مثلت جريمة تفجير جامع دار الرئاسة في جمعة رجب، علامة فارقة انزلقت بعدها البلاد نحو مسلسل دموي للسيطرة على السلطة واستبدال الصندوق كوسيلة حضارية للتداول السلمي للسطلة بالبندقية والبارود، وهي أداة فعالة لدى الجماعات الارهابية الانقلابية التي تشاركت جريمة اسقاط البلاد في مستنقع الدماء.
13 عاما مضت على جريمة استهداف كبار قيادات الدولة في جامع دار الرئاسة في جمعة رجب ١٤٣٢هـ الذي مثل أكد دموية جماعات الاخوان والحوثي كشركاء في ساحات الانقلاب، وتأكيدا كذلك على نهجهم الإرهابي والتدميري للوطن من خلال استهداف أركان الدولة في عملية إرهابية لم يسبق لها مثيل وأدانتها الشرائع والأمم ليؤكد اولياء الدم بعد هذه السنين من المماطلة والتسويف ومحاولة وأد الملف ان هذه الجريمة لن تسقط بالتقادم وان المجرمون سينالون جزاءهم الرادع طال الزمان أم قصر.


فبعد خمسة شهور من انطلاق الاحتجاجات الانقلابية في الساحات وركوب أحزاب المعارضة على ظهور الشباب والتدخلات الخارجية تحت يافطة التغيير، كانت الدولة اليمنية ما تزال متماسكة على مستوى الجهازين الأمني والعسكري والمؤسسات المدنية ماضية في عملها دونما توقف أو عرقله، وهو ما لم يكن مناسباً  لضعفاء النفوس الذين أمتلكوا ضوء أخضراً لقلب النظام.
حينها أظهر متأبطوا الشر الخيارات البديلة بعدما عجزوا عن زعزعة النظام بسبلهم الشكلية في الميادين واظهر القتلة وعصابات خراب الأوطان بدائلهم باستهداف رئيس الجمهورية وكبار رجال دولته في مسجد دار الرئاسة .
وبينما كانت النيابة الجزائية المتخصصة تعقد عددا من الجلسات حول القضية، كانت يد الحوثيين هي الأخرى تحفر نفقاً الى بيت الرئيس السابق علي عبدالله صالح في حي الكميم ,لاستكمال جريمة الاجهاز عليه وتنفيذ مافشل فيه الاخوان.
جريمة مركبة ومرتبطة يد الحوثي بالأخوان تكشف بأن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كان هدفا مشتركا للجماعتين، والأوامر صدرت لتنفيذه مهما كانت الوسائل قذرة، ضمن مخطط لتغيير جغرافية اليمن السياسية.
تجاوز التقاء يد الحوثي بالإخوان المسلمين، التفجير في العام 2011 وحفر النفق في العام 2014 ، الى مسألة تبادل الأسرى فقد كان المتهمون بقضية مسجد دار الرئاسة أحد أهم الملفات بين شركاء البارحة وقد تم الإفراج في اكتوبر من العام 2020 عن أربعة متهمين هم آخر وجوه هذه الجريمة في السجن المركزي .
لم يدرك المتأمرون الى اليوم أي ذنب أقترفوه ولم تدرك تلك الفئة الباغية أن مخطط استهداف الرئيس علي عبدالله صالح كان في العام 2011 ونجاح المخطط في العام 2017 فكلاهما أياد أثمة لبرنامج وأيدلوجية واحدة ,مهما اختلفت المسميات أو تغيرت الشخوص ما تزال هذه الجماعات بعيدة كل البعد عن مسميات الدولة أو برامج وخطط انشائها وصيانة جمهوريتها ,فأيدلوجيات التيارات الأسلاموية هي من تحكمها ,والغاية لديهم تبرر الوسيلة .

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: دار الرئاسة فی العام

إقرأ أيضاً:

حكايات المؤسِّسين (2): ما حدث في نيروبي بداية تغيير حقيقي، وهذا ما يُغضب الحركة الإسلامية

