عربي21:
2024-09-19@17:15:02 GMT

تداعيات الحرب ومطالب غانتس السبعة

تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT

كرر بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، رفضه إعادة النظر في أهداف الحرب، وجاء في ردّه على رسالة النقاط السبع، التي وجهها له عضو كابينيت الحرب الجنرال المتقاعد بيني غانتس، أنّه ليس مستعدا لتغيير أهداف الحرب.

وسطّر ديوانه الموقف بالخط الغليظ: «أهداف الحرب معروفة للوزير غانتس، ولكل أعضاء الكابينيت، وفي مقدمتها القضاء على حماس وتحرير مخطوفينا وضمان ألّا تشكّل غزة تهديدا على إسرائيل.

. رئيس الوزراء لا ينوي التنازل عن هذه الغايات ويصر على تحقيقها كاملة.» ومن اللافت أن نتنياهو لم يضع ضمن أهداف الحرب «إعادة الرهائن أحياء»، كما طالبت عائلاتهم، ولعل هذا من أسباب النقاش الحاد بين نتنياهو وغانتس، الذي تبنّى إضافة كلمة «أحياء»، وملائمة استراتيجية العمل لحل قضية المحتجزين وفق هذه الصياغة.
من اللافت أن نتنياهو لم يضع ضمن أهداف الحرب إعادة الأسرى أحياء كما طالبت عائلاتهم
ويأتي النقاش حول طرق العمل لإطلاق سراح المحتجزين، في ظل تصعيد الضغط وتزايد الاحتجاج وتوجيه التهم إلى الحكومة، وإلى نتنياهو شخصيا، بعدم وضع قضية المحتجزين على رأس سلم الأولويات.

وقد تزايدت وعلت أكثر الأصوات التي تنادي بوقف الحرب للوصول إلى صفقة تبادل، وانضم إلى هذا المطلب عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين السابقين، الذين يرون أنه آن الأوان لإنجاز التبادل أولا ومواصلة الحرب بعدها.

حماس بالطبع لن تقبل بمثل صفقة «أعطونا الرهائن لنكون أكثر حرية في القضاء عليكم».

الواضح أن القيادة الإسرائيلية في ورطة وفي خلاف داخلي فعلي، وكل يريد أن يسجل نقاطا لدى الرأي العام، وفي حسابات تحقيقات ما بعد الحرب. ومع تزايد الشكوك حول تحقيق أهداف الحرب، إلّان أن أحدًا من المشاركين في اتخاذ القرار، لم يقتنع بوقف الحرب تماما، وإن اقتنع فهو لا يملك الجرأة للبوح بموقفه.

رسالة النقاط السبعة
يثير فشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب، أو في التقدم الفعلي نحوها، مخاوف كثيرة في أوساط النخب الإسرائيلية الأمنية والسياسية الحالية والسابقة.

ويعزو بعضهم الفشل إلى تهرّب الحكومة من اتخاذ قرارات في مسائل مهمة تتعلّق بالحرب، وبها يتعلّق توجيه سير العمليات العسكرية. وسبب تهرّب نتنياهو من الحسم في بعض القضايا هو يقينه بأنّها مثار للخلاف، وربما تؤدي إلى تفكّك الائتلاف.

ولأن غانتس لا يثق بنتنياهو ويشعر بأنه يجرّه لتحمّل مسؤولية إخفاقات متوقّعة، فقد بادر إلى توجيه رسالة خطّية مباشرة لنتنياهو ولمجلس الأمن القومي، مطالبا بمناقشة مواضيع ملحّة واتخاذ قرارات بشأنها.

وهو بذلك يسعى لمخاطبة الجمهور عبر وضع خط فاصل بينه وبين نتنياهو، ويسطر وثيقة للجان التحقيق، التي ستأتي بعد الحرب. وتتلخص المطالب السبعة، كما وردت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالآتي:

أولا: إعادة النظر في أهداف الحرب والالتزام بها. ويهدف غانتس ومعه عضو حزبه الوزير الحالي ورئيس الأركان السابق الجنرال غادي أيزنكوت، إلى وضع قضية المحتجزين في المقدمة، بكل ما يحمله ذلك من تغييرات جذرية في سياسة الحرب الإسرائيلية.

وإذا رفض نتنياهو هذا الطلب، فسيكون، بنظر الجمهور الإسرائيلي، المسؤول الأول عن مصيرهم. لقد تحوّلت هذه القضية إلى قنبلة موقوتة، خاصة في ظل انفضاح كذبة «مواصلة الحرب تقرّب تحرير الرهائن»، التي تعني التضحية بهم في سبيل المضي في الأعمال القتالية، وهذا ما بدأ الإسرائيليون يعونه أخيرا.

وقد عمد مكتب نتنياهو إلى إصدار رد سريع حمل رفضا قاطعا لإعادة النظر في أهداف الحرب، وعمد أيضا إلى تسريب أن نتنياهو يقول في الجلسات المغلقة، إن الحرب سوف تدخل إلى عام 2025 أيضا.

وهكذا وبعد أن كان نتنياهو، بداية الحرب، أكثر المترددين في الدخول في الاجتياح البري، صار اليوم أشد المتمسكين به، وهو يستغلّه لتسويق نفسه كقائد قوي وعنيد وشديد البأس، علّ ذلك يعيد له أجزاء من قاعدته اليمينية التي هجرته وما فقده من شعبية ومكانة.

وهو كما يبدو على اقتناع بأن وقف الأعمال القتالية، انتحار سياسي له شخصيا.
يبدو أن نتنياهو على اقتناع بأن وقف الأعمال القتالية أنه انتحار سياسي له شخصيا
هذا لا يعني أن غانتس وأيزنكوت يريدان وقف الحرب بالكامل، بل هما معنيان بإخضاع مجرياتها إلى هدف إعادة المحتجزين.

ثانيا: بحث قضية محور فيلادلفيا ومعبر رفح. وهذا موضوع في غاية الحساسية إسرائيليا، إذ يسود إجماع في أوساط النخب ومتخذي القرار في الدولة الصهيونية (بمن فيهم قيادة الجيش ونتنياهو وغانتس وغالانت)، بأن السيطرة على محور فيلادلفيا هو شرط إلزامي لنجاح الحرب، فهو ـ كما يقولون- ممر لتهريب الأسلحة والمعدّات عبر الأنفاق، وحتى من خلال معبر رفح نفسه.

في البداية جرى الحديث عن احتلال مباشر ومرابطة دائمة للجيش الإسرائيلي على طول حدود القطاع مع مصر، لكن الغضب المصري دعا القيادة الإسرائيلية إلى تغيير اللهجة، لكنّها لم تحسم ما الذي تريده بخصوص هذا المحور.

هناك عدة اقتراحات بديلة للاحتلال المباشر، ومنها جدار تحت الأرض بعمق 40 مترا وعلى امتداد 13 كم هو طول المحور. هنا من الأهمية بمكان أن تبقى مصر على موقفها الرافض للتعاون مع إسرائيل في قضية فيلادلفيا، والإصرار بأنها حدود بين مصر وغزة، وهذا بحد ذاته سيعمّق الفشل الإسرائيلي.

ثالثا: مناقشة الموقف من موضوع اليوم التالي. يصر غانتس على هذا الموضوع تحديدا، لأنّه محور النقاش والخلاف داخل الكابينيت وأيضا لأنّه مطلب أمريكي ملح وهو الأقرب إلى الإدارة وإلى المؤسسة الأمنية الأمريكية، وهو عمليا يتهم نتنياهو بأنه يريد إبقاء هذه المسألة مفتوحة وغير محسومة، بدوافع الحفاظ على حكومته وعلى ائتلافه مع قوى اليمين المتطرف.

كما يعبر غانتس في هذا المطلب عن هواجس النخبة الأمنية والسياسية، بأن غياب الحسم في هذه القضية يجعل الحرب بلا بوصلة، وحربا لأجل الحرب بلا اتجاه واضح.

نتنياهو من جهته طرح موقفا عاما خلاصته «لا حمستان ولا فتحستان».

أمّا كلامه عن حشد دعم دولي لإعادة الإعمار ولإدارة غزة، فهو مع وقف التنفيذ، لأنه يدرك أن أي حديث مع أي دولة حول هذا الموضوع سيثير مطلبا بوقف الحرب، وهو لا يريد وقف الحرب.

رابعا: بحث آليات المساعدة الإنسانية في المناطق التي ينسحب منها الجيش. لعل أكثر ما يحبط القيادة الإسرائيلية هو أن حماس تعود إلى السيطرة على المناطق التي ينسحب منها الجيش، وتقوم بإدارة حياة الناس وتعمل على توفير المعونة لهم.

وقد وُجّهت إلى نتنياهو تهمة أن رفضه التعاون في إيجاد بديل لسلطة حماس يعيد حماس إلى الإمساك بزمام الأمور. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العمل الفلسطيني الموحّد كفيل بإفشال حرب الإبادة السياسية والجسدية في غزة، لأنه يستطيع أن يفرض نفسه كواقع ثابت لا يمكن زحزحته، خاصة إذا امتد إلى الضفة والقدس أيضا.

خامسا: تحديد موعد لنهاية مهلة الحل السياسي على الجبهة اللبنانية. يبدو أن غانتس في هذه القضية يزاود على نتنياهو، ليظهر بمظهر العسكري المتشدد، وهو ما كان ليطرح موقفه بهذه الصيغة، لولا أنه يقرأ الموقف الأمريكي الجديد، الذي طرحه المبعوث الأمريكي عاموس هوكستين في لبنان، والذي لم يتضمن التزاما أمريكيا بالعمل على منع إسرائيل من شن حرب على لبنان، بل تهديدا صريحا بأنه إذا لم يحصل حل سياسي، فإن إسرائيل ستلجأ إلى الحرب، ويهدف تضمين هذا ضمن المطالب المسرّبة أيضا لتوجيه رسالة تهديد إضافية إلى حزب الله.

سادسا: إجراء حوار مع رؤساء السلطات المحلية في الشمال والجنوب وبحث مطالبهم. وقد بدأ هذا الحوار فعلا. وفي جلسة لمجلس الحرب معهم وعد نتنياهو بدراسة مطالبهم بجدية، وبضخ المزيد من الميزانيات لصالحهم، وأعلن كذلك تواصل التكفّل بأجرة سكنهم وبمصاريفهم ولن تطلب منهم العودة إلى بلداتهم قبل مضي ستة أشهر على الأقل.

سابعا: بلورة مسار لعودة المستوطنين إلى البلدات المهجورة. المسارات المقترحة لها ارتباط وثيق بمسار الحرب في غزة وعلى الحدود اللبنانية. ويبدو أن غانتس يشك بنوايا نتنياهو وبأنه يوظّف مخاوفهم لإطالة أمد الحرب، وهو يريد وضوحا في هذه المسألة أيضا، حتى لا يستغلّها نتنياهو متى يشاء وكيفما يشاء.

فسّرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية رسالة غانتس بأنّها تهديد بالانسحاب من الحكومة.

إذا كان الأمر كذلك فهو تهديد باهت، لأنها مطالب تحمل إصرارا على إجراء بحث بلا شروط مسبقة، وفيها دعوة لاتخاذ قرارات وعدم إبقاء الأمور مفتوحة على احتمالات كثيرة. والسؤال هل ينسحب غانتس من الحكومة، إذا اتخذت قرارات مناقضة لموقفه؟ هذا احتمال وارد، لأن هناك ضغوطا عليه داخل حزبه أيضا، وشعورا عاما بأن نتنياهو يلعب ويناور لضربه سياسيا. ومع ذلك يبقى هذا احتمالا غير قوي حاليا، في ظل التزامه بالبقاء في الحكومة طالما استمرت الحرب.

في كل الأحوال، سيكون لأي حسم في الأمور التي طرحها غانتس، تأثير كبير على مجرى الأعمال القتالية، وعلى مسار حرب العدوان القذرة التي تشنها الدولة الصهيونية على أهلنا الصابرين والصامدين في غزة.

رسالة غانتس تكشف عن ثغرات كثيرة في الحالة الإسرائيلية يمكن استغلالها عربيا وفلسطينيا لإفشال حرب الدمار والإبادة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غانتس غزة غزة نتنياهو الاحتلال غانتس الإدارة الأمريكية مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأعمال القتالیة أهداف الحرب أن نتنیاهو وقف الحرب أن غانتس

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يوسع أهداف حرب غزة لتشمل الجبهة الشمالية مع لبنان

سرايا - وسّعت دولة الاحتلال الأهداف المعلنة لحرب غزة لتشمل تميكن المستوطنين في الشمال من العودة إلى المستوطنات، وذلك رغم التحذيرات الأميركية من توسيع الحرب.

وذكر مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن مجلس الوزراء الأمني المصغر وافق على القرار.

ونقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوصى بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان.

وجاء ذلك بعد يوم من اجتماع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لبحث التطورات على الحدود مع لبنان، في ظل تصاعد الخلاف داخل حكومة الاحتلال بشأن توسيع العملية العسكرية في لبنان.

وقالت القناة الـ12 العبرية إن غالانت اجتمع مع هوكشتاين في محاولة أخيرة لمنع حدوث تصعيد كبير على الجبهة الشمالية، وأفادت بأن غالانت قال للمبعوث الأميركي إن العمل العسكري هو السبيل لإعادة سكان الشمال.

وأفادت أيضا بأن هوكشتاين قال لغالانت إن معركة واسعة ضد لبنان لن تعيد الأسرى وستعرض "إسرائيل" للخطر.

وأضافت أن التقديرات في "إسرائيل" تشير إلى أن فرصة التوصل إلى تسوية في لبنان، من دون وقف إطلاق النار في غزة، ضئيلة.

من جانبه، قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للمبعوث الأميركي إن "تل أبيب تقدر دعم واشنطن، لكنها ستفعل ما يلزم لإعادة السكان شمالا وحماية أمنها"، مضيفا أنه لا تمكن إعادة المستوطنين إلى الشمال من دون تغيير جذري في الوضع الأمني.

وكان هوكشتاين وصل إلى "إسرائيل" في وقت سابق أمس الاثنين، وبعد وصوله إلى تل أبيب، أبلغ وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي نظيره الأميركي لويد أوستن، في اتصال هاتفي، أن فرص التوصل إلى تسوية تنهي المواجهات مع لبنان تتلاشى مع استمرار حزب الله في ربط نفسه بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وذكرت وسائل إعلام عبرية خلال الأيام الماضية أن واشنطن تريد منع اندلاع حرب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

من جهته، قال زعيم المعارضة في دولة الاحتلال يائير لبيد -بعد لقاء له في البيت الأبيض مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان- إن جبهات الحرب يمكنها الانتظار، لكن الأسرى في غزة لا ينتظرون، مؤكدا أن "وقت الأسرى في أنفاق حماس ينفد، وكل ساعة تمر تقربهم من موتهم أكثر، ويجب علينا التوصل إلى صفقة لإعادتهم".

وزادت خلال الأيام الأخيرة الدعوات في دولة الاحتلال لشن حرب على حزب الله في لبنان، بالتزامن مع تصاعد هجماته الصاروخية على مستوطنات الشمال، ومنها ما لم يسبق إخلاؤها من المستوطنين.

وبينما تحاول واشنطن التوسط في اتفاق تهدئة بين "إسرائيل" ولبنان، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في العاشر من يوليو/تموز الماضي إن حماس تفاوض عن نفسها وبالنيابة عن كل الفصائل الفلسطينية، وما تقبل به حماس نقبل به جميعا.

المصدر : الجزيرة + وكالات


مقالات مشابهة

  • المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعرض تداعيات توسيع الحرب فى لبنان على الحكومة
  • القناة 12 الإسرائيلية تشن هجومًا على نتنياهو لرفضه مُقترح مصر في ديسمبر الماضي
  • القناة 12 الإسرائيلية: المجلس الوزاري المصغر فوض نتنياهو وغالانت باتخاذ إجراءات ضد حزب الله
  • ملك الأردن يحذر من تداعيات استمرار الحرب على غزة وخطورة الهجمات بالضفة الغربية 
  • الملك عبدالله الثاني يحذر من تداعيات استمرار الحرب على غزة
  • تداعيات الحرب التكنولوجيا تلوح في لبنان
  • غانتس: نتنياهو يعرض أمن إسرائيل للخطر.. ويحذر من حرب إقليمية
  • نتنياهو يوسع أهداف حرب غزة لتشمل الجبهة الشمالية مع لبنان
  • رئيس الوزراء المصري: تراجع كبير في إيرادات قناة السويس جراء تداعيات الحرب على غزة
  • ما تداعيات إطاحة نتنياهو المحتملة بغالانت على مجريات الحرب؟