بقلم: أحمد بن عمر
كيف يسير السودان الي النموذج الليبي

تحوّل الصراع على السلطة في السودان بين الجيش و مليشيا الدعم السريع شبه العسكرية من حرب كلامية إلى صراع، بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية.
ورغم جهود الوساطة الإقليمية والدولية في السودان، فإنّ الحرب التي لا تزال مستمرة بشكل رئيسي في وسط وغرب البلاد مع أقتراب دخولها في الشهر الثامن ، في وسط وغرب البلاد، قد تركت وراءها عدد من الأحداث المهمة في تبادل السيطرة العسكرية خاصة غرب البلاد.

وتسببت الحرب في تدمير البنية التحتية، واستنزاف الاقتصاد، واحتياج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية، ونزوح 5.6 مليون شخص داخل البلاد وخارجها..



تطورت الأحداث بسقوط الحاميات العسكرية ( في (نيالا-زالنجي-الجنينة) و التنازع في العاصمة الخرطوم ، أفرزت نوع جديد من القرارات أخرجها قائد مليشيا الدعم السريع محمد دقلو، القرارات التي تأتي تباعاً بعد سيطرتهم علي الفِرق العسكرية و التي تعني في الحرب سقوط الجيش في المدينة و استبداله بجيش آخر بإحتكار عنف متوارث كنتيجة إنتصار ميداني قد تكون بداية لعرض طويل المدي ستعاني منه (الدولة) ، ولعل تبرير الدعم السريع بأنهم لايستطيعون ترك المدينة بدون وحدة إدارية هو بداية لخلل جوهري في الدولة، و الأمر لا يُختصر في كونه عمل عسكري في السيطرة المتبادلة فالخطورة في كونها عملية إدارية للمدينة يقوم بها مدير القطاع المعني محرراً شهادة فصلها من سُلطة الي سُلطة في سباق البحث عن الشرعية للعالم الخارجي .
لعل الأصوات التي تتحدث عن إنفصال للإقليم حالة شبيهة بجنوب السودان (كتقرير مصير) هو وصف فيه الكثير منّ السذاجة بخلط تقرير المصير مع حروب السُلطة الدائرة حالياً ، فالحرب القائمة الأن لها أسباب مختلفة و لها تعريف خاص بين طرفي النزاع ، وما لزم توضيحه كعملية تجري الأن هي ( إنفصال إداري ) وهي نتيجة حتمية لصراع جيش دولة مع مليشيات كحادثة اليمن او ليبيا علي سبيل المثال

عملية الفصل الإداري
أن عملية ادارة المدينة بتعيين رئيس جديد للفرقة (والي عسكري صوري) ، تعني فصلها تماماً من العملية الأدارية للدولة من حيث التنظيم و تلقي الأوامر و تسيير الحياة المدنية ، مما يعني أن اي خطوة مستقبلية للحد من توسع انتشار الامراض او تغطية الحوجات من دواء و غذاء كتنسيق داخلي او من الخارج لا يتم الا بموافقة الدعم السريع ، و التي علي المستوي الشخصي لا أضمن اي سلامة للأنسياي الفعلي للحوجات بالصورة الطبيعة بسبب القصور الاداري لهذه القوات (بطبيعة عمل الدولة) و خاصة في مناطق دارفور التي تحتاج الي طبيعة عمل خاص من الامدد بسبب ما تشهده مدن الأقليم من حالات حرجة بسبب الحرب.
عملية الفصل الاداري هي تمهيد حقيقي لقيام الدولتين، و معني قيام الدولتين هي المعني الانقسامي كحالة اليمن كمثال ، حيث وضع السودان المعقد سيجعل من الأمر أكثر صعوبة بطبيعة ربط المركز بنظم إدارة الاقاليم، وهي خطورة قد تشهدها تكوين حكومتين في نفس الدولة.

الفصل الإداري يؤثر كمثال من ناحية السيطرة المالية بطبيعة الحال لا يمكن قيام بنكين مركزيان شرقاً و غرباً للتمويل عمليات الدفع ، و لكن يمكن أن تنظم وحدات الولايات عملية الايرادات بالاستحواذ علي منافذ جمركية علي الأموال بطبيعة الانشطة في قطاع الخدمات كمثال ، و الإجراءات بالطبع ستخلف تأثيرات سلبية على السوق والحركة التجارية على مستوى معيشة الناس ونشاطهم الاقتصادي وبالتالي ستنعكس سلباً على النشاط التجاري للقطاع الخاص و زيادة تداول العملة خارج الانظمة الرسمية؛ علي كل حال .. هذا المفهوم سيوسع حوجة الدعم السريع في السيطرة علي مناطق إضافية خلاف (دارفور) في حال لم يتصدي الجيش لطموح هذه المليشيا السياسي، وهي قضية الهدف منها كأمثلة :
أعلان السيطرة
-الضغط لإحراز تقدم علي مستويات التفاوض.
-الحصول علي موارد إضافية لعمليات التجنيد التي تحدث في مناطق السيطرة الجديدة.
-محاولة اقامة دولة عشوائية بنظم مدفوعات عشوائي (قانوني او غير قانوني) قائم علي الطرق الحدودية لتمويل الاحتياجات كالوقود مثلاً.
و اضافةً لذلك نؤكد علي أن غياب الدولة الذي حدث بسبب إنقلاب أكتوبر 2021 كانت نهايته الفعلية بحرب أبريل 2023 بين الجيش و الدعم السريع ، للأسف نحن ننحدر لما هو أسوء (نموذج الدولة العشوائية) التي تدار بعواصم إدراية متخيلة من الطرفين لتنظيم عملية تمويل الجيوش و جمع الضرائب و ، وهي بالطبع ستكون خريطة تفاوضية للأطراف.

