تداعيات الحرب ومطالب غانتس السبعة
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
كرر بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، رفضه إعادة النظر في أهداف الحرب، وجاء في ردّه على رسالة النقاط السبع، التي وجهها له عضو كابينيت الحرب الجنرال المتقاعد بيني غانتس، أنّه ليس مستعدا لتغيير أهداف الحرب.
وسطّر ديوانه الموقف بالخط الغليظ: «أهداف الحرب معروفة للوزير غانتس، ولكل أعضاء الكابينيت، وفي مقدمتها القضاء على حماس وتحرير مخطوفينا وضمان ألّا تشكّل غزة تهديدا على إسرائيل.
من اللافت أن نتنياهو لم يضع ضمن أهداف الحرب إعادة الأسرى أحياء كما طالبت عائلاتهم
ويأتي النقاش حول طرق العمل لإطلاق سراح المحتجزين، في ظل تصعيد الضغط وتزايد الاحتجاج وتوجيه التهم إلى الحكومة، وإلى نتنياهو شخصيا، بعدم وضع قضية المحتجزين على رأس سلم الأولويات.
وقد تزايدت وعلت أكثر الأصوات التي تنادي بوقف الحرب للوصول إلى صفقة تبادل، وانضم إلى هذا المطلب عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين السابقين، الذين يرون أنه آن الأوان لإنجاز التبادل أولا ومواصلة الحرب بعدها.
حماس بالطبع لن تقبل بمثل صفقة «أعطونا الرهائن لنكون أكثر حرية في القضاء عليكم».
الواضح أن القيادة الإسرائيلية في ورطة وفي خلاف داخلي فعلي، وكل يريد أن يسجل نقاطا لدى الرأي العام، وفي حسابات تحقيقات ما بعد الحرب. ومع تزايد الشكوك حول تحقيق أهداف الحرب، إلّان أن أحدًا من المشاركين في اتخاذ القرار، لم يقتنع بوقف الحرب تماما، وإن اقتنع فهو لا يملك الجرأة للبوح بموقفه.
رسالة النقاط السبعة
يثير فشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب، أو في التقدم الفعلي نحوها، مخاوف كثيرة في أوساط النخب الإسرائيلية الأمنية والسياسية الحالية والسابقة.
ويعزو بعضهم الفشل إلى تهرّب الحكومة من اتخاذ قرارات في مسائل مهمة تتعلّق بالحرب، وبها يتعلّق توجيه سير العمليات العسكرية. وسبب تهرّب نتنياهو من الحسم في بعض القضايا هو يقينه بأنّها مثار للخلاف، وربما تؤدي إلى تفكّك الائتلاف.
ولأن غانتس لا يثق بنتنياهو ويشعر بأنه يجرّه لتحمّل مسؤولية إخفاقات متوقّعة، فقد بادر إلى توجيه رسالة خطّية مباشرة لنتنياهو ولمجلس الأمن القومي، مطالبا بمناقشة مواضيع ملحّة واتخاذ قرارات بشأنها.
وهو بذلك يسعى لمخاطبة الجمهور عبر وضع خط فاصل بينه وبين نتنياهو، ويسطر وثيقة للجان التحقيق، التي ستأتي بعد الحرب. وتتلخص المطالب السبعة، كما وردت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالآتي:
أولا: إعادة النظر في أهداف الحرب والالتزام بها. ويهدف غانتس ومعه عضو حزبه الوزير الحالي ورئيس الأركان السابق الجنرال غادي أيزنكوت، إلى وضع قضية المحتجزين في المقدمة، بكل ما يحمله ذلك من تغييرات جذرية في سياسة الحرب الإسرائيلية.
وإذا رفض نتنياهو هذا الطلب، فسيكون، بنظر الجمهور الإسرائيلي، المسؤول الأول عن مصيرهم. لقد تحوّلت هذه القضية إلى قنبلة موقوتة، خاصة في ظل انفضاح كذبة «مواصلة الحرب تقرّب تحرير الرهائن»، التي تعني التضحية بهم في سبيل المضي في الأعمال القتالية، وهذا ما بدأ الإسرائيليون يعونه أخيرا.
وقد عمد مكتب نتنياهو إلى إصدار رد سريع حمل رفضا قاطعا لإعادة النظر في أهداف الحرب، وعمد أيضا إلى تسريب أن نتنياهو يقول في الجلسات المغلقة، إن الحرب سوف تدخل إلى عام 2025 أيضا.
وهكذا وبعد أن كان نتنياهو، بداية الحرب، أكثر المترددين في الدخول في الاجتياح البري، صار اليوم أشد المتمسكين به، وهو يستغلّه لتسويق نفسه كقائد قوي وعنيد وشديد البأس، علّ ذلك يعيد له أجزاء من قاعدته اليمينية التي هجرته وما فقده من شعبية ومكانة.
وهو كما يبدو على اقتناع بأن وقف الأعمال القتالية، انتحار سياسي له شخصيا.
يبدو أن نتنياهو على اقتناع بأن وقف الأعمال القتالية أنه انتحار سياسي له شخصيا
هذا لا يعني أن غانتس وأيزنكوت يريدان وقف الحرب بالكامل، بل هما معنيان بإخضاع مجرياتها إلى هدف إعادة المحتجزين.
ثانيا: بحث قضية محور فيلادلفيا ومعبر رفح. وهذا موضوع في غاية الحساسية إسرائيليا، إذ يسود إجماع في أوساط النخب ومتخذي القرار في الدولة الصهيونية (بمن فيهم قيادة الجيش ونتنياهو وغانتس وغالانت)، بأن السيطرة على محور فيلادلفيا هو شرط إلزامي لنجاح الحرب، فهو ـ كما يقولون- ممر لتهريب الأسلحة والمعدّات عبر الأنفاق، وحتى من خلال معبر رفح نفسه.
في البداية جرى الحديث عن احتلال مباشر ومرابطة دائمة للجيش الإسرائيلي على طول حدود القطاع مع مصر، لكن الغضب المصري دعا القيادة الإسرائيلية إلى تغيير اللهجة، لكنّها لم تحسم ما الذي تريده بخصوص هذا المحور.
هناك عدة اقتراحات بديلة للاحتلال المباشر، ومنها جدار تحت الأرض بعمق 40 مترا وعلى امتداد 13 كم هو طول المحور. هنا من الأهمية بمكان أن تبقى مصر على موقفها الرافض للتعاون مع إسرائيل في قضية فيلادلفيا، والإصرار بأنها حدود بين مصر وغزة، وهذا بحد ذاته سيعمّق الفشل الإسرائيلي.
ثالثا: مناقشة الموقف من موضوع اليوم التالي. يصر غانتس على هذا الموضوع تحديدا، لأنّه محور النقاش والخلاف داخل الكابينيت وأيضا لأنّه مطلب أمريكي ملح وهو الأقرب إلى الإدارة وإلى المؤسسة الأمنية الأمريكية، وهو عمليا يتهم نتنياهو بأنه يريد إبقاء هذه المسألة مفتوحة وغير محسومة، بدوافع الحفاظ على حكومته وعلى ائتلافه مع قوى اليمين المتطرف.
كما يعبر غانتس في هذا المطلب عن هواجس النخبة الأمنية والسياسية، بأن غياب الحسم في هذه القضية يجعل الحرب بلا بوصلة، وحربا لأجل الحرب بلا اتجاه واضح.
نتنياهو من جهته طرح موقفا عاما خلاصته «لا حمستان ولا فتحستان».
أمّا كلامه عن حشد دعم دولي لإعادة الإعمار ولإدارة غزة، فهو مع وقف التنفيذ، لأنه يدرك أن أي حديث مع أي دولة حول هذا الموضوع سيثير مطلبا بوقف الحرب، وهو لا يريد وقف الحرب.
رابعا: بحث آليات المساعدة الإنسانية في المناطق التي ينسحب منها الجيش. لعل أكثر ما يحبط القيادة الإسرائيلية هو أن حماس تعود إلى السيطرة على المناطق التي ينسحب منها الجيش، وتقوم بإدارة حياة الناس وتعمل على توفير المعونة لهم.
وقد وُجّهت إلى نتنياهو تهمة أن رفضه التعاون في إيجاد بديل لسلطة حماس يعيد حماس إلى الإمساك بزمام الأمور. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العمل الفلسطيني الموحّد كفيل بإفشال حرب الإبادة السياسية والجسدية في غزة، لأنه يستطيع أن يفرض نفسه كواقع ثابت لا يمكن زحزحته، خاصة إذا امتد إلى الضفة والقدس أيضا.
خامسا: تحديد موعد لنهاية مهلة الحل السياسي على الجبهة اللبنانية. يبدو أن غانتس في هذه القضية يزاود على نتنياهو، ليظهر بمظهر العسكري المتشدد، وهو ما كان ليطرح موقفه بهذه الصيغة، لولا أنه يقرأ الموقف الأمريكي الجديد، الذي طرحه المبعوث الأمريكي عاموس هوكستين في لبنان، والذي لم يتضمن التزاما أمريكيا بالعمل على منع إسرائيل من شن حرب على لبنان، بل تهديدا صريحا بأنه إذا لم يحصل حل سياسي، فإن إسرائيل ستلجأ إلى الحرب، ويهدف تضمين هذا ضمن المطالب المسرّبة أيضا لتوجيه رسالة تهديد إضافية إلى حزب الله.
سادسا: إجراء حوار مع رؤساء السلطات المحلية في الشمال والجنوب وبحث مطالبهم. وقد بدأ هذا الحوار فعلا. وفي جلسة لمجلس الحرب معهم وعد نتنياهو بدراسة مطالبهم بجدية، وبضخ المزيد من الميزانيات لصالحهم، وأعلن كذلك تواصل التكفّل بأجرة سكنهم وبمصاريفهم ولن تطلب منهم العودة إلى بلداتهم قبل مضي ستة أشهر على الأقل.
سابعا: بلورة مسار لعودة المستوطنين إلى البلدات المهجورة. المسارات المقترحة لها ارتباط وثيق بمسار الحرب في غزة وعلى الحدود اللبنانية. ويبدو أن غانتس يشك بنوايا نتنياهو وبأنه يوظّف مخاوفهم لإطالة أمد الحرب، وهو يريد وضوحا في هذه المسألة أيضا، حتى لا يستغلّها نتنياهو متى يشاء وكيفما يشاء.
فسّرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية رسالة غانتس بأنّها تهديد بالانسحاب من الحكومة.
إذا كان الأمر كذلك فهو تهديد باهت، لأنها مطالب تحمل إصرارا على إجراء بحث بلا شروط مسبقة، وفيها دعوة لاتخاذ قرارات وعدم إبقاء الأمور مفتوحة على احتمالات كثيرة. والسؤال هل ينسحب غانتس من الحكومة، إذا اتخذت قرارات مناقضة لموقفه؟ هذا احتمال وارد، لأن هناك ضغوطا عليه داخل حزبه أيضا، وشعورا عاما بأن نتنياهو يلعب ويناور لضربه سياسيا. ومع ذلك يبقى هذا احتمالا غير قوي حاليا، في ظل التزامه بالبقاء في الحكومة طالما استمرت الحرب.
في كل الأحوال، سيكون لأي حسم في الأمور التي طرحها غانتس، تأثير كبير على مجرى الأعمال القتالية، وعلى مسار حرب العدوان القذرة التي تشنها الدولة الصهيونية على أهلنا الصابرين والصامدين في غزة.
