الإهتمام الدولي بالإستحقاق الرئاسي... إلى تراجع؟
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
كتبت غادة حلاوي في" نداء الوطن": استناداً إلى رسائل الموفدين النشطين على خط لبنان، فإنّ الملف الرئاسي تراجع ولم يعد مدرجاً على جدول أعمالهم مقابل أولوية ضمان الأمن على الحدود الشمالية لإسرائيل والتي كان آخرها ما حمله الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من إقتراح لوقف النار فكان الجواب جازماً أنّ تنفيذ هذا المطلب مرتبط بوقف الحرب على غزة، فكيف اذا كان الموضوع متصلاً برئاسة الجمهورية التي لم يعد ذكرها وارداً الا في كواليس المسؤولين واجتماعاتهم الداخلية وعلى سبيل الدردشة واستعراض الوضع من وجهته المسيحية ومحاولات من هنا وهناك لفتح الأبواب المغلقة بين رؤساء الأحزاب والكتل النيابية.
فسّر كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن لا مرشح الا سليمان فرنجية على أنّه بمثابة صد الأبواب تجاه ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الذي لا يزال اسمه متداولاً لدى بعض الوسطاء الإقليميين لكنه خيار مستبعد في حسابات بعض الفاعلين في الملف على اعتبار أنّ قائد الجيش نال نصيبه من التمديد فيما للرئاسة حسابات أخرى أهمها الحاجة إلى تعديل دستور غير متفق عليه. في رأي أصحاب وجهة النظر هذه أنّ جلسة التمديد بعد التفكير بروية وهدوء لا يمكن أن تشكل بداية مسار لقائد الجيش باتجاه بعبدا، فالحضور من النواب وإن كان كبيراً إلّا أنّ التصويت لا يمكن أن يشكل مؤشراً لتعديل دستوري لصالح قائد الجيش لأنّ خطوة كهذه لها حساباتها واعتباراتها حتى لدى «حزب الله» الذي لا يزال متمسكاً بترشيح فرنجية كما شريكه في الثنائية، إلى أن يختار بنفسه الإنسحاب وحينها سيكون الإتجاه في التفكير نحو خيار ثالث.
المراقبون المتابعون لدقائق الأمور يعتبرون أنه مهما بلغت درجة التسويات الخارجية، فإن لم تتوافر العوامل الداخلية للتوافق فلا رئيس، وعلى ما يبدو لغاية اليوم، لا يوجد ضوء أخضر لفرنجية من الكتل المسيحية الكبرى، أضف إلى ذلك أنّ النائب السابق وليد جنبلاط يشترط موافقة احدى الكتلتين المسيحيتين على أي مرشح وهو قال إن لا خلاف بينه وبين فرنجية ليعارض ترشيحه سوى أنّه لا يحظى بدعم مسيحي لانتخابه. وبالتالي فإنّ المناسبة التي جمعت الشخصيتين بقوة دفع من صديق مشترك لم تشكل محطة مفصلية رئاسياً، لوجود قناعة أن أي مرشح وإن انتخب بغالبية 65 صوتاً بلا دعم كتلة مسيحية أساسية فلن يتمكن من الحكم، وقد كانت ولاية الرئيس ميشال عون خير برهان على ذلك. عاملان أساسيان في انتخاب فرنجية يدركهما الثنائي هما الدعم المسيحي ودعم المملكة السعودية ومن دونهما لا رئيس، ولهذا فإنّ البحث الرئاسي سيبقى من باب التكهنات سواء تم تبرير ذلك بربطه بحرب غزة أم لا. وكما هو واضح فقد تحولت غزة إلى شماعة لتأجيل الإستحقاقات المهمة بينما العقد الداخلية لا تزال على حالها.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
دعم الديمقراطي ترشيح قائد الجيش.. لماذا استفزّ باسيل؟!
بإعلانها دعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، نقلت كتلة "اللقاء الديمقراطي" الاستحقاق الرئاسي إلى ضفّة أخرى، وربما خطوات إلى الأمام، خصوصًا أنّها المرّة الأولى التي يُرمى فيها باسم عون بهذه الصراحة في "البازار"، على الرغم من كونه من أكثر الأسماء المتداولة في الكواليس منذ اليوم الأول للفراغ الرئاسي، الذي أعقب انتهاء ولاية الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون في أواخر تشرين الأول 2022.
ما قالته كتلة "اللقاء الديمقراطي" كرّره رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي سارع إلى القول إنّ سبب اختيار العماد عون هو أنه "يمثل مؤسسة مهمّة، وقام بعمل ممتاز من أجل استقرار لبنان"، كما أنّه "مهمّ جدًا في هذه المرحلة للاستقرار والأمن في البلد"، مشيرًا إلى أنّه يفضّل إنجاز الاستحقاق خلال عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، ولو أنّه أضاف أنّه يعتقد أنّه "مدعوم" من قبل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب أيضًا.
لكنّ إعلان "الاشتراكي" دعم عون لم يُقابَل بإيجابية على الضفة المسيحية، فـ"التيار الوطني الحر" سارع للردّ بقسوة عبر مصادره، التي قالت إنّ جنبلاط ليس هو من يرشّح عن المسيحيين، واصفًا عون بأنه "هنري حلو ثانٍ"، ليردّ الأخير بالقول إنّ "الأهم ألا يكون أي رئيس مقبل، كائنًا من كان، ميشال عون ثانيًا"، فلماذا "استفزّ" موقف "الاشتراكي" دعم ترشيح قائد الجيش باسيل بهذا الشكل، وما موقف القوى المسيحية الأخرى منه؟!
