ركود وانخفاض للقوة الشرائية.. أرقام توضح حال الاقتصاد الألماني على خلفية العقوبات الغربية ضد روسيا
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
أنهى الاقتصاد الألماني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي عام 2023 في حالة من الركود، بعد أن تقلص الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.3%.
وتحاول الحكومة الألمانية خفض الإنفاق الحكومي بالإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية للديزل الزراعي، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات المزارعين الألمان، وإجبار الحكومة الألمانية على التراجع جزئيا في عن قرارها، إلا أن اتحاد المزارعين الألمان اعتبر هذه الخطوة "غير كافية".
ووفقا لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني "ديستاتيس"، يعود سبب الانكماش الاقتصادي في ألمانيا إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة، مشيرا إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% العام الماضي مسجلا أسوأ مؤشر بين الاقتصادات العالمية الكبرى، وأعلى نسبة انخفاض في الناتج المحلي منذ وباء كورونا عام 2020.
ويشير مكتب الإحصاء الألماني إلى أن انخفاض الناتج تأثر بضعف الطلب المحلي والخارجي، حيث انخفضت الواردات بنسبة 3%، والصادرات بنسبة 1.8%.
وخفض البنك المركزي الألماني توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام والعام القادم من 1.2% و1.3% إلى 0.4% و1.2% على التوالي.
وأطلق كارستن برزيسكي رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في مجموعة "إف إن جي" الهولندية، على عام 2023 "عام الأزمة الدائمة لألمانيا"، مشيرا إلى أن خطر الركود في عام 2024 مرتفع للغاية.
إقرأ المزيدوأضاف: "هناك العديد من العوامل السلبية والصعوبات اللوجستية الناجمة عن الصراع الأوكراني، والمشاكل الخطيرة في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى ارتفاع التضخم وانخفاض طلب الصين على المنتجات الألمانية واستبدالها في السوق العالمية، فضلا عن العديد من أوجه القصور في الاقتصاد الألماني. لأول مرة منذ أوائل عام 2000، تعاني ألمانيا من ركود لمدة عامين متتاليين".
وفقا للخبير المالي أندريه فيرنيكوف، تكمن مشكلة الاقتصاد الألماني في أنه "بحاجة إلى موارد طاقة رخيصة، العقوبات التي تتبناها ألمانيا عزلتها عن موارد الطاقة من روسيا، وهنا بدأت المشاكل في الاقتصاد الألماني".
وأكد نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد روبرت هابيك أن الاقتصاد الألماني فقد الميزة التنافسية، مضيفا: "كانت إمدادات الطاقة الألمانية تعتمد إلى حد كبير على الغاز الروسي، موارد الطاقة الروسية جلبت فوائد كبيرة للاقتصاد الألماني".
كما قال الخبير الصناعي ليونيد خازانوف: "انخفضت الإيرادات الحكومية، وزاد الإنفاق على تأمين الطاقة للقطاع الصناعي في البلاد، ونتيجة لذلك ترتفع الأسعار ويدخل الاقتصاد المحلي تدريجيا في حالة من الانهيار ويفقد القدرة التنافسية".
وفي وقت سابق، أكد عضو البرلمان الأوروبي عن حزب "البديل من أجل ألمانيا" ماركوس باكهيت، أن العقوبات ضد روسيا تضر بالاقتصاد الألماني بشكل كبير.
وأكد أن العقوبات المناهضة لروسيا أثبتت أنها غير فعالة مطلقا، وخلقت مشاكل كبيرة للاقتصاد الألماني.
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أولاف شولتس الاتحاد الأوروبي النفط والغاز برلين عقوبات اقتصادية عقوبات ضد روسيا الاقتصاد الألمانی الناتج المحلی
إقرأ أيضاً:
هل تُنهي انتخابات ألمانيا أزمة البلاد الاقتصادية غير المسبوقة؟
يعيش الاقتصاد الألماني أزمة خانقة لم يشهدها منذ الأزمة المالية في بداية هذا القرن، ما يهدد الاستقرار الداخلي لأكبر اقتصاد في أوروبا، خاصة في ظل توقعات متواضعة للنمو.
فقد أشارت الحكومة الألمانية إلى أن معدل النمو قد لا يتجاوز 0.2% خلال عام 2025، وفقًا لما نشرته وزارة الاقتصاد على موقعها الرسمي. وتأتي هذه التوقعات في ظل اضطرابات سياسية داخلية وتجاذبات جيوسياسية عالمية.
