مرافعات جنوب أفريقيا.. في لوحٍ محفوظ
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبدالحميد
الدعوة التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد كيان إسرائيل في محكمة العدل الدولية تمثل محطة مهمة في مسار العلاقات الدولية، فهي خطوة لا تخلو من ذكاء، وأنها فيما يبدو نتيجة متابعة لصيقة لمجريات الأحداث في غزة.. ينبع ذكاء الخطوة في أنها طوقت عنق إسرائيل بالاتفاقية التي وقعت عليها ويبدو أنها نسيتها في غمرة استمتاعها بدلال ما تعرف "بالأسرة الدولية".
على عموم الأمر يمكن إجمال تلك الأساطير التي تحطمت بفعل تلك المرافعات في خمس نقاط على النحو الآتي :-
أولاً : تجريد إسرائيل من سلاح مقولة العداء للسامية وهو إدعاء دأبت على رفعه في وجه كل من تسول له نفسه الوقوف في وجه إسرائيل بناءاً على كونها ضحية الغرب (اليافثي) نسبة ليافث بن نوح. فهي لن تجرأ على الادعاء بأن جنوب أفريقيا الحامية تكن عداءاً للسامية ذلك أن القضية المطروحة أمام المحكمة هي تجاوز إسرائيل لإتفاقية منع الإبادة الجماعية الموقعة عليها إسرائيل نفسها فالدعوة هنا قانونية وأخلاقية وليست سياسية.
ثانياً: حطمت المرافعات الإدعاء الإسرائيلي القاضي بأن ثمة تحالف بين الديمقراطيات العالمية ضد "الإرهاب" الذي تمارسه حماس، فقد أبرزت مجريات الحرب والمجازر وأفعال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل يومياً منذ ما بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023م أن هذا الفعل مستنكر من أحد أهم الديمقراطيات في العالم وهي دولة جنوب أفريقيا، فضلاً عن مستويات الحرج الذي سببته وتسببه إسرائيل للعديد من الديمقراطيات التي تدعمها كفرنسا على سبيل المثال والتي تنصلت من دعمها اللامحدود لإسرائيل. كما أن إدارة بايدن قد وقعت في حرج بالغ أوصلها لأدنى مستويات الدعم الشعبي لرئيس أمريكي في الخمسة عشر سنة المنصرمة.
ثالثا: خلقت هذه الدعوة طريقاً مغايراً بالاهتمام بحقوق الإنسان بعيدا عن المنظمات الدولية التي تسيطر عليها أمريكا ومن خلفها إسرائيل بحيث يتعذر إدانة إسرائيل في تلك المنظمات والمحافل شبه المحتكرة.
رابعاً: نقلت الدعوة ضد إسرائيل من أروقة مجلس الأمن حيث الفيتو الأمريكي المستعد دوماً لمناصرة إسرائيل، فالمحكمة وعلى الرغم من أنها احد أجسام الأمم المتحدة الأساسية غير أنها تتمتع بإستقلالية كبرى عن النفوذ الأمريكي وتعتمد على سماع المرافعات بصورة حرة اعتماداً على حيثيات قانونية يصدر بشأنها قرار قضائي ولا يتماس مع السياسة إلا في أضيق نطاق.
خامساً: حطمت الدعوة أمام هذا المحفل القضائي الرأي المستقر في العلاقات الدولية بأن منطق القوة يمكن أن يحقق أهداف الدول، واستبدلته بالمقولة التي تقول القوة لا تصنع حقاً Might doesn't make right.
إن ما اقدمت عليه جنوب أفريقيا برفعها الدعوة على إسرائيل واتهامها بإرتكاب جريمة الإبادة الجماعية حتى ولو تم رفضها قضائياً، فإنها قد نقلت أحد أهم القضايا الإنسانية المسيجة بأساطير إسرائيل والمحمية بقوة "الردع" الأمريكي الامبريالي لقضية أخلاقية تدور أمام أعين العالم وتهز فيه الضمير الأخلاقي هزا عنيفاً بذات درجة العنف الذي تهز به آلة القتل الإسرائيلية أركان قطاع غزة على رؤوس ساكنيه من المدنيين العزل.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العلاقات الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية : “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين في لبنان
الثورة نت/..
اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش “الإسرائيلي” بشن هجمات عشوائية على المدنيين في لبنان اثناء الحرب عليها وارتكابه جرائم حرب بحق المواطنين .
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان اليوم الأربعاء: “هناك أدلة متزايدة على ارتكاب انتهاكات متكررة للقانون الدولي الإنساني”، واتهمت القوات “الإسرائيلية” بعدم التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية في عدة ضربات في أنحاء مختلفة من لبنان في 2023 و2024.
وصرح رمزي قيس الباحث اللبناني في منظمة العفو الدولية: “يظهر المزيد والمزيد من الأدلة على أن القوات “الإسرائيلية” لا تحمي المدنيين بصورة متكررة ولا تميز بشكل ملائم بين الأهداف المدنية والعسكرية في ضرباتها في أنحاء مختلفة من لبنان في 2023 و2024″.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى واقعتين وصفتهما بأنهما غير قانونيتين ويحتمل أن تمثلا جريمتي حرب.
وفي 25 سبتمبر الماضي أسفرت غارة للعدو على شمال شرقي لبنان عن مقتل 23 فردا بعائلة من اللاجئين السوريين، من بينهم 13 طفلا.
وتم قصف مبنى سكني مؤلف من طابقين في واقعة أخرى في الأول من نوفمبر 2024 مما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين.
يذكر أن العدو الصهيوني لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر 2024 ولاتزال تسيطر على مناطق في جنوب لبنان، رغم أن الاتفاق ينص على انسحابها الكامل بعد العملية العسكرية البرية كما تشن القوات غارات بشكل شبه يومي على جنوب لبنان.