آخر تحديث: 18 يناير 2024 - 10:50 ص بقلم:سمير عادل حط محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي رحاله في دافوس للاستجمام والاسترخاء، وبالتأكيد ليس للمشاركة الفعالة في الاجتماع السنوي الذي يقام في المدينة السويسرية، حيث يحضره أثرياء العالم وأصحاب الشركات وممثلي الدول لعقد الصفقات السياسية وإبرام الاتفاقيات الاقتصادية.

فالعراق ليس فيه دولة بالمعنى الأمني والقانوني والسياسي تحمي رأس المال الذي بطبعه جبان كما يصفه ماركس، وفيه حكومة عُوِّم رئيسها وعينه تحالف المليشيات الموالي لإيران، وعدد من اعضائها رؤوس بارزة فيها، ومنهم من دونت اسمائهم في لائحة العقوبات الامريكية بتهمة الارهاب، ووظيفتها الوحيدة أي تلك الحكومة تعد الصواريخ التي تطلقها المليشيات على القواعد الامريكية، و تحصي الضربات الامريكية على مقرات تلك المليشيات، وبعد الانتهاء من الدوام الرسمي تصدر بيانات الإدانة للطرفين وتشجب وتستنكر وتعلن عن تشكيل اللجان التحقيقية، فهي تقف في مسافة واحدة من جميع الأطراف المتصارعة على الساحة العراقية. ما حدث في ليلة الخامس عشر من كانون الثاني ٢٠٢٤ في ضرب مدينة أربيل بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من قبل الحرس الثوري الإيراني، يعكس حالة هشاشة الحكومة، والتي تعتبر أكثر الحكومات هزالة منذ غزو واحتلال العراق في ٢٠٠٣، باستثناء حكومة المالكي التي سلمت ثلث مساحة العراق الى عصابات داعش. ان هزالة هذه الحكومة لا تكمن فقط في عدم قدرتها على التخلص من “السلاح المنفلت” وهو الاسم الحركي للعصابات والمليشيات الموالية لإيران، والمضي في بناء صرح الدولة وبغض النظر عن محتواها وهويتها السياسية، بل تكمن في تصريحاتها الصحفية التي اقل ما توصف بالمهزلة، حيث تعلن انها شكلت لجنة تحقيقية للبت في القصف الصاروخي الأخير لأربيل وتُعلم الشعب العراقي بنتائج التحقيق، وليخرج بعدها ممثلها مستشار الأمن الوطني قاسم الاعرجي ليقول لنا ان المنزل الذي تم استهدافه من قبل الحرس الثوري ليس وكرا للتجسس، ويزيد في الطين بلة حيث يضيف ان الوفد العراقي كان لديه اجتماعا مع الوفد الأمني الإيراني في الخامس عشر من الشهر الفائت ولم يبلغهم عن أي شيء او أنهم عازمين بالإقدام على جريمتهم. والسؤال هو هل لدى الحرس الثوري الحقانية والمشروعية في قصف مدينة أربيل لو كان المنزل حقا منزلا للتجسس ويخبرون الطرف العراقي بيوم الضربة؟ ولكن يبدو ان مفهوم السيادة الذي غطى بيان حكومة السوداني له مفهوم مغاير ومختلف عن بقية حكومات العالم، فالمهم يجب أن يعرف القاصي والداني ان العراق ليس “وكالة من غير بواب” وبغض النظر أنه (لا يحل ولا يربط)! ان الحقيقة التي تريد ان تعلنها حكومة السوداني على الشعب العراقي، مثل الحقيقة التي كشف عنها حول قتلة متظاهري انتفاضة تشرين أكتوبر، او قاتل المحلل السياسي هشام الهاشمي، الذي يتم اعادة محاكمته لاطلاق سراحه بعد ان ادانته المحكمة في عهد حكومة مصطفى الكاظمي، وتحقيقاتها تشبه تحقيقات الحرس الثوري والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية بعيد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في مطار بغداد في كانون الثاني من عام ٢٠٢٠، فهي أعلنت أيضا حينها بانها ستشكل لجنة تحقيقية بحادث الاغتيال، في حين صرح دونالد ترامب الرئيس الأمريكي بأنه هو من أصدر الأوامر بشكل مباشر في تصفية سليماني. ولكن يبدو ان السوداني يكتسب التجربة والخبرة من الجارة إيران، أليست المليشيات الموالية لولاية الفقيه هي من عينته وشكلت حكومته! ان من أوصل العراق الى ساحة مفتوحة لعبث وبلطجة الحرس الثوري الإيراني وعصابتها من المليشيات هي الأطراف الموجودة في الإطار التنسيقي، سواء التي مهدت وأعطت الشرعية لغزو واحتلال العراق في مؤتمر لندن عام ٢٠٠٢ او التي غيرت جلدها و بوصلتها الأمريكية ولبس جلد ايراني وتقتدي ببوصلة جديدة. وكل جعجعات الحكومة بتقديم شكوى ضد إيران في مجلس الامن وسحب سفيرها من طهران، ليس سوى زوبعة في فنجان