اخيراً

1-تقسيم السلطة و أعلان حكومتين: يمكن أن تتسبب الحروب في تقسيم السلطة بين الجهات المتنازعة، مما يؤدي إلى إنشاء إدارات مستقلة لكل جهة.
2صعوبة التواصل: تقليل الاتصال والتنسيق بين الأقسام المختلفة في البلاد يمكن أن يؤدي إلى تقسيم الدورة الإدارية وهو الأمر الذي يحدث الأن في صعوبة وصول بعض من مهام الدولة تحت المناطق المتنازع ليها وربما ستزيد و تكبّر فوهة التواصل.
3.تأثيرات الحرب على الهياكل: الحروب توقف الهياكل الإدارية من الدورة الإدارية بشكل كبير، سواء بسبب تدمير المباني أو فقدان الموظفين.
4.تأثيرات تقسيم الدورة الإدارية تشمل تضخم الإجراءات الإدارية وزيادة التكاليف وتقليل الفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون له تأثير سلبي على تقديم الخدمات العامة للمواطنين من ناحية الاجراءات الحكومية و الخدمات الاسياسية.
5.تأثيرات انقسام الدورة الإدارية على الاقتصاد: يؤثر تقسيم الدورة الإدارية عادة على النمو الاقتصادي بسبب عدم الاستقرار والتشتت الإداري، و يمكن أن يكون له تأثير سلبي على القطاع الخاص الذي شُل تماماً بالاضافة الي الاستثمار..
6.تأثيرات على السكان: يعيش المواطنون في حالة النزاع المسلح المتأثرة بالحروب تحت وضع صعب يصعب فيه الحصول على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم بشكل جيد كما هو الحال الأن في مدن السودان تحت القصف ، تأثير يكمن في الأوضاع الاقتصادية الضعيفة التي قد تزيد من فقر السكان وتضعهم في وضع صعب.

ختاماً..
نأمل أن يكون منبر جدة هو الحل لمشكلة الحرب الحالية ، و أن تُحبط كل المخططات التي تقودها مليشيا الدعم السريع الي تحويل السودن ك(ليبيا) جديدة، مفصولة الادارات و ضعيفة المستوي في الحفاظ علي حوجة الناس من السلع و الأمن و هو أمر سيتفاقم في حال سقوط عاصمة دارفور الأدارية(الفاشر) و ما تبقي من الخرطوم عاصمة الدولة ، لذلك يجب السعي إلى تحقيق إيقاف الحرب و الوصل الي حلول سياسية وإعادة توحيد البلاد والعمل على إعادة بناء الدورة الإدارية بشكل فعال وفعّال لتلبية احتياجات المجتمع وضمان استقراره.

dr_benomer@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدورة الإداریة الدعم السریع یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ما موقف(صمود) من (غواصة) الدعم السريع داخل (تقدم) ؟

كانت الخطوة المعلنة في البداية هي تشكيل حكومة موازية تنازع (حكومة بورتسودان) الشرعية . حينها أعلنت الكتلة الأكبر في (تقدم) معارضتها للخطوة، معارضة تنبئ عن انقسام وشيك في التنظيم، وقد كان ، واعتبرته (تقدم) في لغة ناعمة مثالا حضاريا لكيفية ادارة الخلاف .. لكن الأمر لم يقف عند الموازية، بل تحالفت المجموعة الخارجة مع قوات الدعم السريع، وسكين الدعم السريع تقطر دماء الأبرياء (حااارة) .

تطور خطير، يلزم (صمود) بتحديد موقف واضح منه ، خاصة وأن المجموعة المتحالفة كانت الى عهد قريب جزءا أصيلا من (تقدم) وتزعم كذبا أنها على الحياد، وهذا يعزز أدلة اتهام ظل موجها للجزء الأخر، ما لم يدفع عن نفسه الريب والشكوك التي أحاطت به بعد أن كشفت (غواصة) الدعم السريع عن حقيقتها .
لكن (صمود) لم تفعل ..

وعليها، بعد تجاهل هذه الاثار الخطيرة عليها، أن تتحمل الاتهام بأن (تقدم) – كلها – كانت تدعي الحياد كذبا، وأن الجماعة المتحالفة مع الدعم السريع قد أرهقها التمثيل وأنهكها اصطناع الحياد ، فرأت أن تتحرر من مشقة التمثيل المكلف الذي يفرض عليها حبس الأنفاس وتغيير نبرة الصوت وضبط ايقاع المشي، فقررت أن تنطلق مسفرة عن وجهها الحقيقي وقد أزالت عنه القناع ، بينما رأى الشق الأخر في (تقدم) – صمود – تحمل مشاق التمثيل وتكاليف ادعاء الحياد .

ما لم تفطن له (صمود) هو أن التعامي عن رؤية اثار التحالف الجديد، سوف يعزز التشكيك في كل مواقف (تقدم) السابقة، ويهدم دعاوي الحيادية بالتساؤل عن دواعي الحيادية بين الأمن والخوف ؛ حيث يرتبط الأول بولايات تحت ادارة الجيش في القضارف وكسلا والبحر الأحمر ونهر النيل والولاية الشمالية، التي نزح أليها مواطنو ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار بعد ان شردهم ونهب ممتلكاتهم وخرب منشاتهم الدعم السريع .

فقد كانت الشكوك تحوم حول الموقف الذي يساوي بين جيش يحتمي به المواطن ومليشا عبد الرحمن حمعة وجلحة وعمر شارون ، وقد تعززت الشكوك بالموقف المتراخي حيال التحالف الجديد، وتعززت الشكوك حول اعلان المبادئ بين رئيس (تقدم) وقائد الدعم السريع في اديس أببا، بعد أيام من سقوط مدني ، حين بشر رئيس (تقدم) مواطني مدني الهائمين على وجوههم وقرى الجزيرة التي يجلد رجالها ويقتل فتيانها وينهب مخزونها بأن قائد الدعم السريع قد اتفق مع (تقدم) على فيدرالية الدولة ! وتتعزز الشكوك حول دعوة رئيس (تقدم) لحظر الطيران، الميزة التي يتفوق بها الجيش على الدعم السريع، ليصبح النداء دعوة لحماية الدعم السريع من هزيمة مؤكدة اذا استمر تفوق الجيش في الجو . وعند قرن المطلب بدعوة معممة لوقف الحرب، والخرطوم وجل الاقليم الاوسط واجزاء من كردفان واربع ولايات من دارفور في قبضة الدعم السريع، ندرك أنها دعوة مبطنة لاستسلام الجيش والاذعان لشروط الدعم السريع الذي تزعم (تقدم) أنها تقف على مسافة واحدة منه ومن الجيش .

لقد تعززت الشكوك في مواقف (تقدم)، وتأكد سوء التقدير السياسي بحصر (تقدم) لكل المشهد في انقلاب 25 اكتوبر ، فأصبح مقبولا عندها كل من يعادي الجيش (الانقلابي) ولو كان عدو الجيش مليشيا تقتل وتشرد الاف المساليت في الجنينة وتقتل المئات في ود النورة والمزارعين في الجبلين وتروع وتهين الامنين في الحرقة وتمبول وام عضام وأم مليحة والسريحة وتقتل المعلمين في ود الجترة و الكوادر الطبية في الحصاحيصا والمدينة عرب والدندر واستشاري النساء والتوليد في سنجة الذي مات مقتولا بساطور الدعم السريع ، وتخرب مصانع بحري ومدينة جياد ومصنع الجنيد وسكر سنار وجامعة الجزيرة، وتقصف مستشفى النو والمستشفى السعودي في الفاشر وسوق صابرين ومحطة ام دباكر …
كل هذا لا يهم ما دامت المليشيا ضد الجيش (الانقلابي) !
لم يبق ل (صمود) رصيد يذكر .

عادل إبراهيم حمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • مقتل امرأة وإصابة أربعة من أسرتها في قصف على الأبيض
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • ناشط سياسي يكشف أسباب إشعال الإمارات للحرب في جنوب السودان
  • قائد سلاح المدرعات يحدد موعد القضاء على الدعم السريع
  • مقتل طبيب داخل مركز احتجاز الدعم السريع 
  • ما موقف(صمود) من (غواصة) الدعم السريع داخل (تقدم) ؟
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»
  • شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل بين قائد درع الشمال “كيكل” والناشط الشهير “الإنصرافي”.. صرفة يتهم أبو عاقلة بإدخال الجنجويد للجزيرة ومشاركتهم الجرائم والأخير يرد عليه ويصفه بالعميل والممول من الدعم السريع