وتراجع إجمالي الناتج المحلي للبلاد بواقع 0.2% العام الماضي، بحسب الأرقام الأولية الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني (ديستاتيس)، بعد انكماش بنسبة 0.3% في 2023.
الاقتصاد في قلب الحملة الانتخابيةتشكل السياسة الاقتصادية إحدى القضايا المركزية في الحملة الانتخابية الألمانية، حيث شغلت ملايين المواطنين خلال الأسابيع الماضية مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 23 فبراير/شباط الجاري.
وتتصاعد المخاوف مع استمرار ارتفاع مساهمات الضمان الاجتماعي وتزايد حالات إفلاس الشركات، مما يجعل الوضع الاقتصادي أكثر تعقيدًا.
تحديات النمو والانكماش الاقتصادييرجع الانكماش الاقتصادي إلى عاملين رئيسيين، وفقًا لعلي العبسي، الباحث الاقتصادي في غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية:
الأول هو الأزمات المرحلية، مثل انخفاض الاستهلاك، وتراجع الصادرات، وارتفاع تكلفة الطاقة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج في ظل منافسة شديدة من الصناعات الصينية وغيرها. أما العامل الثاني فهو المشكلات الهيكلية المتراكمة، مثل تراجع الرقمنة، وتدهور البنية التحتية، والبيروقراطية المتضخمة، والضرائب المرتفعة، ما يدفع الشركات الألمانية إلى الاستثمار خارج البلاد بدلًا من تطوير إنتاجها محليا.كما يتأثر الاقتصاد الألماني بالعوامل الجيوسياسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، التي كبّدت البلاد مبالغ طائلة، وتباطؤ الطلب العالمي، مما يزيد من حدة التحديات الاقتصادية.
إعلان إستراتيجيات تحفيز الاقتصادتختلف الأحزاب الألمانية في رؤيتها لحلول الأزمة الاقتصادية. فبينما يركز الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر على تخفيف الضرائب لدعم الاستثمار، يعوّل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر على مقترح إنشاء "صندوق ألمانيا" من أجل تعزيز الاستثمارات.
ووفقًا لمعهد "إيفو" (IFO) للأبحاث الاقتصادية، فإن الاقتصاد الألماني يواجه تحديات هيكلية كبيرة، مثل تقلص القوة العاملة بسبب شيخوخة المجتمع، والتحول إلى النقل الكهربائي، وخفض الانبعاثات الكربونية، والتحول الرقمي، إلى جانب الحاجة إلى زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع في ظل المخاطر الجيوسياسية المتزايدة.
الإصلاحات الاقتصادية.. ضرورة أم مغامرة؟يرى العبسي أن الحل لأزمة الاقتصاد الألماني يكمن في ضخ مزيد من الاستثمارات، وتخفيف الأعباء الضريبية على الشركات، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز الرقمنة.
ويشر إلى أن ألمانيا متأخرة في هذا المجال حتى مقارنة ببعض الدول النامية، مشددا على أهمية رفع الأجور لتعزيز الاستهلاك، مما يساعد في تحريك عجلة النمو الاقتصادي.
هل تخفيض الضرائب هو الحل؟يريد الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر خفض العبء الضريبي على الشركات إلى حد أقصى قدره 25% وإلغاء ضريبة التضامن المتبقية، إضافة إلى خفض ضريبة الدخل، لا سيما لذوي الدخل المنخفض والمتوسط.
في المقابل، يسعى الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر إلى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء لتمويل الإنفاق الاجتماعي والاستثمارات.
ورغم التباين في الحلول المقترحة، فإن أي تخفيض ضريبي سيكلف خزينة الدولة مليارات اليوروهات، فقد أظهر تحليل المعهد الاقتصادي الألماني أن تنفيذ مقترحات الاتحاد المسيحي سيخفف الأعباء عن المواطنين والشركات بنحو 90 مليار يورو.
ومع ذلك، تبقى علامة الاستفهام الكبرى حول كيفية تمويل هذه التخفيضات دون التأثير على استقرار المالية العامة.
إعلان مستقبل الاقتصاد الألماني.. إلى أين؟مع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الحكومة المقبلة تنفيذ إصلاحات حقيقية تحفّز النمو وتجنب البلاد ركودًا طويل الأمد؟ أم أن الأزمات المتشابكة ستجعل التعافي أكثر صعوبة مما هو متوقع؟ وحده الواقع السياسي بعد الانتخابات، كفيل بالإجابة.
وحسب استطلاعات الرأي الحالية، يتوقع أن يقود الحكومة الجديدة التحالف المسيحي، والذي يضم الحزب المسيحي الديمقراطي، وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري.