السباحة الشتوية .. رياضة علاجية للعقم وتقوية المناعة
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
يعشق بعض الجزائريين السباحة إلى درجة الجنون. وبما أن الجنون فنون، فلقد ظهر ببلادنا فن من فنون السباحة يسمى بالسباحة الشتوية، التي يمارسها عشاقها في عز البرد. وقد نعتقد بذلك أنهم مجانين يخاطرون بصحتهم وحياتهم. ولكن، لو عرفنا ما في السباحة الشتوية من فوائد صحية، لنازعناهم ولنافسناهم على ممارستها في الشواطئ والمسابح.
عوم في عز البرد
بصفة فردية أو ضمن مجموعات مؤطرة، صار الكثير من الجزائريين يُقبلون على ممارسة السباحة الشتوية، خاصة بعد التغييرات المناخية التي طرأت على الطقس في بلادنا، التي جعلت فصل الشتاء أكثر دفئا مقارنة بما كان عليه منذ عشريات سابقة. ومن هؤلاء المجانين الذين يعشقون السباحة في عز البرد “رامي. س”، شاب في بداية الثلاثينيات من عمره، من ولاية بومرداس، يخرج كل مساء إلى أحد شواطئ تلك المدينة الساحلية، وبعد قيامه ببعض التمارين الإحمائية للجسم، يدخل الماء البارد، أين يمكث لبضع دقائق ثم يخرج، ليعاود الكرّة وهو يسبح بزيادة مدة بقائه داخل البحر شيئا فشيئا. سألناه إن لم يتعرض لمشاكل صحية منذ بدايته ممارسة السباحة الشتوية، فأجاب: “في الأول، تعرضت لنزلات برد، لكن مع الوقت والممارسة، تعودت ولاحظت الكثير من المنافع الصحية التي اكتسبتها بفضل هذه السباحة.”
أكبر عدو للسباح هو البرد
أما على صعيد المنتخبات الوطنية، فإن المستشار في الرياضة والمدرب الوطني السابق تخصص سباحة، السيد تريكات إبراهيم، فينفي رياضيا وجود نوع من السباحة يسمى السباحة الشتوية، ويصف هذا النوع من الانغماس في ماء البحر البارد بمجرد تحديات أو مغامرات شخصية أو سباحة ترفيهية، يقوم بها بعض الأشخاص وليست سباحة رياضية، أي ليست مصنفة ضمن البطولات الدولية أو الألعاب الأولمبية. فالبرد هو أكبر عدو للسباح الذي يجب أن يسبح في مياه تتراوح حرارتها ما بين 18 و27 درجة، لأن جسمه لا يتحمل العوم أو التدرب في مياه باردة لمدة طويلة. فحرارته سوف تتدنى، وتحدث له تقلصات في العضلات أو في الشرايين الدموية، ناهيك عن الأمراض الناجمة عن السباحة في الماء البارد كالتهابات الأذن والقصبات الهوائية والالتهاب الرئوي. لهذا، فالسباحون الرياضيون يتدربون شتاء في مسابح مغطاة.”
درهم سباحة خير من قنطار علاج
للسباحة في الماء البارد فوائد صحية عديدة. فهي، كما يؤكد طبيب الصحة العمومية امحمد كواش: “رياضة علاجية للكثير من الأمراض، إذ تشجع الكثير من المدارس الطبية في العالم على العوم في الماء البارد. فهي علاج للاكتئاب والتوتر والقلق والضغط العصبي عند بعض الأشخاص. كما تعالج العقم والروماتيزم والأعصاب. وتقوي المناعة، لأن الماء البارد يؤدي إلى زيادة عدد كريات الدم البيضاء، ويرفع من مستوى هرمون السعادة، “الأندروفين.”
احذروا مخاطر الصدمة الحرارية
ولكن كل ما ذكرناه من فوائد، لا ينفي وجود بعض المخاطر التي يجب الانتباه إليها عند ممارسة السباحة الشتوية، يضيف الدكتور امحمد كواش:
-على الشخص الذي ينوي ممارسة السباحة الشتوية أن يخضع لفحص طبي شامل، لأنه قد يتأثر بشكل كبير جدا، إذا كان يعاني من أمراض الحساسية وضيق التنفس. كما يجب التأكد من سلامة القلب.
-يجب أن تخضع السباحة الشتوية لتأطير طبي وفريق تدريب متكون ومؤهل، لأن هناك فروقات في درجة الحرارة بين جسم الإنسان، التي تبلغ 37 درجة ودرجة حرارة الماء البارد. فإذا دخل الإنسان في مياه درجتها 0 مئوية، فهذا قد يعرضه للصدمة الحرارية التي قد تؤدي إلى السكتة القلبية.
-لا يجب المخاطرة بالسباحة عندما يكون الجو مضطربا والرياح عاتية والبحر هائج.
– تفادى تعريض جسمك لصدمة حرارية بالدخول فجأة في الماء البارد. وإنما قم بصب الماء البارد على جسدك شيئا فشيئا.
-لا ينصح بالبقاء في الماء البارد لأكثر من 10 دقائق كي لا تتدنى درجة حرارة الجسم إلى مستويات قاتلة.
ليلى حفيظ – الشروق الجزائرية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الماء البارد
إقرأ أيضاً:
فاطمة الصريدي تبتكر حلولاً علاجية لأمراض القلب والسكري
خولة علي (أبوظبي)
في ظل التقدم الملحوظ الذي يشهده العالم في مجالات الطب والأبحاث العلمية، تثبت الكفاءات الإماراتية قدرتها على الريادة والابتكار في مجالات الطب الحيوي، ومن بينها فاطمة راشد سعيد الصريدي، التي تسير بخطى واثقة وطموح لا يعرف الحدود، حيث تمزج بين خبرتها كموظفة في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، ودراستها الدكتوراه في الطب الجزيئي وتطبيقاته الإكلينيكية في كلية الطب بجامعة الشارقة.