رسالة غانتس تكشف عن ثغرات كثيرة في الحالة الإسرائيلية يمكن استغلالها عربيا وفلسطينيا لإفشال حرب الدمار والإبادة.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غانتس غزة غزة نتنياهو الاحتلال غانتس الإدارة الأمريكية مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأعمال القتالیة أهداف الحرب أن نتنیاهو وقف الحرب أن غانتس
إقرأ أيضاً:
نتنياهو فقد القدرة على اتخاذ القرارات بمفرده
عندما سُئل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تهديداته وإنذاراته لحماس بشأن الأسرى الإسرائيليين، قال: "انتهت المرحلة الأولى، وبدأت المرحلة الثانية. وينبغي لنتنياهو أن يتخذ القرار". وأضاف أن استمرار الصفقة بيد إسرائيل، وأردف: "أنا خيبتي كبيرة حين أرى القتلى يعودون اليوم. حماس مجرمة تعتقد أنها تصنع لنا جميلًا بإعادة الجثث".
من الناحية الظاهرية، يظهر كلام ترامب وكأن لإسرائيل كامل الاستقلالية في اتخاذ القرار الذي يناسبها. وهذا يعكس احترامًا لا يبديه تجاه استقلالية دول أخرى، سواء كانت حليفة أو معادية.
ولكن السؤال الأهم هو: هل يؤمن نتنياهو حقًا باستقلالية القرار الإسرائيلي؟ وهل يمارس هذا الإيمان على الدوام؟ أم أن الأمر مرتبط بمزاج وأهواء ترامب المتقلبة؟ في إسرائيل، بدأ البعض يشكك في حقيقة استقلالية القرار الإسرائيلي، لا سيما منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول وحتى الآن.
وهذا يعني أنه، رغم مماحكات نتنياهو مع جو بايدن، فقدت إسرائيل استقلاليتها في كل ما يتعلق بعلاقتها مع الولايات المتحدة.
الجسر الجوي والبحري الأميركي، الذي وفر لإسرائيل العتاد والذخائر، مكّنها من اجتياز أطول حرب في تاريخها بنجاح، لكنه كان على حساب تناقص استقلالية القرار الإسرائيلي.
إعلانوبلغ الأمر ذروته في الاحتضان الأميركي الشامل، الذي قاد تحالفًا دوليًا وإقليميًا لحماية إسرائيل من الصواريخ الإيرانية أكثر من مرة.
وحتى عندما تعثرت مفاوضات وقف إطلاق النار وتدخل ترامب إلى جانب إدارة بايدن، اندفعت إسرائيل مرغمة لقبول خطة بايدن التي كانت قد اقترحتها عليها ثم رفضتها.
ويرى كثيرون أنه لولا خشية نتنياهو من غضب ترامب، لما أقدم على قبول الاتفاق الذي يحاول حاليًا تفجيره جزئيًا. ومع ذلك، يواصل المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الحديث عن المرحلة الثانية، وكأنها قدر محتوم، رغم اعتبار نتنياهو لها تهديدًا لحكومته.
صحيح أن نتنياهو وإدارة ترامب يتفقان على ضرورة عدم بقاء حماس كقوة عسكرية أو تنظيمية في غزة بعد الحرب، لكن هناك خلافات في جوانب أخرى. فقد تضطر الولايات المتحدة إلى مراعاة مواقف حلفائها العرب أكثر من إسرائيل في تحديد مستقبل غزة.
لكن هذا ليس البعد الوحيد الذي تتناوله هذه المقالة بشأن تراجع استقلالية إسرائيل بسبب حرب 7 أكتوبر/ تشرين الأول. فبين الدروس المستخلصة من الحرب، ضرورة عودة إسرائيل إلى إنتاج ذخائرها، وأكبر قدر ممكن من سلاحها.
وربما تكون هذه المهمة الأولى لرئيس الأركان الجديد، وهي أيضًا مطلب وزارة الدفاع، التي تأثرت بقيود محدودة فرضتها إدارة بايدن على نوع معين من القنابل الثقيلة خلال الحرب. ورغم محدودية هذه القيود، استخدمتها حكومة نتنياهو كذريعة لفشلها في حسم الحرب بالسرعة المطلوبة.
