أفادت المديرية العامة للأمن الدولة أن (س. خ.)، طالبة في إحدى مهنيّات الشمال، يتيمة الأمّ، أُغرِمت بشابٍّ سوريّ وأرادت الزواج به، وبعد رفض والدها للفكرة ومنعها من الزواج، وهي قاصر لم تتعدَّ الـ 17 عاماً، اضطرّ والدها إلى إرغامها على ترك المهنيّة خوفاً من لقائها الشابّ الذي تحبّه. بعدئذٍ، راحت صديقتها (إ.

ح.) وهي طالبة زميلة لها في المهنيّة أيضاً، تزورها في البيت مع زوجها المدعوّ  (م. ح.)، وأقنعاها بسرقة خزنة والدها القائمة في محلّه لبيع الثياب في طرابلس، والتي كانت تعرف (س. خ.) الأرقام السريّة لفتحها. بعد التخطيط من قبل (م. ح.) وزوجته (إ. ح.)، توجّهت هذه الأخيرة مع (س. خ.) إلى محلّ والدها واحتجّتا بأخذ بعض الأشياء العائدة لـ (س. خ.) من المحلّ، وصعدتا إلى الطبقة العلويّة منه حيث توجد الخزنة، وفتحتاها وسرقت (س.خ.) منها مبلغاً قدره 95 ألف دولار، ثمّ أعادتا إغلاقها وهربتا إلى جهةٍ مجهولة. لم تعد (س. خ.) إلى منزل والدها في ذلك اليوم، وأقفلت هاتفها الخلويّ، فتقدّم والدها ببلاغ في مديريّة الشمال الإقليميّة في أمن الدّولة، التي سارعت إلى التحرّك، وبعد أقلّ من 24 ساعة، تمكّنت من اكتشاف مكان اختفاء الفتاة والمحرّضَّين لها، في شقة مستأجرة في منطقة ضهر العين، وبعد دهم الشقة وتفتيشها، عُثر على المبلغ المسروق وتمّ توقيف الأشخاص الثلاثة المتورّطين بناءً على إشارة القضاء، وتسليمهم  مع المضبوطات إلى الجهات الرسميّة المختصّة لإجراء المقتضى القانونيّ.  وأوضحت أنه على الرغم من القبض على الفتاة القاصر التي سرقت أموال أبيها بتحريضٍ من صديقتها وزوجها، والجهد الإستثنائيّ الذي قامت به مديريّة  الشمال، إلّا أنّ للمراهقين دائماً اندفاعتهم وتسرّعهم وانجرافهم وراء مشاعرهم المؤذية لمستقبلهم في مواقف كثيرة، ربّما بسبب غياب المتابعة والتوعية، وهنا كلّنا في لبنان نتحمّل مسؤوليّة هذا التقصير، ولا سيّما أنّ الفتاة يتيمة الأمّ، فلا بدّ من حملات تتساعد فيها كلّ المؤسّسات الرسميّة والأهليّة على تجنيب الشباب اللبنانيّ الكثير من الارتكابات التي يعاقب عليها القانون، حفاظاً على سلامتهم ومستقبلهم وتعبهم وتعب أهلهم عليهم.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

المعنى في الصورة- مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى

 

المعنى في الصورة– مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى

وجدي كامل

24 أبريل 2025

عندما تُقرأ الحربُ لا من فُوَّهةِ البندقيّة، بل من تعبيرات الوجه، ووَضْعِيّات الجسد، ونظرات الازدراء والتحدّي، فإنّنا نكون في صُلبِ معركةٍ أعمقَ للحرب الثقافيّة الرمزيّة، التي تُمهِّدُ لما بعدها من عنفٍ ودمار. فالتحليلُ للحربِ الدائرةِ بأنّها حربٌ تستمدُّ تغذيتها من تاريخٍ مهولٍ من العنصريّةِ والكراهيّةِ وشَتّى علاماتِ الانقسامِ الاجتماعيّ والثقافيّ، قد يستغرق وقتًا وعملًا معلوماتيًّا مُجهِدًا، قد يحتاج إلى عشرات المؤلّفات، كما هي مبذولةٌ لمن أراد التثبّت من الوقائع والإقناع بها. ولكن، صورة فوتوغرافيّة واحدة، في أقل من ثانية، مُقْتطَعة من تصوير فيديو جرى بكاميرا الهاتف أو بكاميرا احترافيّة، في هذا التوقيت من الزمان، تُصبح قادرةً على إيصال المعنى والتأكيد على الحُجّة. هكذا، انتشر في الأيام الماضية مقطعٌ لفيديو يُظهِرُ شخصًا بدينًا، ضخمَ الجثة، شماليَّ أو وَسَطيَّ الملامح، في لحظة تصوير وهو يتهجّم على صبيّ، تقول هيئتُه إنّه قادمٌ من إحدى مناطق الغرب، أو جبال النوبة، أو جنوب النيل الأزرق، فأبطَلَ من تدفُّقِ الرجل، الذي كان – وفيما ثبت لاحقًا – يُسجّل مقطعًا عن عودة الحياة لطبيعتها في منطقةٍ من مناطق الجزيرة، لصالح قناة الجزيرة مباشر. تحرُّشُ البدين بالصبيّ في وسط سوق الخضار لم يكن لخطأٍ مقصودٍ أو إساءةٍ مُفتعلةٍ قام بها الصبي، عندما قاطع التصويرَ بمروره ما بين البدين والكاميرا، بل لسوء تقدير، أو عدم معرفة أصلًا بما يجري من تصوير، وما يتطلّبه من سلوكٍ حركيّ ما بين المتحدّث والكاميرا. لاحقًا، ذُكرت المعلومات أنّه “الشيخ” عبد الباسط الشُّكري، والذي وصفه المحلّلُ المعلوماتيّ والصحفيّ الاستقصائيّ بُشرى علي بأنّ آخر وظيفةٍ تسنَّمها كانت مشرفًا على خلوة مجمّع إبراهيم مالك، وما عُرِف عنه حينها باهتمامه بركوب عربته الـ”برادو” الجديدة أكثر من اهتمامه بوظيفة الإشراف على الخلوة. وأنّ المصوّر هو شقيقه المراسل، الذي -فيما يبدو- أراد أن يخصّ شقيقه الأكبر سنا بالإكراميّة الماليّة التي تُقدّمها القناة في مثل هذه الإفادات. أظهر الفيديو المُتداوَل عبد الباسط متحرّشًا بالصبي، بينما أبدى الأخيرُ ردًّا دفاعيًّا استثنائيًّا عن كرامته بعدم الانصياع لأوامر عبد الباسط بالابتعاد من دائرة التصوير، الأمر الذي سجّل إعجابًا شعبيًّا منقطع النظير، منحازًا للحظة دفاع الصبي عن نفسه. الصورة، بالتفاصيل التي أوردتها لغةُ الكلام والجسد، عبّرت عن السلوك العنيف، غير الإنسانيّ، للشيخ عبد الباسط، بحيث انطوت على توبيخٍ لم يكن يجد تبريرًا إلّا في سياقٍ يُذكّرُ بتعامل التّجار التاريخيّين في الرقّ، أو سادة الحملات الاسترقاقيّة باحتقارهم لرعاياهم من المُستَرَقّين. غير أنّ ردّة فعل الصبيّ المُستنكرة ألغت كلّ “ملكيّة” مزعومة لعبد الباسط في الأمر والنهي. لقد كشفت الصورةُ بجلاءٍ عن انتفاض كرامة “المُستَعبَد المفترَض”، التي رفضت الانصياع، وتمرّدت على التوبيخ، فواجهت النظرة الفوقيّة بندّيّةٍ مذهلة، ما جعل المشهد ليس مجرّد شجار، بل احتكاك هُويّتين: هُويّة “السّيّد”، المرتكزة على الجسد