تدشين 3 كتب جديدة ضمن مشروع "الكتاب الصوتي"
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
مسقط- الرؤية
دشنت منصة عين التابعة لوزارة الإعلام 3 كتب عُمانية جديدة وهي الأخيرة في المرحلة الثانية من مشروع الكتاب الصوتي لعام 2023، ليصل عدد الكتب في المنصة منذ انطلاق المشروع حتى الآن إلى 40 كتابا.
وكان أول هذه الكتب الجديدة هو المجموعة الشعرية "الجندي الذي رأى الطائر في نومه" للشاعر العُماني سيف الرحبي، الصادرة عن دار الجمل في كولونيا عام 2000، وتتضمن قصائد تستلهم المكان العُماني بصحاريه ورماله وجباله وشموسه وأمطاره معبّرة بلغة شعرية فاتنة عن مشاعر النفس الإنسانية وهي تواجه الجفاف والغياب واللاجدوى.
أما الكتاب الثاني فهو "الآثار الشعرية لأبي مسلم البهلاني" التي حققها ووضع حواشيها وقدم لها الشاعر العُماني الراحل محمد الحارثي، وصدرت عن دار الجمل أيضًا عام 2010م.
ويتضمن هذا الكتاب الضخم الذي تجاوز عدد صفحاته التسعمائة صفحة، الآثارَ الشعرية لشاعر عُمان الكبير ناصر بن سالم بن عُديِّم الرواحي المعروف بــ"أبي مسلم البهلاني"، شاعر زمانه، وفريد أوانه، الذي أدرجته منظمة اليونسكو ضمن الشخصيات المؤثرة عالميًّا عام 2020 في الذكرى المئوية لوفاته، وهو أول كتاب يضمّ كل ما كتب البهلاني من شعر، وقد قدم له محمد الحارثي بدراسة مستفيضة عن شعره وحياته وتكوينه الثقافي والمعرفي، ودوره التنويري والاستنهاضي للأمة، استغرقت نحو مائة صفحة من الكتاب، وقد قرأ هذا الكتاب بصوته صالح العامري، وراجعه صوتيًّا عبدالحليم البداعي، وأخرجه لمنصة عين جمال الشعيلي.
أما الكتاب الثالث والأخير هو رواية "لا يُذكرون في مجاز" للروائية العُمانية هدى حمد، الصادرة عن دار الآداب اللبنانية عام 2022م، وهي رواية توظف تقنية تعدد الأصوات لسرد حكايات مستلة من جبال عُمان وأفلاجها وسواقيها وحصونها، تضطلع بسردها جدات يورثن حكاياتهن لحفيداتهن اللواتي يبحثن عن الخلاص في حكايات المنسيين، حكايات تتناسل من بعضها البعض لكن ينظمها في الوقت نفسه خيط رفيع تُمسك به الكاتبة باقتدار.
وقد كانت هذه الرواية من ضمن الروايات المتأهلة للقائمة الطويلة لجائزة كتارا العربية للرواية، وروى أحداث هذه الرواية كلّ من المذيعين: أحمد الكلباني، وحنيفة العبري، ورشا البلوشي، وفاطمة إحسان، ومنى حبراس، وهلال الهلالي، وراجعها صوتيًّا أحمد الكلباني، فيما أخرجها لمنصة عين حمد الوردي.
يشار الى أن مشروع الكتاب الصوتي يستعد لتدشين المرحلة الثالثة من المشروع التي تتضمن عشرين كتابًا جديدًا في شتى صنوف المعرفة سيتم تسجيلها طوال عام 2024.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل نحتاج الكتاب اليوم؟
عندما دُعيتُ إلى معرض مسقط للكتاب لتأثيث فعالية على هامش المعرض حول شعر الرَّاحل زاهر الغافري، وقبلها كنتُ في معرض تونس للكتاب، تداعت في ذهني أسئلة تخصُّ منزلة الكتاب والشَّغف به، هل ما زلنا نحتاج الكتاب، وتلك العبارات التي مُلِئْنا بها في صغرنا، واعتمدناها تواقيع في كتبنا، من نوع "رحيق الكتب"، و"خير جليس في الزمان كتاب" "وخير جليس في الأنام كتاب"، وتراكُمٌ من الشعارات سادت زمن العقّاد والرافعي والزيّات وانتشرت في أجيال لاحقة آمنت بما آمنت به من وَفْرَةِ الأصنام التي تداعت عبر الزّمان. تذكّرت مقولات الكتاب والحثّ على القراءة والعمل على امتلاك الكتاب ورقيّا (فلم تكن لدينا بدائل، سوى الامتلاك ليسير الحال، والاستعارة لعسير الحال)، والشَّغف والفرح الذي كان يعترينا عندما نظفر بكتاب، فوجدتُ عملا هائلاً على إعادة مكانة الكتاب، واستعادة أثره، ولكن هنالك أمرين على غاية من الأهميّة في ظنّي، الأمر الأوّل لاحظته في بعض الشباب الذين يهتمّون بالكُتَّاب عمومًا، ويتتبَّعونهم