كتب قنصل إسرائيل السابق في نيويورك، ألون بنكاس، في صحيفة "هآرتس"، أنه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أرسلت الولايات المتحدة قوات كبيرة إلى الشرق الأوسط ثلاث مرات لمساعدة إسرائيل ضد إيران ووكلائها، بالإضافة إلى تقديمها مساعدات عسكرية ضخمة.
واعتبر ذلك مفارقة في العلاقات: في ظل حكم نتنياهو، كلما شعرت إسرائيل بالقوة، زاد اعتمادها على أميركا. وأشار إلى أن العلاقة غير المتكافئة بين البلدين تجعل إسرائيل أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة كلما ازدادت قوتها.
إعلانلطالما تظاهر نتنياهو أمام جمهوره بأنه الأكثر قدرة بين قادة إسرائيل على التعامل مع هذه المفارقة، وأنه الأجرأ في تحدي رؤساء أميركا من باراك أوباما إلى جو بايدن.
وربما تعود هذه الجرأة إلى فهمه العميق للخلاف الحزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وإدراكه أن الجمهوريين باتوا يرون في إسرائيل شأنًا داخليًا أميركيًا.
لكن هذا التظاهر يغفل حقيقة أن إسرائيل، التي كانت موضع إجماع الحزبين لعقود، أصبحت اليوم محل خلاف بينهما. فقد أظهر آخر استطلاع لمعهد "غالوب" تراجع مكانة إسرائيل في المجتمع الأميركي.
كشف الاستطلاع عن أدنى مستوى في 25 عامًا للدعم الشعبي الأميركي لإسرائيل، وأعلى مستوى على الإطلاق في التعاطف مع الفلسطينيين.
وذكرت "معاريف" أن هذه البيانات قاتمة للغاية في ظل الحرب على غزة: إذ يحمل 54% فقط من الأميركيين رأيًا إيجابيًا عن إسرائيل، وهو أدنى رقم منذ عام 2000.
أما بين الديمقراطيين، فالوضع أسوأ، حيث أبدى 60% منهم رأيًا سلبيًا تجاه إسرائيل، في حين تعاطف معها واحد فقط من كل ثلاثة. في المقابل، لدى الجمهوريين تأييد ساحق لإسرائيل بنسبة 83%.
وحسب دانيال أديلسون، في تقرير نشرته صحيفة "معاريف" من نيويورك: "يعكس الاستطلاع الانقسام العميق بين إسرائيل والحزب الديمقراطي وأنصاره، ويظهر أنه للمرة الأولى في التاريخ، تحمل أغلبية الناخبين في أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة رأيًا سلبيًا تجاه إسرائيل؛ حيث أعرب 60٪ من الديمقراطيين عن موقف غير متعاطف معها.
وبالمقارنة، فإن الديمقراطيين أبدوا تعاطفًا أكبر مع غزة والسلطة الفلسطينية (45٪ لديهم موقف إيجابي تجاههما)، ومع مصر (61٪)، وكوبا (55٪)، مقارنة بتعاطفهم مع إسرائيل".
وواضح أن هذه الصورة كانت بين أهم دوافع نتنياهو للتجاوب مع كل مطالب الرئيس ترامب حتى قبل توليه الحكم رسميًا. فهو يعرف أكثر من غيره أن ترامب، متقلب الأفكار، يمكن أن يتعامل بحدة مبالغ فيها ليس فقط مع نتنياهو، وإنما أيضًا مع إسرائيل ذاتها.
إعلانولذلك، تعرف العالم على الموقف الأميركي النافذ في كل قضية وقف إطلاق النار والتبادل من خلال الاستماع إلى مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، وليس إلى المواقف الإسرائيلية.
ولا يمكن هنا المرور دون الإشارة إلى ما جرى مؤخرًا من تصويت إسرائيل إلى جانب أميركا ضد أوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقد أثار هذا التصويت حنقًا شديدًا في أوكرانيا وأغلب الدول الأوروبية، خصوصًا أن مصالح إسرائيل مرتبطة جدًا بأوكرانيا، وبالدول الأوروبية، ولم تكن مضطرة للحاق بالموقف الأميركي. لكن هذا تقدير خاطئ، لأن إسرائيل باتت أقل استقلالية من أي وقت مضى تجاه الموقف الأميركي.