المترهّل، والملبس التقليدي، والميكروفون المثبَّت بعناية، والذي يحمل صورة “الشرعيّة” الإعلاميّة والدينيّة؛ وهويّة الصبيّ، الباحث عن ردّ اعتبار لكرامته التي جُرِحت. القراءة السيمائيّة البصريّة لزاوية التصوير تُظهر عبد الباسط وهو يطأ بظلّه الجسديّ والنفسيّ على مساحة الطفل، فتعكس نظامًا تراتبيًّا مُكرّسًا، كأنّه يقول: “أنا الأعلى، أنت الأدنى”. فلغةُ الجسد، التي تعتمد على القُرب لدرجة الالتحام المُهدِّد بالضرب واستعمال العنف، تصنع خطابًا بصريًّا مُنتِجًا للمعنى، من صراع الاحتقار والمقاومة في دلالته العامّة. أمّا زاوية التصوير، أو الصورة فلسفيًّا، فتقول أكثر مما يُقال. ففي نظريّة ميشيل فوكو عن السلطة، يُفهم الجسد كمساحةٍ تُمارَس عليها أنظمة الضبط والانضباط. وفي هذه الصورة، يحاول “الشيخ” أن يضبطَ الجسد الخارج عن الطاعة – جسد الصبي – لكن الردّ المقاوم يفضح آليّات السلطة كلّها، بالتحدّي، إلى عكسه: شدّ الصبي لجسده، وإرساله نظرةَ تحدٍّ استثنائيّة للشُّكري. أمّا في سيمياء رولان بارت، فهذه الصورة تُمثّل لحظةَ انفجارٍ للمعنى، الذي أعاد تعريفها كونها ليست مجرّد صورة، بل خطابًا اجتماعيًّا كاملًا، مشحونًا بالعنصريّة، والتاريخ، والمقاومة، مما يجعلها ليست فقط توثيقًا للحظةٍ عابرة، بل شهادةً بصريّة تعبّر عن أنّ الانقسام الاجتماعيّ في السودان ليس مزروعًا فقط في المظالم السياسيّة والاقتصاديّة، بل في النظرات، والأجساد، وردود الأفعال المتباينة في لحظات الصدام. المفارقة الساخرة، أنّ هذا التهجُّم وقع أثناء تصوير مشهدٍ إعلاميّ يُفترَض أنّه “يطمئن” الناس على عودة الحياة إلى طبيعتها، بينما “اللاطبيعيّ” تجلّى في عنف الشُّكري ذاته. وهكذا، نخلصُ من الفيديو، أو الصورة بوصفها وثيقةً وشهادة، إلى أنّ الحرب لم تبدأ مع البنادق، بل بدأت حين تمّ ترسيخ طبقيّاتٍ وإثنيّاتٍ تُهين الإنسان وتُجزِّئه حسب لون بشرته، أو لهجته، أو لباسه. وتُكرِّس لكلّ ذلك حربًا بداخلها قانونٌ غير مكتوب، يحمل اسم: الوجوه الغريبة، في أرجاءٍ ومناطقَ بعينها، من بلدٍ من المفترض أن يكون واحدًا، موحّدًا، انسانه متساوي في الحقوق والواجبات.

الوسومالانقسام الاجتماعي في السودان البنادق الحرب المعنى في الصورة مشهد ما قبل وبعد الرصاصة الأولى وجدي كامل

مقالات مشابهة

  • فتاة تروي العنف الذي تعرضت له من زوجها بسبب الميراث.. فيديو
  • حسام موافى ينصح شابا يحب فتاة ويعلم أنها لن تنجب.. ماذا قال؟
  • تفاصيل اجتماع وكيل وزارة الصحة باسيوط مع مديري المستشفيات بالمحافظة
  • المعنى في الصورة- مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
  • شهادة جديدة تكشف تفاصيل خطيرة عن أيام مارادونا الأخيرة
  • الولايات المتحدة تكشف تفاصيل جديدة بشأن الانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي في صنعاء
  • دراسة جديدة تكشف عن نظام هيدرولوجي نشط في المريخ
  • أظهرت الجانب المظلم للقمر.. الصين تكشف عن أسرار فضائية جديدة
  • دراسة حديثة تكشف إمكانات علاجية جديدة لسرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة
  • البحرين.. صورة البناية التي سقطت من شرفتها امرأة تحاول النجاة من حريق والداخلية تكشف تفاصيل