انفجار الضفة.. مخاوف إسرائيلية في محلها
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
تشهد الضفة الغربية منذ سنوات تصاعدا ملحوظا لأعمال المقاومة العسكرية ضد الاحتلال، وقد نمت عبر هذه السنوات بيئات وحواضن للمقاومة، خاصة في مدن ومخيمات شمال الضفة، كما برزت تشكيلات ومجموعات عسكرية عدة تابعة للفصائل الفلسطينية وتلك العابرة للفصائل.
وشكلت هذه المجموعات تحديا حقيقيا للاحتلال عبر السنوات الأخيرة، مما دفعه إلى إطلاق عمليات عسكرية لمواجهة نمو المجموعات العسكرية على غرار عملية كاسر الأمواج التي بدأت في نهاية مارس/آذار 2022 بغرض تفكيك بنية المقاومة في شمال الضفة الغربية.
ومع بدء عملية طوفان الأقصى -التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة- ورغم الهزة الكبيرة التي منيت بها أجهزة الأمن الإسرائيلية فإنها أبقت عينها مفتوحة على الضفة الغربية وعززت إجراءاتها ونفذت آلاف الاعتقالات في الأيام الأولى لمعركة طوفان الأقصى.
عمليات الاحتلال
وفي ظل استمرار الخشية من أن تنفجر الأوضاع في الضفة الغربية عمدت قوات الاحتلال إلى تنفيذ سلسلة من العمليات الخاصة والاقتحامات لمخيمات ومدن الضفة الغربية التي تعد موطنا للمجموعات المقاومة.
وقد أسفرت هذه الاقتحامات والاستهدافات عن أكثر من 371 شهيدا وما يقارب 3720 جريحا، وكان نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى قد أفادا -الأحد الماضي- بأن "حصيلة الاعتقالات ارتفعت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى نحو 5875 شخصا".
وبعد مرور أكثر من 100 يوم على بدء العدوان على قطاع غزة وما رافقه من هجمة واسعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية كرر رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي وعدد من كبار الضباط تحذيراتهم لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزراء الحرب في مناسبات عدة من أن الضفة الغربية على وشك الانفجار.
وبحسب تقرير للقناة الـ12 الإسرائيلية، حذر المستوى العسكري على وجه التحديد من انفجار الضفة الغربية، مما يعني جبهة أخرى يتعين على الاحتلال التعامل معها بكثافة عالية.
وقال مسؤولون كبار في المؤسسة العسكرية للمستوى السياسي في الغرف المغلقة إن "الضفة على وشك الانفجار في انتفاضة ثالثة وشاملة، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية ومنع دخول العمال للعمل في إسرائيل".
دلالات التحذيرترتكز الدلالة الرئيسية من التحذير المتكرر من قبل المستويين العسكري والأمني بشأن "انفجار" قريب للضفة الغربية على محدودية العمليات العسكرية والأمنية التي ينفذها الاحتلال في الضفة الغربية في القضاء على المقاومة الفلسطينية كثقافة وطنية ومجموعات كتشكيلات تنظيمية.
وتعود خلفيات تقييم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى إدراكها أن الحل العسكري لا يجدي نفعا في ظل استمرار اعتداءات المستوطنين وتواصل العدوان على قطاع غزة، وتردي الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية، وتراجع سيطرة السلطة الفلسطينية في مخيمات شمال الضفة الغربية التي تشهد حضورا للمجموعات المقاومة.
كما أن هذا التحذير يأتي بعد تصاعد ملحوظ في عدد العمليات التي نفذها مقاومون في الضفة الغربية، بالإضافة إلى التطور الذي تشهده عمليات التصدي للاقتحامات الإسرائيلية لمخيمات ومدن شمال الضفة الغربية، إذ بدأ منذ أشهر تزايد ملحوظ في استخدام فصائل المقاومة العبوات الناسفة محلية الصنع، مما بدأ يشكل تهديدا حقيقيا للقوات المقتحمة.
وأسفرت عملية تفجير عبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم نور شمس عن مقتل مجندة وجرح عدد آخرين من جنود الاحتلال أثناء تصدي المقاومة لهم.
كما شهدت الضفة الغربية والقدس عددا من العمليات النوعية التي نفذتها المقاومة، والتي حملت في بعض منها إشارات لعمل منظم، عوضا عن تبني كتائب القسام في الضفة الغربية عددا من هذه العمليات.
عملية رعنانا أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة 4 بجروح خطيرة و9 بجروح متوسطة (مواقع التواصل)وكانت أبرز هذه العمليات حسب بيانات مركز المعلومات الفلسطيني:
نفذ المقاومون في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عملية إطلاق نار وتفجير عبوة ناسفة في قوة من جيش الاحتلال قرب بلدة برقة شمال نابلس، مما أدى إلى إصابة عدد من جنوده. نفذت خلية مقاومة من طولكرم عملية إطلاق نار في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعقبتها عملية استدراج وتفجير عبوة ناسفة بجنود الاحتلال قرب مستوطنة بيت ليد قرب طولكرم أسفرت عن مقتل وإصابة 6 من الجنود والمستوطنين، وتبنت كتائب القسام في تسجيل مصور العملية. وفي 6 نوفمبر/تشربن الثاني الماضي نفذ الشهيد محمد عمر الفروخ (16 عاما) -من بلدة سعير شمال الخليل- عملية طعن قرب محطة للشرطة عند باب الساهرة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة أخرى بجراح خطيرة. ونفذت مجموعة مقاومة ضمت كلا من عبد القادر عبد الله القواسمي، حسن مأمون قفيشة، ونصر عبد العفو القواسمي عملية إطلاق نار على حاجز النفق العسكري الفاصل بين مدينة بيت لحم وجنوبي القدس المحتلة أسفرت عن مقتل جندي وإصابة 6 آخرين -بينهم حالات خطيرة- واستشهاد المنفذين برصاص قوات الاحتلال، وقد تبنت العملية كتائب القسام. ونفذ الأسيران المحرران الشقيقان مراد وإبراهيم نمر عملية إطلاق نار في القدس المحتلة أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة 12 آخرين -بينهم حالات خطيرة- واستشهاد المنفذيْن، وقد تبنت العملية كتائب القسام. أعقبتها عملية دهس قرب مستوطنة بقعوت في الأغوار الشمالية نفذها الشهيد كارم بني عودة من طمون في طوباس وأسفرت عن إصابة جنديين بجراح. وفي 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي نفذ الشهيد أحمد أديب عليان عملية طعن في القدس المحتلة أسفرت عن إصابة جنديين من جنود الاحتلال بجراح متوسطة واستشهاد المنفذ. أعقبتها عملية دهس قام بها الشهيد عمرو عبد الفتاح أبو حسين استهدف بها جنود الاحتلال قرب دورا جنوب الخليل، وأسفرت عن إصابة 4 منهم. وفي 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي نفذ الشهيد محمد حسين مسالمة عملية دهس استهدفت جنود الاحتلال عند مدخل الفوار بالخليل أسفرت عن إصابة جنديين. كما نفذ 3 شبان فلسطينيون في 13 يناير/كانون الثاني الجاري عملية اقتحام لمستوطنة أدورا غرب الخليل أسفرت عن استشهاد الشبان الثلاثة وجرح عدد من المستوطنين. في 15 يناير/كانون الثاني الجاري قُتلت مستوطنة وأصيب 4 بجروح خطيرة و9 بجروح متوسطة في عمليات طعن ودهس بمدينة رعنانا في تل أبيب. العمال الفلسطينيونوتشير تحذيرات المستويين الأمني والعسكري لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الأوضاع في الضفة الغربية عن تباين في وجهات النظر داخل الحكومة الإسرائيلية حول السماح للعمال الفلسطينيين بالدخول للعمل.