وذر الرماد في العيون، ومحاولة لامتصاص النقمة المتنامية ضد النفوذ الإيراني وميليشياته التي ترفع شعار المقاومة والممانعة والقوى المؤيدة لها المتورطة بالفساد والنهب والسرقة على حساب جماهير العراق، وسواء بينتها المعطيات في انتفاضة أكتوبر او في الانتخابات الأخيرة، حيث تستعر نيران غضب في صدور الغالبية العظمى من جماهير العراق التي قاطعت الانتخابات الأخيرة بنسبة أكثر من ٨٥٪. ولا تعدو خطوة حكومة السوداني تلك أبعد من خطوة دعائية وإعلامية كما اقامت الدنيا ولم تقعدها في إخراج القوات الامريكية بعد قتلها لاحد قادة المليشيات المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي. وببساطة سلطة الإطار التنسيقي المستبدة والفاسدة التي تقف خلف حكومة السوداني وتساندها قائمة على دعامتين؛ الأولى الدعامة الامريكية والثانية الدعامة الإيرانية وميليشياتها في العراق، وبانهيار أي من الدعامتين، فلا قائمة تقوم لهذه السلطة الجائرة بالمعنى المطلق. وقد وضع اعلان الحرس الثوري الإيراني بمسؤوليته عن قصف مدينة أربيل الاطار التنسيقي في وضع لا يحسد عليه، ومن جانب آخر عمقت نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي نظمت في ١٨ من شهر الفائت ٢٠٢٣ من أزمتها، حيث جاءت النتائج مخيبة للآمال، وليس بسبب مقاطعة اكثر من ٨٥٪ للانتخابات، بل بسبب فشلها في إزاحة مخالفيها من المحافظات سواء المحاذية لإيران مثل واسط والبصرة او في احدى قلاعها الرئيسية مثل كربلاء، فضلا على بغداد والموصل التي سخرت فيها كل ميليشياتها وأموالها وامكانياتها، ولذلك لجأت الى فذلكة قانونية للتخلص من معارضيها بإصدار قرار وزاري من قبل مجلس الوزراء بإبعاد جميع المحافظين السابقين. بمعنى آخر أن مأزق السوداني وحكومته هي مازق نفس تحالف الميليشيات واحزابها السياسية الذي يسمى بالإطار التنسيقي، حيث تتضارب فيه المصالح والرؤى، ولكنها متفقة على تصفية المعارضين السياسيين لها وحسم مصير السلطة السياسية، وجاءت رياح حرب غزة بما لا تشتهي سفنها، وبدأت تلك الرياح التي يعتبرها الإطار التنسيقي رياح سموم تتحول الى عاصفة ترابية عاتية تضرب جذور المعادلات السياسية في المنطقة ومنها العراق. بالنسبة لإيران، فان إطلاق الصواريخ الباليستية من قبل الحرس الثوري بقصف مدينة أربيل بهذا الشكل والإعلان عن مسؤوليته وعرض المسيرات التي شاركت في القصف أيضا في وسائل الاعلام، وخاصة جاءت بعد الضربات الامريكية-البريطانية على حلفاء إيران في اليمن، انما الهدف منه هو الحيلولة دون المساس بالنفوذ الإيراني في العراق ودرء اية مخاطر عن المصالح الإيرانية بشكل مباشر وغير مباشر، بعد ان وجدت طهران بعدم جدوى ضربات المليشيات الموالية لها على القواعد الامريكية في العراق. وفضلا على ذلك أن الضربات الصاروخية التي تزامنت على العراق وسوريا وأفغانستان او بلوشستان باكستان هو جزء من خلط الأوراق للتعمية على هدفها الحقيقي المشار اليه، وتصب أيضا في ترقيع صورة إيران التي تخدشت ومحاولة لإعادة انتاج الاعتبار لها، بعد قتل ١٢ من قادة الصف الأول للحرس الثوري في سوريا وعلى رأسهم رضوى موسوي في الشهر الفائت وتفجيرات مدينة كرمان في ذكرى اغتيال قاسم سليماني. وأخيرا تواجه حكومة السوداني والتحالف التنسيقي استحقاق كبير أمام الجماهير التي لفظتهم وقاطعت انتخاباتهم، وبات صبرهم ينفذ، ولطالما تريد سواء الحكومة أو ذلك الإطار الميليشاتي طمسه أو ترحيله عبر إشغال الجماهير بالتهليل الدعائي وبالقصف الإعلامي، تارة بشعار المقاومة والممانعة ونصرة القضية الفلسطينية، وتارة أخرى بإخراج القوات الامريكية وآخرها برفع لواء احتجاج ضد الحرس الثوري الإيراني وحلفائه ممن ثبت حكومة السوداني، ذلك الاستحقاق هو تحقيق الأمن والأمان وتوفير فرص العمل لأكثر من ١٢ مليون عاطل عن العمل وسيادة الحرية والرفاه في بلد يقبع على كنوز مهولة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الحرس الثوری الإیرانی الإطار التنسیقی حکومة السودانی مدینة أربیل من قبل

إقرأ أيضاً:

مجموعات عراقية مسلحة تدافع قاض اتهم بدعم النفوذ الإيراني في العراق

نشر الخبير العراقي في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا٬ أمير الكعبي٬ تحليلا سياسيا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى٬ يتناول مساعدة أربع مليشيات شيعية عراقية مسلحة مدرجة على قوائم الإرهاب لدى الولايات المتحدة٬ لرئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان٬ الذي يتهمه نواب بالكونغرس بالمساعدة في بسط النفوذ الإيراني في العراق.

في 27 حزيران/يونيو الماضي، نشر عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مايكل والتز منشور على منصة "إكس"، مفاده أن رئيس "مجلس القضاء الأعلى العراقي" هو محور المؤامرة التي تحيكها إيران لإعادة العراق إلى تبعيتها.

Faiq Zidan, President of the Iraqi Supreme Judicial Council, is at the center of Iran’s plot to turn Iraq into a client state.

The first step in dismantling the Ayatollah’s network of control is to clearly name who is doing his bidding.https://t.co/rbSiufASd5 — Rep. Mike Waltz (@michaelgwaltz) June 27, 2024
وأضاف "لتفكيك شبكة التحكم التي يسيطر عليها آية الله، يجب أولاً ذكر أسماء الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ تعليماته".

وجاءت تعليقات والتز بعد موافقة "مجلس النواب الأمريكي" على ميزانية المساعدات الخارجية السنوية التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية، وقد أجرى والتز تعديلاً عليها معتبراً أن "مجلس القضاء الأعلى في العراق٬ بقيادة القاضي فائق زيدان هو من أدوات النفوذ الإيراني.


وألقى التحليل بالضوء على المليشيات الشيعية العراقية المسلحة التي توطأ الطريق لزيدان بحسب الباحث.

كتائب سيد الشهداء
 كان أبو آلاء الولائي٬ قائد مليشيا "كتائب سيد الشهداء"٬ والمدرج هو وجماعته على قائمة واشنطن للإرهاب، قد أصدر بياناً رد فيه على منتقدي رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي٬ جاء فيه: "القضاء العراقي من دعائم الدولة وأركانها الراسخة، التي بُذلت لأجل تثبيتها أطهر الدماء وأقدس التضحيات فلا نسمح بالإساءة إليه أو التدخل في عمله أو إخضاعه أو إضعافه بأي شكل من الأشكل".
pic.twitter.com/nPGPRyAzbg — ابو الاء الولائي (@aboalaa_alwalae) June 30, 2024
وأكد الولائي: "نؤكد أن التطاول على رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور فائق زيدان، هو أمر مرفوض٬ ونعدّه تعدياً سافراً على السيادة العراقية".

كتائب حزب الله
أما مليشيا "كتائب حزب الله" المصنفة على قائمة الإرهاب الأمريكية، والتي قتلت ثلاثة جنود أمريكيين في 28 كانون الثاني/يناير 2024 للدفاع عن زيدان. فسارعت إلى إصدار بياناً يدعمون فيه زيدان جاء فيه: "ندين بأشد العبارات ما صدر عن أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي تجاه السلطة القضائية العراقية، وتحديداً رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور فائق زيدان، وهذا ما يؤكد أن مثل هذه التصريحات المدفوعة الثمن٬ لا قيمة لها في بلدنا الرافض لسياسة واشنطن العدوانية".

حركة النجباء
قام قائد المجلس السياسي في "حركة النجباء"٬ علي الأسدي٬ والمدرجة في قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، بنشر تغريدة جاء فيها: "اليوم، لا بدّ أن نسأل السياسيين العراقيين الذين يعدّون الاحتلال الأمريكي شريكاً سياسياً: كيف لكم أن تثقوا وتروجوا لشريك يوجّه كل يوم إهانة إلى الدولة وأركانها؟ وهذا الامتهان والتقليل من الشأن العراقي على الصعد كافة، وآخره ما يتداول من مقترح من قبل النائب الأمريكي (مايك والتز) إلى الكونغرس والذي يقضي بتنصيف السيد فائق زيدان ومجلس القضاء الأعلى كأدوات لإيران!"
pic.twitter.com/Xbk7gsBuz7 — الشيخ علي الاسدي (@Ali_1AlAsadi) June 29, 2024
عصائب أهل الحق
وفي السياق نفسه، صدر بيان عن رئيس كتلة "الصادقون" النيابية، حبيب الحلاوي، وهي الجبهة السياسية لمليشيا "عصائب أهل الحق" المدرجة على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، جاء فيه: "تصريحات النائب الأمريكي مايك ولتز تجاه رئيس مجلس القضاء الأعلى "لا يسمن ولا يغني من جوع" وتعتبر خرقاً للأعراف الدبلوماسية الدولية وتدخلاً في شؤون العراق الداخلية ونحن في السلطة التشريعية نرفض هذه التدخلات المستفزة والقضاء العراقي خط أحمر ولا نسمح بالتجاوزات التي تطال القاضي فائق زيدان وعلى الخارجية العراقية إصدار بيان استنكار وحفظ هيبة السلطة القضائية في العراق".


ووفقا للباحث فإن هذه التصريحات تكشف بمجملها الكثير عن عقلية الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.

فأولا، "تميل الميليشيات إلى اتهام والتز بأنه تلقى أموالاً مقابل موقفه تجاه زيدان، وذلك ربما لأن جماعات مثل "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" تفرط في استغلال النواب العراقيين للقيام بهجمات مدفوعة الأجر"، حسب التقرير.

وتابع: "ثانيا، تفترض هذه الجماعات أن انتقاد زيدان يأتي من منطلق سياسي وبالنيابة عن طرف ثالث، وهم الأكراد في هذه الحالة، وذلك مجدداً لأن بيع المواقف البرلمانية وشراءها وتوجيهها نحو أفراد أمر مألوف في العراق اليوم".

مقالات مشابهة

  • مجموعات عراقية مسلحة تدافع عن قاض متهم بدعم النفوذ الإيراني في العراق
  • مجموعات عراقية مسلحة تدافع قاض اتهم بدعم النفوذ الإيراني في العراق
  • بلا حياء.. الحرس الثوري الإيراني: أيدينا مكبلة ولسنا في وضع يسمح باتخاذ إجراء ضد إسرائيل
  • وزير سابق وقيادي بالإطار التنسيقي يهاجم السوداني: “رايح زايد” في إعطاء الأموال لإقليم كردستان!
  • ‏تركيا توقف 474 شخصا بعد أعمال عنف استهدفت مصالح سوريين
  • الحرس الثوري الإيراني: لدينا القوة لكن أيدينا مكبلة عن الاحتلال
  • الحرس الثوري الإيراني: نتمنى فرصة لعملية الوعد الصادق 2 ضد إسرائيل
  • الحرس الثوري الإيراني: لا نستطيع نصرة غزة ومهاجمة إسرائيل لأن ”أيدينا مكبلة”
  • حزب بارزاني:حكومة السوداني واهنة في الدفاع عن سيادة العراق أمام التوغل التركي
  • الإطار ينتفض والصدري صامت حول مشروع قانون في الكونغرس الأميركي يستهدف شخصيات عراقية