نقاش في دافوس يضيء على مخرجات «كوب28» التاريخية
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
دافوس:
«الخليج»
في جلسة خاصة عُقِدت ضمن الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس»، اجتمع قادة من القطاع العام والأعمال التجارية والخيرية لإبراز الدور الأساسي للأموال الخيرية ورأس المال المقدم من الشركات الأسرية والتمويل التنموي في إحداث تغييرات ضرورية في السوق، ستسرع المسار نحو اقتصادٍ صافي الصفر ومراعٍ للبيئة.
وجمعت هذه الجلسة قادةً من قطاع الأعمال والسياسات، بمن فيهم جون ف. كيري، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وراي داليو، مؤسس بريدج ووتر أسوسِيِتس، ومافالدا دوارتي، الرئيسة التنفيذية لصناديق الاستثمار بالمناخ، وديزموند كيويك، الرئيس التنفيذي لصندوق تماسيك، ومختار ديوب، المدير المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية(IFC)، وبدر جعفر، الممثل الخاص للأعمال التجارية والخيرية في «كوب28»، والرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع.
وافتُتحت الجلسة بملاحظات أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون ف. كيري، تحدّث فيها عن التحديات والفرص المصاحبة لجهود تحقيق الأهداف المناخية، والدور المهم الذي يمكن أن تؤديه رؤوس الأموال الخاصة في تعزيز قدرة الأسواق على الابتكار وإيجاد الحلول المستدامة. وجاء في تعليقه أنه نتيجة لمخرجات «كوب28» «غدَونا الآن أكثر قدرة من أي وقت مضى على وضع هذه القضية (المناخية) على المسار الصحيح».
كما أبرزت الجلسة النقاشية العامة التي أدارها ديفيد جيليس، مراسل المناخ في «ذا نيويورك تايمز»، النتائج التاريخية المفصلية التي انبثقت من«كوب28». وأشار النقاش إلى الحاجة الملحة إلى تعاون جميع أصحاب المصلحة جنباً إلى جنب لتحقيق «اتفاق الإمارات».
ومن المواضيع التي تطرق لها النقاش أيضاً، أن الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد عن 1.5 مئوية وبلوغ أهداف مناخية منصفة ومستقبل مراعٍ للبيئة بحلول 2050، أمران سيقتضيان إحداث تغييرات جذرية في الأنظمة – من كيفية زراعة المواد الغذائية وتوليد الطاقة إلى كيفية نقل المنتجات والبضائع وبناء المدن.
وأكّد القدرة الفريدة لرؤوس الأموال المقدمة من الأعمال التجارية والخيرية على تسريع العمل المناخي.
وعلّق في هذا الصدد بدر جعفر، الذي ترأس منتدى المناخ الأول للأعمال التجارية والخيرية في «كوب28»: «من المواضيع التي طُرِحت باستمرار في منتدى المناخ للأعمال التجارية والخيرية، الذي جمع 1300 قائد من الأعمال التجارية والخيرية من 80 دولة وأثمر التزامات بتخصيص 7 مليارات دولار، لقضايا المناخ والطبيعة؛ هو الدور الفريد الذي يجب أن يضطلع به القطاع الخاص بتوظيف طاقاته الديناميكية ورأس ماله وشبكاته الحيوية لتسريع الخطى نحو صافي الصفر».
ومن المتوقع أن تتطلب أهداف صافي الصفر وعكس الخسائر الطبيعية واسترجاع التنوع الحيوي بحلول 2050، استثمارات تزيد عن 3 تريليونات سنوياً، وهذا مبلغ يستحيل على مصدر تمويل واحد أن يطيق توفيره لتلبية جميع متطلبات التكيف مع المناخ والحد من آثاره. الحل الوحيد إذن لسدّ هذا الثغرة بناء الشراكات ورفع سقف الطموح وتعزيز الوعي والتعلم عبر مختلف القطاعات.
وإشارة إلى بعض أهم عوامل نجاح «كوب28» التي تستطيع رئاسات مؤتمرات «كوب» المستقبلية تبنيها لضمان مواصلة وتيرة التقدم التي ولّدها «كوب28»، قال بدر جعفر: «لقد جسّد المؤتمر رؤية الدكتور سلطان الجابر، التي تدعو إلى تغييرات جذرية في منهجية عملنا، واتحادنا، وبلوغنا للأهداف. ولنتمكن من إعادة بناء الثقة عبر القطاعات والمناطق، كان من الضروري أن نركز بصورة مطلقة على عنصر الشمولية، لذا حرصنا على أن يجمع المنتدى عدداً غير مسبوق من ممثلين من قطاع الأعمال والمجتمع المدني والشباب والمجال الأكاديمي والشعوب الأصلية وقادة الأديان. ومن القوى الفريدة التي قدمها كل منهم، أبصرت النور مخرجات تاريخية واضحة الأهداف لم نرَ لها من قبل مثيلاً، رسمت مساراً جديداً نحو عصر جديدٍ من العمل المناخي والطبيعي».
وأضاف «برهن المؤتمر أن التعدد في الجهود ما يزال قادراً على تحقيق النتائج المفصلية، شرط أن تشمل هذه الجهود جميع مناطق المعمورة وشعوبها، لا التركيز على البعض دون الآخر. لهذا السبب، كان المحور الرئيسي الذي تبنته رئاسة المؤتمر شمول العملية للجميع بلا أي استثناء».
وقد شهدت الجلسة المنعقدة في دافوس تأسيس مبادرات جديدة لمبادرة «العطاء لتعظيم العمل من أجل الأرض» (GAEA) التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، لتسريع تغيير المؤسسات لنماذج عملها بتبني ممارسات أكثر استدامة، وذلك عن طريق تدخلات تساهم بها جهات حكومية وخاصة وخيرية.
يذكر أن جلسة النقاش هذه عُقِدت ضمن مبادرة عن المناخ متعددة القطاعات نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي، هدفها توفير رأس المال الخاص والتمويل الحكومي اللازم لإعادة إحياء الأنظمة الأرضية المرتبطة بالطبيعة، والمحيطات، وعمليات الحفظ، والترميم، وجودة الهواء، والمياه، والأنظمة الغذائية، والتنوع الحيوي، وإزالة الكربون من الصناعات، وتوظيف التكنولوجيا الخضراء.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات دافوس كوب 28 التجاریة والخیریة
إقرأ أيضاً:
تغير المناخ يهدد إنتاج القهوة.. هل يقدم جنوب السودان حلا؟
مع ارتفاع درجات الحرارة التي تضرب إنتاج القهوة عالميا، تبرز دولة جنوب السودان وجهة جديدة وواعدة لزراعة البن، لا سيما صنف إكسيلسا، المعروف بقدرته على تحمل الجفاف وتغير المناخ مقارنة بمحاصيل أخرى، مما يمنح المزارعين أملا بمستقبل أفضل بعد سنوات من الفقر.
واكتُشفت قهوة إكسيلسا منذ أكثر من قرن في جنوب السودان، وهي تثير اهتمام السكان الذين يعانون من ضائقة مالية، وتجذب اهتمام المجتمع الدولي وسط أزمة البن العالمية الناجمة عن تغير المناخ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما بصمتنا الكربونية وكيف نخفف من أثرها؟list 2 of 2"عائدون إلى البلاستيك".. لماذا يلاحق ترامب المصاصات الورقية؟end of listوبينما تسعى الدول الرائدة في إنتاج البن، مثل البرازيل وكولومبيا لتجربة زراعة المحاصيل في طقس أكثر جفافا، ارتفعت أسعار القهوة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، مع الإشارة إلى أن الصناعة تكافح لإيجاد حلول وبدائل.
وتشير التقديرات إلى أن محصول البن في البرازيل التي ضربها الجفاف، وتعد من أكبر مزارع القهوة في العالم، قد ينخفض بنحو 12% هذا العام بعد تسجيل انخفاض في الأعوام السابقة.
وتنمو شجرة إكسيلسا في جنوب السودان وعدد قليل من البلدان الأفريقية الأخرى، بما فيها الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا، كما تُزرع أيضا في الهند وإندونيسيا وفيتنام.
إعلانوتسمح جذور الشجرة العميقة وأوراقها الجلدية السميكة وجذعها الكبير بالازدهار في ظروف قاسية، مثل الجفاف والحرارة، حيث لا تستطيع أنواع القهوة الأخرى ذلك، فضلا عن أنها مقاومة للعديد من آفات وأمراض القهوة الشائعة.
لكنها رغم ذلك تشكل أقل من 1% من السوق العالمية، متأخرة كثيرا عن أنواع أرابيكا وروبوستا التي تعد أكثر أنواع القهوة استهلاكا في العالم.