ومن خلال مشروعها البحثي المتميز، الذي يركز على تأثير مثبطات نواقل الصوديوم والجلوكوز (SGLT2i) على صحة القلب والأوعية الدموية، وخلايا «بيتا» المشتقة من الخلايا الجذعية، تسعى الصريدي إلى تقديم حلول علاجية مبتكرة تجمع بين العلاجات الدوائية والطب التجديدي. وبفضل دعم القيادة الرشيدة وإيمانها بأهمية البحث العلمي، استطاعت أن تثبت بصمتها في هذا المجال الواعد، واضعة نصب عينيها تحقيق أهداف تتمثل في تحسين جودة الحياة لملايين المرضى حول العالم.
مسيرة متميزة
وفي حوارها مع «الاتحاد» تحدثت فاطمة الصريدي، عن مسيرتها العلمية المتميزة وإنجازاتها في مجال الأبحاث الطبية، حيث تخصصت في علم أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وتسعى من خلال أبحاثها إلى تطوير استراتيجيات علاجية مبتكرة لتحسين حياة المرضى، لاسيما وأن الإحصاءات تشير إلى معاناة 17.3% من السكان في الإمارات من مرض السكري.
فرصة استثنائية
وتعرب فاطمة الصريدي عن خالص امتنانها للدعم اللامحدود الذي تقدمه القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، والتي تسعى دائماً إلى إيجاد فرص مميزة في أرقى المراكز البحثية في العالم للأطباء والباحثين المتميزين، مشيرة إلى أن هذا الدعم أتاح لها فرصة استثنائية للتدريب في مستشفى مايو كلينيك، أحد أبرز مراكز الأبحاث الطبية في العالم، كما تشيد بدور المؤسسة في دعم الأبحاث العلمية في مجالات متنوعة تشمل أمراض السكري، القلب، الأمراض المعدية، والتصلب المتعدد.
وتؤكد الصريدي أن هذا الدعم يسهم في توفير فرص تدريب بحثية متميزة للكفاءات الإماراتية، وفي إيجاد حلول علاجية مبتكرة تخدم الدولة، لافتة إلى أهمية التدريب في «مايو كلينيك»، الذي يُعد مركزاً رائداً يحتضن نخبة من الأبحاث المتقدمة، مشيرة إلى أنها من خلال هذا الدعم تمكنت من العمل في مركز أبحاث الطب التجديدي تحت إشراف الدكتور بيترسون كوين، حيث طوّرت مشروعها البحثي لاستكشاف التأثيرات الوقائية لمثبطات نواقل الصوديوم والجلوكوز (SGLT2i) على صحة القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى دورها في دعم خلايا «بيتا» المشتقة من الخلايا الجذعية، التي تُعد جوهر إنتاج الإنسولين لدى مرضى السكري.
طب تجديدي
وسلِّطت فاطمة الصريدي الضوء على أهمية الطب التجديدي في مجال الخلايا الجذعية بوصفه مستقبل الطب الحديث، موضحة أن الأبحاث الحالية تسعى إلى إيجاد علاجات جذرية تعيد بناء الأنسجة المتضررة وتحسِّن وظائف الأعضاء، وهي تعمل على تحقيق نقلة نوعية في علاج أمراض القلب والسكري، من خلال دمج العلاجات الدوائية بالخلايا الجذعية، حيث تتطلع إلى تجديد خلايا القلب التالفة وإعادة تنشيط خلايا «بيتا» المنتجة للإنسولين.
وتقول: «إن دعم هذا النوع من الأبحاث يضعنا على طريق تحقيق علاجات جذرية، وليس فقط إدارة الأعراض، فالمستقبل يحمل وعوداً كبيرة بفضل الابتكارات التي تجمع بين الأدوية المتقدمة والخلايا الجذعية في نهج واحد متكامل يُعيد الأمل للمرضى».
رؤية مستقبلية
تطمح فاطمة الصريدي إلى المساهمة بأبحاثها في تحسين جودة حياة المرضى، وتعزيز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار الطبي، كما تسعى إلى تطبيق نتائج أبحاثها مباشرة في المجال السريري لتطوير استراتيجيات علاجية متقدمة تجمع بين الأدوية والخلايا الجذعية، مؤكدة أن الابتكار العلمي يشكل حجر الأساس لتحقيق رؤية مستقبلية طبية مشرقة.
تحديات وإنجازات
توضح الصريدي أن التوفيق بين الدراسة وإجراء التجارب المتقدمة في مجال الخلايا الجذعية، كان من أبرز التحديات التي واجهتها، وبالرغم من ذلك، تمكنت من التغلب على هذه التحديات وتحقيق إنجازات ملموسة، منها نشر أبحاث علمية في مجلات علمية مرموقة، مما أثار اهتمام الباحثين العالميين، مع إتاحة الفرص للمشاركة في مؤتمرات دولية بارزة، مثل مؤتمر مايو كلينيك للباحثين، والندوة السنوية الخامسة لأبحاث جراحة الأعصاب، والتي قدمت عبرها مشروعاً مبتكراً عن تشوهات الأوعية الدموية الدماغية، مما أتاح لها التفاعل مع خبراء في هذا المجال. وبفضل نتائجها المتميزة، حصلت على تمديد للتدريب في «مايو كلينيك» للعمل على مشاريع بحثية جديدة.