لماذا "استفزّ" باسيل؟
تعطي أوساط "التيار الوطني الحر" أسبابًا "مبدئية" للموقف الذي أطلقته مصادر باسيل، بعيد إعلان كتلة "اللقاء الديمقراطي" دعم ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، أو بالأحرى "ترشيحه" وفق ما تقول هذه الأوساط، باعتبار أنّ قائد الجيش لم يعلن ترشيحه أساسًا، وهو الذي يدرك أنه يحتاج لتعديل دستوري من أجل أن يُنتخَب رئيسًا، كما أنّ أحدًا لم يرشّحه، لا من القوى المسيحية ولا غيرها، وبالتالي فإنّ كتلة "اللقاء الديمقراطي" هي التي رشّحته.
بالنسبة إلى أوساط "التيار الوطني الحر"، فإنّ المشكلة في هذا الترشيح تنطلق من هذا المعطى بالتحديد، فموقع رئاسة الجمهورية هو الموقع المسيحي الأول في البلاد، وبالتالي فإنّ ترشيحه يجب أن يأتي من المسيحيين أولاً، حتى لو كان الرئيس هو لجميع اللبنانيين، علمًا أنّ كتلة "اللقاء الديمقراطي" لا تتعامل وفق المنظور نفسه، مع سائر المواقع، فهي تنتظر موقف القوى الشيعية عندما يتعلق الأمر برئاسة مجلس النواب، والسنية بالنسبة لرئاسة الحكومة.
وبناءً على ذلك، لا توافق أوساط "التيار" على توصيف "الاستفزاز" عند الحديث عن الأمر، بل هي تعتبر أنّ رفض أن يأتي ترشيح الرئيس من القوى غير المسيحية ينسجم مع الثوابت والمبادئ التي لطالما نادى بها "الوطني الحر"، علمًا أنّ السؤال المطروح بحسب هذه الأوساط، ليس لماذا اعترض باسيل أو غيره على مثل هذه المقاربة، بل لماذا صمتت سائر القوى المسيحية، وهي التي تنادي بحقوق المسيحيين في الليل والنهار.
ماذا عن سائر القوى المسيحية؟
لا يبدو إصرار أوساط "التيار" على الحديث عن "مبدئية" الموقف مقنعًا بالنسبة لكثيرين، ممّن لا يخفون أنّ المشكلة الحقيقية بالنسبة إلى باسيل تكمن في اسم العماد جوزيف عون، ولا سيما بعدما باسيل حوّل المعركة مع الأخير إلى "شخصية"، منذ حمّله مسؤولية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في تشرين الأول 2019، والتي اعتبر أنّها استهدفته شخصيًا، ولو حملت شعار "كلن يعني كلن"، وهو لذلك "يفضّل" أي مرشح على قائد الجيش.
إلا أنّ المفارقة المثيرة للانتباه أيضًا، وفقًا للمتابعين، فهي أنّ "امتعاض" باسيل من دعم "اللقاء الديمقراطي" لترشيح عون، لم يُقابَل على الضفة الأخرى، ترحيبًا وحماسة من قبل القوى المسيحية الأخرى، بما فيها تلك التي تؤيد انتخاب قائد الجيش، أو لا تمانعه بالحدّ الأدنى، علمًا أنّ "القوات اللبنانية" مثلاً لم تحسم موقفها من الأمر بعد، وفق ما يقول العارفون، ولو أنّ المحسوبين عليها يؤكدون عدم وجود "فيتو" عليه من جانبها.
ووفقًا للعارفين، فإنّ سبب عدم الحماسة هذه، اعتقاد البعض أنّ "الاشتراكي" ربما "تسرّع" بتأييد ترشيح قائد الجيش، باعتبار أنّه كان يفضَّل أن يُترَك اسمه لربع الساعة الأخير، وعشية جلسة التاسع من كانون الثاني وليس قبل ذلك، علمًا أنّ ما يخشاه الكثير من داعمي الرجل، هو أن يؤدي إعلان "الاشتراكي" وردود الفعل المتفاوتة عليه، إلى "إحراق" حظوظه، تمامًا كما تمّ "إحراق" حظوظ الكثير من المرشحين قبله، من ميشال معوض إلى جهاد أزعور.
صحيح أنّ باسيل بتشبيهه العماد جوزيف عون بالمرشح هنري حلو، وهو عضو "اللقاء الديمقراطي"، يحاول أن يحصر قائد الجيش بخانة "الاشتراكي"، ويحجب عنه صفة "التمثيل المسيحي". إلا أنّ الأكيد أنّ مثل هذه المقاربة لا تستقيم، ولا سيما أنّ قائد الجيش يُعَدّ من المرشحين الأساسيّين منذ اليوم الأول، ولو تجنّب الجميع التداول باسمه رسميًا لعدم إحراقه، وهو ما يفهمه كثيرون من زاوية أن باسيل "يفتعل" المعركة لقطع طريق بعبدا على عون! المصدر: خاص "لبنان 24"