفاقم أزمة شح الدولار في السوق المصري، وتقييمه بأكثر من سعر بين الرسمي والسوق الموازي.

موازنات داخلية والصورة السلبية موجودة بالفعل



أرجعت الخبيرة المصرفية والاقتصادية ونائب رئيس بنك مصر سابقا، سهر الدماطي، هذه الخطوة إلى "رصد البنك المركزي استغلال عدد كبير من المسافرين لعمليات السحب والشراء من الخارج واستغلال فرق سعر العملة لذا وجه بفرض قيود تحد من تلك العمليات وسوء الاستخدام ورغم ذلك واصل البعض استغلال الحدود المتاحة الجديدة ما دفع البنوك إلى المزيد من التشدد".

وأضافت في حديثها لـ"عربي21" أن "مصر تعاني من تراجع الإيرادات الدولارية بشكل كبير في العديد من القطاعات بعد أن بدأت تحقق أرقاما قياسية مثل تحويلات المصريين بالخارج وقناة السويس والسياحة بسبب تأثيرات الحرب على غزة، وفي الوقت ذاته ارتفعت الأسعار بالخارج مثل النفط والحبوب نتيجة ارتفاع تكلفة النقل والشحن والتأمين البحري وغيره، فكان لا بد من عمل توازنات للحفاظ على أولويات العملة الصعبة في البلاد".

وإذا ما كانت مثل تلك القرارات الجديدة تؤثر على صورة الاقتصاد المصري وتعد رسالة سلبية عن حجم أزمة الدولار، أوضحت الدماطي: أن وضع مصر على المؤشرات الدولية منذ أكثر من سنة سلبية وفي النزول وبالتالي لا جديد يمكن أن تضيفه مثل تلك الإجراءات لا يوجد شيء يمكن أن تخفيه عن العالم وعن المستثمرين عن أوضاع الاقتصاد الخاص بك".




مع ارتفاع حجم دين مصر الخارجي إلى نحو 165 مليار دولار، زادت الضغوط على الحكومة المصرية المطالبة بدفع نحو 42 مليار دولار أقساط وفوائد ومتأخرات الدين في 2024 وحده، ما دفعها لفرض قيود على تحويل العملات الصعبة للخارج.

وبلغ صافي الاحتياطيات الأجنبية في البنوك المصرية 35.173 مليار دولار في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، مقارنة بنحو 35.102 مليار دولار في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

وانخفض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2023 - 2024 بنسبة 29.6 %، وسجل نحو 2.3 مليار دولار، مقابل 3.3 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق وفق بيانات البنك المركزي المصري.

سد ثقوب تسريب الدولار وليست حلول


يقول الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إن "القرارات المصرفية الأخيرة تأتي في أعقاب إجراءات أخرى مماثلة اتخذتها البنوك مؤخرا وأصبح الصرف والسحب في أضيق نطاق (50 دولارا) لا يكفي وجبة في مطعم محترم، وهذا إشارة على أن أزمة الدولار في مصر تزيد حدة كل يوم وبالتالي كلها إجراءات من الجهاز المصرفي لاحتواء الأزمة من أي ثقب يتسرب منه الدولار وهناك ثقوب كثيرة خاصة أن الدولار في السوق الموازي أصبح ضعف السعر في البنوك المحلية".

وأقر الخبير الاقتصادي في حديثه لـ"عربي21" أن "هذه الإجراءات الاحترازية والمؤقتة تضر على الجانب الآخر بالمواطنين الذين يسافرون لأغراض علاجية أو دراسية أو سياحية أو دينية، وسيجعل الطلب على الدولار في السوق الموازية أكبر بكثير، وهذه مسكنات لا يمكن أن تؤدي إلى تقليل الطلب على الدولار هي فقط كما قلت سد ثغرات لمنع تسريب الدولار".