وقد كتب نير كيبنيس في موقع "والا" تحت عنوان "الرقص حول البيجر الذهبي: الحرب التي فقدت فيها إسرائيل استقلالها"، أنه نظرًا لانشغال نتنياهو الشديد بتسويق نفسه باعتباره الشخص الوحيد القادر على الصمود في وجه الضغوط الدولية، فإننا لم نلاحظ كيف فقدنا استقلالنا".
وتساءل: "ماذا يظهر من هذه الصورة الكبيرة؟ إننا تحولنا من بلد مستقل ذي سيادة يتخذ قرارات الحرب والسلام بمفرده (على الأقل هذا ما اعتقدناه) إلى بلد تتخذ القرارات الأكثر أهمية لمستقبله من قبل الأجانب، حتى لو اعتبرناهم أصدقاء مقربين".
وبعد أن يعدد ذرائع نتنياهو بشأن تغيير موقفه، يكتب: "دعونا نقبل رواية نتنياهو للحظة ونحاول تلخيصها إلى الحد الأدنى اللفظي: بايدن قال لإسرائيل لا، وترامب يقول لها نعم. ومن هنا، فإن الاستنتاج الوحيد هو أن من يقرر كيف ستتصرف إسرائيل في القضايا الأكثر أهمية لوجودها لا يجلس في القصر الحكومي في القدس، بل في البيت الأبيض".
ومضى كيبنيس قائلًا: "سوف يزعم البعض أن هذا كشف عن أمر واضح، وأن من السذاجة الاعتقاد بغير ذلك، ولكن سيكون هناك أيضًا من يتذكر أيامًا أخرى، على سبيل المثال، عشية إعلان قيام دولة إسرائيل، عندما حاول الأميركيون تأجيل نهاية الانتداب البريطاني؛ خوفًا من أن ينفذ العرب مذابح في المستوطنات اليهودية.
وهناك أيضًا من سيتذكرون ويستحضرون حقيقة أن الفكرة الصهيونية في جوهرها، وخاصة في ذروة مجدها، دعت إلى إنشاء دولة ذات سيادة للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وكانت تهدف إلى قطع اعتماد اليهود على غير اليهود".
وفي نظر كثيرين في إسرائيل، ورغم إيمانهم بأنه لولا الدعم الدولي الكثيف لما كان بوسع إسرائيل أن تنشأ، إلا أن هذا الإيمان لم يمنعهم من الاقتناع بأنهم ليسوا أقل استقلالية من أي دولة أخرى، لأنهم أصحاب الكلمة الأخيرة في كل ما يتصل بمستقبلهم.
إعلانكان هذا عند إعلان الدولة، وفي حربي 1956 و1967، وكذلك في قراراتهم بشأن اقتناء السلاح النووي، وتحالفاتهم، وأنواع صناعاتهم. لكن الحرب الأخيرة مثلت الاستثناء الأبرز، حيث إن رئيس الحكومة، الذي تباهى بأنه الأقدر على الصمود في وجه الضغوط الأميركية، كان الأكثر خضوعًا لها مقارنة بأسلافه.
وكان تشاك فريليتش، من مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، دقيقًا حين وصف قبل سنوات واقع اعتماد إسرائيل على أميركا بأنه "اعتماد وجودي".
وكتب حينها: "ربما تستطيع إسرائيل أن تبقى على قيد الحياة من دون الولايات المتحدة، وأن تخفض مستويات معيشتها بشكل كبير، وأن تنغلق على نفسها. ولكن من الواضح تمامًا أن إسرائيل سوف تعيش حياة أقل أمنًا وأكثر فقرًا، وسوف تعاني من عزلة شديدة ونمط حياة مختلف تمامًا عن ذلك الذي اعتاد عليه أغلب الإسرائيليين". والمسألة ليست – فقط- نمطَ حياةٍ مختلفًا، بل هي مسألة حياة أو موت.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline