حزب الله لا يستعجل التسوية… هل يفرض شروطه؟
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
يبدو أن الانتخابات الرئاسية في لبنان باتت مؤجّلة إلى أمد غير محسوم، ورغم كل المساعي الدولية التي تركّز على إيجاد حلّ سريع وتحديداً المبادرة القطرية المغطّاة أميركيًا والمبادرة الفرنسية الساعية إلى إيصال رئيس جديد للبنان ترضى عنه كل الأطراف. لكن هناك أسباب موجبة تشكّل مؤشراً واضحاً الى أن التفاهم حول الملفّ الرئاسي لا يزال معقّداً.
تقول مصادر سياسية مطّلعة أن القوى الاقليمية والدولية ترغب بإبرام تسوية قريبة في لبنان بهدف منع ربط الاستحقاقات الداخلية بنتائج الحرب على قطاع غزّة ومعارك الإسناد على الجبهة الجنوبية للبنان من جهة، والتسوية التي ستكون مرتبطة بمسألة الحدود ووقف اطلاق النار من جهة أخرى. وبالتالي فهناك مصلحة لدى هذه الدول بفصل المسارين.
هذه المصلحة تأتي بسبب إمكان تقدّم "حزب الله" بالنقاط، وفرضه تسوية داخلية لمصلحته بالكامل في مقابل بعض التنازلات التي قد يقدّمها في الملفّ الحدودي وعملية وقف إطلاق النار، وهذا ما يدفع إلى إيجاد حلّ قريب بين كل الأفرقاء. لكن رغبة الخماسية الدولية بإيجاد تسوية لا تتطابق مع رغبة "حزب الله" الذي بات اليوم غير مستعجل لإتمام التسوية الرئاسية، وغير مهتمّ بأي حوار داخلي قبل انتهاء المعركة الخارجية، ولديه أسباب أساسية تدفعه لهذه الاستراتيجية.
السّبب الأول أن "الحزب" بات لديه حجّة سياسية وإعلامية يقنع بها بيئته والبيئة المتحالفة معه بأنه لن يرضى بأي رئيس للجمهورية لا يؤمّن له الغطاء الرسمي ويحمي ظهره، أو بمعنى أدقّ > وفقاً للتعبير الذي استخدمه "الحزب" مع بداية المعركة الرئاسية، خصوصاً أن احتمالات الحرب لا تزال عالية، وبالتالي فهو لا يجد نفسه مستعجلاً لإبرام التسوية الرئاسية الا إذا كانت تصبّ في مصلحة مرشّحه بشكل كامل من دون أي نقاش حول بنود أخرى مرتبطة بالتعيينات.
أما السبب الثاني فهو قراءة "حزب الله" للمشهد الاقليمي الذي يعتقد أنه سيكون لصالحه في المراحل المقبلة، ما يعني أن الوقت والمعركة ونتائجها ستكون لمصلحة الحزب، وستمكّنه من فرض شروطه داخلياً وحتى على مستوى المنطقة، وبالتالي فهو غير مستعجل على الاطلاق لتقديم تنازلات وخسارة بعض المكتسبات السياسية لإدراكه أن بإمكانه الحصول عليها كاملة ربطاً بنتائج الميدان وبعد وقف اطلاق النار. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
ما الذي اختلف بين سورية ولبنان في مواجهة العدوان “الإسرائيلي”؟
يمانيون../
تشهد سورية اليوم عدواناً “إسرائيلياً” برياً وجوياً واسعاً، وذلك بالتوازي مع توليف عملية تغيير جذري وواسع للسلطة، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وحيث لم يتخط هذا العدوان الأسبوعين حتى الآن، لا يبدو أنه سوف يتوقف أو ينحسر أو حتى ينحصر قريباً.