ويعملون على طرح الأسئلة عليهم، ولقد لاحظت اليوم في عينيّ طفلٍ أسئلةً عن التّاريخ وعن عنوان المحاضرة التي سأل فيها الولد الصّغير الدكتور أحمد الرحبي عن عنوان المحاضرة "أوَّل إطلالة أوروبيّة على عُمان" فأبان له الدكتور أحمد الرحبي أنّ الرَحّالة الروسي أفاناسي نيكيتين هو أوّل رحّلة تحدّث عن عُمان وأظهر له أنّ الأستاذ ديمتري ستريشنيف صاحب المحاضرة، هو من المهتمّين بهذا الموضوع ومن متتبِّعيه علميّا، وبدأ من ذلك حديث عن التاريخ ومنزلته وقيمته، ولعلَّ أهمّ ما في هذا الأمر غير شغف الولد وقدرتَه وحبَّه المعرفيّ، أنَّ أباه هو الذي تعهَّده وشجّعه على سؤال مدير الجلسة، وأنّه هو الذي طلب برفق السّؤال، ثمَّ ترك ابنه وانصرف، وهذا ملمحٌ رأيته يتعاود مع كلّ مبدعٍ أمرُّ معه أو ألتقيه، ترى الأطفال والشبابَ يقفون مع هذا وذاك. قيمة المعرض ليست في إحياء الكتب وتعهُّد القراءة فحسب، بل أيْضًا في تدريب الناشئة على التواصل مع كتّابهم، في مناسبات حفلات التوقيع، أو في المحاضرات، أو في أروقة المعرض. الأمرُ الثاني الذي يُحسَب لمعْرض مسْقَط هو توفير أرضيَّة لتلاقي المبدعين والنُقَّاد والكُتّاب على اختلاف أعمارهم وشرائحهم وأرضيّاتهم وأهوائهم وأمزجتهم، فتجد المستشرق والمستغرب والعربيّ والمستعرب، وتوفَّرت جلسات كانت على هامشها حوارات بنَّاءة ونُظِّمت فعاليّات ونقاشات أثارت الرّاكد وحرَّكت السّاكن، وإن كان يُطلَب أكثر من ذلك، فإنّي أعتقد أنّ الأرضيّة قد تهيَّأت لفعل الأحسن، من مآثِر هذه اللِّقاءات أن التقيت بالمترجمة والمحقّقة الألمانيّة المستعربة كلاوديا أوت، التي أبهرتني بوفرة أسئلتها وبعمق رغبتها في معرفة كلّ ما هو عربيّ، وكانت تسأل بدقّة وتسمع بإنصات ورقّة، لا تتباهى زهْوًا بعلمٍ لها، ولا تبثّ ممكن معرفتها بثَّ مسْتعْرِضٍ، وإنّما تنساب باحثة عن إكمال الصّورة المشهديّة التي تكوِّنها عن الأدب العربيّ، الذي بدأته دارسةً، وانتهت معه مترجمةً، ناقلةً لقسم من أدبنا إلى اللّغة الألمانيّة. هذا الاحتفاء بالعلم والعلماء له تقديرٌ عميقٌ وأثرٌ في الأنفس، وصانعٌ لأجيالٍ تُقَدِّرُ المعرفة، والعلم، وتُجلُّ فعل القراءة، ونحن أمَّةٌ دينُها يدعو إلى القراءة، إلى الاطّلاع، إلى البيان وكشفَ الغمّة. لابدّ أن يُقدِّر أهل الفعل والحزم والعزم والحلّ والعقد أنّ هذه النماذج الأدبيّة والعلميّة تصنع اقتداءً واحتذاءً أفضل بكثير من الفراغ وشطحات الأهواء. لقاءُ أديبٍ أو عالمٍ أو فنّانٍ أو رسّام أو كاتبِ تجربته، هو شعورٌ بامتلاء الذات وبعضٌ من التوازن الذي تحتاج إليه الناشئة والشباب، ويحتاجه الكبار أيضًا لتعميق التواصل ولتقريب الأفكار، يحتاج الكاتب أن يرى ناشره، أن يُعاتبه، أن يذكر له المحاسن والأضداد، والعكس صحيح. يحتاج الصحفيّ والإذاعي أن يجد أرضيَّة ثقافيّة علميّة يُمكن أن ينتعش بها وفيها، يحتاج الأديب والكاتب عامَّة أن يُلاقي وجْهًا من قُرّائه، وأن يُدرك أثره في هذه الذّوات، كلّ هذا يكون في محفلٍ يحتفي بالكتاب مهما كان نوعه، فالبقاء للكتاب، ومزيدًا من الألق والتألُّق لكلّ من أثّثه وساهم في نجاحه. بقي أمرٌ بسيطٌ حتّى لا أغرق في الإطراء، وهو تركيمُ الفعاليّات وتزامنها في الوقت ذاته أحيانًا، وهو أمرٌ أثَّر بنسبة على أعداد الحاضرين، فكانت بعض الندوات شبه فراغ تقريبًا، ولذلك لابدّ من العمل على التفكير في كيفيّة نجاح هذه الفعاليّات على أهمّيتها وضرورة المحافظة عليها، يعني مثلاً، لمَ لا تكون حفلات التوقيع لبعض الكتّاب المتحقّقين مصحوبة بحوارٍ حقيقيّ، ينتهي إلى التوقيع، لمَ لا تُدَارُ نقاشاتٌ عميقة حول بعض الكتب التي ترشِّحها لجان قراءة. من حقّنا أن نزهو بعرْض الكتاب وتعمّقه لندفع ما اتُّهمنا به من أميّة قرائيّة ظالمة!