ويقول الخبراء، إن إكسيلسا يجب أن تثبت أنها عملية على نطاق أوسع بكثير لسد الفجوة في السوق الناجمة عن تغير المناخ، إذ لم يعرف جنوب السودان أبدا بأنه دولة منتجة للقهوة.
فرصة للاقتصادورغم أنه يمكن لجنوب السودان أن تنتج محصولا بديلا من محاصيل القهوة التي تأثرت بشدة بفعل تغير المناخ، إلا أن سنوات الصراع في البلاد جعلت صناعة وزراعة البن متأخرة جدا.
وأكدت شركة إيكواتوريا تيك، وهي شركة زراعة غابات مستدامة تعمل في جنوب السودان -لأسوشيتد برس- أن أشجار إكسيلسا قادرة على تحمل الحرارة أفضل بكثير من الأنواع الأخرى، لكن المعلومات عنها لا تزال شحيحة لتراجع زراعتها نتيجة الحروب في السنوات الماضية.
وأوضحت الشركة أنها تعمل مع المجتمعات المحلية لإحياء صناعة القهوة وزيادة الإنتاج، بما يشمل تقديم الشتلات والدورات التدريبية للمزارعين الذين يعني لهم ذلك فرصة انتشالهم من الفقر.
وبدأت العديد من الأشجار في إنتاج البن لأول مرة هذا العام، وتأمل الشركة في تصدير الدفعة الأولى التي تبلغ نحو 7 أطنان إلى المتاجر المتخصصة في أوروبا، وفق الشركة.
وبحلول عام 2027، يمكن أن تضخ إكسيلسا نحو 2 مليون دولار في اقتصاد جنوب السودان، مع اهتمام المشترين الكبار مثل نسبرسو بها.
لكن الإنتاج يحتاج إلى مضاعفته 3 مرات حتى يكون الأمر يستحق الاستثمار من قبل المشترين الكبار، كما قالت شركة إيكواتوريا تيك.
كما أن الافتقار إلى البنية التحتية وانعدام الأمن في جنوب السودان يجعل من الصعب تصدير القهوة التي تمثل للمزارعين فرصة كبيرة.
إعلانإذ يجب أن تقطع شاحنة واحدة محملة بـ 30 طنا من القهوة نحو 3 آلاف كيلومتر من جنوب السودان للوصول إلى الميناء في كينيا لشحنها.
وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى من تلك الرحلة، عبر أوغندا، أكثر من 7500 دولار، وهو ما يصل إلى خمسة أضعاف التكلفة في الدول المجاورة.
فعلى الرغم من اتفاق السلام في عام 2018 الذي أنهى حربا أهلية استمرت 5 سنوات، إلا أن القتال لا يزال متواصلا في بعض الأماكن بالبلاد، منها التي تُزرع بها أشجار إكسيلسا.
وقالت وزيرة الزراعة والغابات والبيئة في جنوب السودان أليسون برنابا -لأسوشيتد برس- إن الحكومة وضعت خططا لإعادة تأهيل مزارع البن القديمة وبناء مدرسة زراعية، لكنها لا تعلم من أين يمكن أن تمول ذلك، إذ لم تدفع جنوب السودان رواتب موظفيها المدنيين منذ أكثر من عام.
كما أن زراعة البن ليست أمرا سهلا دائما. إذ يتعين على المزارعين التعامل مع الحرائق التي تنتشر بسرعة في موسم الجفاف وتدمر محاصيلهم، لا سيما أن الصيادين يستخدمون الحرائق لتخويف الحيوانات ويستخدمها السكان لتطهير الأراضي للزراعة أيضا، في ظل انعدام محاسبة المتسببين بالحرائق.
ورغم الصعوبات التي تواجه زراعة البن في جنوب السودان، يرى السكان إكسيلسا فرصة لمستقبل أفضل.
ويرى سكان جنوب السودان -وفق مقابلات أجرتها أسوشيتد برس- أن أشجار البن هي فرصة للمجتمع ليصبح أكثر استقلالية ماليا، في ظل اعتماد الناس على الحكومة أو المساعدات الأجنبية التي يعني غيابها عدم القدرة على توفير حاجيات الأسر.
ولكي تزدهر القهوة في جنوب السودان، يقول السكان، إنه يجب أن تكون هناك عقلية طويلة الأجل، وهذا يتطلب الاستقرار.