ونشرت القناة الـ13 الإسرائيلية تقريرا يتحدث عن "تحذير دراماتيكي من الشاباك لنتنياهو" يشير إلى "الخوف من تصعيد فوري في الضفة الغربية".
ويأتي هذا الخلاف في سياق أوسع من الخلافات والتباينات بين أقطاب الحكومة ومجلس الحرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وتوظف أجهزة الأمن تصاعد المقاومة في الضفة الغربية للضغط على حلفاء نتنياهو من اليميني الديني المتطرف الراغبين في مزيد من الضغط على الفلسطينيين بالضفة الغربية وتوسيع مشاريع الاستيطان.
اغتيال العاروري
شكّل اغتيال الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لحظة فارقة في مسار الحرب على غزة وفي المواجهة المتعلقة بالضفة الغربية كونه يرأس "منطقة" الضفة الغربية في حماس.
ويتهم الاحتلال الإسرائيلي الشيخ العاروري بمسؤوليته عن إعادة البنية التحتية للمقاومة في الضفة الغربية وعمليات تسليح المجموعات والتشكيلات المقاومة في الضفة الغربية، عوضا عن اتهامه بالمسؤولية المباشرة عن عدد من العمليات التي استهدفت مستوطنين وجنود الاحتلال في الضفة الغربية وتشكيل خلايا منتشرة في كافة مدن الضفة الغربية.
ونظرا لرمزية ومكانة الشيخ العاروري لدى حركات المقاومة في الضفة الغربية فمن المتوقع أن تشهد الضفة الغربية مزيدا من العمليات ردا على اغتياله، وهو الأمر الذي بدأت إرهاصاته مع عمليتي "أدورا" "رعنانا"، وهو عكس الاتجاه الذي تروج له القيادتان السياسية والأمنية الإسرائيلية من أن اغتيال الشيخ العاروري سيضعف المقاومة في الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، تشير مواصلة المؤسستين العسكرية والأمنية التحذير من قرب انفجار الضفة الغربية إلى محدودية تأثير عمليات الاغتيال على اتجاه المقاومة المتصاعد، عوضا عن اعتبارها لدى قطاع واسع من الفلسطينيين سببا لمواصلة المقاومة وتصعيدها.
مستقبل الضفة
تبقى كل دوافع تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية موجودة ويتعزز تأثيرها، لكن عاملي الحرب على غزة وتصاعد هجمات المستوطنين سيجعلان الضفة الغربية ساحة مواجهة مفتوحة بين الفلسطينيين والاحتلال.
وفي تجارب سابقة كما في حرب العام 2014 شهدت الضفة الغربية هبّة شعبية كبير في صيف العام التالي، وفي تحليل انطلاق الهبّة كانت تأثيرات الحرب على غزة عام 2014 أحد أهم الملهمات للشبان الفلسطينيين الذي بادروا بتنفيذ عمليات في الأشهر اللاحقة.
ويتلقى الفلسطينيون في الضفة الغربية صورتين من الحرب في غزة، المجازر والقتل والحصار والإهانة التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع، وصور المعارك الاستهدافات التي تنشرها فصائل المقاومة وما تمثله من إلهام للشباب في الضفة الغربية.
وفي ظل قناعة تتعزز بين الفلسطينيين بأن منظومة الأمن والجيش الإسرائيلي قد فشلت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما بعده فشلا ذريعا تزداد جرأة الشبان الفلسطينيين لتنفيذ مزيد من العمليات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المقاومة فی الضفة الغربیة المحتلة أسفرت عن عملیة إطلاق نار أسفرت عن إصابة جنود الاحتلال أسفرت عن مقتل الأول الماضی کتائب القسام من العملیات شمال الضفة عدد من
إقرأ أيضاً:
تحذير من منح ترامب لـإسرائيل السيطرة على الضفة الغربية وغزة
وجّه عدد ممّن يوصفون بـ"دعاة السلام"، الأربعاء، جُملة تحذيرات، من أن الرئيس الجمهوري المنتخب، دونالد ترامب، قد يعمل على رفع الحواجز التي وضعها الديمقراطيون على دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويطلق العنان للحليف الرئيس للاستيلاء على فلسطين.