د. احمد التيجاني سيد احمد

مقدمة: إرث الفشل السياسي والانهيار الوطني
منذ استقلال السودان في ١٩٥٦، تعاقبت أنظمة حكم مدنية وعسكرية على إدارة الدولة، إلا أن النتيجة كانت واحدة: فشل متواصل في بناء دولة وطنية قائمة على المواطنة والعدالة والتنمية. فقد أفضت الصراعات السياسية وانعدام الرؤية الوطنية إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية، بدءًا من إبراهيم عبود (١٩٥٨)، إلى جعفر نميري (١٩٦٩)، ثم عمر البشير (١٩٨٩)، حيث تحولت الدولة السودانية إلى إقطاعيات حزبية ودينية وعسكرية، تدار بعقلية الاستحواذ لا بعقلية الحكم الرشيد.
السودنة: من مشروع وطني إلى هيمنة نخبوية قاتلة
عندما تم تنفيذ “السودنة” عقب خروج الاستعمار، لم تكن عملية لبناء مؤسسات دولة حديثة، بل كانت مجرد إعادة تدوير للنفوذ السياسي داخل نخب معينة، وتهميش لبقية مكونات السودان، خاصة في الجنوب ودارفور والمناطق المهمشة. فبدلاً من تأسيس دولة قائمة على التنوع، تم تكريس سلطة ضيقة على أساس الولاءات القبلية والدينية.
الأحزاب التقليدية: الفشل المستمر
الأحزاب التي ورثت السلطة بعد الاستقلال لم تكن قادرة على تطوير مشروع وطني حقيقي، بل انشغلت بصراعاتها الداخلية والبحث عن السلطة. لم يكن لديها برنامج سياسي واضح سوى توظيف الطائفية والقبلية والدين كأدوات للهيمنة، مما مهد الطريق للحكم العسكري، الذي أتى مدعومًا بفصائل عقائدية كرست سلطتها عبر القمع والتمكين الأيديولوجي.
الإخوان المسلمون وتحويل الدولة إلى أداة للتمكين
مع انقلاب البشير في ١٩٨٩، دخل السودان في مرحلة الحكم العقائدي الأكثر قسوة، حيث تم تصفية الجيش وتحويله إلى مؤسسة اخوانية مؤدلجة تماما، وإنشاء أجهزة أمنية سرية، وتشكيل ميليشيات مسلحة، مثل الدفاع الشعبي، وامثال مليشيات البراء الإرهابية، وأخيرًا قوات الدعم السريع، التي أصبحت تدريجيا بعد سقوط البشير لاعبًا مستقلاً يومن بالتحول الديمقراطي المدني، و بالعلمانية الفدرالية.
حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣: حصاد الفشل والتفكك
بعد سقوط البشير في ٢٠١٩، لم تتمكن النخبة السياسية من الاتفاق على رؤية موحدة لإدارة السودان، مما خلق فراغًا استغله العسكريون لإعادة فرض سيطرتهم. ومع تفاقم الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع، اندلعت حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وهي حرب لم تكن مجرد صراع على السلطة، بل إعلانًا رسميًا لانهيار الدولة السودانية، حيث تحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة بين الفصائل المسلحة، دون أي سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
ما حدث في نيروبي: بداية تغيير حقيقي
وسط هذا الخراب، برزت مبادرة **مشروع تأسيس السودان الجديد** في نيروبي تحت رعاية الحكومة الكينية، كأمل جديد لاستعادة السودان من براثن العسكر والمليشيات. اجتمع ممثلو القوى (التي اختارت الديمقراطية والحرية ومناهضة انقلاب البرهان) الحزبية، والمهنية، والشخصيات المستقلة، والإدارات الأهلية، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، وآخرون.
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تعتمد على التعددية السياسية والإثنية والدينية وحكم القانون، والمواطنة المتساوية، بدلًا من دولة الطوائف والمليشيات. وقد تم الاتفاق على عدة خطوات مفصلية، منها:
١. صياغة الميثاق الذي ينادي بالعلمانية بشكل نهائي والتوقيع عليه.
٢. عرض الميثاق على الدول الإقليمية والدولية لكسب الدعم والتأييد.
٣. مناقشة الدستور وإكمال هياكل الحوكمة.
٤. تكوين حكومة قومية لكل السودان: انتقالية تقنية إسعافية (هدفها الاول ايقاف الحرب وحماية المواطنين و عودتهم الفورية) وإعلانها داخل السودان.
لماذا يُغضب هذا الإسلاميين؟
إن الخطوة التي جرت في نيروبي تمثل تهديدًا وجوديًا للحركة الإسلامية في السودان، لأنها تنسف مشروعهم القائم على استغلال الدولة لصالح فئة أيديولوجية ضيقة. فالإسلاميون يدركون أن نجاح هذا الميثاق يعني نهاية نظام “التمكين”، وانهيار التحالفات العسكرية التي كانوا يستخدمونها للحفاظ على نفوذهم. لهذا، يسعون بكل الوسائل إلى إفشال أي حل سياسي حقيقي، واستمرار الفوضى الأمنية، حتى يظل السودان رهينة للمليشيات والفساد والتقسيم.
خاتمة: هل يكون نيروبي بداية الخلاص؟
بينما يقف السودان على حافة الانهيار الكامل، تمثل مبادرة نيروبي فرصة نادرة لتصحيح أخطاء الماضي وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة والعدالة. ولكن النجاح ليس مضمونًا، فالقوى المتضررة من هذا التغيير ستحارب بكل الوسائل للحفاظ على امتيازاتها. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتحد السودانيون لإنقاذ وطنهم، أم ستظل الحروب والانقسامات هي القدر المحتوم؟

نواصل
د . أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٦ فبراير ٢٠٢٥ هلسنكي، فنلندا
Sent from my iPhone

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الغرابلي: الدولة المدنية كانت هدفاً وأصبحت شعاراً يكتب في صالات الاحتفالات
  • حكايات المؤسِّسين (2): ما حدث في نيروبي بداية تغيير حقيقي، وهذا ما يُغضب الحركة الإسلامية
  • مقتل شاب في جريمة إطلاق نار جديدة بيافا
  • مصر.. الإعدام والمؤبد لقتلة مينا موسى بعد جريمة هزّت الرأي العام
  • ‏سماحة المفتي يتسلم تقرير مبادرة اللحمة الوطنية “دين ومسؤولية” من فرع الإفتاء بجازان
  • فضل الله برمة ناصر، يحل مؤسسة الرئاسة بالحزب، وينهي تكليف نواب ومساعدي الرئيس ومستشاريه
  • الثلوج تتسبب في انزلاق السياح على منحدر في مقاطعة هوانغشان الصينية.. فيديو
  • المكتب السياسي: برمة ناصر هو رئيس الحزب المكلف بسلطات الرئيس الدستورية، وقرار مؤسسة الرئاسة غير قانوني
  • تفجّر خلافات «الأمة القومي» و«برمة ناصر» ينهي تكليف أعضاء مؤسسة الرئاسة
  • المكتب السياسي لحزب الأمة القومي: قرار إعفاء الرئيس المُكلف غير دستوري