التدخل العسكري ضد اليمن لن يعيد هدوء البحر الأحمر

سواء كانت أزمة البحر الأحمر الحالية أو الحرب الدائرة في غزة، فإن الحل الحقيقي لهما واضح جدا: وقف إطلاق النار في غزة فورا.

إذا واصلت أميركا موقفها وسياساتها الحالية، فلن تكون أبداً مساهمةً في حل قضية الشرق الأوسط، بل ستبقى السبب الجذري في الفوضى والمخاطر بالمنطقة.

هل يمكن تحقيق التوازن الحساس بين الصراعات من خلال الهجمات العسكرية؟ أم أنها أدّت إلى عدم التوازن؟ وهل يمكن إعادة الهدوء إلى البحر الأحمر؟ الواضح أن الإجابة لا.

* * *

شنت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات على العاصمة اليمنية صنعاء وعلى مدينة الحديدة، غربي البحر الأحمر، وعلى محافظة صعدة شمالي اليمن، في ليلة الـ12 من كانون الثاني/يناير الجاري، الأمر الذي أدى إلى جولة جديدة من التوترات ومزيد من الأخطار في البحر الأحمر. وزعمت الولايات المتحدة وبريطانيا أن هدف العملية العسكرية، التي قامتا بها، هو "حماية سلامة الملاحة الدولية"، لكنها في الواقع تهدف إلى صرف الاهتمام الدولي وتخفيف انتقادات المجتمع الدولي لموقف الولايات المتحدة المتحيز إلى "إسرائيل".

تُعَدّ مياه البحر الأحمر ممرّاً تجارياً دولياً مهماً للسلع والطاقة، ويتعلق استقرارها بالمصالح المشتركة للمجتمع الدولي. إن استخدام القوة من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا ضد اليمن، من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، صبّ الزيت على نار التوترات في البحر الأحمر، وسيزيد بلا شك في المخاطر الأمنية في المنطقة.

بعد الهجمات، أعرب بعض دول الشرق الأوسط، بما فيها الأردن وعُمان، عن القلق من خروج الوضع عن نطاق السيطرة. وحثت السعودية، جارةُ اليمن، على تجنب تصعيد الوضع. وهناك أيضاً كثير من الأصوات المعارضة داخل الولايات المتحدة، بحيث قال نائب الرئيس السابق للبعثة الأميركية في اليمن إن الهجوم على اليمن كان "خطأً جسيماً" و"فشلاً للدبلوماسية الأميركية"، وإن الولايات المتحدة أصبحت فعلاً "مشاركة مباشرة" في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لا بد من التأكيد أن الوضع المتوتر في البحر الأحمر هو مظهر بارز لامتداد الصراع المستمر في غزة، وتكون الأولوية القصوى في الوقت الحالي تهدئة الوضع في غزة في أقرب وقت ممكن، ومنع تصعيد الصراع أو توسيعه، حتى لا يخرج عن السيطرة. ومن الضروري أن تتحمل كلّ الأطراف المسؤولية لحماية أمن ممرات الشحن في مياه البحر الأحمر، وفقاً للقانون، مع الاحترام الجاد لسيادة أراضي البلدان المحيطة بالبحر الأحمر، وسلامتها، بما في ذلك اليمن.

في الوقت الحاضر، إن الوضع في المنطقة خطر للغاية، إذ إن الحرب في غزة لا تزال مستمرة، والتوترات الناتجة منها في البحر الأحمر ما زالت تتصاعد وتتوسع. وتجدر الإشارة إلى أن تطور الأحداث إلى هذه النقطة ليس من قبيل الصدفة، بل هو أمر محتّم. يكمن السبب الجذري في أن أميركا تتمسك بمنطقها وأسلوبها القائمين على الهيمنة، وتتمسك بموقف متحيز إلى "إسرائيل" في الحرب على غزة، من أجل مصالحها الأنانية، الأمر الذي أدى إلى استمرار الصراع وانتشار المخاطر.

إن استراتيجية أميركا للتعامل مع قضية الشرق الأوسط المعقدة والمتشابكة سيئة وتعسفية. تظل الوسائل العسكرية الطريقة الأكثر شيوعاً وتفضيلاً ومهارة للولايات المتحدة، وتم استخدامها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا، والآن اليمن، ويبدو أن الولايات المتحدة تعتمد على القوة دائماً.

لكن الدروس الدامية في هذه الدول علمتنا أن استخدام القوة كوسيلة أساسية لا يمكن أن يحل المشاكل، بل سيزيد الوضع سوءاً وتعقيداً. وفي نهاية المطاف، لا يمكن حل المشاكل إلا وفق الطريقة السياسية، وينطبق الشيء نفسه على الحرب على غزة.