وقال عضو تحالف "أوقفوا الحرب" ومقره لندن، ليندسي جيرمان، إنّ: "عنصرية ترامب وكراهية الإسلام والتعصب، وعلاقته الوثيقة مع بنيامين نتنياهو، قد تمكن إسرائيل من متابعة رغبتها في السيطرة الكاملة على غزة والضفة الغربية".
وأضاف جيرمان، عبر بيان: "إننا نواجه وضعا بالغ الخطورة في مختلف أنحاء العالم، مع تزايد سباق التسلح. يتعين علينا في الحركة المناهضة للحرب أن نضاعف جهودنا لإنهاء الإبادة الجماعية والحروب في الشرق الأوسط".
وأردف: "كما نحتاج إلى السلام في أوكرانيا، وأن يتوقف الغرب عن تسليح كييف، وأن نضع حدا لتصعيد العسكرة والصراع الموجه ضد الصين في المحيط الهادئ".
من جهته، كتب عضو التحالف نفسه، بريت ويلكنز، في مقال نشرته عدد من المواقع في الولايات المتحدة: "لقد استولت إسرائيل تدريجيا وبشكل منهجي على المزيد من الأراضي الفلسطينية منذ احتلالها غير القانوني لقطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس في عام 1967".
وتابع: "يتمثل هدف اليمين المتطرف في إسرائيل في توسيع الأراضي الإسرائيلية لتشمل ما يسمى "إسرائيل الكبرى"، والتي تستند إلى الحدود التوراتية التي امتدت من أفريقيا إلى تركيا وإلى بلاد ما بين النهرين".
وأردف ويلكنز، عبر المقال نفسه، أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، قد: "عرض مرارا خرائط تظهر الشرق الأوسط بدون فلسطين، والتي تظهر كل أراضيها بوصفها جزءا من إسرائيل".
وفيما احتفل عدد من الإسرائيليين يوم أمس الأربعاء، بمن فيهم عدد من المسؤولين مثل وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بفوز ترامب. أكد "دعاة السلام" أنّهم "يخططون علنا لسرقة المزيد من الأراضي، بما في ذلك التطهير العرقي للفلسطينيين خلال الحرب الحالية على غزة؛ عبر هدم المنازل والطرد القسري في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتوسيع المستوطنات التي تعدّ غير قانونية بموجب القانون الدولي".
وفي سياق متصل كان السفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ديفيد فريدمان، قد أصدر مؤخرا، كتابا، يدعو من خلاله إلى: "ضم إسرائيل لكل فلسطين، وهي سياسة تستند إلى النبوءات والقيم التوراتية".
وعبر الكتاب ذاته، يتصور فريدمان، "وضعا في فلسطين يشبه غزو الولايات المتحدة وحكمها لبورتوريكو، إذ لا يتمتع الفلسطينيون بحقوق التصويت ولكن يتم منحهم حكما ذاتيا محدودا طالما يتصرفون وفقا للقانون الإسرائيلي".
كذلك، كان وزير الخارجية خلال فترة ترامب الأولى، مايك بومبيو، قد أنهى سياسة الخارجية الأمريكية التي استمرت طِوال 30 عاما، والتي كانت تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير متّسقة مع القانون الدولي.
وخلال شباط/ فبراير، عكس وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ما يسمّى بـ"مبدأ بومبيو"، حيث أعلن أنّ: "المستوطنات الإسرائيلية تتعارض مع القانون الدولي". فيما قال عدد من المسؤولين في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي: "تخلق وضعا كارثيا في شمال غزة".