عملياً، ودون أي شكل من أشكال المقاومة أو الدفاع او التصدي، نجحت وحدات العدو في تحقيق مروحة واسعة من الإنجازات الميدانية والعسكرية والاستراتيجية، تمثلت في النقاط الآتية:
– احتلال مساحات واسعة من الجنوب السوري ضمن ما كان محرراً من الجولان السوري، كما واستطاعت الاقتراب من دمشق ومن المعبر الرئيسي مع لبنان في المصنع، مع بدء إطلاق عملية توسع شرقاً نحو وادي اليرموك ومناطق في درعا، وفعلياً أيضاً، لا يبدو أن جغرافية منطقة السويداء جنوب شرق سورية، ستكون بمنأى عن هذا التوسع.
– تدمير (تقريباً) كل قدرات الجيش السوري وعلى المستويات والإمكانيات والأسلحة والمنشآت كافة، ووضعه في موقع ضعيف دون أية قدرة لا أمنية ولا عسكرية، وبعيد جداً عن موقع الجيش الذي كان من بين الأوائل في المنطقة، تسليحاً وعديداً وعقيدة ونفوذاً.
– انتزعت “إسرائيل” من خلال هذا العدوان موقعاً إستراتيجياً مهماً، من خلاله، أصبحت قادرة على فرض نسبة تأثير ضخمة في أي سيناريو إقليمي أو دولي يمكن أن تُستهدف فيه سيادة سورية ووحدة أراضيها وموقفها من القضية الفلسطينية ومن مشاريع التطبيع مع كيان الاحتلال.
هذا لناحية نتائج العدوان “الإسرائيلي” على سورية، أما لناحية العدوان “الإسرائيلي” على لبنان، فيمكن الإضاءة على النقاط الآتية:
يمكن القول، إن العدوان “الإسرائيلي” على لبنان قد انتهى مبدئياً مع استمرار بعض الخروقات المتمثلة باعتداءات جوية ومدفعية موضعية، وباحتلال بعض المناطق الحدودية. ويرتبط الانتهاء من كل هذه الخروقات وانسحاب العدو من المناطق المحتلة، واكتمال مسار تطبيق اتفاق تنفيذ القرار ١٧٠١ بانتشار الجيش اللبناني وتنفيذه الخطة الأمنية موضوع القرار المذكور.
عملياً، في سورية تخطت “إسرائيل” اتفاقية فض الاشتباك بينها وبين سورية عام ١٩٧٤، والتي حصلت برعاية مجلس الأمن بعد توقف الحرب عام ١٩٧٣، ونجحت في سورية، وفي فترة وجيزة، بتحقيق ما ذكر أعلاه ميدانياً وعسكرياً وإستراتيجياً، بينما في لبنان، وبعد عدوان واسع استمر لأكثر من خمسة عشر شهراً، أقصى ما تحقق هو التزام الطرفين (اللبناني والإسرائيلي) بتطبيق القرار ١٧٠١، والذي كانت “إسرائيل” قد امتنعت عن تطبيقه منذ صدوره حتى اليوم، والأهم أنها فشلت في تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعتها لعدوانها، المعلنة منها وأهمها إنهاء المقاومة وإعادة المستوطنين والأمان إلى شمال فلسطين المحتلة، وغير المعلنة منها، وأهمها السيطرة على منطقة جغرافية عازلة، مماثلة للمنطقة العازلة التي احتلتها مؤخراً في الجنوب السوري.
من هنا، وفي ظل هذا الفارق الفاضح بين ما حققته “إسرائيل” في سورية بمدة وجيزة، وبين الهزيل مما حققته في لبنان بمدة طويلة، يبقى الفاصل الأساس هو ثبات رجال حزب الله في الميدان، ويبقى لصمود المقاومة في المواجهات المباشرة وعلى مسافة صفر، وللدماء الذكية التي نزفت بين أحياء وحارات ومنازل البلدات الحدودية المعروفة، التأثير الأكبر والحاسم في تحقيق انتصار صارخ بوجه عدو قادر وغادر، يحمل في فكره إستراتيجية تاريخية دينية، مشبعة بالأطماع وبأهداف التوسع والاحتلال.
العهد الاخباري ـ الكاتب : شارل أبي نادر