سواء كانت أزمة البحر الأحمر الحالية أو الحرب الدائرة في غزة، فإن الحل الحقيقي لهما كان واضحاً جداً، وهو الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة. لكن، بالنسبة إلى هذا المطلب الأساسي، تفتقد أميركا الشجاعة لاتخاذ إجراءات حقيقية لدعمه.

قام وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خمسَ مرات، بزيارات للشرق الأوسط خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكنه لم يطلب "وقفاً فورياً لإطلاق النار"، حتى لو مرة واحدة. وإذا واصلت أميركا موقفها وسياساتها الحالية، فلن تكون أبداً مساهمةً في حل قضية الشرق الأوسط، بل ستبقى السبب الجذري في الفوضى والمخاطر في المنطقة.

قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن الغرض من العملية العسكرية هو تحقيق توازن حساس بين الصراعات المتعددة في هذه المنطقة المضطربة. لكن، هل يمكن تحقيق التوازن الحساس من خلال الهجمات العسكرية؟ أم أنها أدّت إلى عدم التوازن؟ وهل يمكن إعادة الهدوء إلى البحر الأحمر؟ من الواضح أن الإجابة سلبية.

*وانغ مو يي كاتبةصحافية صينية

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة اليمن أميركا توازن الصراعات البحر الأحمر التدخل العسكري باب المندب الحرب على غزة الشرق الأوسط الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الشرق الأوسط فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية

قال الحوثيون إن “الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية”، وذلك في نبأ عاجل عبر قناة “القاهرة الإخبارية”.

قائد الحرس الثورى الإيرانى: الحوثيون يتخذون قراراتهم العملياتية بشكل مستقلإعلام عبري: التصعيد العسكري بين أمريكا والحوثيين سيمتد لفترة طويلة

فيما قال وزير الخارجية الإيراني، إن الحكومة الأمريكية ليس لديها سلطة أو شأن في السياسية الخارجية الإيرانية.

وقالت “وول ستريت جورنال” إن الغارات الأمريكية استهدفت منصات صواريخ حوثية كانت مُعدة لشن هجمات على السفن.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن بدء ضربات جوية تستهدف مواقع تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن، في تطور لافت في الصراع اليمني.

وتأتي هذه الخطوة، في إطار جهود الولايات المتحدة لتعزيز الأمن الإقليمي وحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

ووفقًا لبيان صادر عن القيادة المركزية الأمريكية، استهدفت الضربات الجوية، منشآت تستخدمها جماعة الحوثي؛ لشن هجمات على السفن التجارية.

وشملت الأهداف مراكز قيادة وسيطرة، أنظمة صواريخ، ومرافق تشغيل الطائرات المُسيّرة، ورادارات، ومروحيات، بالإضافة إلى عدة مرافق تخزين تحت الأرض.

وتهدف هذه العمليات إلى إضعاف قدرات الحوثيين على مواصلة هجماتهم المتهورة وغير القانونية.

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن الضربات تهدف إلى تعطيل وتقليص قدرات جماعة الحوثي المدعومة من إيران على شن هجماتها المزعزعة للاستقرار ضد السفن الأمريكية والدولية التي تعبر البحر الأحمر.

يُذكر أن الولايات المتحدة شكلت تحالفًا بحريًا متعدد الجنسيات في المنطقة؛ ردًا على الهجمات التي ينفذها الحوثيون منذ أشهر قبالة سواحل اليمن، والتي تعطل حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وهما طريقان حيويان للتجارة الدولية.

وتُبرز هذه الأحداث تعقيد المشهد اليمني، وتداخل المصالح الإقليمية والدولية فيه، ما يستدعي جهودًا دبلوماسية مكثفة للوصول إلى حلول تُنهي الصراع المستمر وتحقق الاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • اتصالات لبنانية سورية لتهدئة الوضع على الحدود.. وحزب الله ينفي التدخل
  • كولومبيا تحذّر الولايات المتحدة من تداعيات تقليص الدعم العسكري
  • الولايات المتحدة تقول إن الضربات ضد الحوثيين ستستمر لأجل غير مسمى
  • هيئة السويس تبحث مع شركة شحن كبرى عبور القناة في ظل الوضع باليمن
  • أستاذ اقتصاد: التصعيد العسكري في اليمن لن ينجح
  • الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية
  • بيان عاجل من الحوثيين بعد القصف الأمريكي على اليمن
  • إعلام أمريكي: الولايات المتحدة تبدأ تنفيذ ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن
  • ترامب يعلن بدء الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن
  • الرئيسة المكسيكية ترفض التدخل العسكري الأمريكي ضد كارتيلات المخدرات