هناك مشكلة ربما تكون أحد أسباب هذه الاضطرابات في سعر الدولار وهو انتظار قرار التعويم لأنه يغري المضاربين في السوق باستغلال فترة الانتظار من خلال استثمار أموالهم في الدولار والذهب والسلع وتضاعفت أرباحهم خلال عام 100% وأكثر، وهو يساعد على تراجع نشاط الأعمال والاقتصاد"، مشيرا إلى أن "ارتفاع أسعار السلع بأكثر من سعر الدولار على سبيل المثال تقويم سعر جرام بـ 60 جنيها بدلا من سعره في السوق 55 جنيها لأن تجار الذهب يضعون هامش مخاطرة وتأمين على عملية الشراء المقبلة وهكذا على باقي السلع".

خروج شركات تحت وطأة شح الدولار



الاتساع الشاسع بين السعر الرسمي للعملة المحلية وسعر السوق الموازية في مصر يخلق ضغوطا متزايدة، ما يؤكد ضرورة إجراء تخفيضات جديدة لقيمة الجنيه، بسحب مصارف ومؤسسات مالية أجنبية كبيرة حيث رجح "دويتشه بنك" القيام بتلك الخطوة بعد الانتخابات الرئاسية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024.



ودفع الخلل بين الموارد والاحتياجات الدولارية مؤسسات التصنيف الدولي الثلاث لخفض تصنيف مصر بما يعكس مخاطرها، وانعكس ذلك على أسعار تكلفة التأمين على ديونها السيادية لتسجل حاليًا 12.4% مقابل نحو 2.8% قبل الأزمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي البنوك المصرية الدولار الجنيه مصر الدولار بنوك الجنيه المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک المرکزی السحب النقدی أزمة الدولار ملیار دولار الدولار فی فی السوق دولار فی فی مصر

إقرأ أيضاً:

الكهرباء تزف بشرى سارة للمصريين عن تخفيف الأحمال

قال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء، إن هناك تعاون  كبير ما بين وزارة الكهرباء والبترول وكافة الجهات المعنية لحل أزمة الكهرباء التي تعتبر شيئًا أساسيًا في حياة المواطنين. 

أزمة الكهرباء

وتابع "حمزة"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "بالورقة والقلم"، المذاع على فضائية "ten"، مساء الإثنين، أن  تخفيف الأحمال انخفض  من 3 ساعات لساعتين، بداية من اليوم مع وصول شحنات الغاز المستودة من الخارج. 

محلل سياسي: أزمة كورونا أثرت سلبًا على شعبية حزب المحافظين في بريطانيا المرصد الأورومتوسطي: ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين يندى له جبين الإنسانية


 ولفت إلى أن وزارة الكهرباء ستقوم بوقف تخفيف الأحمال مع الأسبوع الثالث ومع زيادة شحنات الغاز المستوردة من الخارج، معقبًا: "إن شاء الله يكون تخفيف الأحمال من الماضي مثلما اعتادنا بعد 2014، واللي جاي أفضل وأحسن بإذن الله".
 

مقالات مشابهة

  • حتى يونيو.. هذه قائمة علامات السيارات الأكثر مبيعا هذه السنة بالمغرب
  • شركة أرامكو السعودية تواصل تصدر قائمة أقوى 20 علامة تجارية في آسيا
  • مبيعات سيارات "بورش" في المغرب في ارتفاع يفوق 50 في المائة هذا العام
  • تراجع مبيعات سيارات الجاغوار بالمغرب
  • الدولار ينفلت في البورصات والارتفاع غير معلوم الحد.. ماذا يجري في السوق؟
  • بيع 82 ألف سيارة جديدة بالمغرب عند متم يونيو 2024
  • بيع 82 ألف سيارة جديدة في المغرب مع مضي نصف هذا العام
  • الأكثر خطورة في العالم.. البرازيل تحظر زيارة جزيرة الثعابين
  • الكهرباء تزف بشرى سارة للمصريين عن تخفيف الأحمال
  • سموتريتش يُمدد فترة العمل بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية